هآرتس: رائحة الفاشية في الاحتفال في حولون.. الدمار هو نهضة جديدة والخراب هو احتفال

هآرتس – يوعنا غونين – 29/7/2025 رائحة الفاشية في الاحتفال في حولون.. الدمار هو نهضة جديدة والخراب هو احتفال
احتفالات الامة تعكس الطريقة التي تتخيل فيها نفسها. اسرائيل ذات يوم كانت تحلم بنفسها كمجتمع زراعي مثالي، بعد ذلك كدولة هايتيك عظمى مزدهرة. ولكن الآن التصدير الاساسي الذي تتفاخر فيه ليس البرتقال أو البرامج، بل الدمار – في ايران، لبنان، وبالاساس في غزة. لماذا الاستغراب بانه أمس اجري في حولون احتفال كبير بالدمار نفسه، تدمير مبنيين اصيبا في الحرب مع ايران، مع مرطبات خفيفة وخطابات بليغة.
الاحتفال جسد بشكل جيد العناصر الثلاثة التي تشكل الثقافة المعاصرة في اسرائيل. الرغبة المرضية في التدمير، الشغف البرجوازي للعقارات، غرور وفضائح الوزير كاتس. الخطابات ظهرت وكأنها من تاليف الذكاء الاصطناعي البائس، لكن من قاموا بالقاءها كهم كاتس ورئيس بلدية حولون شاي كينان والمدير التنفيذي في شركة العقارات التي ستستفيد من المشروع.
كل هذا السخاء كان ماغي طبيبي، ربما لان القناة 14 هي القناة المفضلة لرئيس البلدية، او ربما لانها القناة الوحيدة التي يظهر المقدمون فيها الاستعداد لاهانة انفسهم بهذه الطريقة.
في اعقاب انتقاد تحويل الدمار والضياع الى احتفال سياسي، اوضحت طبيبي للمشاركين بان الامر لا يتعلق بـ “حدث احتفالي”، وانه لا توجد حاجة الى التصفيق. كاتس، كما هو متوقع، اطلق الشعارات عن “مناعة الجبهة الداخلية” ووعد بـ “فتح باب جهنم في غزة” (هو مسكين، يبدو انه تشوش بسبب المباني المدمرة ونسي أين هو موجود)، في حين ان كينان تملق الوزير وقال هراءات عن “النهضة” و”العودة الى الحياة” و”ضحكات الاطفال”. الوحدة المدهشة والصمود امام الاعداء خربها فقط السكان الذين انتقدوا كينان وقالوا “أنت تحتفل بألمنا”، واتهموا كاتس بالتخلي عنهم. من المستغرب دعوة وزير الدفاع الى هذا الحدث، الذي يشبه دعوة وزير الصحة لتكريم المرضى الذين يستلقون في ممر قسم الباطنية. كل تفصيل في هذا الحدث يبدو مثل تقليد ساخر للواقع في اسرائيل. خطابات المجاملة الجوفاء، المباني العالية المعلقة عليها قطع الاسمنت المحطمة، اجهزة التكييف التي تتدلى منها والسكان الغاضبون الذين طردتهم الشرطة، وبالطبع الحفار، الذي اصبح بطل وطني لاسهامه في التدمير المنهجي فيغزة. فوق كل ذلك الاحتفال جسد المبدأ التوجيهي لحكم نتنياهو. فبدلا من الخجل من الاخفاق هم يتفاخرون فيه. كاتس تفاخر بفشله في حماية المدنيين، كينان احتفل بمشروع اخلاء – اعادة اعمار الذي قامت البلدية بتاجيله الى أن فرض ذلك صاروخ من ايران كأمر واقع. الحكومة قد تفشل في أي مجال، لكنها بالتاكيد تتفوق في تصوير أي فشل بانه قصة نجاح.
احتفال التدمير ظهر كاصدار محلي لهاوين، لكن عمليا هو مغروس في تراث اوروبي قديم يسمى “الفاشية”. في ايطاليا الفاشية تدمير المباني والاحياء لم يكن نشاط عملياتي فقط، بل كان شيء ما بين العبادة والعرض العام، وكان يتم تقديمه كعمل للشفاء والتغيير. موسوليني نفسه شارك في مراسم الهدم، واظهار بذلك قوة النظام المدمر والشافي في نفس الوقت. المنطق نفسه كان في حولون، حتى ولو بصورة بائسة اكثر: التدمير هو ولادة جديدة والتخريب هو احتفال. الجرافات تمهد الطريق امام مستقبل نقي وخالد من ضحكات الاطفال.
في نهاية الحدث بدأت الجرافة في قضم ببطء حائط. المشاركون الذين اصيبوا بالملل قاموا باخلاء الساحة. في الخلف بقيت فقط عدة صفوف من كراسي البلاستيك لشركة “كيتر”، فارغة تحت المباني المهملة والمدمرة، تقليد دقيق، الى درجة انه يمكن تخيلها في المستقبل وهي ترفرف على علم اسرائيل الجديد.