ترجمات عبرية

هآرتس – ذي ماركر– الحياة في الاردن تعود الى مجراها وهناك تكمن المخاطر الحقيقية

هآرتس –  ذي ماركر– بقلم  تسفي برئيل – 13/4/2021

في مواجهة النقص في المياه والازمة الاقتصادية، فان المماحكات العائلية في البلاط الملكي تبدو كفصل في مسلسل تلفزيوني“.

ما بدا كاعصار يهدد قصر الملك الاردني تبدد في غضون يومين ليصبح مهب ريح جانبية قوية لم يخلف تجاه الخارج على الاقل اضرارا هدامة. فقد جند الملك عبدالله عمه الامير الحسن كوسيط عائلي. وأخوه غير الشقيق، الامير حمزة، المشبوه بتخطيط الانقلاب وقع على اعلان ولاء. وسارع وزير الخارجية السعودي لزيارة الاردن كي يعرب عن تأييد غير متحفظ من مملكته للاردن. واطلقت الولايات المتحدة اعلان اسناد. وعادت الحياة الى مجاريها. غير أنه بالذات في مجرى الحياة العادي تكمن المخاطر الحقيقية على المملكة.

قبل نحو اسبوعين انفجرت في العاصمة عمان وفي مدن اخرى في الدولة مظاهرات، في اعقاب وفاة ستة اشخاص على الاقل في واحد من المستشفيات الحكومية، بسبب النقص في الاكسجين. وفي الاسبوع اياه اصيب نحو 6 الاف شخص بمرض الكورونا، ومنظومة التطعيمات تجري بكسل وبضع عشرات الالاف فقط تلقوا الحقنة الاولى من اللقاح. اضافة الى ذلك، فان العجز في الميزانية، الذي تقرر عند نحو 2.9 مليار دولار، سيخرج منذ الان عن الاطار. “البطالة هي المشكلة الاخطر في المملكة”، قال وزير المالية الاردني محمد العسعيس، في حديث مع نظيره الامريكي.

وفقا للمعطيات الرسمية، فان معدل البطالة في الاردن هو 24 في المئة – ارتفاع بمعدل 5 في المئة مقارنة بالوضع قبل سنة.  في اوساط  اصحاب التعليم العالي يبلغ المعدل الى 28 في المئة، واكثر من نصف العاطلين عن العمل يحملون شهادات الثانوية او المهنية. وفي اوساط الشباب  نجد أن البطالة اخطر بكثير – اكثر من  50 في المئة. فقد تحدثت نقابة المهندسين في شباط بان نحو 35 الف مهندس، من اصل 174 الف مسجلين، بلا عمل. “بدون استثمارات في المشاريع وبسبب الكورونا، يمكن لعدد المهندسين العاطلين عن العمل ان يرتفع اكثر”، هكذا حذر طارق المومني، مدير التأهيل المهني في رابطة  المهندسين.

في الطريق الى انفجار آخر للغضب الجماهيري

في نهاية اذار نشر رئيس الوزراء بشر الخصاونة خطة عمل اقتصادية هدفها مساعدة متضرري الكورونا واستئناف النشاط الاقتصادي. الخطة التي كلفتها نحو 630 مليون دولار  ستمول حفظ نحو 100 الف مكان عمل قائم وخلق نحو 14 الف مكان عمل جديد – بما في ذلك التشغيل المؤقت لنحو 2.500 ممرض وممرضة على مدى نصف سنة. وستسمح بجدولة الديون للاعمال التجارية والمواطنين الخاصين، تأجيل دفع الغرامات حتى نهاية السنة، ومساعدة خاصة لفروع السياحة، الزراعة والصحة.

ولكن اكثر من ثلث هذه الميزانية الخاصة مخصص لتسديد ديون حكومية للمستشفيات ولشركات الادوية – المال الذي كان يفترض على اي حال أن يكون ضمن الميزانية العادية. ومعايير المساعدة وتلقي القروض المريحة لم تنشر بعد، في الوقت الذي سيقدم الاف المواطنين الى المحاكمة لعدم دفع ديونهم للبنوك ولمؤسسات التمويل الحكومية.

حسب القانون الاردني، فان الدائن يحق له أن يطلب حبس مدينه، وقد بعثت المحاكم حتى الان الى السجون بمئات المواطنين لمدة شهر حتى ثلاثة اشهر. وحبس اصحاب الدائنين يثير نقاشا عاصفا في المملكة تجندت اليه منظمات حقوق الانسان التي تطالب بالغاء القانون او على الاقل التمييز بين من لا يستطيع الدفع ومن لا يريد دفع دينه. وتبلغ هذه المنظمات عن مواطنين حبسوا غير مرة ولكن ديونهم بقيت كبيرة والكثيرون منهم يحاولون الفرار من الدولة لاجل الامتناع عن حبس اضافي.

البطالة في الاردن هي بركان نشط انفجر قبل نحو سنتين وادى الى اقالة رئيس الوزراء واقامة حكومة جديدة (تغيرت منذئذ). ولكن المؤشرات الاجتماعية في الاردن تدل على انفجار متجدد للغضب الجماهيري اذا لم تتوفر حلول اقتصادية فورية.

وهذه لا توجد على الرف. من ميزانية بنحو 11 مليار دولار، نحو 65 في المئة توجه للرواتب والتقاعدات، بما في ذلك لرجال الجيش. وتعتزم الحكومة الاكتراض من الديون نحو 6 مليار دولار – مما سيزيد دفعاتها على الفائدة الى اكثر من 2 مليار دولار في السنة. والنفقات غير المتوقعة التي جلبتها الكورونا ستسلب ما تبقى. اما عن الاستثمارات في التنمية التي تخلق اماكن عمل وتزيد التصدير، فلا مجال للحديث.

مع ان الاردن يتمتع بمنح خارجية بمبلغ نحو  800 مليون دولار في السنة وبمساعدة خاصة لرعاية نحو 1.3 مليون لاجيء يتواجدون فيه، الا ان هذه الاموال لا يمكنها أن تحل المشاكل البنيوية للاقتصاد الاردني، ان ترمم السياحة او ان تصب الاساسات لمشاريع كبيرة وربحية.

مافيا المياه

ان السير على حبل رفيع اقتصادي والانشغال الدائم في جمع القروض هما فقط جزء من الشقلبات الدائمة التي تبقي رأس المملكة فوق الماء. كما توجد تهديدات وجودية اخرى لا تتبع قواعد السوق أو المناورات  الحسابية والسياسية.

ان النقص العضال في المياه يلقي بالرعب على النظام. في اسرائيل على وعي بهذا النقص فقط بسبب المواجهة الاخيرة بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وبين الاردن، والذي اخر فيه نتنياهو الاذن بالتوريد للمملكة 8 مليون متر مكعب من المياه، اضافة الى 50 مليون متر مكعب تحولها اسرائيل لها وفقا لاتفاق السلام من العام 1994. بالنسبة للاردنيين ولا سيما الذين يسكنون في مناطقها الشمالية، فان هذه مشكلة يومية.

ووفقا لمعطيات وزارة المياه الاردنية، ففي  السنوات الاخيرة ارتفع استهلاك المياه اكثر من 40 في المئة، ولا سيما بسبب ظهور نحو 1.3 مليون لاجيء في المجال الاردني. قرى وبلدات، ولا سيما على طول غور الاردن تحصل على المياه في الناقلات ولا تحظى بمياه دافقة. في بعض المناطق لا يتم توزيع المياه الا مرة في الشهر، مقابل مرة في  الاسبوع حتى قبل نحو سنة.

ويتعرض المواطنون لاستبداد ما يسمونه “مافيا المياه” – التي تتحكم بالناقلات، باوقات التوريد، بحفر الابار وباسعار المياه.  والمنظمات الدولية التي تحقق في الاوضاع في الاردن تقدر بان 70 في  المئة من المياه ببساطة تسرق من الدولة من خلال الحفريات العشوائية، بلا تخطيط وبلا حماية لمصادر المياه. وبلغت وزارة المياه بان الدولة تخسر نحو 365 مليون دولار في السنة بسبب ما توصفه بانه “مياه ضائعة”. وهذه  ليست فقط مياه مسروقة بل وايضا مياه تختفي بسبب الانابيب المحطمة.

ووفقا لتوقعات بعيدة المدى، فان الاردن سيتصدى في العقود التالية لنقص حاد في المياه من شأنه أن يتسبب بازمة سياسية بل وبحروب مياه. بحث متعدد السنين اجري في الاكاديمة الوطنية للعلوم في الولايات المتحدة يتوقع أن في نهاية القرن الحالي ستقل المياه الجوية في الاردن بنحو 60 في المئة ومياه التجميع بنحو 25 في المئة. هذا توقع مفزع معناه الجفاف، اذا لم تتخذ منذ الان اعمال لمنعه.

اخراج قناة البحرين من الجارور

الحل الدارج هو بناء منشآت تحلية. لقد علق الاردن آمالا عظاما في حفر قناة البحرين التي تربط بين البحر الاحمر والبحر الميت، كمسار تبنى على طوله منشآت تحلية تتمكن من تلبية قسم هام من احتياجات المياه. ولكن هذا المشروع الذي كان يفترض ان يبنى بالتعاون مع اسرائيل، عالق بسبب انسحاب الاخيرة من الخطة. وعلى خلفية التوتر بين الدولتين، مشكوك أن تنجح الخطة في الانتقال من الورق الى الارض.

في مواجهة النقص في المياه والازمة الاقتصادية، فان المماحكات العائلية في البلاط الملكي تبدو كفصل في مسلسل تلفزيوني. هذه التهديدات لا ينبغي ان تقلق المملكة فقط بل وايضا ان تلزم اسرائيل بالتخطيط مع الاردن للتعاون في مجالات المياه والتنمية الاقتصادية – اذا كانت اسرائيل لا تريد ان ترى الى جانبها دولة مفككة وغير مسيطر عليها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى