ترجمات عبرية

هآرتس – تسفي برئيل – من الذي تنازل، ايران أم الغرب ؟

هآرتس – بقلم  تسفي برئيل – 10/1/2022

” عندما ينشب خلاف حول هوية الطرف الذي تنازل في المفاوضات يمكن القول بأنه كانت هناك تنازلات. والسؤال هو هل تكفي هذه التنازلات من اجل التوقيع على اتفاق “.

التعتيم الاعلامي الشديد المفروض على محادثات الاتفاق النووي في فيينا بين ممثلي دول الغرب وروسيا والصين وبين الوفد الايراني، يصعب معرفة ما الذي تحقق بالضبط، ومن الذي تنازل لمن، وبالاساس هل يتوقع التوقيع على اتفاق قريبا. المندوب الروسي، ميخائيل اوليانوف، الذي اعتاد على استخدام تويتر من اجل تجاوز التعتيم، نشر في الاسبوع الماضي تغريدة كتب فيها: “يمكن التوقيع على اتفاق في بداية شهر شباط”. مندوب الصين، وانغ كوان، قال إن “المحادثات تسير الى الامام وهي ستستمر”. الولايات المتحدة تظهر تفاؤل حذر وفرنسا تؤكد على أنه كان هناك تقدم، لكنها تضيف بأن “الطريق ما زالت طويلة”. في هذه التصريحات يوجد ما يشير الى أن التشاؤم وعدم الثقة بامكانية وجود مفاوضات – حتى بعد أن بدأت، والخوف من أن تحاول ايران كسب الوقت – استبدلت بفرضية أن جميع الاطراف، بما في ذلك ايران، معنية ببلورة اتفاق وبسرعة. والخطاب الذي يسمع مؤخرا في ايران ربما يشير الى حدوث اختراقة.

على سبيل المثال، بعد أن نشر اوليانوف في تويتر بأن روسيا والصين قد اقنعتا ايران بالموافقة على عدد من التنازلات، ثارت عاصفة في طهران. أي اشارة الى تراجع لايران – بالاساس اذا جاءت من روسيا التي تعتبر حليفتها – يعارض الرواية التي تحاول ايران بثها والتي تقول بأن الغرب هو الطرف الذي يتنازل. المتحدث بلسان وزارة الخارجية الايرانية، سعيد خطيب زادة، سارع للرد وقال “اذا كانت لنا موافقة مشتركة على صيغة فان هذا جاء بعد أن فهم الغرب بأنه يجب عليه التراجع عن مواقف الحد الاعلى له. الآن نحن نشهد تراجع كهذا، وللدقة، واقعية لدى الغرب”. خطيب زادة الذي لم يعط أي تفاصيل عما تنازل عنه الغرب أكد في اقواله بأنه يوجد نص معين متفق عليه. الصيغة السابقة، الاتفاق النووي من العام 2015، أي هذه الصيغة لا تستند الى الطلبات الجديدة لايران التي عرضت في 29 تشرين الثاني. 

اذا كان ما نشر صحيح فمن هنا يمكن الاستنتاج بأن الدول الغربية وايران ايضا قد نزلت عن الشجرة. بايدن، كما نتذكر، كان يطمح بأن توافق ايران على مناقشة برنامج صواريخها البالستية، أو على الاقل وضع اساس لمحادثات مستقبلية تقلق الغرب مثل دعمها لمنظمات الارهاب وتدخلها في النزاعات الاقليمية. ايران من ناحيتها طلبت في البداية رفع جميع العقوبات قبل استئناف المفاوضات، بعد تجميدها في شهر حزيران بسبب الانتخابات الرئاسية. بعد ذلك قدمت ثلاث وثائق تم فيها تفصيل شروطها الجديدة. مرة اخرى طلبت في البداية رفع العقوبات، وكذلك ضمانات من امريكا بأن لا تنسحب في المستقبل من أي اتفاق يتم توقيعه واقامة آلية متفق عليها تراقب تطبيق رفع العقوبات. 

من هنا جاء غضب ايران من روسيا، لأنها الآن تعتبر كمن تضر بصورة ايران المتصلبة، وحتى “تتآمر مع الولايات المتحدة ضد ايران”، هذا حسب اقوال محللين ايرانيين. الدليل على هذا التآمر عثر عليه المحللون في المقابلة المصورة لاليانوف مع رئيس طاقم الولايات المتحدة، روبرت مالي. على أي حال، التجربة تعلم بأنه عندما ينشب خلاف بين الشركاء في المفاوضات حول مسألة هوية الطرف المتنازل، يمكن القول بأنه كانت تنازلات. والسؤال هو اذا كان فيها ما من شأنه أن يصل الى اتفاق.

الاجابة على ذلك ربما ستقدم بعد الزيارة المخطط لها للرئيس الايراني، ابراهيم رئيسي، في هذا الشهر في موسكو، التي سيلتقي فيها مع الرئيس بوتين. رئيسي يطمح الى التوقيع مع موسكو على اتفاق تعاون امني، وفيه، ضمن امور اخرى، شراء طائرات “سوخوي 35” وتحسين وتحديث طائرات “ميغ” الموجودة لدى الجيش الايراني وشراء انظمة صواريخ مضادة للطائرات من نوع “اس400”. نطاق هذه الصفقات يبلغ 10 مليارات دولار خلال عشرين سنة. ويتوقع أن تمولها ايران بصفقة مقايضة النفط مقابل السلاح. مشكوك فيه اذا كانت روسيا ستصادق على بيع صواريخ “اس400” بالتحديد في الوقت الذي تدخل فيه الى معركة ثنائية سياسية مع واشنطن حول مسألة اوكرانيا وكازاخستان. اضافة الى ذلك، ربما ستضع روسيا شروط مرتبطة بالاتفاق النووي ايضا على اجزاء الصفقة الاخرى. 

في نفس الوقت ايضا الضغط الداخلي للدفع قدما بالاتفاق النووي آخذ في التزايد. في بداية الشهر الحالي زار رئيسي المركز الديني الهام في مدينة قم، كعادة رؤساء الحكومة والزعيم الاعلى. فقهاء الشريعة الكبار قالوا له اثناء الالتقاء معه بأنه توجد الحاحية للدفع قدما بالمفاوضات وتبني سياسة تخرج ايران من عزلتها الدولية التي فرضت عليها. “ايران مضطرة الى الاتصال بالعالم. وفي نفس الوقت الحفاظ على كرامتها وسلطتها. يجب على الحكومة بث رسالة سلام وصداقة مع كل العالم”، قال آية الله صافي غولفيانغاني. وشخص كبير آخر هو عبد الله امولي، حث رئيسي على اجراء المفاوضات مع الغرب. “يجب علينا التفاوض معهم ومصافحتهم اذا اردنا ذلك أم لا. ولكن علينا عد اصابعنا بعد ذلك”. عدد من فقهاء الشريعة لم يخشوا من انتقاد رئيسي لأنه فشل في وعوده لتحسين اقتصاد ايران، واتهموه بـ “قيادة القطار الى حافة الهاوية”.

الآن مرة اخرى سمع رئيسي هذه الاتهامات، بلغة اكثر شدة، من اعضاء البرلمان بعد أن عرض عليهم الميزانية، التي فيها عجز، المخططة للسنة القادمة. خلافا لفقهاء الشريعة توجد لاعضاء البرلمان صلاحية للمطالبة باقالة وزراء فاشلين وحتى اقالة رئيس الحكومة. 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى