ترجمات عبرية

هآرتس: ثم أطلق عليه الجنود النار

هآرتس 26-1-2023، بقلم جدعون ليفي: ثم أطلق عليه الجنود النار

تحت الجسر الذي يقع على الشارع بين البلتين الفلسطينيتين عين يبرود وسلواد، حدث شيء فظيع. تحت هذا الجسر أطلق جنود الجيش الإسرائيلي النار على شخص بريء أمام ابنه وقتلوه. تحت الجسر جنود لواء “كفير” كذبوا لدرجة أن اضطر الجيش للتنصل من كذبهم.

تحت الجسر حدث ما يحدث بين حين وآخر، بصورة أكبر، في السنة الأخيرة: إعدام فلسطينيين لأمور تافهة. ولكن خلافاً لمعظم الحالات، ففي هذه المرة سارع الجيش للتحقيق وحتى الاعتراف بالحقيقة. لم يبق الآن إلا رؤية ما الذي سيفعله مع الجنود القتلة والكذابين من لواء “كفير”. متى سينقلون كل اللواء إلى هضبة الجولان كما فعلوا مع كتيبة من كتائبه وهي “نيتسح يهودا”، الكتيبة 97. هذه المرة كان هؤلاء هم جنود الكتيبة 92. وبالنسبة لهم، هذه ليست الحادثة الأولى.

أحمد كحلة كان عامل بناء وصيانة من القرية الفلسطينية رمّون، عمره 45 سنة وأب لأربعة أولاد، يسافر كل يوم بسيارته مع ابنه قصي للعمل في قرية دير السودان. عمر قصي 19 سنة، وهو ينتظر السنة الدراسية القادمة لدراسة الحاسوب. في هذه الأثناء كان يساعد والده. تحت الجسر اصطدما بـ”حاجز طيّار” يضعه الجيش، وهذا يحدث بين حين وآخر. ولكن قام الجنود بوقف الحركة كلياً هذه المرة. ويفعلون ذلك أحياناً بشكل عام بدون أي سبب، باستثناء غريزة الإساءة واستعراض القوة والسيطرة لشباب تم غسل أدمغتهم في أعمار الـ 19 والذين يقومون باللعب بالهواتف المحمولة، في الوقت الذي يسارع فيه آلاف الأشخاص إلى أعمالهم.

بدأ السائقون بإطلاق صافرات السيارات، فثارت أعصاب الجنود من هذا العصيان المدني الوقح. أطلق أحدهم قنبلة صوت على سيارة كحلة، الذي كان على رأس الطابور. غضب كحلة بسبب المس بسيارته – وهذا أمر محظور بالنسبة للجنود – لذلك، قاموا برش غاز الفلفل على وجه ابنه وأنزلوه بالقوة من السيارة ورموه على الشارع مكبل اليدين.

غضب الأب، ولوقاحته الكبيرة لم يستطع الصمت على التنكيل بابنه أمام ناظريه، فنزل من السيارة. كان الابن ملقى على الشارع وعيناه معصوبتان وتحرقانه بسبب غاز الفلفل. فجأة، سمع الابن صوت رصاصتين. الجنود الذين كانوا غاضبين على الأب أطلقوا عليه رصاصتين في الرقبة. عرفوا أن بإمكانهم الادعاء أنه قد حاول خطف سلاحهم أو طعنهم. وقع كحلة. صورته وهو مستلق على ظهره والدماء تنزف من فمه وعنقه، تصعب مشاهدتها. كحلة توفي في المكان.

الجيش الإسرائيلي، كعادته، سارع إلى التنصل واختلاق قصة مفبركة لا أساس لها، وهي أن الجنود شخصوا سيارة مشبوهة… فرفض المشبوهان التوقف. قام المشبوهان برشق الحجارة وحاولا المهاجمة بسكين… وسائل لتفريق المظاهرات… حاول المشبوه خطف سلاح أحد الجنود. ترسانة المبررات المدحوضة لأي عملية قتل. وسائل الإعلام في إسرائيل سارعت كالعادة إلى تبني الأكاذيب ونشرها دون فحصها. المتحدث بلسان الجيش يعلن: تم إحباط عملية.

مثل هذه القصص يتم دفنها بشكل عام من دون تحقيق. فما الذي حدث في هذه المرة؟ هل أمر قائد المنطقة يهودا فوكس، قائد اللواء إلياف الباز، بالتحقيق في الحادثة؟ تصعب معرفة ذلك. ولكن نتائج التحقيق حددت في زمن قياسي، أسبوع واحد، بأن الجنود أطلقوا النار على كحلة بدون أي مبرر.

هذا جيد. ولكن ما الذي سيحدث الآن؟ ماذا يعني “القتل بدون مبرر”؟ ألا يعتبر قتلاً متعمداً أو على الأقل قتلاً، وهي جريمة خطيرة لا مثيل لها في كتاب القوانين؟ لماذا لم يتم اعتقال الجنود الذين قتلوا كحلة؟ الشباب المشبوهون بالقتل بدون مبرر يتجولون بيننا بحرية إلى حين محاكمتهم؟ في نهاية المطاف يمكنهم القتل بسهولة، بنفس السهولة التي قتلوا بها كحلة.

عندما زرت بيت عائلة كحلة في قرية رمون بعد يوم على قتله، التقيت مع شقيقه الأخرس، هاني كحلة، وقال لي بحركة يديه “لماذا قتلوه؟ هل هم مجانين؟”. لا، يا هاني، هم ليسوا مجانين. هكذا علموهم، أن يقتلوا الفلسطينيين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى