ترجمات عبرية

هآرتس – ذي ماركر : هكذا تحول الإدارة المدنية الناس العاديين إلى مجرمين

بقلم: درور فايتلسون، هآرتس/ ذي ماركر 8-9-2022م، الإدارة المدنية

من يهتم بما يحدث في “المناطق” [الضفة الغربية] لا يمكنه التملص من نبأ أن الفلسطينيين مجرمون متسلسلون. جميع البناء داخل القرى الفلسطينية في منطقة “ج” هو بناء غير قانوني، ويضطر المراقبون إلى العمل صبح مساء لإصدار أوامر الهدم ومحاولة الحفاظ على صورة الدولة في “المناطق”.

سأركز على مناطق “ج” خصوصاً لأن مناطق “أ” و”ب” التي تعيش فيها الأغلبية الساحقة من الفلسطينيين تكون فيها الإدارة الجارية للسلطة الفلسطينية، أما مناطق “ج” فتديرها إسرائيل بواسطة الإدارة المدنية، التي رغم اسمها إلا أنها جهة عسكرية (لأن المنطقة لم يتم ضمها لإسرائيل، وهي الآن تحت سلطة إسرائيلية عسكرية).

يعيش في مناطق “ج” نحو 450 ألف مستوطن و150 – 250 ألف فلسطيني. كما قلنا، نحن المسؤولون عنها. حسب موقع الإدارة المدنية، فالشبكة هي “المسؤولة عن تحسين نسيج الحياة في المنطقة لصالح كل السكان الذين يعيشون فيها”. ولفعل ذلك، للإدارة المدنية 8 ممثليات إقليمية (مكاتب التنسيق والارتباط) تنتشر في أرجاء “يهودا والسامرة”. هذه الممثليات تعمل على التطوير الإقليمي وإعطاء رد يومي على احتياجات السكان”. هذا الوصف في الموقع ينتهي بجملة: “الوحدة تعمل دائماً على تحسين رفاه السكان في المنطقة”.

أحد المجالات التي تقدم فيها الإدارة المدنية الخدمات لسكان المنطقة هو -حسب رأيي- التخطيط والبناء. حسب المعطيات التي تم تسليمها لجمعية “بمكوم” رداً على طلب من حرية المعلومات، فإن الفلسطينيين الذين يعيشون في مناطق “ج” قدموا في العقد الأخير سنوياً أكثر من 400 طلب للحصول على رخص بناء. الآن إلى سؤال: كم من هذه الطلبات صادقت عليها الإدارة المدنية في إطار إعطاء الرد اليومي على احتياجات السكان وتحسين رفاه حياة السكان في المنطقة؟ الجواب هو 5 فقط في العام 2020. وفي العام 2019 تمت المصادقة على طلبين. المتوسط في العقد الأخير (استناداً إلى السنوات التي يوجد حولها معطيات) هو 6.8 رخصة بناء في السنة. كانت الذروة في العام 2011 بنحو 16 رخصة بناء. وهذا يعني أنها تكفي سكاناً عددهم أكثر من 150 ألف نسمة.

يدرك أعضاء الإدارة المدنية أن هذا لا يبدو جيداً. عندها، يبرر أحد الأجوبة على طلب حرية المعلومات معدل الموافقة المنخفض بالقول إن معظم الطلبات لم يتم فتحها إلا بعد تلقي إشعارات حول البناء غير القانوني، وبالتالي يتبين سبب عدم الموافقة عليها.

وفي رد على طلب آخر عرض بشكل مفصل، يبدو مناقضاً قليلاً للجواب السابق، في العام 2020 فإنه من بين 570 طلباً، 105 كانت جديدة وغير مرتبطة ببناء غير قانوني، لكن كما رأينا، تمت المصادقة على 5 فقط منها. في العام 2019، 78 من بين الـ 495 طلباً التي تم تقديمها، كانت جديدة، منها طلبان فقط صودق عليهما؛ أي أنه حتى لو تجاهلوا الطلبات لشرعنة مبان غير قانونية، فلم يُصادق إلا على نسبة محدودة فقط من هذه الطلبات.

لكن لماذا توجد مبان كثيرة جداً غير قانونية؟ يتبين أن التفسير هو ليس تجاهل الفلسطينيين للقانون. ففي تقرير لجمعية “بمكوم” عن سياسة التخطيط الإسرائيلية في مناطق “ج”، تم الحديث عن قرية “فصايل” وكيف أن معظم البناء فيها يتلاءم مع الخطة المفصلة التي تمت المصادقة عليها لصالح القرية في الثمانينيات. ولكنها قرية تمثل حالة استثنائية. توجد لبعض القرى من الـ 149 قرية فلسطينية في مناطق “ج” خطط محدثة، وهي في معظمها “مخططات هيكلية خاصة”، وليس مخططات مفصلة. وعند غياب مخططات محدثة، فالتخطيط الساري هو من أيام الانتداب البريطاني الذي بحسبه تعد معظم المنطقة منطقة زراعية، وثمة قيود على البناء فيها.

النتيجة، أن الإدارة المدنية لا تصادق تقريباً على طلبات الحصول على رخص بناء. الجمع بين غياب مخططات محدثة ومعدل المصادقة المنخفض، يقود الفلسطينيين بشكل عام إلى العزوف عن المحاولة. عندها، يقومون بالبناء بدون ترخيص، لأن العائلات أكبر، وتحتاج إلى أماكن للسكن. حسب الإدارة المدنية، يدور الحديث عن بناء غير قانوني، وهم بهذا يعالجون بشكل ناجع جداً أكثر من معالجة رخص البناء. في العقد الأخير، تم في كل سنة إصدار 600 – 1200 أمر هدم لمبان غير قانونية. من بينها تنفيذ 200 – 400. بالإجمال، تم في هذه الأعوام تنفيذ 3276 أمر هدم، تقريباً 50 ضعف عدد رخص البناء التي أعطيت (كما يبدو النسبة بالفعل أكبر).

يقول الشعار بأن “الاحتلال مفسد”، أي أنه يؤثر سلباً على السلوك حتى داخل حدود الدولة. ولكن المعطيات أعلاه تشير إلى أن الاحتلال يتم إفساده أيضاً، ليس بالمعنى المالي في تلقي رشوة، بل لأنه يخلق إطاراً كافكائياً يملي قوانين على الرعايا. مثلاً، قوانين التخطيط والبناء، وفي الوقت نفسه لا يمكنهم من الوفاء بهذه الطلبات القانونية عن طريق الحصول على رخص بناء. هكذا، كل من يعيش في ظل الاحتلال هو خارج على القانون بشكل تلقائي، ويمكن مطاردته في إطار القانون، وليس -لا سمح الله- لدوافع قومية. طبقاً لذلك، لا يمكن التحرر من الشعور بأن الهدف الحقيقي من وضع خطط هيكلية للقرى الفلسطينية هو عكس التطوير الإقليمي وإعطاء رد يومي على احتياجات السكان. إن الهدف هو تقييد إمكانية التطوير لدى الفلسطينيين مع خلق مظهر من الإدارة السليمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى