ترجمات عبرية

هآرتس – تسفي برئيل – هذا لا ينفع ضد غزة لماذا سينفع ضد ايران

هآرتس – بقلم  تسفي برئيل – 1/12/2021

” اسرائيل كان يجب عليها استيعاب هذا الدرس منذ زمن لأنها هي نفسها تدير منذ 14 سنة نموذج مصغر لـ “الضغط بالحد الاعلى” عديم الجدوى ضد غزة “.

في حملة الاعلام والاقناع وتجنيد المناصرين التي تقوم بها اسرائيل بشكل كثيف ضد المفاوضات مع ايران، تطرح ضرورة استمرار سياسة العقوبات الشديدة و”عدم الخضوع لابتزاز ايران” كوسيلة ناجعة واساسية لجعل ايران تتراجع عن مشروعها النووي. 

هذه استراتيجية ثابتة لاسرائيل، الاوتوماتيكية والقديمة التي عفا عليها الزمن. الجانب المهم فيها هو التناقض الذي يكمن فيها. المطالبة بفرض العقوبات لا يمكنها الاعتراف بأن ايران هي دولة عقلانية، وسياستها يوجهها مبدأ التكلفة والفائدة. حسب هذه النظرية فان الازمة الاقتصادية التي تمر بها وعزلتها (غير الكاملة) في العالم والغضب وخيبة الامل فيها التي تهدد استقرار النظام وبقائه ايضا، هي الادوات التي يمكن أن تعيدها الى الاتفاق النووي الاصلي وضمان أن لا يتم انتاج قنبلة نووية. ولكن هذه المطالبة بالعقوبات تناقض عدم ثقة اسرائيل بالاتفاق الاصلي وجدواه في منع انتاج قنبلة نووية. واذا كان الامر هكذا فبماذا ستفيد العقوبات، وبماذا افادت حتى الآن؟.

العقوبات بحد ذاتها لم تغير سياسة ايران التي تتعرض منذ اربعين سنة لنظام العقوبات. حتى “الضغط بالحد الاعلى” الذي استخدمه عليها الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب لم يغير ذلك. وقد وقعت على الاتفاق النووي الاصلي في ولاية براك اوباما في 2015 بالاساس لأنها اعتبرته شريك مستعد لتفهم مخاوفها والموافقة على صيغة تلبي احتياجاتها. ايران تمسكت بالاتفاق النووي حتى عندما تم انتخاب ترامب للرئاسة، وانتظرت سنة بعد انسحابه من الاتفاق الى أن بدأت بخرقه بشكل علني. مع ذلك، هي لم تعلن عن انسحابها من الاتفاق.

إن انتخاب بايدن للرئاسة وسياسته المصممة على العودة الى الاتفاق النووي وفرت لايران فرصة للعودة الى المفاوضات. فهل هي تريد الآن اطالة الوقت من اجل أن تستطيع تخصيب اليورانيوم وانتاج قنبلة؟ الافتراض في اسرائيل هو أن هذا هو هدفها حقا. واذا كان الامر كذلك فلماذا يجب على ايران العودة الى المفاوضات اصلا؟. هل هي تخشى على سمعتها الجيدة كي لا يفرض عليها المجتمع الدولي المسؤولية عن خرق الاتفاق وتعطي بذلك شرعية لمهاجمتها عسكريا؟.

هذا التحليل لا يناقض فقط النظرية التي تقول بأن ايران هي دولة عقلانية، بل هو يتجاهل أن مهاجمتها عسكرية تقتضي الأخذ في الحسبان الردود المتوقعة من حليفتيها روسيا والصين. اضافة الى ذلك، جهود اسرائيل لاقناع الولايات المتحدة بمواصلة سياسة العقوبات تستند الى الاعتراف بأن بايدن لا ينوي أن يكون شريك في أي هجوم عسكري. من هنا، ادعاء اسرائيل، الذي بحسبه ايران اصبحت دولة حافة نووية ولذلك يجب العمل ضدها عسكريا على الفور وعدم الانتظار حتى يتم عرض قنبلة نووية في استعراض عسكري، هو ادعاء لا يتساوق مع المطالبة بفرض عقوبات ولا يتساوق مع الواقع.

كان يجب على اسرائيل تستوعب هذا الدرس منذ زمن لأنها هي نفسها تدير منذ 14 سنة نموذج مصغر لـ “الضغط بالحد الاعلى” غير المجدي ضد غزة. والمنطق في فرض الحصار الخانق على غزة تغير في الحقيقة مع مرور السنين، لكن الحصار بالاساس استهدف منع حماس من تهديد اسرائيل عسكريا ووقف تسلحها، وحتى احداث انقلاب في الحكم لاسقاط حماس على ايدي جمهور فقير ويائس وخائب الأمل.

خلافا لايران اسرائيل استخدمت في عدد كبير من المرات “الخيار العسكري” بصورة قاسية. وماذا كانت النتيجة؟ اسرائيل مع شريكات عربية تحاول التوصل الى اتفاق تسوية بعيد المدى يتضمن تنازل من جانبها عن العقوبات والمساعدة في الاعمار الاقتصادي وبناء بنى تحتية تعطي لحماس محفز لوقف اطلاق النار. هذا الاتفاق، هذا ما تعرفه اسرائيل، لن يعطيها الاعتراف من قبل حماس ولن يغير ايديولوجية حماس ولن يؤدي الى نزع سلاحها. هذا هو نوع الاتفاق الذي تريد الدول الغربية العظمى التوصل اليه مع ايران فقط مع زيادة: تجميد المشروع النووي.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى