ترجمات عبرية

هآرتس: روني نوما وقف خلف إقامة بؤرتين استيطانيتين في الغور حين كان قائدا للمنطقة الوسطى

هآرتس 5/9/2025، هاجر شيزاف: روني نوما وقف خلف إقامة بؤرتين استيطانيتين في الغور حين كان قائدا للمنطقة الوسطى

في نهاية الشارع الذي يمكن رؤية الأردن منه تقف عدة مباني، بعضها بنيت من الطوب وبعضها يشبه الكرفانات. بينها يوجد قطيع ابقار، ويمكن أيضا رؤية مدخل اسطبل. هذا المشهد الطبيعي يستقبل القادمين الى مزرعة اوربي. هي لم تكن موجودة هنا دائما. إضافة الى ذلك فانه منذ اقامتها قبل حوالي تسع سنوات تم نقلها من مكانها على الأقل مرة واحدة. سبب النقل هو ان المزرعة في الحقيقة هي بؤرة استيطانية غير قانونية في غور الأردن. ولكنها ليست مثل مزارع البؤر الاستيطانية الأخرى. فقد بادر الى اقامتها قائد المنطقة الوسطى السابق روني نوما عندما كان في الخدمة الفعلية، بالتعاون مع مستوطنين في بؤر استيطانية أخرى. هذا حدث تحت الرادار وبدون معرفة رئيس الأركان في حينه غادي ايزنكو.

عمليا، الحديث لا يدور فقط عن مزرعة اوري. فالبؤرة التوأم لها بادر الى اقامتها أيضا الجنرال (احتياط) نوما، وهي مزرعة تسورئيل. الأولى توجد على حدود المحمية الطبيعية أم زوكا ومنطقة التدريب 903، والثانية توجد قرب مستوطنة محولا على حدود منطقة التدريب 900. إضافة الى ذلك جرى التخطيط لبؤر مشابهة في جنوب جبل الخليل. جميعها كانت في اطار مبادرة واحدة، التي هدفت، كما تدعي مصادر كانت مطلعة على ما يحدث، الى توجيه شباب التلال من الجريمة القومية المتطرفة لعنل ما يرونه فعل أيديولوجي.

في هذه المعادلة كان هناك أيضا متغيرات. الأول هو الموعد، 2016 – بعد فترة غير بعيدة على قتل عائلة دوابشة في قرية دوما. الثاني هو المكان – منطقة ظهر الجبل (أي يتسهار، كوخاف هشاحر)، التي منذ ذلك الحين وحتى الآن معروف انها بؤر لاعمال عنف المستوطنين المتطرفين. الفكرة كانت انهم في الغور، الأقل اكتظاظا، سيواجه الشباب اقل عدد من الفلسطينيين. وقد كان هناك هدف آخر لا يقل عن ذلك أهمية وهو ان البؤر الاستيطانية التي ستقام على حدود مناطق التدريب سيتم استخدامها كمواقع عسكرية، تحافظ على عدم قيام الفلسطينيين بالسيطرة على الأراضي. بهذا المعنى كان هناك نجاح كبير لحركة الاستيطان، في الفترة التي لم ينطلق فيها المشروع كان في الغور بؤرتان استيطانيتان، في حينه توجد الآن فيه حوالي عشرين بؤرة على الأقل، وفي مناطق أخرى في الضفة توجد عشرات البؤر الاستيطانية.

خلافا للادعاء بأن بؤر المزارع الاستيطانية بالفعل هي عامل مهديء، فان انتشارها في كل ارجاء الضفة الغربية خلال السنوات الأخيرة يؤدي الى عكس ذلك. عمليا، هي غيرت الواقع غيرها، وحياة الفلسطينيين الذين يعيشون قربها وتجمعات الرعاة الذين عاشوا في هذه الأراضي تم ابعادها عنها, ورغم ان مكانة هذه البؤر الاستيطانية كانت وما زالت غير قانونية الا انها الآن تحصل على الدعم الواضح من الحكومة ومن شخصيات رفيعة في الجيش.

في تلك الفترة، على الأقل تجاه الخارج، الأمور جرت بشكل مختلف. في حينه حاول قائد المنطقة إخفاء الدعم، وبالتاكيد علاقته الوثيقة بالمشروع. ومن اجل ذلك فقد اتصل مع ثلاثة من المستوطنين، أصحاب مزارع استيطانية أقدم، الذين كانوا بمثابة الوسطاء. هذا الربط استهدف ليس فقط إخفاء العلاقة عن الجيش، بل أيضا عن شباب التلال، الذين جذبهم عدم شرعية أعمالهم بحد ذاته.

 منطقة رمادية ظاهريا

الفكرة وراء إقامة البؤر الاستيطانية حسب نموذج المزارع، قالت مصادر للصحيفة، كانت محاولة تركيز المشروع في منطقة رمادية من ناحية قانونية: ان تكون نقاط صغيرة من ناحية السكان، لها بنى تحتية ومباني مؤقتة وقطعان من اجل ان يكون من السهل عند الحاجة اخلاءها. المواقع التي تم اختيارها صادق عليها نوما بنفسه.

بسبب ان الأمور كانت بالسر فان أعضاء جهاز الامن الذين تحدثوا مع “هآرتس” من اجل هذا التقرير، لم يعرفوا ان المبادرة لاقامة البؤر كانت لقائد المنطقة الوسطى. مصدر كان في حينه في الإدارة المدنية، عرف بشكل مؤكد ان بؤر المزارع الاستيطانية حصلت على معاملة متعاطفة من قبل الجيش الإسرائيلي. “قادة الجيش اسرهم التعامل مع شباب التلال”، قال في محادثة مع “هآرتس”. “لقد اعتقدوا ان هذه هي الطريقة الصحيحة وانهم بذلك يساعدون على حماية مناطق التدريب”.

حسب اقوال هذا المصدر كانت هناك حالات طلبت فيها الإدارة المدنية اخلاء المزارع، في حين ان الجيش عارض ذلك ومنعه. ولكن مع مرور السنين هو لا يتذكر عن أي مزرعة يدور الحديث. “هم أصدقاء جيدون”، هكذا وصف الطريقة التي كانت سائدة في الجيش في معاملته لاصحاب المزارع. “هم يساعدون شباب التلال ويهتمون بان يكون لهم عمل، ولا ينشغلون باعمال تدفيع الثمن، تحت هذه الحجة”. وكانت هناك اعمال تعاون أخرى.

في نيسان 2017، بعد أربعة اشهر على إقامة اول بؤرة استيطانية، مزرعة اوري، كتبت عميره هاس في الصحيفة بان هذه البؤرة تم ربطها بشبكة المياه في قاعدة التدريب التابعة للواء كفير، الذي كانت قربها. في الجيش قالوا في حينه بان الامر يتعلق بربط غير مصرح به، وانه “يجري التحقيق في ذلك من قبل سلطات القانون”. بعد فترة قصيرة نقلت البؤرة الى مكان آخر غير بعيد. هذا لم يكن الاخلاء الوحيد للبؤر الاستيطانية التي أقامها نوما. فخلال السنين كان هناك عدة اخلاءات كهذه، استهدفت الحفاظ على صورتهم، سواء امام الجيش أو امام شباب التلال، وكأن ذلك لم يكن بالتنسيق معهم.

بشكل عام شكاوى هاتين البؤرتين لم تتأخر، بعضها تم توجيهه لنوما نفسه، حيث كان بطبيعة الحال هناك تضارب مصالح. في أعوام 2016 و2017 توجه اليه المحامي ايتي ماك فيما يتعلق بالبناء غير القانوني، حول ما اصبح “مزرعة تسورئيل”، وفيما يتعلق بما يحدث في مزرعة اوري، التي بالنسبة لها أشار الى ان المستوطنين في البؤرة الاستيطانية يهددون ويزعجون الفلسطينيين في المنطقة.

هذا الى جانب حقيقة ان البؤرة كانت قد نقلت مكانها. “لقد حدث انه خلال نصف سنة تمكن هؤلاء المستوطنين من إقامة بؤرة استيطانية غير قانونية رغم انف (او بتعاون) الجيش الإسرائيلي والإدارة المدنية”، كتب ماك. “بدون فعل أي شيء لوقفهم”. بعد هذه الرسالة أيضا لم يتم فعل أي شيء في هذا الشأن.

في تلك الفترة، في أيلول 2017، كشف في “هآرتس” تسجيل لرئيس مجلس غور الأردن، دافيد الحياني، الذي قال فيه ان نوما صادق على إقامة البؤر الاستيطانية. هذا الكشف استدعى تقديم شكوى أخرى من قبل المحامي ماك، هذه المرة كانت موجهة لكبار قادة جهاز الامن، وطلب فيها التحقيق مع نوما وتعليق عمله هو والحياني. بعد شهرين جاء الرد، الذي بحسبه إقامة المزارع تم وقفها بسبب الخطوات التي اتخذتها سلطات الدولة. وتم البدء في إجراءات الرقابة ضد البناء غير القانوني (لذلك كتب، نحن لم نجد أي حاجة الى فتح تحقيق أو القيام بخطوات انضباطية). ولكن بعد ثماني سنوات من ذلك المزارع ما زالت موجودة، وسكانها أيضا وتأثيرها السلبي على السكان الفلسطينيين.

“مزرعة اوري اخذت كل أراضينا ولم يبق لنا أي شيء”، قال فوزي ضراغمة، وهو احد سكان قرية خربة سمرا القريبة. “من ناحية مناطق الرعي لم يبق لنا أي شيء. نحن كنا نقوم بالرعي في الأعلى، في منطقة المزرعة، وكانت لنا أراضي نقوم بفلاحتها. كل ما كان لنا  – هو سيطر عليه”.

أيضا سكان قرية خلة مكحول، غير البعيدة عن مزرعة اوري، تحدثوا عن نشاطها. المستوطن الذي أقامها، اوري كوهين، تم توثيقه في 27 تشرين الثاني 2023، حيث ظهر وهو يرتدي الزي العسكري ويحمل سلاح الجيش. “لقد وثق وهو يقول للفلسطينيين: من القاعدة هنا الى هذه القاعدة، الأرض لي”. “انت يجب ان لا تدخل مع قطيعك”، قال لاحد الفلسطينيين. يوسف بشارات، الذي وثق ما يحدث وعرف كوهين قال انه في المنطقة التي يدور الحديث عنها هو قام برعاية اغنامه لاكثر من عشرين سنة. حسب قوله، كوهين حاول طرده من منطقة الرعي. عندها فقط كان يراه هناك، ولم يكن يذهب في أي وقت الى بيته. هذا هو الامر الجديد في هذه المرة – لكنه ليس الوحيد. “الآن الجيش يساعده والشرطة تساعده والجميع يساعدونه”، قال في حينه لـ “هآرتس”.

وقد جاء من المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي: “كوهين، الذي تم تجنيده لقوات الدفاع القطرية (التي هي جزء لا يتجزأ من فرقة يهودا والسامرة وتشمل مئات جنود الاحتياط)، عمل خلافا لاوامر الجيش وتجاوز صلاحيته”.

اصبح جزءا من المشهد

أسماء الوسطاء الثلاثة الذين يعملون لخدمة نوما، عومر عتيديا، ايتمار كوهين واسحق سكالي، يبدو انها غير معروفة للجمهور الواسع، لكن في عالم البؤر الاستيطانية هي معروفة جدا. سكالي هو صاحب البؤرة الاقدم، التي أقيمت في 1998 قرب مستوطنة الون موريه. بؤرة “عينوت كيدم” لعتيديا، هي بؤرة اصغر من موديل 2004. عتيديا هو أيضا ضابط احتياط في وحدة التحرك العملياتي (في مقال نشر في كان 11، تمت الإشارة الى انه استضاف جنود من الوحدة في مزرعته). في مزرعة عتيديا  يتواجد شباب، بعضهم ذوي خلفية قاسية ويعملون فيها كل أنواع الاعمال، الامر الذي يميز كل المزارع الاستيطانية بشكل عام.

ليس فقط توجد لعتيديا صلة وثيقة بالجيش ورجاله. مصدر خدم في حينه في الإدارة المدنية قال للصحيفة بانه توجد لكوهين، صاحب المزرعة ابنه الـ 12 سنة في منطقة التدريب 904أ، علاقة وثيقة مع شخصيات في وحدة انفاذ القانون التابعة للإدارة المدنية. حسب قوله فانه في النقاشات طرحت في حينه إمكانية لاستثناء بؤرته من منطقة التدريب.

بنظرة الى الوراء، يبدو أن ما كان في السابق يحتاج الى الاخفاء، حتى لو تم تنفيذه، اصبح الآن واضح للعيان. ورغم اننا لا نعرف عن حالة حديثة فيها بادر الجيش الى إقامة بؤرة استيطانية، الآن العلاقة الدافئة بين القيادة العليا في الجيش وبين أعضاء المزارع، هي أحيانا مصدر للتفاخر. فقط في الأسبوع الماضي كشف في “آي 24” بان رئيس الأركان ايال زمير قام بزيارة مزرعة مع قائد المنطقة الوسطى الحالي آفي بلوط. وهناك أيضا امثلة كثيرة بعيدة عن التصريح.

منذ بداية الحرب الجيش يخصص جنود الدفاع القطري لحراسة المزارع. “الجيش يعتبرها ذخر بكل معنى الكلمة”، قال مصدر مطلع الذي حتى وقت قريب شارك في نقاشات داخلية تناولت المزارع ووضعها. “بالنسبة لكل اللاعبين فان بؤر المزارع جميعها شرعية. في الحقيقة الجيش يطالب بمكونات امنية لها مثل الاسوار، الكاميرات، المصابيح وطرق للوصول اليها”.

في ولاية الحكومة الحالية الأمور أصبحت فظة اكثر. وزارة الاستيطان مولت مسيرات، كاميرات وسيارات عسكرية، بملايين الشواقل للمزارع. وهناك أيضا جانب الجيش الذي ما زال يعتبر مشروع المزارع البديل عن بؤر التلال. حسب مصدر آخر خدم في الجيش حتى فترة قريبة، فانه توجد لذلك جوانب أخرى. الجنرال بلوط وقائد فرقة يهودا والسامرة التارك، العميد ياكي دولف مثلا، قالوا في نقاشات داخلية بان المزارع الجديدة تساهم في الامن. “هي غير قانونية، أليس كذلك؟”، اكد المصدر.

لكن تاثيرها السلبي اصبح يتضح اكثر فاكثر في كل ما يتعلق بطرد تجمعات الرعاة في الضفة. مزرعة زوهر صباح مثلا، لعبت دور حاسم في طرد سكان قرية المعرجات في شهر تموز، بعد ان تعرض سكان قرية المعرجات الى التنكيل من صباح ورجاله اضطروا الى المغادرة. نهاية العملية كانت إقامة بؤرة قرب القرية. أيضا زوهر نفسه شوهد هناك.

يتبين من ذلك مدى انخراط هذه المزارع في المشهد الطبيعي للضفة الغربية من خلال شرعنة بعضها رسميا. “جمعية المزارع” تشمل 70 مزرعة استيطانية، ولجنتها التنفيذية تضم اوري كوهين، ابن المزرعة التي سميت على اسمه (المعروفة أيضا باسم نوف جلعاد)، والتي يظهر فيها أيضا الزوجان عتيديا. في موقع الجمعية يذكر أصحاب المزارع حتى قضية القتل في دوما، التي بعدها “قاد المزارعون مع جهات رفيعة في الجيش” المبادرة الى إقامة هذه المزارع.

لكن هناك طريقة أخرى لرؤية ترسخ المزارع وهي بالأرقام. حسب بيانات جمعية كيرم نبوت فانه حتى نهاية 2015 كان يوجد في كل الضفة 21 بؤرة كهذه. الآن يقول درور ايتكس، من اعضاء الجمعية، بان هناك اكثر من 70 مزرعة، وقريبا اكثر الى 190 مزرعة (فيها أيضا بؤر تلال صغيرة وبؤر فيها عدد اكبر من السكان)، حوالي نصفها أقيمت من 2024 فصاعدا. ربما هذا لا يفاجيء اذا اخذنا في الحسبان ان بعض بؤر المزارع ترعاها حركة “امانة” برئاسة زئيف حيفر (زمبيش)، المقرب من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. أيضا بالنسبة لغور الأردن وشرق شارع الون – خلف منطقة “ظهر الجبل” حدث تغيير راديكالي، قال ايتكيس، في هذه المنطقة التي في بداية العقد السابق كانت لا توجد فيها مزارع، فانه الآن حسب ايتكيس هناك اكثر من 30 مزرعة، والتوجه واضح.

وقد جاء من الجيش الإسرائيلي: “نحن نعمل وفقا للقانون وحسب تعليمات المستوى السياسي”. نوما رفض الرد.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى