ترجمات عبرية

هآرتس: حرب ليست كسابقاتها: أهداف لم تتحقق والشرخ مع أميركا آخذ بالاتساع

هآرتس 6-4-2024، بقلم: عاموس هرئيل: حرب ليست كسابقاتها: أهداف لم تتحقق والشرخ مع أميركا آخذ بالاتساع

تقريبا بعد نصف سنة على بداية الحرب، ميزان إسرائيل مقابل “حماس” بعيد عن أن يكون مُرضيا. إسرائيل وجدت نفسها في حرب كانت فيها من البداية في موقع متدن فظيع: غزو كثيف من حدود قطاع غزة، سيطرة فلسطينية على بلدات ومناطق، تقريبا 1200 قتيل معظمهم من المدنيين وأكثر من 250 مخطوفا. لا توجد في الحقيقة أي طريقة لقلب هذه النتيجة. لقد اصبح من الواضح للجميع الآن، باستثناء بعض الاتباع الهستيريين، بأنه لا توجد أي أهمية لوعود النصر المطلق التي ينثرها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو مرة كل يومين.

رد إسرائيل على المجزرة في 7 أكتوبر شمل ضربة شديدة لـ”حماس”، احتلال مناطق، إخلاء قسري للسكان من شمال القطاع وقتل جماعي لأعضاء المنظمة، الذي رافقه حسب التقديرات اكثر من 20 ألف مدني فلسطيني قتيل. في قرار الغزو البري للقطاع كانت هناك درجة معينة من المنطق. إسرائيل تفاجأت في ذروة الضعف، وغياب رد مؤلم كان يمكن أن يحث أعداءها في المنطقة على الانضمام لمعركة “حماس”. أيضا الآن بعد القتل والتدمير فإن هذا الخطر لم تتم إزالته فقط (في هذا الأسبوع ازداد).

في الحكومة والجيش، عملوا استنادا إلى إجماع عام واسع، الذي بحسبه حملة القتل لـ”حماس” والسادية الفظيعة التي استخدمها رجالها ضد السكان في الغلاف، لم تعد تسمح بجيرة طيبة قرب حكمها في القطاع. لكن مع مرور الوقت يجب الاعتراف أيضا بما لم يتحقق – كما كان يتوقع هنا عندما بدأت العملية البرية. نسبة التوقعات لتدمير نظام “حماس” وتفكيك كل قدراتها العسكرية كانت مرتفعة جدا، وبالتأكيد في إطار زمني محدد، بضعة اشهر. الحرب حكم عليها أن تطول، ويصعب التصديق بأنه سيكون بالإمكان تفكيك المنظمة بالكامل حتى في المستقبل.

إضافة إلى ذلك فإنه بخصوص الهدف الذي أضيف بعد بضعة أيام، خلق ظروف لإعادة المخطوفين: إذا كانت الحكومة والجيش ادعوا في بداية الحرب بأن العملية البرية هي التي أدت إلى عقد صفقة المخطوفين الأولى، الآن اصبح من الواضح أنه سيكون من الصعب فرض صفقة ثانية وثالثة بالقوة على “حماس” من اجل إطلاق سراح الـ 134 مخطوفا الباقين. والأصعب على الاستيعاب، لأن المزيد من المخطوفين يموتون في الأسر، هو أن أي تأخير يستند إلى الأمل النظري لتحقيق الهدف الأول في ما بعد، يمس بتحقيق الهدف الثاني.

ما الذي يؤلم “حماس”؟ حسب ضباط في الجيش الإسرائيلي فإن قيادة “حماس” تتأثر من قتل قادة كبار آخرين في المنظمة وفقدان الأرض فترة زمنية طويلة ومن محاولات إسرائيل تقييد سيطرة “حماس” في القطاع. بخصوص قتلى “حماس” فإن الجيش الإسرائيلي عرض تقديرات مختلفة تراوحت بين 9 – 12 ألف. المنظمة نفسها، في تطرق نادر في منتصف شهر شباط في مقال في “رويترز”، قدرت عدد شهدائها بحوالى 6 آلاف. من المرجح أن العدد الحقيقي يوجد في مكان بين هذين التقديرين. من الواضح أن الجيش الإسرائيلي، مثل جيوش غربية أخرى في حروب إرهابية وحروب عصابات، يميل إلى “إحصاء جثث مبالغ فيه، واحيانا يقوم بإحصاء كشهداء أيضا المدنيين، بالأساس الرجال الذين تواجدوا في مبنى تم تفجيره أو في منطقة إعداد تم تحديدها قرب المواقع العسكرية، من اجل منع الخطر على القوات”.

يجب أيضا عدم تجاهل الضغط من الأعلى من اجل “تقديم أرقام”، أي قتل المزيد من الأعداء والنشر عنهم. يوجد لهذا الطلب كما يبدو دور في تفجير سيارات الإغاثة في دير البلح في هذا الأسبوع، الذي قتل فيه سبعة من عاملي الإغاثة في منظمة دولية.

في القتال في القطاع، قتل في هذا الأسبوع القتيل الـ 600 منذ بداية الحرب. حوالى نصف القتلى سقطوا في العملية البرية التي بدأت في نهاية تشرين الأول. هذا ما زال رقما متدنيا بدرجة كبيرة عن التوقعات الكئيبة التي سمعت في الجيش عشية الغزو. الحرب أثبتت أنه على الأقل في القطاع لا توجد قدرة على الوقوف أمام فرقة إسرائيلية ووقف تقدمها. “حماس” اختارت طريقا بديلة: تحت المكبس الإسرائيلي، الكتائب والألوية القطرية تم تفكيكها إلى خلايا صغيرة، التي حاولت المس بالقوات أثناء تقدمها، خاصة بعد أن توقفت واحتلت أراضي.

السلاح الأكثر نجاعة للفلسطينيين في الحرب تبين أنه صاروخ “آر.بي.جي” القديم، الذي ما زال يسقط إصابات كثيرة، بالأساس في مواقع الحراسة الثابتة. جزء كبير من الجهد الحربي الفلسطيني مرتبط بالتوثيق. إذا لم يكن هناك فيلم فيديو لقتل جنود، الذي يتم نشره بسرعة، فإنه من ناحية “حماس” وكأن شيئا لم يحدث.

إلى جانب النصر المطلق فإن نتنياهو يعد أيضا باحتلال رفح. فعليا، الاستعدادات لذلك عالقة. في محادثات “الزووم” التي جرت هذا الأسبوع بين جهات رفيعة أميركية وإسرائيلية أوضحت الإدارة الأميركية بأن الجيش الإسرائيلي يجب عليه العثور على طريقة لإخلاء نحو 1.3 مليون مدني فلسطيني من رفح قبل دخول المدينة، هذا إذا دخلها أصلا. الطرفان اسمعا أيضا تقديرات مختلفة بخصوص الفترة الزمنية المطلوبة لإخلاء السكان، لأن الذهاب إلى عملية في رفح سيستغرق وقتا، فمن المرجح أن تبحث إسرائيل لنفسها عن أهداف أخرى. احتمالية معقولة هي اقتحام مخيمات اللاجئين النصيرات ودير البلح في وسط القطاع.

رئيس الأركان هرتسي هليفي قال، أول من أمس، في لقاء مع الجنود في خان يونس بأن التوصل إلى اتفاق لتبادل المخطوفين هو “مهمة عليا ستأتي فقط بضغط أقوى. نحن سنضغط كلما كانت هناك حاجة إلى ذلك”. الجديد هنا هو في الشطر الأول للجملة الذي يوضع للمرة الأولى في الأفضلية العليا، وهو المشاعر التي سمعت الآن من القيادة العسكرية العليا. ولكن من اجل تحقيق ذلك فإنه ستكون كما يبدو حاجة إلى التنازل عن رفض إسرائيل السماح بعودة جماعية للسكان الفلسطينيين إلى شمال القطاع، وهو موقف يتبناه ليفي أيضا.

في الفترة الأخيرة، على خلفية مهاجمة قافلة المساعدات، جرت محادثات متوترة بين جهات رفيعة في واشنطن وفي القدس. الأميركيون انتقدوا بشدة نشاطات الجيش الإسرائيلي وطلبوا شفافية كاملة حول التحقيق واستنتاجاته. إسرائيل نجحت بشكل معين في المس بكل ما تقول الإدارة الأميركية، إنه مهم بالنسبة لها – منع الجوع، تجنب قتل المدنيين والتدمير الواسع للمباني وحماية المنظمات الدولية. من المرجح أن الأحداث الأخيرة المؤسفة للجيش الإسرائيلي ستزيد الضغط من اجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار. ولكن في موقف المساومة الإسرائيلي الحالي ليس من المؤكد أن ذلك سيكون مرتبطا بصفقة لتبادل المخطوفين. ويمكن التقدير أن “حماس”، التي لاحظت وجود موقف أفضلية لها، ستستغل ذلك من اجل التشدد في طلباتها. في المحادثة الهاتفية الليلية، أمس، بين الرئيس الأميركي ورئيس الحكومة نتنياهو، طلب الرئيس الأميركي من إسرائيل التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار.

الإرساليات تتأخر

التوتر مع الولايات المتحدة يمكن أن يؤثر سلبا على ما يحدث في الجبهة الآخذة في التطور بين إسرائيل وإيران. في الوقت الذي كان فيه الرئيس الأميركي يشتاط غضبا من نتنياهو، فكم هو الدعم الذي سيعطيه إياه إزاء تهديدات ايران بالانتقام من اسرائيل؟. في خطابه المشهور في 10 تشرين الأول وقف الرئيس بصورة كاملة إلى جانب اسرائيل وحذر جميع الأطراف، لا سيما ايران و”حزب الله”، من الانزلاق إلى حرب إقليمية. الآن النظام في طهران يتهم اسرائيل بعملية الاغتيال في دمشق لشخصية رفيعة في حرس الثورة الإيراني، حسن مهداوي.

رئيس الأركان الأميركي تشارلز براون قال مؤخرا في محادثة مع المراسلين، إن اسرائيل لم تتسلم من الولايات المتحدة كل السلاح الذي طلبته أثناء الحرب في غزة. جهات رفيعة في جهاز الأمن في اسرائيل أكدت على أنه مؤخرا هناك إبطاء في وتيرة إرسال السلاح من الولايات المتحدة، ويبدو أن السبب هو سياسة متعمدة من “البنتاغون” بتوجيه من البيت الأبيض.

“نيويورك تايمز” نشرت، أمس، بأن الرئيس الأميركي يفحص بجدية وقف المساعدات الأمنية أثناء الحرب بسبب غضبه من اسرائيل. حتى الآن يظهر الأميركيون التسامح النسبي، مع الأخذ في الحسبان قوة الانتقاد الدولي لإسرائيل بسبب سلوك الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة.

أيضا في مركز البلاد كان يمكن بسهولة ملاحظة في الفترة الأخيرة حركة متزايدة لطائرات قتالية في السماء، التي ذكرت بوضع الأشهر الأولى للحرب. السبب في هذه المرة ليس فقط الخوف من اشتعال شامل على حدود لبنان مع “حزب الله”، بل استعداد لسيناريو رد إيراني مباشر الذي يمكن أن يشمل هجوما بصواريخ مجنحة ومسيرات من ايران ومن العراق، أو إطلاق نار بشكل كثيف لصواريخ من مليشيا شيعية في دولة مجاورة. على هذه الخلفية، تقرر تجنيد استثنائي للاحتياط في سلاح الجو وإلغاء الإجازات في نهاية الأسبوع للجيش النظامي. أيضا تشويش الـ”جي.بي.اس” المبادر إليه من الجيش الإسرائيلي وصلت إلى مركز البلاد وعملت على شل نشاط تطبيقات مثل “الويز”، وهذه مشكلة يعرفها السكان في الشمال منذ شهر تشرين الأول.

موجة المنشورات والتصريحات حول هذا الأمر أثارت الذعر في أوساط الجمهور. والمتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي اضطر إلى نشر توضيح يفيد بأنه لم يطلب من المواطنين التزود بالمولدات الكهربائية والمعلبات. تقدير نوايا ايران يرتبط أيضا بالتقويم السنوي. فاليوم هو يوم الجمعة الأخيرة في شهر رمضان، الذي هو أيضا “يوم القدس” الذي يحتفل به النظام في طهران. هناك احتمالية كبيرة لعمليات، أيضا في الساحة الفلسطينية.

اسرائيل تهدد ايران منذ فترة طويلة. ففي السنوات الأخيرة وفي ظل الحكومات المتبدلة برئاسة نتنياهو ونفتالي بينيت ويائير لابيد، يبدو أن هناك جرأة إسرائيلية متزايدة في اختيار الأهداف الإيرانية التي تتم مهاجمتها.

لكن السؤال هو إذا كانت عملية الاغتيال الأخيرة لن تحقق بالتحديد نتيجة معاكسة. على الأغلب يتولد الانطباع بأن اسرائيل انجرت إلى مثل هذه الخطوات من خلال الرغبة في استغلال فرصة عملياتية محصورة الوقت، ولم تقم مسبقا بفحص كل التداعيات بشكل معمق. هذا كان صحيحا أيضا عند عملية اغتيال رئيس “حزب الله” عباس موسوي في 1992، وهي العملية التي عرضت على العالم وريثه حسن نصر الله، وأدت إلى عمليات انتقامية قاسية في الأرجنتين.

تهديدات ايران بالانتقام تضاف إلى المواجهة مع “حزب الله”. الجيش الإسرائيلي في الحقيقة قام بإبعاد معظم أعضاء قوة الرضوان، قوة النخبة في الحزب، عن المنطقة القريبة من الحدود وقام بتدمير جزء كبير من مواقع “حزب الله” في جنوب لبنان. ولكن لم يحقق بذلك أي حل، عسكري أو سياسي، يمكن من عودة الـ 60 ألف مواطن إسرائيلي الذين اضطروا إلى ترك بيوتهم بتعليمات من الجيش والحكومة في تشرين الأول الماضي. في ظل غياب وقف إطلاق النار وعدم وجود اتفاق تبادل في الجنوب ستكون من الصعب تهدئة النفوس في الشمال. وإطالة زمن الأزمة مع “حزب الله” يمكن أن تسرع أيضا حربا واسعة تشتمل على غزو بري اسرائيلي لأراضي لبنان. هذه الاحتمالية يجب أخذها في الحسبان رغم أنها ليست حتمية تماما كما يمكن أن يظهر في بعض التصريحات العلنية في اسرائيل.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى