ترجمات عبرية

هآرتس: رسالة قمة قطر موجهة الى الولايات المتحدة، مشكوك ان تستوعبها

هآرتس 16/9/2025، تسفي برئيل: رسالة قمة قطر موجهة الى الولايات المتحدة، مشكوك ان تستوعبها

“الشرق الاوسط لم يكن بخيل في ولادة شخصيات وحشية، لكن هذه المرة هو ينفذ امور لا يمكن تحملها”، كتب امس غسان شبال، المحرر الرئيسي في صحيفة “الشرق الاوسط. “هذا الشخص هو الاكثر خطورة من بين كل الذين عرفناهم ومن بين كل افعال الزعماء المتوحشين الذين عرفناهم. هو يراكم بيانات غير مسبوقة، لا يستطيع أي أحد منافسته في اجرامه، في بلاده وخارجها. لا أحد قتل فلسطينيين بالعدد الذي قتله. هو منتج للجثث، منتج للارامل والايتام”. الصحيفة في الواقع تعكس المناخ في البلاط الملكي السعودي، لكن ليس المشكلة الفلسطينية أو الحرب في غزة هي التي كانت تقف أمس في مركز النقاشات في القمة العربية – الاسلامية في قطر، التي شارك فيها زعماء حوالي 75 دولة.

هذا كان اجتماع طاريء، لف قطر بعباءة تضامن ثقيلة، لكنه استهدف أولا وقبل كل شيء تحديد الخطر الذي حسب الزعماء يحلق فوق دولهم. “اسرائيل تحلم في ان يكون الشرق الاوسط منطقة نفوذ اسرائيلية”، قال أمس حاكم قطر تميم آل ثاني، وعبر بكلماته عن الخوف المتزايد من سيطرة اسرائيل على الفضاء بدعم الولايات المتحدة. هكذا فانه في الوقت الذي يعرض فيه نتنياهو الهجوم في الدوحة كـ “نجاح”، لانه نقل “رسالة”، فان قطر والدول العربية ردت بالمثل. رسالتها، التي هي غير موجهة فقط لاسرائيل، وضعتها الآن في عزلة دولية حتى قبل القمة. حتى ان نتنياهو اصبح يعترف الآن بذلك.

ايضا في واشنطن يشخصون التهديد المتزايد على موقفها في الشرق الاوسط. يصعب عدم ملاحظة الاستهانة الكبيرة لنتنياهو بالعلاقات الحيوية للولايات المتحدة مع دول المنطقة، لا سيما دول الخليج. يظهر للعيان ايضا العلاقة الفكرية المباشرة بين مواقف زعماء الدول العربية وبين الروح الانتقادية الشديدة التي تسمع تجاه اسرائيل من دوائر الحزب الجمهوري ومن قاعدة ترامب. في الولايات المتحدة ليسوا بحاجة الى تحذيرات الرئيس المصري السيسي، الذي اتهم اسرائيل بانها تضر باتفاقات السلام القائمة وباستقرار المنطقة. 

التوتر في العلاقات بين اسرائيل ومصر وبين اسرائيل والاردن، تفاقم ووصل الى ذروة غير مسبوقة؛ التطبيع المامول مع السعودية دفن منذ سنتين تقريبا؛ واحتمالية توسيع اتفاقات ابراهيم، النتاج المبارك للرئيس ترامب، تحول الى كتلة ملح.

في نفس الوقت “اختبار النتيجة”، أو التوقع المتوتر لخطوات عملية ومحددة تنتج عن القمة العربية، خيبت أمل من امل انه في هذه المرة “ستكون ايضا افعال وليس اقوال”. الطلبات التي اسمعها الزعماء والاحاطات التي نقلتها شخصيات رفيعة، خلقت توقعات بتجميد اتفاقات السلام أو الغاءها أو فرض عقوبات اقتصادية وسياسية على اسرائيل، لكن هذه التوقعات تلاشت. اتفاقات السلام ما زالت تعتبر ذخر استراتيجي مهم للزعماء العرب، اكثر مما هي بالنسبة لاسرائيل. ليس لان هؤلاء الزعماء يعتقدون ان فيها ما يمكنه التاثير على سلوك اسرائيل، بل لانها اداة تاثير سياسية على الولايات المتحدة، وفي ظل الهجوم على قطر – ايضا درع ضد مهاجمة اسرائيل لاراضيها. 

لكن الافتراض الذي يقول بان اسرائيل لن تهاجم دولة لها علاقات سياسية معها، يتعرض للتهديد بالذات من ناحية نتنياهو، الذي تعهد بضرب “اعداء اسرائيل” في أي مكان. أي مكان هو ايضا مصر، الاردن وتركيا، التي رغم الشرخ العميق لم تقطع رسميا علاقاتها مع اسرائيل، وليس فقط سوريا أو لبنان أو ايران، التي اصبحت ملعب مفتوح لاسرائيل.

الهجوم في قطر يشبه بالضبط “خط الفصل” بين الدول التي تحظى بالرعاية وتحالف مصالح مع الولايات المتحدة وبين الدول التي ليست كذلك. قطر في الواقع ليست عضوة في “اتفاقات ابراهيم”، وهي لم توقع على اتفاق سلام مع اسرائيل، لكنها عضوة كبيرة في مجلس التعاون الخليجي، الذي يقتضي، على الاقل على الورق، الدفاع عن أي دولة من هذه الدول في حالة تعرضها لهجوم. وقطر مستثمرة رئيسية في الولايات المتحدة، وهي تستضيف القاعدة الامريكية العسكرية الاكبر في الشرق الاوسط، وهي حتى الوسيط، ليس فقط في صفقة تحرير المخطوفين الاسرائيليين، بل ايضا هي وسيط في صفقات تحرير السجناء الامريكيين في ايران، وكانت شريكة في صياغة اتفاق بين الولايات المتحدة وطالبان، سواء في ولاية ترامب الاولى أو في ولاية الرئيس جو بايدن. 

شبيهة بقطر، دول الخليج والاردن ومصر، هي عضوة في “النادي المؤيد لامريكا”، وتوقعاتها هي ان تحصل على مظلة الامان التي توفرها الولايات المتحدة. زعماء هذه الدول ليسوا ساذجين كي يعتقدوا ان نتنياهو سيتاثر من هذه الاعلانات اللاذعة أو التنديدات الشديدة التي سمعت في القمة. التحدي الذي يواجهونه هو كيفية ردع اسرائيل وبناء منظومة دفاع ضد ما يعتبرونه تهديد مباشر وفوري. مثلا، احد اقتراحات القمة هو تشكيل قوة دفاع عربية، وتفعيل آلية تنسيق النشاطات العسكرية، باختصار تشكيل قوة رد ودفاع لردع اسرائيل. هذه ليست فكرة جديدة. فالرئيس المصري السيسي اقترح ذلك في 2015 في اطار الخطوة الاقليمية لمحاربة الارهاب وداعش. وحتى أنه حدد عدد الجنود في هذه القوة (حوالي 20 ألف)، ومن سيقود هذه القوة هو “جنرال مصري”، وماذا ستكون طريقة التنسيق. ولكن الفكرة مثلما كان يمكن توقع ذلك، بقيت على الورق. ايضا الآن مشكوك فيه ان هذه الفكرة ستنجح في اختراق خطوط الانقسام والتشكك وعدم الثقة واختلاف المصالح العميق الذي يفصل دول المنطقة. هذه الدول لم تنجح في تشكيل تحالف عسكري ضد الحوثيين، والاتفاق على طريقة العمل في السودان أو التعاون لمنع المذبحة التي ارتكبها نظام الاسد في سوريا.

من ناحية المشاركين فان المسار الآمن، وربما الاكثر نجاعة، يوجد في الحقل السياسي والدبلوماسي الذي سجل فيه نجاح في السابق. الاعتراف الجارف للجمعية العمومية للامم المتحدة بدولة فلسطين هو وليد نشاطات دبلوماسية مصممة وكثيفة من قبل السعودية وفرنسا وبدعم دول الخليج ومصر. هذه المبادرة ولدت في القمة العربية – الاسلامية التي عقدت في الرياض قبل سنة، ووجدت لها تسارع دولي تمت تغذيته على القتل الجماعي والتدمير لاسرائيل في قطاع غزة. في نفس الوقت أدت الى موجة العقوبات الاقتصادية، الثقافية والسياسية، التي فرضت على اسرائيل. اضافة الى ذلك يجب التذكر بانه بعد الهجوم في قطر فان الاعتراف بالدولة الفلسطينية لم يعد فقط بادرة حسن نية للشعب الفلسطيني أو حلم لـ “اليوم التالي” في غزة وفي كل فلسطين بشكل عام. هذا الاعتراف له رسالة استراتيجية، ودوره هو الدفاع عن دول المنطقة. هذا ما اقترحه شابل في مقاله بعنوان “العقوبة الاكثر نجاعة ضد مغامرات نتنياهو هي الاستخدام الحكيم والناجع للمجتمعين في الدوحة لادوات الضغط الكثيرة التي توجد لديهم من اجل اقناع الغرب، لا سيما الولايات المتحدة في عهد ترامب، بان الدولة الفلسطينية هي المسار الحيوي للحفاظ على الاستقرار في الشرق الاوسط وعلى المصالح الامريكية فيه”، كتب. “فقط حل الدولتين هو الذي سيعيد اسرائيل الى اسرائيل، وسيعيد جنودها من اراضي جيرانها، وسيعيد طائراتها من سماء دول المنطقة”.

لكن هناك عقبات متشابكة غير قابلة للاجتياز تظهر في هذه الاثناء وتغلق المسار. الاولى، الاستعداد لاستخدام ادوات الضغط العربية. والثانية هي الرئيس الامريكي ترامب. عمليا، السعودية، دولة الامارات وقطر، هي التي تتحكم بهذه “الادوات”، بعد ان تعهدت باستثمار 3.5 تريليون دولار في الولايات المتحدة في عهد ترامب. ولكن مقابل الطائرة باهظة الثمن التي حصل عليها الرئيس الامريكي من حاكم قطر، فان هذه الاستثمارات لا تعتبر هدية، بل هي جزء من صفقة ثنائية، التي فيها مقابل استثماراتها فان دول الخليج تضمن لنفسها مظلة دفاع امريكية، التي في هذه الاثناء لا يوجد لها أي بديل واقعي، سواء الصين أو روسيا، أو حتى اوروبا التي هي نفسها تحاول بناء قوة دفاع غير مرتبطة بالولايات المتحدة.

المشكلة الاخرى هي الدعم شبه المطلق لاسرائيل من قبل ترامب، الذي حتى الهجوم على قطر، الذي نفذ كما يبدو بدون تنسيقه معه وخلافا لموقفه، لم يقوض هذا الدعم. ترامب “اعطى” محمد بن سلمان هدية سياسية مهمة على شكل الاعتراف بحاكم سوريا احمد الشرع، واحتضن حاكم قطر الذي اعتبر دولته “حليفة كبيرة”، وحاكمها هو “انسان رائع”. ولكن حتى تعليماته لاسرائيل بان تكون “حذرة جدا” بالصورة التي تتعامل فيها مع قطر، لن تكفي حلفاءه العرب بان تضمن لهم ان لا تحول اسرائيل اراضيهم الى منطقة نيران. 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى