هآرتس – تفسير لقاء بينيت مع بوتين ليس بالأمر الهين
هآرتس ٦-٣-٢٠٢٢٢م – بقلم عاموس هرئيل
استل رئيس الحكومة نفتالي بينيت، أمس، حيلة من النوع الذي كان محبباً على سلفه، وفاجأ الجميع بسفر خاطف إلى موسكو يوم السبت. بعد بضعة أيام من انضمام إسرائيل إلى قرار إدانة الحرب الروسية في أوكرانيا في الأمم المتحدة، أصبح بينيت الزعيم الغربي الأول الذي يتم استقباله لإجراء محادثة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في الكرملين منذ الغزو. على فرض أن مكتب بينيت دقيق في تصريحاته، وأن هذه الخطوة تم تنسيقها مسبقاً مع الإدارة الأمريكية، فإن رئيس الحكومة يكون قد راكم لنفسه نقاطاً معينة في الساحة الدولية، وتسبب بضائقة نفسية شديدة في أحد المنازل في قيساريا. في المقابل، إذا تبين فيما بعد أن للأمريكيين تحفظات (إسرائيل فسرت الضوء الأصفر المؤدب من قبلهم كضوء أخضر قوي) فستتضرر علاقاتنا معهم.
بث بينيت خلال الأسبوع الماضي رغبة شديدة بالتدخل في الأزمة والتوسط بين الدولتين المتحاربتين. وقوبلت المكالمات الهاتفية المنفصلة التي أجراها مع بوتين ومع رئيس أوكرانيا زيلينسكي، بانتقاد من جانب المعارضة بذريعة أن بينيت زج نفسه في نزاع ليس له.
ما الذي يمكن لإسرائيل أن تحققه في المكان الذي فشلت فيه فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة؟ مع ذلك، صمم بينيت وتلقى دعوة للذهاب إلى موسكو. يمكن الافتراض بأن عميل الـ كي.جي.بي المخضرم، بوتين، قد شخص توق ضيفه الأصغر للصعود على خشبة المسرح الدولية، في الوقت الذي تتركز فيه عيون وسائل الإعلام في معظمها على موسكو وكييف.
هذه الزيارة تعكس رهاناً غير بسيط، ولكنه نموذجي لروح الريادة لدى بينيت. في نهاية المطاف، تدهورت أوروبا في الأيام العشرة الأخيرة إلى الواقع الأقسى منذ انتهاء الحرب الباردة. وسيسجل نجاح الوساطة، مهما كان صغيراً، لصالحه. ولإسرائيل مصالح كثيرة تتأثر بشكل مباشر أو غير مباشر من الحرب، مثل إنقاذ يهود من أوكرانيا المهاجمة، ومساعدة يهود في روسيا، الذين يريدون الهجرة إلى البلاد، وموقف روسيا من المفاوضات النووية مع إيران، ورغبة إسرائيل في مواصلة التمتع بحرية المهاجمة في سوريا، التي ترتبط بمقاربة بوتين أيضاً.
هذه الاعتبارات مهمة، لكن لا يوجد فيها ما من شأنه أن يبرر حدوث توتر محتمل مع الأمريكيين. تراكم في واشنطن، الأسبوع الماضي، عدم رضى معين من الرد البطيء والمتعرج لإسرائيل على العدوان الروسي في أوكرانيا. على بينيت تنسيق جميع خطواته مع الرئيس الأمريكي، لأن الاعتماد الاستراتيجي والأمني لإسرائيل على أمريكا مطلق، وهو أهم من أي مبادرة حسن نية أو تنازل يمكن انتزاعه من الروس. من الجدير انتظار رد رسمي ومفصل من البيت الأبيض، والانتباه إذا لم تكن هناك تحفظات بسيطة من خطوة إسرائيل هذه.
بعد موسكو، سافر بينيت أمس إلى برلين للالتقاء مع المستشار الألماني أولاف شولتس، الذي كان ضيفه في القدس الأسبوع الماضي. السفر إلى ألمانيا يدل على ما يشغل بوتين حتى في ذروة الحرب، وهو استئناف مشروع أنبوب الغاز من روسيا إلى ألمانيا، نورد ستريم 2، الذي جمدته ألمانيا كعقاب فوري ضده عقب غزو أوكرانيا. تحتاج أوروبا إلى غاز روسيا، والاقتصاد الروسي يعتمد على استمرار تصدير الغاز. وتقف في الخلفية تطورات على الأرض. ففي وسائل الإعلام الغربية يعولون على شجاعة الأوكرانيين ويحصون العقبات الكثيرة التي يواجهها الروس. وحتى الآن، معظم الخبراء العسكريين في إسرائيل والخارج يميلون إلى التقدير بأن الفرق في القوة بين الطرفين كبير جداً. بدون أي مساعدة عسكرية مباشرة من الغرب، وإذا فشلت جميع الجهود الدبلوماسية، فمن المرجح أن نهاية المقاومة ستكون انهياراً تحت الضغط العسكري الروسي.
لإسرائيل عين على الحرب وأخرى على تطور دراماتيكي آخر في فيينا، التي يمكن أن يوقع فيها الاتفاق النووي الجديد بين إيران والدول العظمى في هذا الأسبوع. مؤخراً، حدث تقدم في الاتصالات التي لن يكون إجمالها المحتمل مرضياً لإسرائيل. ولكن ثمة علاقة معينة بما يحدث في أوكرانيا. فالعلاقات بين موسكو وواشنطن لم تكن بهذا القدر من التوتر منذ تفكك الاتحاد السوفييتي في بداية التسعينيات. فهل الولايات المتحدة والصين وروسيا يمكنها تنسيق موقف مشترك أمام إيران في هذه الظروف؟
وزير الخارجية الروسي سرجيه لافروف، قال أمس، إن بلاده تريد ضمانات من الولايات المتحدة بأن لا تمس العقوبات التي فرضت عليها بسبب قضية أوكرانيا علاقاتها الاقتصادية مع إيران. موسكو، مثل طهران، تعول على الأموال الكثيرة التي ستأتيها بعد رفع العقوبات عن إيران بعد التوقيع على الاتفاق النووي الجديد. ولكن إذا دخلت العقوبات الجديدة إلى حذاء العقوبات القديمة، وتم منع التجارة الإيرانية مع روسيا (هذه المرة بالاتجاه المعاكس)، فلن تربح روسيا شيئاً. هذا الموقف يعقد وضع المفاوضات في فيينا في اللحظة الأخيرة. مع ذلك، ليس مؤكداً أنه طرح رغم استياء بينيت.



