ترجمات عبرية

هآرتس – ديان حاول الحديث  عن النووي فقالت غولدا : “هذا فقط ما ينقصني”

هآرتس – بقلم  يوسي ميلمان – 24/12/2021

” في محادثة مع “هآرتس” يسترجع الحارس الشخصي لغولدا مئير الساعات الاولى لحرب يوم الغفران  “.

“فقط هذا ما كان ينقصني”، هكذا ردت رئيسة الحكومة في حينه غولدا مئير على الاقتراح الذي ادعي بأن وزير الدفاع موشيه ديان قد عرضه، استخدام الخيار النووي في اليوم التالي لحرب يوم الغفران. من سمع هذا الرد يصدر عنها هو ادم شنير، وهو اسم مجهول بالنسبة لمعظم الجمهور. في حينه كان هو الحارس الشخصي لرئيسة الحكومة، الذي تصادقت معه ومع الوقت اصبح امين اسرارها.

هذا الحوار، قال شنير، جرى في المبنى المكون من طابقين في مكتب رئيسة الحكومة في الكرياه (مقر وزارة الدفاع) في تل ابيب. الوقت كان ظهيرة 7 تشرين الاول 1973، الساعات التي كان فيها شعور بأن اسرائيل تقف على عتبة هزيمة في الحرب. “جلست على كرسي في ممر في الطابق الثاني، الذي قاد الى غرفة غولدا”، يسترجع شنير الوضع. “على الكرسي امامي جلس شلهيفت فريار (مدير عام لجنة الطاقة النووية). ديان احضر  فريار. أنا لا اعرف ماذا بالضبط اقترح أو قال ديان في الغرفة لأنني لم اسمع”.

بين الحاضرين في الغرفة كانت غولدا مئير وسكرتيرها العسكري العميد اسرائيل ليئور ونائبها يغئال الون وموشيه ديان والوزير اسرائيل غليلي. حتى الآن لا احد من المشاركين في هذا النقاش أخبر عما قيل فيه. كانت هناك شهادات من مصادر ثانوية، واهمها شهادة ارنان (سيني) عزرياهو، المساعد واليد اليمنى لغليلي. في مقابلة اجريت معه في 2008 قبل فترة قصيرة من موته تحدث عزرياهو عن النقاش الذي فيه اقترح ديان بأنه “من الجدير أن يكون هناك استعراض ايضا للخيار النووي”. من غير الواضح ما الذي كان يقصده ديان. هل قصد نشر السلاح النووي الذي كان بحوزة اسرائيل، حسب منشورات اجنبية حتى عشية حرب الايام الستة، أو التهديد باستخدام السلاح النووي أو تنفيذ تجربة نووية. ومن ابلغ الجمهور في 2013 عن شهادة عزرياهو هو الباحث النووي الدكتور افنر كوهين. ولكن عزرياهو لم يشارك في النقاش حسب قوله، بل تم ابلاغه عنه بعد الجلسة من قبل غليلي. 

شنير ايضا لم يكن موجود في الغرفة، لكنه كان خارجها. ذبابة في الطرف الثاني للحائط. بعد ذلك تحدث عما سمعه للباحث في حرب يوم الغفران، موشيه شفاردي. شهادة مسجلة. في محادثة مع “هآرتس”، التي حضرها ايضا شفاردي، أكد شنير ما قيل في التسجيلات. على سبيل المثال عندما سئل هل كان هناك وضع فيه نوقش طلب استعراض نووي، كما تم الادعاء، اجاب “كان هناك وضع كهذا. يمكنني القول بأنني كنت في وضع تم التحدث فيه عن امور كهذه، وأنا اتذكر ذلك حتى الآن”.

عندما طلب منه وصف هذا الوضع قال: “تلك كانت محادثة رواق. شلهيبت فريار جلس قبالتي. كانت هناك غرفة جلسات الحكومة التي توجد قبل غرفة رئيس الحكومة، وامام هذا الباب يوجد بهو صغير ومخرج للشرفة. في حينه كنت اجلس وشلهيفت جلس قبالتي وتحدثنا معا. أنا اتذكر بأن غولدا قالت لا. هي اجابت بالسلب وأنا سمعت ذلك جيدا. جلست هكذا مع شلهيفت بضع ساعات. هذا كان فعليا قرب الباب. عندما كان الباب مفتوح كان يمكن سماع، اذا كنت تريد أو لا تريد، كل ما يحدث داخل الغرفة. والباب كان مفتوح طوال الوقت لأنهم كانوا يدخنون في الغرفة”.

هل تتذكر بدقة الاقوال التي قالتها غولدا؟ شنير: “غولدا قالت: “هذا ما كان ينقصني”. هذا كان بشكل قاطع”.

العلاقة الخاصة

شنير ولد في 1942 في حيفا باسم ادم شفايتسر. درس في الثانوية المهنية “بيسمت”. وبعد انهاء دراسته تجند في الكوماندو البحري. في خدمة الاحتياط وصل الى رتبة نقيب. عندما تسرح من الجيش حلم بأن يكون مهندس سفن، لكنه اكتفى بدراسة هندسة الآلات في التخنيون. ولكنه لم يترك البحر. في حرب الايام الستة حارب في القطاع البحري لسوريا. “كنت على متن سفينة حماية قرب ميناء اللاذقية. ولكننا لم ندخل الى الميناء”. بعد الحرب قام بفتح شركات كثيرة، منها مطعم وشركة لتأجير السيارات وموقف للسيارات.

ذات مرة التقى مع جدعون عزرا، الذي كان مركز شاب في القسم العربي في اللواء الشمالي للشباك. وبعد ذلك اصبح نائب رئيس الشباك وعضو في الكنيست من حزب الليكود ووزير. عزرا لم يكن غريب عليه، كانت بينهما معرفة سابقة. “عزرا سأله عن اعماله وقال: ألا تشعر بالملل؟، اجابه: نعم هذا ممل. فقال له: تعالي معي، لدي اقتراح هام. يوجد هناك شيء يسمى ش.ب. حصلت على استدعاء للمقابلة في مقر وزارة الدفاع في تل ابيب. رئيس اللجنة كان ابراهام احيطوف الذي اصبح بعد ذلك رئيس الشباك. مرت سنة، وبدون انذار مسبق وصل اليه تبليغ كي يأتي الى ميدان الساعة في يافا، ومن هناك سيأخذه شخص ما. “انتظرت وأنا احمل حقيبة مدة ثلاث ساعات. عندها جاء شخص وقال لي: أنت باريلا؟ وأنا ذهبت معه”. تم اخذه الى مقر الشباك، غير البعيد عن ميدان الساعة. ومن هناك تم ارساله الى أبو كبير. وهناك في مكان كان يسمى “المعسكر” (موقع كان للشباك وفي مخازن وغرف تحقيق) اجرى جزء من التدريبات. هناك تم ضمه لقسم حماية الشخصيات الذي كان جزء من قسم عمليات الشباك (فقط في نهاية الستينيات انشئت وحدة منفصلة لحماية الشخصيات). في البداية تم وضعه كرجل حماية عادي لرئيس الحكومة ليفي اشكول. وبعد موته في 1969 بدأ في تأمين من حل مكانه، غولدا مئير. بعد ذلك اصبح قائد طاقم حمايتها.

“كانت بيننا علاقة خاصة”، قال. “لقد تدبرنا العمل معا، كانت بيننا كيمياء وكنا قريبين جدا. هذا كان ايضا على خلفية حقيقة أن غولدا كانت امرأة كبيرة في السن مع اعاقة جسدية ووحيدة. اولادها كانوا بعيدين أو منشغلين جدا. واعتبرت سكرتيرتها، لو كدار، وأنا نوع من العائلة المقربة. عند غولدا كان الصداقة قيمة عليا، واذا كنت صديقها فهذا يعني صداقة بدون حدود”. وحسب قوله “هذا لا يتناقض مع حقيقة أنها كانت متطلبة جدا وفرضت عليه مهمات لم تكن لها علاقة بوظيفته (مثل اذهب واتصل مع الوزير الفلاني وقم بنقل رسالة للوزير الفلاني). كانت معتادة على أننا نعرف كل شيء. نحن اصبحنا نعرف التفاصيل الحميمية جدا عن من نقوم بحمايته. ولكنهم يعلمونا أننا مثل الذبابة على الحائط، صامتون. هذا هو كل شيء”. وهو ايضا يتذكر روح دعابتها. “ذات مرة سألتني: قل لي، هل تعرف السياقة؟”.

القرب الخاص لشنير من غولدا وجد تعبيره عشية حرب يوم الغفران. “لقد كانت قلقة جدا”، تذكر اليوم السابق للحرب. في ذلك المساء نقلها الى بيتها في شارع بارون هيرش 8 في رمات افيف، الذي عاشت فيه منذ 1959، ومن هناك واصل الى فندق رمات افيف القريب. “بقي الاتصال معي عبر الهاتف من غرفتي في الفندق اضافة الى نظام الاتصال الخاص لنا”.

شنير ذهب للنوم، لكن هذا كان نوم قصير. في الفجر استيقظ على صوت الهاتف. على الخط كان السكرتير العسكري العميد اسرائيل ليئور. “استيقظ، خذ غولدا وتعال فورا الى المكتب”، استعاد ما قيل له. “اتصلت مع اعضاء طاقم الحماية الذين كانوا في بيوتهم وذهبت على الفور الى غولدا. أنا أتذكر أن الوقت كان ظلام بعد. ادخلتها الى السيارة وذهبت الى مقر وزارة الدفاع. والى حين وصل كل اعضاء الطاقم وسكرتيرتها، اهوفا ناحوم، كنا في مكتبها في مقر وزارة الدفاع ثلاثة فقط، ليئور وغولدا وأنا”.

قبل ذلك ايقظ ليئور رئيسة الحكومة والمقدم يهوشع رفيف، السكرتير العسكري لديان. في الشهادة في لجنة اغرانات قالت مئير بأن ليئور اتصل معها في الرابعة فجرا. بعد ذلك قال ليئور للمراسل ايتان هبار بأن “غولدا رفعت الهاتف على الفور وكأنها كانت تنتظر النبأ السيء. أصغت الى تقريري بصمت”.

توجد اهمية كبيرة للجدول الزمني. رئيس الموساد، تسفي زمير، الذي سافر بصورة خاصة الى لندن التقى هناك في منتصف الليل في شقة خاصة مع عميل الموساد المصري اشرف مروان. وقد سمع زمير ومشغل مروان، رجل الموساد دوفي، من العميد بأنه “غدا عند غروب الشمس ستندلع حرب”. زمير اتصل في الساعة الثانية والنصف فجرا بالهاتف العادي غير المشفر مع رئيس مكتبه، فيردي عيني، وابلغه بالمعلومة. لسبب ما مرت ساعة الى أن تم ابلاغ النبأ في الساعة 3:50 لغولدا وديان. يغئال الون الذي كان يوجد في كيبوتسه غينوسار شهد بأنهم ايقظوه فقط في السادسة صباحا وجاء بتأخير كبير. وأنه لم يتم ابلاغه عن الامر أبدا. 

رغم سلسلة المكالمات، إلا أن ديان لم يتحدث مع غولدا الى أن تم عقد جلسة الطواريء في الثامنة صباحا. بكلمات اخرى، منذ لحظة تلقي المعلومة عن حرب وشيكة، رئيسة حكومة اسرائيل كانت مقطوعة عن مركز اتخاذ القرارات مدة اربع ساعات تقريبا. خلال هذه الفترة كانت وحيدة في مكتبها مع سكرتيرها العسكري وسكرتيرتها ومع ادم شنير وطاقم الحماية. ربما أنه كان يمكن استغلال هذا الوقت لتسريع تجنيد الاحتياط واعداد سلاح الجو لاحتمالية القيام بضربة استباقية. “في التسلسل الزمني لاحداث يوم الغفران نفسها كتب البروفيسور اوري بار يوسف في كتابه بعنوان “الكشاف الذي نام”: “هناك فجوة غير مشروحة”، منذ لحظة تلقي المعلومة وحتى وصولها الى المكتب”.

موشيه شفاردي يطرح تفسير بأنه رغم المعلومة الذهبية التي جلبها زمير (تحذير مروان)، إلا أن ديان، مثل زعيرا، واصل الغرق في وهم أنه رغم كل شيء فانه لن تندلع حرب. “كل ملحمة التأخير والاخفاء وعدم الاتصال وما شابه، بين غولدا وديان والون، تزيد من الشعور بالظلم الذي لحق بدادو (رئيس الاركان دافيد اليعيزر)”، قال شفاردي، الذي يدير موقع في الفيس بوك باسم “حرب يوم الغفران، ذكريات وندب وآلام”، مع عيديت شاحوري. “لجنة اغرانات اتهمت دادو بأنه قام بتأخير تجنيد الاحتياط في ذاك اليوم بسبب أنه انتظر قرار رئيسة الحكومة”، يواصل. “المادة الجديدة التي توجد لدي تشير الى أن التأخير الكبير كان بالاساس بسبب ديان الذي طوال اربع ساعات لم يقم بالاتصال مع غولدا”.

وطني قلق

ما حدث بعد تلك الليلة، اجتياز قناة السويس من قبل الجيش المصري واحتلال مواقع خط بارليف اضافة الى احتلال جزء من هضبة الجولان من قبل الجيش السوري، قاد الى تلك الجلسة الخاصة في مقر وزارة الدفاع في اليوم التالي للحرب. النقاش في اعقاب الجلسة تحول فيما بعد الى ارضية خصبة لعدد كبير من انصاف الحقائق والشائعات والاساطير الحضرية، التي استندت الى معلومات من دوائر ثانية أو ثالثة. على سبيل المثال، محررة “دافار” في حينه، حنه زيمر، قالت بأن ديان الذي كان في مزاج متشائم، على شفا الاكتئاب، تحدث بكلمات مثل “خراب البيت الثالث”.

شنير نفسه واصل مرافقة مئير في كل فترة الحرب وايضا بعد أن استقالت. وحافظ على علاقة عميقة معها. بعد ذلك اصبح شنير رئيس طاقم الحماية لاسحق رابين. وفي العام 1980، بعد أن لم يتم تعيينه رئيسا لوحدة حماية الشخصيات الهامة، تمت اعارته لجهة اخرى في جهاز الامن. “الاعارة” استمرت مدة ثلاثين سنة الى أن تقاعد. هناك اصبح رئيس قسم الامن وقام بتدريب اجيال من الجنود في مهمة الحماية والمراقبة. هو لا ينظر الى الماضي بغضب. “لو أنه كان يجب علي تكرار حياتي لكنت سأكررها. أنا ولدت وطني واستمر في كوني وطني. ولكني وطني قلق مما يحدث”.

ما الذي يقلقك بشكل خاص؟

شنير: “العلاقات بين الناس في المجتمع الاسرائيلي والقطبية والعدوانية وعدم قدرة سلطة القانون على السيطرة. أنا غير ساذج. عدم الاستقامة كان ايضا في عهدي ولكنه كان مختلف. هذا كان بالاساس عدم استقامة سياسية وليس شخصية. اشكول وغولدا والون ورابين وبيغن، جميعهم لم يفكروا بأنفسهم بل فكروا بمصالح الدولة. اسم واحد في تلك الفترة لم تتضمنه قائمته، وهو موشيه ديان.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى