ترجمات عبرية

هآرتس: جميعنا محتلون

هآرتس 2022-06-08، بقلم: ميخائيل سفارد

الطفل الذي ولد في اليوم الذي وقع فيه الجنرال حاييم هرتسوغ على منشور، الذي البند الأول فيه أعلن بصورة احتفالية “جيش الدفاع الاسرائيلي دخل اليوم الى المنطقة وتولى السيطرة وتطبيق الأمن والنظام العام في المنطقة”، هذا الطفل يحتفل في هذا الأسبوع بعيد ميلاده الـ 55. في اللحظة التي تنفس فيها هذا الطفل النفس الاول على الارض ووالدته أعطته اللمسة الانسانية الأولى في حياته، كان الجنرال ثملَ بالقوة وقال: “جميع صلاحيات الحكم والتشريع والتعيين والإدارة بخصوص المنطقة أو السكان فيها ستكون من الآن فصاعداً لي بشكل حصري”، أعلن. ومن أجل عدم الشك بكونه القادر على كل شيء وأنه الحاكم الوحيد بدون أي قيود في هذه المنطقة التي تم احتلالها للتو على يد قواته – قواتنا، قال رسمياً إن أي واجب تم النص عليه في القانون، مثل “التشاور أو المصادقة من قبل أي جهة حول التشريع أو التعيين”، تم الغاؤه. “أنا سأقرر وأنا سأوجه”، هذه هي رواية الاحتلال.

الطفل الفلسطيني الأول للاحتلال وُلد لديكتاتورية الجنرال هرتسوغ، الذي بعد ذلك سيصبح الرئيس السادس لدولة إسرائيل، وابنه اسحق سيكون الرئيس الـ 11. من اليوم الأول الذي وُلد فيه هذا الطفل قام بتسميته عبد (لكن ليس عبد الله، بل عبد اسرائيل)، هرتسوغ الأب استخدم سيادته عليه وعلى آبائه وعلى مئات الآلاف من أبناء شعبه الذين يعيشون في المناطق المحتلة: “أنا بهذا أعلن”، أعلنَ في البند الثاني في المنشور، الذي وزعته السيارات العسكرية الإسرائيلية في شوارع المدن الفلسطينية في 7 حزيران 1967، “عن حظر التجول في كل المنطقة”. ومن يصعب عليه فهم المقروء أضاف “يجب أن لا يغادر أي أحد بيته طوال اليوم”.

العبد خاصتنا وُلد في ظل ديكتاتورية احتلال وعاش فيها كل حياته حتى الآن. منذ ولادته وحتى شاب في منتصف عقده السادس هو لم يعش أي دقيقة من الحرية أو أي ثانية من السيادة. في السنوات التي قام فيها حاكمه الأول بفتح مكتب ناجح للمحاماة مع الزملاء ميخائيل فوكس ويعقوب نئمان ومارس حياة سياسية انتهت بانتخابه رئيساً لدولة اليهود، ومنح العفو لرجال الشاباك الذين قاموا بتعذيب السجناء الفلسطينيين وكذبوا على المحاكم، وقام ثلاث مرات بتقصير عقوبة اليهود من اعضاء منظمة سرية قتلوا طلاباً فلسطينيين وحاولوا قتل رؤساء بلديات فلسطينيين ومسافرين في حافلات فلسطينية، في هذه السنوات تم إملاء مسار حياة عبد عليه لكونه أحد الرعايا الذين ليست لهم حقوق مدنية، وخضوعه لهرتسوغ وورثته.

هم الذين قرروا ماذا سيكون مصير أراضي عائلته، وقرروا أيضاً اذا كان سيحصل على رخصة لبناء بيت، وهم الذين قرروا اذا كان سيسمح له السفر الى الخارج من أجل الإجازة أو الدراسة. هم الذين حظروا عليه أي نشاط سياسي واعتبروا أي انتقاد للحكم تحريضاً، وقاموا بحبس عشرات الآلاف، بعضهم بدون محاكمة، وحتى أنهم أخرجوا خارج القانون منظمات لحقوق الإنسان وأعلنوا بأنها منظمات إرهابية.

في سنوات بلوغه شاهد كيف أن مشهد وطنه قد تغير كلياً، وكيف أن مئات آلاف دونمات الاراضي الزراعية تمت مصادرتها، وأن مستوطنات جديدة مع بنية معمارية غريبة واوروبية هي التي تسيطر على الفضاء. لقد شاهد وصول المستوطنين الجدد الذين جلبوا معهم عقلية صاحب البيت وحصلوا من أتباع هرتسوغ كل ما تم أخذه من عائلته ومجتمعه: الأرض، المياه، الموارد الطبيعية، المشاركة في اتخاذ القرارات والكرامة بالطبع.
نصف مليون مستوطن وانتفاضتان بعد ذلك. هرتسوغ الابن بدأ ولايته بزيارة مستوطنة هار براخا، حيث قام هناك بتدشين معهد وأشعل شعلة في عيد الأنوار في المكان الذي قَتل فيه الطبيب اليهودي باروخ غولدشتاين في الحرم الإبراهيمي المصلين المسلمين. أما عبد فهو لم يقم بزيارته ولم يدشن أي شيء في قريته.

لا تقولوا بن غفير أو سموتريتش، يجب أن تقولوا هرتسوغ. منذ هرتسوغ الأب وحتى هرتسوغ الابن هذه هي المؤسسة الإسرائيلية، وليس هوامشها هي التي تقوم بمصادرة الأراضي وبناء المستوطنات وإعادة هندسة الديمغرافيا للأرض المحتلة، وتخنق بعنف أي مقاومة لحكمنا، حتى المقاومة غير العنيفة، وتحكم بالكارثة على عبد وعلى شعبه. أتباع هرتسوغ ربما هم ليسوا مسيحانيين مجانين. ولكن من وراء اللهجة الآرية مع لمسة كامبريدج يظهر تفوق اليهود بالأفعال. هم – نحن ربما لا نعلق صورة القاتل من الخليل في صالون البيت، لكن نحن المحتلون والسالبون الفعالون وليسوا هم. صحيح أننا لسنا جميعاً بن غفير، لكننا جميعاً هرتسوغ. إضافة الى ذلك، بن غفير وسموتريتش هم الأبناء الشرعيون المرغوب فيهم. هم ثمرة الشجرة التي قمنا جميعنا بتسميمها. لذلك، التركيز عليهم هو اتهام للحجر وإعفاء لليد التي ترشق الحجر.

عبد (55 سنة) يعيش في ابرتهايد كامل، هو من صنعنا جميعاً، نحن الإسرائيليين. ايضا الذين يعتقدون أنهم بعيدون عن مجانين الخليل. رجال الهايتيك، الذين يسيرون في مسارات الفخار وكل واحد من المحامين في مكتب هرتسوغ فوكس نئمان، جميعنا نفرض حظر التجول على عبد. جميعنا ننقل كل موارد بلاده لجيرانه المستوطنين على حسابه، فقط لكونه فلسطينياً وهم يهود. جميعنا وقعنا على نظام جميع مؤسساته موجهة لخدمة جيرانه اليهود، ومن أجل ذلك موجهة لاستعباده، فقط لكونه فلسطينياً وهم يهود. جميعنا خلقنا منظومة قانون منفصلة ومختلفة تسري على المستوطنين الذين هم ايضا شركاء في صياغتها، فقط لأنه فلسطيني وهم يهود. هل بهذا الشكل سيضطر الى قضاء ما بقي من حياته؟ هذا يتعلق بنا فقط.

أهلاً وسهلاً بالقادمين للسنة الـ 56.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى