ترجمات عبرية

هآرتس – حزب الله يحقق إنجازاً أيديولوجياً ويبعث برسالة لحماس

بقلم: تسفي برئيل – هآرتس 9/8/2021

سمعت في إسرائيل في تموز صافرة إنذار سياسية كان يمكن أن تدخلها إلى وضع الاستعداد. نائب رئيس مركز المصالحة الروسي في سوريا، العميد بحري فادين كوليت، قال في مقابلة بأن صواريخ روسية مضادة للطائرات اعترضت 7 – 8 صواريخ إسرائيلية أطلقت على أهداف لـ”حزب الله” وأهداف لجهات مؤيدة لإيران في سوريا، قبل بضعة أيام على ذلك. كوليت أعطى تفسيرات حول نوع الصواريخ وقدرتها. ومن غير الواضح إلى أي درجة كان تقرير كوليت دقيقاً، لكن صمت موسكو يدل على أن الأدميرال لم يتحدث بصورة مستقلة.

نشرت الصحيفة السعودية “الشرق الأوسط” نقلاً عن مصادرها، أنه في أعقاب اللقاء بين الرئيس الروسي بوتين، والرئيس الأمريكي بايدن، الذي جرى في حزيران، نقلت واشنطن رسالة لموسكو تقول بأنها غير راضية عن هجمات إسرائيل في سوريا. لم يكن لهذا التقرير تأكيد مستقل، لكن مثل التقارير السابقة لم يتم نفيه، بل العكس، قالت مصادر إسرائيلية إنه ليس لديهم علم عن حوار كهذا بين روسيا وأمريكا. ويبدو أن لا علاقة بين الإشارات العلنية عن انتهاء التصريح الروسي الذي أعطي لإسرائيل بالعمل بصورة حرة في سوريا وبين الأحداث الأخيرة في لبنان، لكن يجب عدم التقليل من إسهامها في ذلك.

إن تسلسل الأحداث الذي خلق المواجهة الأخيرة بين إسرائيل و”حزب الله” كان يمكن أن ينتج عنه نتيجة مشابهة حتى بدون السياق الإقليمي. وحسب الوصفة المعروفة، فإن إطلاق النار على سوريا من قبل فصائل فلسطينية أو نشطاء مستقلين من لبنان جر وراءه رداً إسرائيلياً هذه المرة، وأثار ردوداً من قبل “حزب الله” عقبها رد إسرائيلي بالمقابل. كان يمكن لـ”حزب الله” وقف هذه العملية الأوتوماتيكية مثلما فعل سابقاً عندما أطلقت فصائل فلسطينية على إسرائيل.

 إن تنصل ونفى عدم الرد كان سيوقف العملية، وأنهى الحدث قبل أن يتحول إلى لعبة على الكرامة، التي طرحت سؤالاً: هل تحطمت معادلة الردع بين إسرائيل وحزب الله؟ هناك تفسيران رئيسيان يحاولان تفسير سبب قرار “حزب الله” الانحراف عن قواعد اللعب التي أفادته وأفادت إسرائيل بشكل جيد منذ انتهاء حرب لبنان الثانية.

حسب أحد هذه التفسيرات، عمل “حزب الله” حسب تعليمات إيران التي قررت استعراض العضلات في كل جبهة بعد فترة قصيرة من تنصيب إبراهيم رئيسي لتوضح بأن سياستها بقيت على حالها، وأنها تفصل بين المفاوضات حول الموضوع النووي، التي لم تستأنف بعد، وبين نشاطاتها العسكرية الجارية للدفاع عن مصالحها في سوريا والعراق ولبنان واليمن.

بند فرعي في هذا التفسير، بقدر ما هو صحيح، يمكن أيضاً أن ننسب إطلاق الصواريخ، الجمعة، إلى طموح قائد “فيلق القدس” في حرس الثورة الإيراني، إسماعيل قاءاني، لتعزيز صورته ومكانته الضعيفة. طموح أثارته مهاجمة السفينة “مرسير ستريت” في الخليج وتحريك رد “حزب الله”. ولكن هذا التفسير مناقض لتحليلات أخرى تقول إن إيران تطمح في هذه الأثناء إلى تهدئة المنطقة وعدم إعطاء الولايات المتحدة ودول الغرب ذريعة لمهاجمتها عسكرياً أو فرض عقوبات جديدة عليها.

وقالت تقارير وتحليلات إعلامية غربية، التي تستند إلى مصادر استخبارية، إن المليشيات الشيعية في العراق، التي تنفذ الجزء الأكبر من الهجمات ضد أهداف أمريكية في العراق والخليج، لا تمتثل لأوامر قاءاني الذي طلب منها تهدئة الأمور، وتعمل على مسؤوليتها. حسب هذا التحليل، فإن طهران أخذت تفقد السيطرة على هذه المليشيات، بالذات وهي تدير معركة سياسية كثيفة ليفوز رجالها في الانتخابات في العراق التي يتوقع إجراؤها في تشرين الأول.

هل يحاول “حزب الله”، الذي تحول ليصبح “المرشد” والمستشار لعدد من هذه المليشيات، أن يتحرر من القيود التي تفرضها إيران عليه، وأن يدير حربه بصورة مستقلة أكثر؟ هل يريد في رده ضد إسرائيل أن يختبر الحكومة الجديدة في القدس، والحكومة الجديدة في إيران؟ إذا كانت الإجابة على ذلك بالإيجاب، فإن النظرية التي تقول إن إيران تقف من وراء الهجوم من لبنان، ستحتاج إلى إثبات واقعي أكثر.

       المدافع الحقيقي عن لبنان

التفسير الثاني المقبول هو أن “حزب الله” يستغل الأزمة السياسية والاقتصادية التي تدمر لبنان في السنتين الأخيرتين؛ لاستعراض قوته وتذكير أنه “المدافع الحقيقي عن الدولة”؛ ومنع أي وضع تشكل فيه حكومة جديدة في لبنان، وأن على كل دولة غربية تؤيدها الامتناع عن التفكير بإمكانية فصل “حزب الله” عن ثدي السلطة أو المطالبة بنزع سلاحه. ولكن حتى هذا التفسير يواجه بعدد من العقبات. نجيب ميقاتي، الملياردير الذي عين من قبل الرئيس ميشيل عون لتشكيل الحكومة، هو مقرب جداً من “حزب الله”. فهو لا ينوي ولا يستطيع تشكيل حكومة بدون ممثلي “حزب الله”. و”حزب الله” لا يحتاج إلى استعراض قوة آخر لإثبات قوته العسكرية مقارنة مع قوة الجيش اللبناني. إضافة إلى ذلك، لا يوجد في لبنان الآن أي عنوان رسمي تتوجه إليه إسرائيل لتحمله المسؤولية. ولن يكون لتوجهها إلى مجلس الأمن أي أهمية فعلية باستثناء الإدانة. نتيجة لذلك، فإن “حزب الله” هو “الشريك” الوحيد لها، وصواريخه تذكير بذلك.

لكن “حزب الله” ملزم في كل مرة بأن يثبت التزامه بفكرة المقاومة، ليس فقط بالخطابات والتصريحات، بل بالأفعال أيضاً. هذه رسالة لا تقتصر على الساحة اللبنانية، فهي أرسلت لحماس والمليشيات الشيعية وسوريا وكل من يعتبره “حزب الله” كمخلص لفكرة المقاومة.

ومن أجل تجسيد المقاومة، ثمة شرط أساسي واحد يحظر المس بمكانة “حزب الله” في لبنان ويسبب له أضراراً جماهيرية، مثلما حدث في حرب لبنان الثانية. المواجهة الأخيرة مع إسرائيل تستجيب لهذا الطلب، وتمنح “حزب الله” المقابل الأيديولوجي دون تعرضه لأضرار. لم يكن بإمكان “حزب الله” تخمين ما إذا كانت إسرائيل ستشن حرباً شاملة ضد لبنان عقب الإطلاق، لكنه تحمل مسؤولية مخاطرة محسوبة وعقلانية.

تنشغل إسرائيل الآن بكورونا، ولم تقف حكومتها بعدُ على قدميها، وهي قلقة من التهديد النووي الإيراني ولا تريد فتح جبهة أخرى. إلى ذلك، يمكن لـ”حزب الله” أن يضم موقف واشنطن اللامبالي تجاه نزاعات الشرق الأوسط وعدم رغبة بايدن في التدخل، إلى درجة أنه لا ينوي الرد بصورة عسكرية حتى على مهاجمة إيران للسفن في الخليج.

قد يعتمد “حزب الله” أيضاً على ما يفسره كبرود في العلاقات بين روسيا وإسرائيل، وعدم رضا روسيا من الهجمات في سوريا. وفي الوقت نفسه، يشكل معضلة أمام الدول العربية، لا سيما دول الخليج التي وقعت على اتفاقات سلام مع إسرائيل. هذه الدول غير صديقة لحسن نصر الله، الأمر بعيد عن ذلك، لكنها تتجند الآن لمساعدة لبنان وهي تحاول إعادة سوريا إلى حضن العالم العربي.

هذه الخطوات لا تتساوق مع هجوم إسرائيلي واسع في لبنان، و”حزب الله” قد يبني على هذا أيضاً. نسيج الاعتبارات هذا من ناحية “حزب الله” يمكن في الواقع أن يحدث مواجهات أخرى محلية مع إسرائيل، لكنه أيضاً يشكل الآن درعاً واقياً أمام حرب شاملة.

مركز الناطور للدرارسات والابحاث FAcebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى