هآرتس: ذات مرة حادثة كتلك التي في خانيونس كانت ستنهي الحرب
هآرتس – عاموس هرئيل – 26/8/2025 ذات مرة حادثة كتلك التي في خانيونس كانت ستنهي الحرب
ذات يوم، في ايام اخرى، كان يمكن لحادثة مثل التي حدثت امس في خانيونس ستؤدي الى انهاء الحرب في قطاع غزة. دبابة اسرائيلية اطلقت القذائف نحو عدة اشخاص على سطح مستشفى ناصر. حسب الفلسطينيين قتل عشرين شخص بهذا الاطلاق، بينهم اربعة صحافيين وخمسة من رجال الطواقم الطبية. اطلاق القذيفة الثانية تم توثيقه ببث حي ومباشر على يد طواقم تلفزيونية، والصور تظهر بوضوح انه بين المصابين كانت طواقم اغاثة. الـ 20 قتيل بهذه القذائف هي نتيجة شاذة جدا، وما زال يصعب استبعاد امكانية انه تم اطلاق عدد اكبر من القذائف التي يدعي الجيش الاسرائيلي بانها اطلقت في رده الاولي.
لكن بعد مرور سنتين على الحرب التي بدات بالمذبحة الفظيعة التي ارتكبتها حماس، وبعد بضعة اسابيع التي يقتل فيها عشرات المدنيين الفلسطينيين كل يوم بنار الجيش الاسرائيلي بدون ان يكلف أي أحد نفسه عناء شرح الظروف، فان هذه الحادثة استقبلت بلامبالاة مطلقة تقريبا من الطرف الاسرائيلي. من اجل الرد على التنديدات في الغرب والتغطية النقدية في وسائل الاعلام الدولية، نشر رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بشكل متأخر بيان يظهر فيه الاسف، بالانجليزية فقط. هذا حدث بعد بضع دقائق على ظهور الرئيس الامريكي دونالد ترامب وهو متفاجيء من السماع من الصحافيين عن الحادثة بعد بضع ساعات على حدوثها.
ايضا المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي، العميد آفي ديفرين، اصدر بيان باللغة الانجليزية. لا يبدو أن هناك أي أحد يعتقد ان الجمهور الاسرائيلي بحاجة الى معلومات مباشرة حول ما يحدث باسمه في القطاع. بل العكس. ففي القناة 12 سارعوا الىالاعلان بان ثمانية من بين القتلى تم تشخيصهم كمخربين، وأنه تم اعطاء اسماء مخطوفين احتجزوا في هذا المستشفى في السابق. في القناة 14 يوبخون بصورة استثنائية بنيامين نتنياهو بسبب بيانه “غير المعقول” (ليس القناة بل احد المراسلين فيها).
لا أحد كان يريد ان يكون في مكان طاقم الدبابة الذي اطلق القذائف، أو ان يكون في مكان القادة الذين امروا باطلاق النار. الجنود يعملون في محيط حضري مدمر، الذي ما زال فيه خطر كبير محتمل. في نهاية المطاف كل اسلوب عمل حماس يرتكز على الهجمات من داخل السكان المدنيين، حيث يشكل المدنيون دروع بشرية للمسلحين. والاطلاق على مستشفى يحتاج الى مصادقة من اعلى، برتبة جنرال. وحسب فحوصات اولية اجراها الجيش الاسرائيلي فانه مشكوك فيه انه قد تم الحصول على مثل هذه المصادقة. من رد الجيش يتبين ان الاطلاق تم نحو اشخاص كانوا يحملون كاميرا فوق السطح وانهم شوهدوا هناك عدة مرات في الايام الاخيرة. الافتراض هو ان الامر يتعلق بشخص من حماس يقوم بالمراقبة ومتابعة القوات.
في نفس الوقت كان معروف ايضا ان الصحافيين يعملون في محيط المستشفى وينشرون بشكل دائم من داخله. لماذا لم يكن هناك من يربط النقاط؟ يصعب على الادعاء الاسرائيلي ان يتم قبوله بشكل مقنع، ازاء حقيقة ان الجيش الاسرائيلي اعلن مؤخرا انه قتل بشكل متعمد رجال اعلام عملوا لصالح قناة “الجزيرة” بذريعة انه في موازاة ذلك كانوا نشطاء في حماس. من يتحمل المسؤولية عن قتل الصحافيين سيجد صعوبة في شرح انه في هذه المرة فعل ذلك بشكل غير متعمد.
الحادثة أمس لن تؤدي بشكل مباشر الى نهاية الحرب، لكن من شانها ان يكون لها تاثير متراكم. هي تضاف الى ما هو معروف لنا عن العبء والتآكل في وحدات الجيش النظامي وفي الاحتياط، حيث في القريب سيتحمل العبء عشرات الآلاف الآخرين من رجال الاحتياط الذين ينوي الجيش استدعاءهم من اجل العملية المخطط لها في مدينة غزة. كل ذلك يرتبط بموقف رئيس الاركان الواضح، الذي يريد الآن الدفع قدما بصفقة لاعادة المخطوفين، أو على الاقل نصفهم.
لا يوجد أي شخص في القيادة الاسرائيلية يريد الصفقة اكثر من زمير. هذا متعلق بالتزامه بالمخطوفين، الذين بينهم جنود ارسلهم الجيش للدفاع عن الغلاف في ظروف غير محتملة في 7 اكتوبر. وهذا ينبع ايضا من معرفة رئيس الاركان بان العملية العسكرية، كما تراها الحكومة، لن تؤدي الى تحرير المخطوفين بل هي ستعرض حياتهم للخطر.
الكابنت سيتم عقده اليوم، لكنه لن يناقش اقتراح الوسطاء، بعد ثمانية ايام على رد حماس عليه بالايجاب. لو ان نتنياهو والوزراء كانوا يهتمون وبحق بالمخطوفين لما كانوا سيهدرون بهذه الصورة المزيد من الايام، حيث الوضع البائس للعشرين مخطوف الاحياء معروف للجميع.
ترامب صرح امس مرة اخرى بانه ربما مخطوف أو اثنين من العشرين مخطوف لم يعودا على قيد الحياة. في اسرائيل ينفون بشدة، وبدأوا يشكون في ان شخص في الادارة الامريكية يبلغ الرئيس بشكل مضلل، أو انه يخفي عنه بشكل متعمد المعلومات. ترامب ظهر مقطوع عما يحدث في غزة. في المقابل، هو ايضا قدر امس بانه “في الاسبوعين أو الاسابيع الثلاثة القادمة ستكون نهاية للحرب”. نحن سمعنا في السابق وعود كهذه ولكنها لم تتحقق، من اسرائيل وحتى اوكرانيا. مع ذلك، يبدو ان الرئيس هو الشخص الوحيد الذي ما زال يمكنه فرض الصفقة، وفي اعقابها انهاء الحرب في القطاع.



