ترجمات عبرية

هآرتس: تورُّط إسرائيل في تزوير نتائج الانتخابات في كينيا

هآرتس 2023-02-16، بقلم: غور مجيدو وعومر بن يعقوب: تورُّط إسرائيل في تزوير نتائج الانتخابات في كينيا

تل حنان رجل مبيعات في “حيسد”. يعرف ما الذي يؤثر على زبائن المصنع الذي أقامه من أجل عمليات الاختراق والتزوير والتحايل، التي تنتشر في أرجاء العالم. الحديث عن القدرة على اختراق البريد الإلكتروني أو التلغرام شيء، وأخذ الزبائن في جولة في الوقت الحقيقي في حسابات تلغرام مخترقة شيء آخر.

في شهري تموز وآب الماضيين، عرض حنان على أشخاص، عرضوا أنفسهم ممثلين لزبون محتمل، جولة موجهة في حسابات تلغرام والبريد الإلكتروني مخترقة خمسة أهداف مختلفة في كينيا، التي عمل فيها لصالح أحد الزبائن في حينه. في 15 آب 2022 تم توثيقه من قبل الزبائن وهو يقوم بالنبش في هذه الحسابات. كان هذا أيضا يوم الإعلان عن نتائج الانتخابات في الدولة التي جرت قبل ستة أيام من ذلك. جميع الأهداف التي نبش حساباتها كانت مرتبطة بمقر الانتخابات لمن تم الإعلان عنه في 15 آب رئيسا قادما للدولة، وليام روتو.

بعد مرور ثلاثة أيام على الإعلان عن فوز روتو وجد اثنان من ضحايا اختراق حنان أنفسهما في مركز خلاف جماهيري وقانوني، يستمر في كينيا حتى الآن. في مركزه وقف الادعاء بأنهما هما المسؤولان عن اختراق حواسيب لجنة الانتخابات من أجل تشويه نتائج الانتخابات وسرقة الفوز لصالح روتو من يد خصمه، ريالا أودنغا، خلافا لرغبة الشعب.

لكن قبل الدخول إلى التفاصيل، هاكم ملخصاً للفصل السابق في التقرير: على مدى أشهر كانت لحنان، رجل الأعمال الإسرائيلي الذي له علاقات مع الاستخبارات، وشركائه، الذين بعضهم من خريجي “الشاباك” ومعروفون أيضا لـ”الموساد”، علاقة مع الأشخاص الثلاثة الذين عرفوا انفسهم كمستشارين لرجل الأعمال الذي يريد استخدام خدماتهم. كانت اللقاءات في معظمها عن طريق “زووم”، حيث أراد الثلاثة استئجار خدمات المجموعة. ولكن المستشارين لم يكونوا في الحقيقة كذلك، بل كانوا مراسلين في “ذي ماركر”، “هآرتس” وراديو “فرانس”، وعملوا في التغطية وقاموا بتوثيق جميع المحادثات مع المجموعة.

الأقوال التي قيلت في اللقاءات مع حنان ورجاله تم التحقق منها من قبل اتحاد الصحافيين الدوليين وعدد كبير من الصحف مثل “لوموند” و”دير شبيغل” و”دي تسايت” و”الغارديان” ومنظمة الباحثين الدوليين “أو.سي.سي.آر.بي” والجمعية الباريسية “فور بدن ستوريز”، التي بادرت إلى وجمعت ونسقت التقرير كجزء من المشروع الدولي “ستوري كيلرز”. في المشروع، يشارك نحو 100 صحافي من 30 وسيلة إعلام في أرجاء العالم.

نجح اتحاد الصحافيين الدوليين في التحقق من أن الحسابات الخمسة المخترقة، والتي عرضها حنان، الذي استخدم في اللقاءات اسم “خورخي”، كانت مربوطة بهواتف الأهداف في كينيا، الذين ظهرت أسماؤهم على الشاشة أثناء العرض الذي قام به حنان للزبائن، حتى أنه قام بإرسال عدة بيانات من هذه الحسابات المخترقة. وتم التحقق من أن أحدها، الذي تم إرساله من حساب مخترق، تم تسلمه من قبل الشخص الذي ارسل له.

إلقاء نظرة على حسابات الأهداف الخمسة المخترقة في كينيا كانت أثناء الحملة الانتخابية التي جرت في الدولة. بدأت العلاقة مع حنان في تموز، قبل بضعة أسابيع على الانتخابات، واستمرت اشهرا بعدها.

“كما تعلمون، كانت انتخابات، الأربعاء الماضي، في دولة في شرق إفريقيا”، قال حنان في لقاء في “زووم” في 15 آب (هو لم يكن دقيقا، عمليا الانتخابات كانت يوم ثلاثاء)، أنتم تستطيعون بعد ذلك البحث في “غوغل” عن الاسم الذي يظهر على الجانب العلوي الأيسر على الشاشة”، قال أثناء تطرقه لاسم دنيس أتومبي، وهو مستشار سياسي كان من كبار هيئة الانتخابات للرئيس المنتخب روتو.

“هذا مباشر”، قال حنان، وهو يتصفح حساب أتومبي المخترق. “أنتم تشاهدون مع من هو يتحدث. هذه هي المحادثة الأخيرة. هم يتناقشون في فرز الأصوات. هم يقولون، إنه في الساعة 15:00 ربما ستتضح النتائج. أشك في ذلك، ولكن هيا نواصل”.

بعد ذلك، عرض حنان على الزبائن اكتشافا آخر وجده في حساب مستشار الحملة المخترق: رابطا، اسم المستخدم وشعارا لمنظومة معلومات داخلية للتحالف الديمقراطي الموحد “يو.دي.ايه”، حزب روتو، الذي كان هدفا للتعقب الداخلي للنتائج. “توجد لهم منظومة خاصة بهم”، قال. “وجدنا موقعهم الداخلي. هم وجدوا منصة… للنتائج الداخلية – هذا هو مستوى المعلومات المباشرة التي يمكنكم الحصول عليها. هذا فقط مثال”.

بعد بضع دقائق، حاول حنان إثارة انطباع الزبائن بوساطة جولة في حساب التلغرام المخترق لديفيز تشرتشر، وهو رئيس طاقم روتو في الحملة الانتخابية، والذي تم تعيينه بعد ذلك وزيرا للطاقة في حكومته. الحساب المخترق لتشرتشر عرضه حنان علينا أيضا في اللقاءات السابقة معه. ومثلما كان في تلك اللقاءات فإنه في هذه المرة أيضا قدم نموذجا على قدرته على إرسال معلومات من حسابات أو القدرة على أن يزرع مضمونا في حسابات مخترقة في “غوغل”.

“إلى أي درجة أنت راض عن نتائج عملك في كينيا؟”، سئل حنان في نهاية العرض. أجاب: “أنا راض جدا، لكنهم يقولون، إنه يجب الانتظار (حتى الإعلان عن النتائج) حتى الساعة 15:00، أي بعد أربعين دقيقة”.

النتائج التي نشرت في اليوم ذاته لم تمنح حنان أي سبب للرضا. روتو، المرشح الذي عُرف بأنه عدائي، تم الإعلان عن فوزه. من جهة أخرى، قبل الإعلان بدأت حملة تستمر حتى الآن، جزء منها على الأقل يرتكز إلى التزوير والخداع، والهدف هو تقويض شرعية النتائج.

الانتخابات في كينيا هي أمر شائع. الانتخابات السابقة في 2017 انتهت بأعمال فوضى أدت إلى موت العشرات. ونحن نتذكر اكثر، الحملة الانتخابية في 2007 التي جرت أعمال فوضى حقيقية وجبت حياة نحو 1500 شخص.

الانتخابات في 2022 كانت شبه متعادلة، وكانت فيها إمكانية كامنة للانفجار. روتو، الذي كان نائب الرئيس السابق القوي، اوهورو كمياتا، والذي تشاجر معه، اعتبر الضعيف في المنافسة، ولم يكن فوزه متلائماً مع توقعات الكثيرين.

كان إعلان نتائج الانتخابات متوترا بشكل خاص، ورافقته أعمال عنف. وحتى قبل الإعلان الرسمي عن فوز روتو كان واضحا أن الأرقام تقود إلى فوزه في الانتخابات. تحدث موقع لجنة الانتخابات عن الأصوات التي تم فرزها، وقريبا من موعد الإعلان عن النتائج اجتاز روتو خط الـ 50 في المئة، وقد فاز على المرشح الآخر في الانتخابات، رئيس الحكومة السابق أودنغا، بفرق 200 ألف صوت من بين الـ 14 مليون صوت.

قبل فترة قصيرة من استعداد رئيس لجنة الانتخابات، فافولا تشبوكتي، الإعلان عن النتائج بدأت أشياء تتطاير في مركز فرز الأصوات القومي. أعادت قوات تفريق التظاهرات النظام، ومكنت الرئيس من الوصول إلى منصة الإعلان. في الاحتفال نفسه، قال الرئيس، إن رجاله قد تعرضوا للتهديد والعنف والتخويف. وألمح إلى أن مصدر هذه التهديدات هو النظام السابق الذي أيد المرشح المهزوم. “انطلقنا في حملة الهدف منها هو ضمان أن تحصل كينيا على انتخابات حرة ونزيهة وموثوقة. هذه لم تكن حملة سهلة”، قال. “اثنان من أعضاء لجنة الانتخابات أصيبا، وهما الآن قيد العلاج. اختفى أحد أعضاء الطاقم أثناء أداء وظيفته. هناك أيضا أعضاء طاقم تم اعتقالهم بشكل تعسفي ولا نعرف مكان وجودهم”.

لكن العنف في مركز فرز الأصوات وأقوال تشبوتكي كانت فقط المقدمة. في الوقت الذي ألقى فيه رئيس لجنة الانتخابات خطابه وقرأ النتائج، وقفت كينيا كلها أمام “وضع شاشة منقسمة”، كما سمت ذلك المحكمة العليا في الدولة في القرار الذي أكد نتائج الانتخابات في أيلول.

قبل فترة قصيرة على الإعلان وقف أربعة من بين الاعضاء السبعة في لجنة الانتخابات على العشب الاخضر في احد الفنادق في نيروبي، واعلنوا بشكل غير مهذب بأنه لا يمكنهم الوقوف خلف النتائج التي سيتم نشرها.

قرأ الرئيس النتائج النهائية للانتخابات والتي بحسبها فاز اودنغا بـ 6.9 مليون صوت، 48.85 في المئة من الأصوات. في حين أن روتو فاز بـ 7.2 مليون صوت، 50.49 في المئة من الأصوات. وقال إن المرشحين الآخرين فازا بـ 0.67 في المئة من الأصوات.

في اليوم التالي قدم أعضاء اللجنة الأربعة بالتفصيل الادعاءات في مؤتمر صحافي. تناول أحد هذه الادعاءات “سخافة وعدم معقولية الحساب”، أنه في النتائج التي قرأها رئيس لجنة الانتخابات، الارقام التي عرضها (بالنسبة المئوية) تصل إلى 100.01 في المئة، أي اكثر من 100 في المئة. كان هذا ادعاء غريبا اذا أخذنا في الحسبان أن الرئيس عرض عدد المصوتين الدقيق الذي حصل عليه كل مرشح وسمح لكل من معه هاتف ذكي بحساب النسبة الدقيقة.

هكذا، رفضت المحكمة العليا في كينيا الادعاءات. “لم يقدم أعضاء اللجنة الاربعة للمحكمة أي معلومات أو وثائق تدل على المس بطهارة الانتخابات، أو على أن النتائج الحقيقية تختلف بشكل جوهري عن النتائج التي اعلن عنها رئيس لجنة الانتخابات”.

بعد القرار أعلن اعضاء اللجنة الأربعة، المعارضون، أنهم يقفون الآن خلف النتائج ويعترفون بروتو رئيسا شرعيا لكينيا. ولكن التحفظ المؤقت والغريب لمعظم اعضاء اللجنة كان لا يزال فقط بداية الحملة للمس بشرعية نتائج الانتخابات. في المرحلة التالية تم وضع ضحايا الاختراق لحنان وسط الساحة.

جون جيتونغو شخص معروف جدا في كينيا، وهو الصحافي والباحث السابق الذي تم تعيينه في بداية سنوات الالفين مستشارا لمنع الفساد في حكومة الرئيس السابق، موئي كبكي، واطلع في اطار وظيفته على عدة صفقات فساد. ازاء هذه المكتشفات قام بعمل نادر جدا بمفاهيم افريقية، حيث سجل جيتونغو بالسر محادثات اجراها مع زملائه في الحكم، من بينهم وزراء في حكومة كبكي، وهكذا أدى الى كشف قضية فساد كبيرة مست صفقات حكومية.

بسبب هذه القضية اضطر جيتونغو للذهاب الى المنفى في لندن بضع سنوات. التسجيلات التي نشرها والثمن الشخصي الذي دفعه في اعقاب ذلك، جعلته شخصا مقدرا، ليس فقط في وطنه الذي عاد إليه فيما بعد.

بعد ثلاثة ايام على اعلان فوز روتو في انتخابات 2022، وعندما كان جيتونغو يوجد في فندق في نيروبي، توجه اليه أحد معارفه وطلب منه أن يعرفه على مصدر سري. بعد ذلك، روى الشاب المتحمس الذي تم عرضه على جيتونغو على أنه مهندس في البرمجة، للمرة الاولى قصة أثارت عاصفة: نتائج الانتخابات مزيفة، ولا تعكس رأي الشعب، والمصدر يعرف ذلك لأنه كان هو نفسه جزءاً من هذه المؤامرة.

حاول جيتونغو في البداية اقناع هذا المصدر بالاعلان عن أعماله أو توفير ادلة على تنفيذها. ولكن المصدر صمم على أن هذا سيعرض حياته للخطر. البديل الذي اتفق عليه هو أنهم سيدخلون الى غرفة في الفندق، ويصوروا محادثة بينهم لا تكشف عن هويته أو هوية المصدر، وهذا الفيلم سيتم تقديمه للمحكمة، وهذا ما فعلوه.

كان الرجل يضع قبعة على رأسه، ويرتدي قفازات بيضاء لإخفاء هويته. في الوقت الذي وثقته الكاميرا من الخلف وصف بالتفصيل قصة تثير القشعريرة عن “عملية السايبر لسرقة الاتخابات”.

وقد قال إنه كان أحد اعضاء مجموعة تتكون من 56 شخصا أنزلت من الموقع المخترق للجنة الانتخابات نماذج التقرير عن نتائج فوز الاصوات في صناديق الاقتراع (نماذج أُعطيت الرمز 34أ)، غيروا “زوروا” البيانات في النماذج من خلال رفع عدد المؤيدين للمرشح روتو على حساب خصمه، وأعادوا زرع النماذج المزورة في حواسيب اللجنة.

عندما سئل من قبل جيتونغو من هم المسؤولون عنه، ذكر اسمين لشخصين رفيعين في مقر الحملة الانتخابية لروتو. وهما الشخصان اللذان تعامل معهما حنان في الحسابات المخترقة أمام ناظرينا قبل ثلاثة أيام فقط: اتومبي وتشرتشر. هما، قال المصدر، لم يخترقا المنظومة، بل فقط قاما بتشغيل طاقم المخترقين.

جيتونغو، المواطن المخلص، لم يبق غير مبال امام التفاصيل التي قالها له المصدر. في 21 آب وقع على تصريح استخدم كأساس للالتماس الذي تم تقديمه لالغاء الانتخابات، الذي قدمه المعسكر برئاسة المرشح الخاسر اودنغا. في هذا التصريح ذكر جيتونغو قصة توجه الشاب له، وأرفق فيلم الفيديو واضاف دليلا من ادلة الطب الشرعي كما يبدو: نسخة عن الشعارات (ملفات لوغ أو يوميات لنشاط الخادم)، التي حصل عليها من المصدر السري، والتي تدل على ادعاء المصدر بشأن عمليات الاختراق والتزوير التي وصفها.

لم تقتنع المحكمة العليا في كينيا بادعاءات جيتونغو، ولم تقتنع بدليل الطب الشرعي الذي قدمه المصدر. اثناء الاجراءات القانونية تبين للمحكمة أن الشعارات ليست إلا تزويرا يستند في جزء منه الى وثيقة اخرى مصدرها الحملة الانتخابية السابقة في كينيا في 2017.

في ايلول 2022 صادقت المحكمة العليا نهائيا على نتائج الانتخابات، وقررت أن “فحص جزء من الشعارات التي تم عرضها كدلائل اظهر بأن الامر يتعلق بأحد أمرين: إما شعارات من الانتخابات الرئاسية في 2017 وإما تزوير”. جيتونغو نفسه قال مؤخرا لأحد المراسلين بأن اصالة الشهادات التي سمعها ليست واضحة له في هذه المرحلة.

لم يضع قرار الحكم حدا للادعاءات حول تزوير الانتخابات، التي تستمر في الوقوف في مركز النقاش العام في كينيا وتواصل اشعال الدولة، بل تواصل اخراج الجمهور الى الشوارع. منذ الانتخابات توجهت مصادر سرية مجهولة من خلال حسابات بريد الكتروني مجهولة لعدد من الصحافيين في ارجاء العالم، وعرضت معلومات أو وثائق تدل كما يبدو على تزوير الانتخابات. عمليا، ثلاثة من الصحافيين الاعضاء في الاتحاد الذي ينشر التقرير حصلوا على رسائل مجهولة كهذه في البريد الالكتروني.

في بداية كانون الثاني الماضي نشر جيفري سميث، مؤسس منظمة “فانغارد افريقيا فاونديشن”، مقالاً ارتكز حسب قوله الى وثائق حصل عليها من “كاشف الفساد في لجنة الانتخابات”.

وقال، بلهجة معتدلة وغير هجومية واستنادا الى الوثائق التي عرضت عليه حسب قوله من قبل كاشف الفساد المجهول، بأن “التناقضات الواضحة هي التي لا تسمح لنا بالتقرير من هو الفائز. وهي تكفي من أجل التشكيك بالنتائج النهائية التي نشرتها لجنة الانتخابات”. الوثائق نفسها لم ينشرها، وهذا ليس مشكلة الشفافية الوحيدة فيما يتعلق بالنشر.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى