ترجمات عبرية

هآرتس: تشويشات في سماء إسرائيل وحولها تخوفاً من الطائرات المسيّرة

هآرتس 2022-08-31، بقلم: آفي شراب وينيف كوفوفيتش

سماء شرق البحر المتوسط، بما في ذلك سماء إسرائيل، بؤرة عالمية لتشويشات الـ “جي.بي.إس”. هذا ما يتبين من تحليل بيانات علنية. وقف منظومات توجيه الأقمار الصناعية يتم الشعور به بالأساس في شواطئ جنوب تركيا وسورية وإسرائيل ولبنان وقبرص. في إسرائيل قدروا في السابق أن منظومات عسكرية روسية في سورية هي التي تتسبب بالتشويش، لكن ربما تساهم أيضاً وسائل إسرائيلية في ذلك.

زادت التشويشات، مؤخراً، بعد ثلاث سنوات على ظهورها للمرة الأولى في هذه المنطقة، ويتم الشعور بها في الأساس بالطائرات المدنية وليس في منظومات أرضية في السيارات. في حزيران الماضي نشرت سلطة الطيران المدني في إسرائيل تحذيراً للطيارين عن التشويشات المتوقعة على الاقل حتى نهاية هذه السنة. وحسب ادعاء المنظمة الاوروبية للأمان الجوي فانه من المرجح أن التشويش ينبع من تشغيل منظومات لمنع هجوم بالمسيرات.

اعترف وزير الدفاع، بني غانتس، مؤخراً بأن إسرائيل وجيرانها قاموا بإنشاء منظومة دفاع جوي إقليمية، أدت الى “إفشال محاولات إيران تحدي إسرائيل ودول أخرى في الشرق الأوسط”. في نقاش في لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست قال غانتس إن المنظومة تتعامل مع “محاولات إيرانية للمس بدول المنطقة بوساطة الصواريخ البالستية والرادارات. ورداً على سؤال “هآرتس” اذا كانت إسرائيل تعمل بوسائل مختلفة للتشويش على منظومات “جي.بي.اس” من أجل منع هجمات طائرات مسيرة إيرانية، قالوا في الجيش بأن “الجيش الإسرائيلي يعمل بأبعاد متنوعة ضد التهديدات المتنوعة في مختلف القطاعات. في المجال الإقليمي هناك جهات كثيرة أخرى تعمل بطرق متنوعة من اجل الدفاع عن نفسها، الى جانب إسرائيل”.

منع واختطاف

لاقط الـ “جي.بي.اس” في الهاتف المحمول، في الطائرة وفي السفينة أو في السيارة، يلتقط في موازاة ذلك إشارات من عدة أقمار صناعية، ويعرف كيف يحسب بمساعدتها الموقع الدقيق للجهاز. تصعب المبالغة في اهمية التكنولوجيا، التي لها استخدامات مدنية وعسكرية كثيرة، بالأساس على منظومات السلاح. ينبع تضليل “جي.بي.اس” على الأغلب من أسباب عسكرية، من خلال رغبة جهة معينة في حماية مواقع استراتيجية، مثلاً مطار أو قاعدة متقدمة في سورية، من ضربة بوساطة سلاح موجه بوساطة “جي.بي.اس”، مثلاً طائرة بدون طيار أو صاروخ أو مروحية موجهة. هناك نوعان من تشويشات “جي.بي.اس” وهما المنع والاختطاف. مصدر معاد يريد التشويش على النشاطات العادية والمتواصلة للاقط “جي.بي.اس” يمكن أن يبث بقوة على مجال الموجات ذات الصلة، ويغرقها ويمنع الجهاز من التقاط إشارات القمر الصناعي وبذلك يشوش على نشاطه السليم.

في تشويش من نوع الاختطاف فإن المصدر المعادي يبث إشارات تشبه الإشارة الأصلية وتجعل اللاقط يغلق على الإشارة المعادية بدلاً من الإشارة من القمر الصناعي. منذ تلك اللحظة فإن جهاز البث المعادي “يغذي” لاقط جي.بي.اس ببيانات عن زمن ومكان مزيفين ويجعل اللاقط يحسب تموضعاً غير صحيح ويعرضه على الطيار أو كابتن السفينة. يمكن أن يبلغ الانحراف عن المكان الحقيقي عشرات الكيلومترات، وهو يمكن أن يجعل الكابتن يغير المسار بشكل خاطئ.

كشف تقرير شامل يعود للعام 2019 عن آلاف حالات التضليل لـ “جي.بي.اس” من قبل روسيا. أيضاً استخدمت إيران هذه الخطوة، نوع من هجوم السايبر البحري، من اجل السيطرة على سفينة بريطانية في الخليج الفارسي.

في حزيران 2019 اعترفت سلطة المطارات للمرة الأولى بأن هناك تشويشاً على التقاط منظومات التوجيه القادمة من الأقمار الصناعية في المجال الجوي لإسرائيل بعد تراكم شكاوى لطيارين عن تشويشات كبيرة في مطار بن غوريون. “هناك أمور يتم الشعور بها في قمرة الطيار. “مؤخرا بدأ أيضاً نوع من “سرقة” الإشارة. عندها ‘تظهر’ الطائرة  في مكان آخر. لا يعتبر هذا حدثاً خطيراً ولكنه مقلق. وصلتُ للهبوط في مطار بن غوريون وفجأة تلقيت انذاراً بالاقتراب من الارض لأن جي.بي.اس حسب أنني فوق جبال القدس”، يقول احد الطيارين. هكذا يبدو الأمر في الوقت الحقيقي: منظومات التوجيه في طائرة قطرية طارت من عمان شرقاً الى الدوحة شهدت تشويشاً شديداً وأظهرت اماكن خاطئة كلياً للطائرة، باتجاه الغرب فوق القدس، نتانيا، والخضيرة. في حادثة اخرى، شهدت منظومات التوجيه في طائرة “ايزك”، التي طارت نحو الغرب من تل ابيب الى لندن، تشويشاً شديداً، وعرضت مساراً مشوهاً لاتجاه الجنوب، فوق ديمونة ومتسبيه رامون، وعرضت سرعة لطائرة حربية.

بعد ثلاثة اشهر أعلنت سلطة الطيران بأن التشويشات توقفت، وألغت إنذار الطيارين. وقدرت جهات في جهاز الأمن في حينه بأن روسيا تستخدم في سورية منظومات قتالية إلكترونية من أجل منع المس المحتمل بقواتها في قاعدة في اللاذقية، وأن الأمر يؤثر أيضا على الطيران في سماء إسرائيل. “اذا كان هذا يحاول التشويش على طائرة من اجل الهبوط في مكان معين فإنه يشوش على الطائرة للهبوط في مكان آخر”، قال في هذه السنة العقيد أ. وهو قائد مركز محاربة الطيف في الجيش الإسرائيلي، في اخبار “كان” في تطرقه للعامل المشوش، عند عودة تشويشات “جي.بي.اس” الى المنطقة.

بؤرة عالمية

توجد واجهة جديدة في الإنترنت تعمل على رسم خريطة يومية لتشويشات “جي.بي.اس”، التي تتعرض لها الطائرات في العالم. بدأت معظم الطائرات المدنية في السنوات الاخيرة في استخدام منظومة “إيه.دي.اس – بي”، التي تستهدف زيادة الأمان في الطيران. بوساطة هذه المنظومة فان الطائرة تبث بشكل ثابت ومستقل هويتها ومكانها الدقيق وارتفاعها واتجاهها وسرعتها للرقابة الجوية وللطائرات حولها. هذه البيانات يتم التقاطها أيضا من قبل مستخدمين آخرين على الأرض، وهم الذين يقفون من وراء مواقع متنوعة من مراقبة الطائرات، التي زادت مؤخراً في الشبكة. تبث الطائرة المزيد من البيانات، من بينها مستوى دقة منظومات توجيهها. انضم جون فايسمان، وهو مهندس في ديزني وهاوي طيران، لأحد مواقع المتابعة، وقام ببناء واجهة تعرض مستوى دقة “جي.بي.إس” حول العالم. في هذه الواجهة يمكن رؤية أين تتعرض الطائرات للتشويشات (باللون الأحمر) وأين لا توجد تشويشان (باللون الأخضر)، على المستوى اليومي. في الخارطة يمكن تمييز مناطق ثابتة توجد فيها تشويشات، مثل الحوض الشرقي للبحر المتوسط وليبيا وكردستان والقوقاز، أنقرة وإسطنبول، موسكو وسانت بطرسبرغ. حسب أقوال فايسمان فان العامل الرئيسي للتشويش هو المنع على يد منظومات عسكرية “في مناطق مواجهة وفي مناطق نشرت فيها منظومات تشويش لحماية الأوليغاركيين من الطائرات المروحية”.

هكذا، فان تقريراً لمعهد أبحاث أميركي كشف تشويشات مكثفة على “جي.بي.اس” من روسيا، ومنها آلاف حالات “اختطاف” لمكان سفن مدنية. أبلغت أجهزة التوجيه بأن السفن توجد كما يبدو في قلب مطار بعيد، وهي نتيجة عرضية لمحاولة روسية للتشويش على منظومات توجيه حوامات مدنية والدفاع عن مطارات من هذه الحوامات. نعم، هذه تشويشات حول بؤر السلطة في روسيا، قصر بوتين الذي يقع على شواطئ البحر الأسود والقاعدة الروسية في اللاذقية وتشويشات تكتيكية في إطار خلايا الحماية الشخصية لبوتين، على سبيل المثال عندما قام بزيارة شبه جزيرة القرم. كل ذلك من اجل منع عملية اغتيال بوساطة الحوامات.

حسب أقوال منظمة الأمان الجوي، يورو كونترول، المسؤولة الأساسية عن ارتفاع تشويشات “جي.بي.اس” في البحر المتوسط هي منظومات لمنع طائرات مسيرة هجومية. يتساوق هذا الادعاء مع حقيقة أن روسيا نشرت منظومات مشابهة من اجل الدفاع عن قاعدة من هجمات طائرات مسيرة من قبل المتمردين السوريين، ومع التقارير التي تقول بأن إسرائيل تتعامل، بوسائل مختلفة، مع تهديد الطائرات المسيرة الإيرانية. من غير المستبعد أن جزءا من التشويش ينبع من منظومات إسرائيلية مشابهة. أيضا تنشر سلطة الطيران المدني بين الحين والآخر تحذيرات للطيارين، التي بحسبها أنه خلال ساعات معينة في تاريخ مستقبلي يتوقع حدوث تشويشات “جي.بي.اس”. كيف للسلطات في إسرائيل أن تعرف عن ذلك مسبقاً إذا لم تكن متورطة في هذا الأمر؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى