ترجمات عبرية

هآرتس: تسعى الولايات المتحدة جاهدة للحفاظ على الوضع الراهن لكنها تفقد قبضتها على سوريا لصالح إيران

هآرتس ٣-٥-٢٠٢٣، بقلم تسفي برئيل: تسعى الولايات المتحدة جاهدة للحفاظ على الوضع الراهن لكنها تفقد قبضتها على سوريا لصالح إيران

الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، الذي سيصل إلى دمشق حصل في السابق على استقبال محترم من قبل إسرائيل. هذه هي المرة الثانية خلال أسبوع التي تحدث فيها مصادفة تظهر وكأنها عادة. ففي الأسبوع الماضي، قصفت إسرائيل أهدافاً قرب حمص بعد بضع ساعات على زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى لبنان، حسين أمير عبد اللهيان. وأمس استبقت مجيئه بقصف المطار في حلب. ولكن يبدو أن طريقة الرسائل المتبادلة بين إسرائيل وإيران لم تنجح في كبح نوايا النظام في إيران في استعراض حضوره السياسي البارز في سوريا، وفي تشكيل الساحة السياسية الإقليمية حسب قياسه.

هذه هي الزيارة الأولى لرئيس إيراني إلى سوريا منذ العام 2010، وقد كلف نفسه عناء القدوم مع وفد كبير إلى دمشق من أجل إنهاء الأمور. تصريحياً، هي زيارة تهدف إلى توثيق العلاقات الاقتصادية بين الدولتين والتوقيع على عدة اتفاقات تعاون واستثمار لإيران في سوريا. ولكن لا حاجة لزيارة رسمية فاخرة من أجل ذلك. في العقد الأخير وقعت الدولتان على عدة اتفاقات اقتصادية حتى بدون زيارات متبادلة لشخصيات رفيعة. ولكن قواعد اللعب الإقليمية تغيرت. فبعد توقيع اتفاق استئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، وعندما تمهد السعودية لعودة سوريا إلى الجامعة العربية، حيث سيتم عقد القمة العربية في 19 الشهر الحالي في الرياض، فإن إيران التي تم إبعادها عن الساحة السياسية في سوريا في السنوات الأخيرة، بالأساس من قبل روسيا، تريد ضمان مكانتها، وعلى الأقل صورتها، على اعتبار أنها المسيطر على خطوات سوريا السياسية، وربما أكثر من ذلك؛ فهي بعد التحالف الجديد الذي عقد بينها وبين السعودية، لم تتبدد الشكوك المتبادلة.

تريد إيران أن تضمن بأن مسألة تعيين رئيس للبنان، وهو الشرط اللازم لإنقاذ الدولة من الأزمة السياسية والاقتصادية، لن تخرج من يدها وتذهب إلى البلاط الملكي السعودي. وتناقش حول ذلك كل من وزير الخارجية الإيراني مع نظيريه اللبناني والسوري في الأسبوع الماضي، لكن لم يتم التوصل إلى تفاهم نهائي. الاختلاف في هذه المسألة لا ينحصر بين الطرفين المتخاصمين في الساحة اللبنانية، بل أيضاً بين السعودية والولايات المتحدة، اللتين تعارضان تعيين مرشح “حزب الله” من جهة، وبين فرنسا من الجهة الأخرى التي تقترح صفقة متبادلة سيكون الرئيس بحسبها رجل “حزب الله” وسيكون رئيس الحكومة ممثل الطرف الثاني.

ولكن المسألة اللبنانية غير منفصلة عن خطوات السعودية حول عودة سوريا للجامعة العربية. هنا طهران تقلق من أن خطوات السعودية، التي تخدم مصالح إيران بالذات، ستخدم المملكة في فرض حل “غير مقبول” في لبنان. وقد وصل إلى هذا القلق أول أمس تأكيد من خلال أقوال المتحدث بلسان وزارة الخارجية الأمريكية، ماتيو ميلر، الذي أعطى بشكل استثنائي تصريحاً مصوغاً جيداً يبدو كتحذير وحتى تهديد. فقد قال بأن “حل الأزمتين السياسية والاقتصادية في لبنان قد يكون فقط في داخل لبنان وليس من المجتمع الدولي. لقد حان الوقت لانتخاب قيادة مناسبة وإنقاذ الدولة من كارثة أخرى”. فجأة، قبل يومين من زيارة رئيسي وبعد فترة طويلة غابت فيها الولايات المتحدة عن الساحة السياسية في لبنان، جاءت علامات أمريكية صريحة حذرت من أي تدخل أجنبي في العملية السياسية في لبنان. صحيح أن التحذير غير موجه فقط ضد إيران. فعندما تتحدث واشنطن عن المجتمع الدولي فهي تقصد فرنسا بالأساس.

في المسألتين اللبنانية والسورية يجب على واشنطن التغلب ليس فقط على مواقف السعودية والإمارات والعراق، وحتى على مواقف الأردن (الذي حتى الآن عارض عودة سوريا للجامعة العربية)، بل أيضاً على مواقف تركيا. لو كان هذا الأمر متعلقاً بأردوغان فقط لاستؤنفت العلاقات بين أنقرة ودمشق قبل شهرين. فإيران معنية باستئناف هذه العلاقات وروسيا تشجعها، لكن للأسد عدة شروط خاصة به.

في هذه الأثناء تم تأجيل النقاشات بين سوريا وتركيا إلى ما بعد الانتخابات في تركيا التي ستجرى في 14 أيار الحالي، على خلفية المنافسة بين الخصوم السياسيين في تركيا وإزاء عدد من الاستطلاعات التي تتنبأ بهزيمة أردوغان. من الصعب معرفة من هو الرئيس التركي الذي سيجري المفاوضات مع الأسد. ولكن إذا نضج اتفاق بين تركيا وسوريا فمن المتوقع أن يشمل انسحاب تركيا من الأراضي السورية، والاتفاق على إعادة اللاجئين السوريين الموجودين في تركيا الذين عددهم 4 ملايين تقريباً. أردوغان الذي أمل في التوصل إلى اتفاق حول إعادة اللاجئين قبل الانتخاب والإثبات للجمهور بأنه يعمل على حل الأزمة الاقتصادية، يواجه في هذه الأثناء مشاكل صحية تمنعه من المشاركة في اللقاءات الانتخابية. الرئيس التركي، الذي نشر الأحد الماضي عن تصفية زعيم “داعش” أبو الحسين القرشي على يد المخابرات التركية، التي يجد نفسه أيضاً أمام إدارة أمريكية غير مستعدة للمصادقة في هذه الأثناء على أن زعيم “داعش” تمت تصفيته حقاً.

هذه التصفية، إذا تم تأكيدها، فهي ذات أهمية سياسية كبيرة. أردوغان أراد خلال السنين أن يثبت للولايات المتحدة بأن تركيا يمكنها محاربة “داعش” بنجاعة، وأن ليس لواشنطن حاجة للتعاون من أجل ذلك مع القوات الكردية في سوريا، التي يطالب أردوغان بإخراجها من المناطق الحدودية مع تركيا. وتدرك واشنطن بأنه إذا تم التوقيع على اتفاق بين تركيا وسوريا يتضمن انسحاب القوات التركية، فسيتعين على الولايات المتحدة سحب قواتها من سوريا وإبقاء الأكراد دون أي حماية أو دفاع. تطمح واشنطن إلى الحفاظ على الوضع الراهن في سوريا لأن أي تغيير في السيطرة على الأرض وتحريك القوات قد يكون على حساب مصالحها. في المقابل، ستجد صعوبة في معارضة اتفاقات توقعها سوريا مع دول عربية ومع تركيا. هذا بشكل خاص عندما لا تملك أي رافعة اقتصادية أو سياسية كي تملي حلولها، في حين أن إيران آخذة في استكمال الحل السوري، وربما الإقليمي، الذي تريده.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى