ترجمات عبرية

هآرتس – ذي ماركر – بقلم تسفي برئيل – انقضاء الكورونا والحرب ، في سوريا يعودون الى الحياة الجميلة

هآرتس/ ذي ماركر – بقلم  تسفي برئيل  – 21/5/2020

النظام في سوريا يحاول قيادة خطوات اقتصادية ومنح امتيازات، ولكن رغم تجربة الماضي فانه مقابل كل تسهيل منظم بالقانون مطلوب ممن يستحقون هذه الامتيازات أن يقوموا برشوة الموظفين والمفتشين والاستعانة بالوسطاء “.

بعد مرور شهرين على الاغلاق الشامل الذي فرضته السلطات السورية في معظم محافظات الدولة، بدأت الحياة بالعودة تدريجيا الى مسارها “الطبيعي”. في بداية الشهر سمحت السلطات بالانتقال بين المحافظات بصورة محسوبة. المواصلات العامة عادت الى العمل في المدن الكبرى، مصانع النسيج التي وصلت تقريبا الى حد الافلاس، حصلت على تصاريح عمل والموظفون العامون الذين يقدر عددهم بنحو 2.5 مليون موظف عادوا في معظمهم الى مكاتبهم وعملهم.

علي كنعان، رئيس قسم الشؤون المصرفية في جامعة دمشق قدر بأن سوريا خسرت اكثر من 775 مليون دولار شهريا في فترة الكورونا، أي نحو 26 مليون دولار يوميا. في حين أن مركز الابحاث والتحقيقات السوري عرض تنبؤ يقول إنه اذا استمرت القيود حتى شهر حزيران فان الاقتصاد السوري من شأنه أن يصل الى الافلاس في اعقاب خسارة المداخيل من الضرائب والرسوم والمدفوعات مقابل الخدمات العامة التي تقريبا توقفت.

المساعدة التي قدمتها الحكومة لصالح مواطنيها الاكثر احتياجا بمبلغ 78 مليون دولار والتي خصصت في شهر آذار، بعيدة عن أن تفي حتى بالاحتياجات الاساسية. في الوقت الذي فيه متوسط الأجر هو 38 دولار شهريا فان اضافة 6 دولارات هي في الحقيقة اضافة مهمة، ولكن امام الحسابات التي تقول بأن العائلة تحتاج الى اكثر من 334 دولار من اجل تدبر أمرها، فان المسافة بين الراتب والاحتياجات كبيرة. في الايام العادية قبل الكورونا نجح الكثير من العاملين في القطاع العام  والخاص في استكمال الدخل من خلال اعمال اخرى، وربما أن هذه اختفت عند فرض قيود الكورونا التي القت بـ 80 في المئة من السكان الى تحت خط الفقر.

في داخل مرجل الكورونا اندلعت قضية رامي مخلوف في الخطاب العام. وهو إبن عم الرئيس بشار الاسد الذي تحول بمرة واحدة من الدعامة الاقتصادية الاساسية للرئيس بشار الاسد الى عدو الجمهور. مخلوف هو ملياردير راكم ثروته خلال عقدين منذ أن صعد بشار الى الحكم. وهو صاحب شركة الهواتف الخلوية الكبرى في سوريا “سيريا تل”، وأحد مستوردي النفط والبضائع الاستهلاكية الكبرى في الدولة، ومن يملك عشرات الشركات الفرعية في فروع الصناعة والتجارة والسياحة.

مخلوف طلب منه أن يدفع للدولة 3 مليارات دولار، التي كان يمكن فعليا أن تذهب الى روسيا كجزء من عملية “الجباية” التي تستخدمها روسيا من اجل اجبار الاسد على أن ينقل اليها المزيد من حصص الاقتصاد السوري وابعاد ايران عنه. مخلوف الذي اعلن بأنه لا يملك المبلغ المطلوب، بدأ في نشر افلام فيديو قصيرة تحدث فيها عن مصادرة املاكه وعن تنكيل عائلة الاسد بأعماله.

في المقابل دفع الاسد قدما برجال اعمال اثرياء مارس عليهم ضغوط من اجل التخلي عن جزء من اموالهم لصالح تمويل النظام. أحدهم ظهر اسمه مجددا في العناوين هو سامر فوز، الذي صنع امواله بسبب سيطرته على تجارة القمح والنفط من المناطق الواقعة تحت سيطرة الاكراد، وكذلك بواسطة سيطرته على البنوك الاسلامية التي عملت في سوريا والتي بواسطتها نجح في تجاوز العقوبات التي فرضت على سوريا. فوز هو الآن رجل الاتصال بين النظام وبين الجيوب التي تقع تحت سيطرة المتمردين والاكراد من اجل شراء ناتج القمح، وهو منتوج نشرت سوريا بشأنه هذا الشهر عطاء دولي لشراء 200 ألف طن. وكما يبدو سيرسو العطاء على روسيا.

حزام الامان الاقتصادي الذي بناه الاسد حوله يمول ايضا جزء من نشاطات الجيش ويساهم بنصيبه ايضا في خطط الرفاه الجديدة التي اعلنت عنها الحكومة قبل بضعة ايام. هذه الخطط استهدفت، ضمن امور اخرى، تهدئة العاصفة التي اثارها كشف قضية مخلوف وحجم الفساد المستشري في الدولة.

النظام سمح، مثلا، لشركات خاصة باستيراد الاسمدة، وهو مجال كان تحت سيطرة النظام حتى الآن. كذلك قلل الحصص بحوالي النصف على الاعلاف والبذور وزاد حصص الادوات الزراعية المسموح استيرادها من 1000 الى 5 آلاف وبيعها للمزارعين بقروض ميسرة. في نفس الوقت أمر النظام بانشاء اسواق فيها ستباع المنتجات الاساسية بسعر التكلفة وحتى بتخفيض يبلغ 15 في المئة من خلال تجاوز الوسطاء.

أمر آخر يتعلق بتشجيع الانتاج المحلي، بحسبه تم تحديد قائمة من 57 سلعة سيحظى منتجوها بتسهيلات كبيرة من اجل أن تحل محل الاستيراد. قطاع آخر سيحظى بالتسهيلات والامتيازات هو الطلاب من العائلات الثكلى ورجال قوات الامن. أعطيت التوجيهات للجامعات بأن تمنح لـ 2 في المئة من الطلاب المحسوبين على من يحق لهم منحة كاملة تشمل رسوم التعليم والسكن والمواصلات، حتى اذا فشلوا في التعليم.

حجم تكاليف هذه الاوامر على خزينة الدولة غير معروف، كذلك المعايير لمنح هذه الامتيازات  مرنة قليلا. حسب تجربة الماضي فانه مقابل كل امتياز منظم بالقانون سيكون على المستحقين أن يقدموا بعض المدفوعات للموظفين والمشرفين والاستعانة بشبكة متفرعة من الوسطاء. ايضا فتح قنوات الاستيراد امام القطاع الخاص لا يضمن انفصال الادارة عن نظام “رضاعة العمولات” الذي اثرى مقربي النظام وعائلة الاسد – ويساهم في ارتفاع كبير في الاسعار وهبوط الليرة السورية الى مستوى غير مسبوق يبلغ 1500 ليرة للدولار.

لقد كان لوزير المالية السوري بشرى للمواطنين الذين يسمعون ويقرأون عن دائرة الثراء التي تحيط بالرئيس. “راتب المواطن يكفيه اذا عرف كيف يتدبر اموره”. العاصفة التي ثارت في الشبكات الاجتماعية حول هذا التصريح جعلت في الحقيقة الوزير ينفي أنه قال هذه الاقوال. ولكن المواطن السوري العادي استنفد تقريبا كل مهاراته في مواجهة الفقر والبطالة والكورونا والحرارة الخافتة وغياب الافق الاقتصادي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى