ترجمات عبرية

هآرتس: تم تدمير آخر بستان في سلوان أثناء البحث عن بركة شيلو الغير موجودة

هآرتس 28-4-2023م، بقلم نير حسون: تم تدمير آخر بستان في سلوان أثناء البحث عن بركة شيلو الغير موجودة

في 27 كانون الأول 2022 في الصباح الباكر، وصلت قوات كبيرة من الشرطة إلى بستان عائلة سمّرين في سلوان، الذي زرعوا فيه عشرات أشجار الزيتون والتين والتوت والليمون والأشجار الأخرى. كان هذا أحد آخر البساتين التي بقيت في الحي المكتظ. رجال الشرطة ورجال الحماية أبعدوا أبناء العائلة عن المكان. وأعضاء جمعية “العاد” زادوا ارتفاع السور في المكان. “حاولت الدخول، لكن رجل الحراسة الذي كان يحمل غاز الفلفل أمسكني وقال لي: إذا تحركت سأرش عليك الغاز”، قال شادي سمرين، الذي تعتني عائلته بهذا البستان منذ عشرات السنين.

في حينه، أرسلت سلطة الآثار وسلطة الطبيعة والحدائق وجمعية “العاد” بلاغاً مشتركاً بعنوان “بركة شيلوح القديمة في الحديقة الوطنية “مدينة داود” في القدس، ستكشف بالكامل من جديد وستفتح أمام الجمهور الواسع”. وهو بلاغ أرفقت به صور تمثل البركة القديمة الفاخرة التي اعتبرت “موقعاً أثرياً وتاريخياً له أهمية وطنية ودولية”. تقع البركة، حسب التقديرات الأثرية، تحت بستان العائلة.

بعد بضعة أيام من ذاك الصباح تم قطع أشجار البستان، وتم تدمير السلاسل الحجرية القديمة، وبدأ الحفر للكشف عن البركة القديمة. ولكن لم تكتشف حتى الآن. حفر العمال في أماكن معينة عدة أمتار تحت الطبقة التي توقعوا العثور فيها على قعر البركة، ولكنهم لم يجدوا شيئاً، سوى المزيد من التراب النقي تماماً من أي اكتشافات أثرية وبدون أي اكتشافات هندسية على الإطلاق.

الباحثون في سلطة الآثار يريدون التحلي بالصبر، ويقولون بأن الحفر في المكان ما زال في ذروته، وأن هناك أجزاء لم تحفر بعد. مع ذلك، يمكن الآن التقدير بأن البركة القديمة التي كان يجب أن تكون في المكان ليست فيه، أو على الأقل ليس بالصورة التي رسم فيها الباحثون في القدس هذه البركة في عشرات السنين الأخيرة. الحفريات التي مولتها وزارة السياحة بملايين الشواكل تثير أسئلة أثرية حول القدس القديمة، وأسئلة أخلاقية حول الأضرار التي تسببت بها الحفريات الأثرية، ومتى سنزيد هذه الأضرار عن فائدته.

في تاريخ القدس القديمة، كانت بركة شيلوح [نبع سلوان] من الأماكن المهمة في المدينة. وحسب الرؤية الأثرية الشائعة، كانت البركة أحد المراكز الحضرية الأهم في القدس في فترة الهيكل الثاني. لم تكن البركة فقط خزان المياه المهم للمدينة، بل المطهرة البلدية الرئيسية التي استخدمها حجاج بيت المقدس. ذكرت أيضاً في العهد الجديد، حيث يجري الحديث عن أن يشوع فتح بمياهها عيني أعمى الولادة.

اختفت البركة خلال السنين. وهي -حسب الافتراض الشائع- تقع قرب ثغرة خروج قناة شيلوح التي تنقل مياه نبع جيحون. في الفترة البيزنطية، أقيمت في المنطقة كنيسة وقربها بركة صغيرة، وتحول المكان إلى موقع مقدس للمسيحيين. بعد ذلك، تحولت الكنيسة اليونانية الأرثوذكسية، نسخة أخرى عن الكنيسة البيزنطية، إلى صاحبة الأرض. في 1918، في الحرب العالمية الثانية، وثق طيارو سلاح الجو الألماني القدس. ويظهر في التوثيقات المحلية اللون الأخضر، ربما هو بستان في ذلك الوقت.

في العام 1948 أجّرت الكنيسة اليونانية الأرض الموجودة أسفل البركة الصغيرة لعائلة سمرين، وهي من العائلات المؤسسة لقرية سلوان. العائلة رعت البستان بعد أن تم تدمير معظم البساتين في الحي لصالح إقامة مبان سكنية. في 2004، بدون معرفة العائلة، باعت البطريركية حق الإيجار للأرض لجمعية “عطيرت كوهانيم”. جرى البيع في إطار اتفاق تاريخي تم توقيعه بين البطريركية وجمعية “عطيرت كوهانيم” في 2005، الذي في إطاره باعت البطريركية أيضاً فندقين كبيرين في منطقة باب يافا مقابل سعر زهيد. عقب الصفقة، تم عزل البطريرك السابق، وحاول والبطريرك الحالي التنكر لهذه الصفقة، لكن بدون نجاح.

غياب المكتشفات

قبل نصف سنة تقريباً، بدأت جمعية “العاد”، وهي المسؤولة عن الحفريات، تطلب من أبناء العائلة إخلاء البستان. في كانون الأول الماضي، دخلت الجمعية بمساعدة سلطة الطبيعة والحدائق وسلطة الآثار إلى المكان وبدأت بالحفر. “بعد سنوات من التوقع، سنتمكن من كشف هذا الموقع المهم وتمكين ملايين الزوار الذين يصلون إلى القدس من رؤيته”، قال رئيس بلدية القدس، موشيه ليون، في بيان للإعلام. حركة “السلام الآن” وجدت أن وزارة السياحة، بواسطة سلطة تطوير القدس، مولت الحفريات بمبلغ 25 مليون شيكل. ولكن حدث بعد ذلك ما يحدث على الأغلب في الآثار – المكتشفات رفضت التعاون مع الافتراضات المسبقة. في البستان الآن حفرة ضخمة، في حين لا أثر لأي مكتشفات أثرية.

افتراض وجود البئر في هذه المنطقة، يرتكز على حفريات سابقة كشفت أجزاء من البركة. في 2004 تم تنفيذ أعمال لوضع أنبوب لمياه المجاري في سلوان. رجل الآثار ايلي شكرون، مر في المكان ولاحظ أن جرافة من الجرافات كشفت عن درجات حجرية قديمة. أوقف شكرون عمل الجرافة واستدعى البروفيسور روني رايخ إلى المكان من جامعة حيفا، الذي كان مسؤولاً لسنوات عن الحفريات في مدينة داود (سلوان). انشغل الاثنان في حينه بمشروع في المنطقة. تذكر رايخ أن جزءاً آخر من الدرجات سبق كشفه في بداية القرن العشرين على يد علماء آثار أمريكيين. هذه المكتشفات قادت إلى مشروع الحفر الذي في إطاره تم الكشف عن ثلاثة هياكل لدرج بطول عشرات الأمتار التي قادت كما يبدو إلى بركة عامة كبيرة جداً.

على أساس الحفريات والطبوغرافيا، قام رايخ برسم شكل مشابه للبركة، مبنى ضخم وفاخر يشمل شبكة درج من كل الجهات. في هذه النماذج التي أرفقتها جمعية “العاد” في بيانها للإعلام، تمت إضافة المياه والناس والشارع الذي يؤدي من البركة إلى جبل الهيكل. وبسبب غياب المكتشفات، تم إجراء الحفر في معظمه بواسطة الجرافات وليس بصورة يدوية.

ثمة قاعدة معروفة في علم الآثار تقول بأنه يجب الحذر من التوصل إلى استنتاجات في ظل غياب المكتشفات. ولكن بعض رجال الآثار الذين يعرفون المنطقة جيداً، اعترفوا أنهم تفاجأوا من طريقة الحفر التي تمت بواسطة الجرافات بشكل استثنائي، ومن عدم اكتشاف مكتشفات تؤكد وجود البركة، على الأقل مثلما رسمها رجال آثار في العشرين سنة الأخيرة. “تفاجأت أننا لم نجد شيئاً في منطقة الحديقة”، وأضاف البروفيسور رايخ: “لا أعرف كيفية شرح ذلك. خلال سنين أردت إجراء حفريات بين الأشجار للحصول على إجابات عن عمق البركة ومكان الدرج في الجانب الثاني. الآن قاموا بثورة هناك، ولم نحصل على أي إجابة. آمل أنه في ذروة هذه المعركة لم يتم فقدان أي معطيات في المكان”.

في كتابه بعنوان “يجب حفر مدينة داود”، الصادر في 2011، تطرق رايخ لهذا البستان. وكتب: “كان هناك من قالوا بوجوب اقتلاع جميع الأشجار في البستان وحفر الأرض، لا أعتقد ذلك. هذه زاوية خضراء رائعة لأشجار الرمان والتين، وتجسيد جيد لحديقة الملك المذكورة في سفر نحاميا”.

“إذا لم تثمر الحفريات عن النتائج المتوقعة، فهذا لا يعني أن البركة لم تكن موجودة. ربما تضررت البركة أو هدمت بشكل جزئي في العهد القديم، وببساطة جرفت الأمطار البقايا. حتى الآن لا يمكن التوصل إلى نتائج مؤكدة”، قال الدكتور دافيد غورفيتش، وهو زميل بحث في معهد زلمان للآثار في جامعة حيفا، والذي بحث في البرك القديمة في القدس. يعتقد شكرون أن البركة هدمت على مر السنين. “لا شك لدي في أنه هكذا (كما رسمت من قبل شكرون ورايخ) ظهرت البركة في فترة الهيكل الثاني. ولكن هناك عمليات متأخرة كانت بعد ذلك والتي دمرتها”، قال.

نحشون زنتون، عالم آثار في سلطة الآثار ويدير الحفريات، اعترف بأنه تفاجأ من عدم وجود مكتشفات. ولكن حسب قوله، من السابق لأوانه قول كيف كانت تبدو البركة. “الاستعادة التي يقدمها رايخ وشكرون كانت منطقة، ولا أحد اختلف حولها، وأعتقد أنها ما زالت صحيحة”، قال زنتون. وحسب قوله، فإنه قبل الحفر بواسطة الجرافات، أجرى حفريات فحص بين أشجار البستان ولكنها لم تظهر شيئاً. “علم الآثار يميل إلى المفاجأة، وهناك الكثير من الإمكانيات الكامنة في هذا المكان. هذا مكان رئيسي في القدس، وأي بيان للآثار يخرج من هناك سيكون مهماً”.

في اليوم الذي بدأ فيه الحفر، حذر علماء الآثار البروفيسور رافي غرينبرغ والبروفيسور الون اراد، من جمعية “عيمق شفيه”، من الحفر. وفي رسالة لمدير سلطة الآثار ايلي اسكوزيدو، كتبا: “تفاجأنا من السماع عن نشاطات منسقة بين سلطة الآثار وجهات خاصة، التي تم فيها بالقوة إبعاد السكان الفلسطينيين من قطعة الأرض التي يفلحونها منذ عشرات السنين، وتم الإعلان عن مشروع أثري للكشف عن بركة شيلوح. هذه العملية لصالح جمعية خاصة، لها تطلعات مسيحانية مختلف عليها، تضع الحفريات الأثرية مرة أخرى كأداة سياسية تستهدف سيطرة أقلية على ماي ومستقبل المدينة العزيزة علينا جميعنا. لذا، تقوم سلطة الآثار بتلويث المشروع الأثري الإسرائيلي جميعه وتحوله إلى ملكية لقطاع ضيق من الجمهور الإسرائيلي”.

إن رد اسكوزيدو على الرسالة يشير إلى الرؤية السائدة في سلطة الآثار في كل ما يتعلق بالحفريات في سلوان وحول سكان القرية. وقال اسكوزيدو إنه تمت التوصية بالحفريات لأنها ستخلق “بؤرة سياحية مهمة في المكان، ستطور المنطقة ومحيطها. أعتقد أن هذا الأمر أفضل من أن يكون مكاناً لتجارة الآثار غير القانونية، وجباية رسوم الحماية من السياح.

من جمعية العاد جاء: “الحفريات في منطقة بركة شيلوح في بدايتها. معظم الأشجار التي كانت في موقع الحفريات نقلت بشكل منظم. الحديث يدور عن حفريات أثرية مهمة تجري الآن في إسرائيل. ونحن سعداء لأننا شركاء في هذا العمل. طبيعة المعرفة بالآثار – هي تتغير وتتطور عند جمع المكتشفات وبحسبها. أحياناً تؤكد التقديرات وأحياناً تفاجئ بمكتشفات جديدة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى