هآرتس: ترامب يليّن رسائله للفلسطينيين كي يسرع خططه في القطاع

هآرتس 16/11/2025، ليزا روزوفسكي: ترامب يليّن رسائله للفلسطينيين كي يسرع خططه في القطاع
مجلس الامن من شانه ان يصوت مساء الغد (ليلة الاثنين – الثلاثاء) على مشروع القرار الأمريكي بشان قطاع غزة. في مركزه يقف منح شرعية رسمية لتشكيل قوة الاستقرار الدولية التي ستعمل في القطاع. الاقتراح الذي عرض على أعضاء مجلس الامن قبل أسبوعين تقريبا تم تحديثه من قبل الأمريكيين منذ ذلك الحين مرتين. التغييرات استهدفت تلبية جزء من الطلبات التي طرحها الشركاء المركزيون لواشنطن في اتفاق غزة. بعضها مثل مصر، قطر وتركيا، الموقعة على اعلان شرم الشيخ – هي ضامنة رسمية لوقف اطلاق النار. البعض الاخر مثل اتحاد الامارات والسعودية وحتى اندونيسيا يمكن ان تلعب دور مهم في نجاح العملية.
منذ بداية وقف اطلاق النار تعمل الولايات المتحدة امام هذه الدول من اجل تشكيل قوة الاستقرار التي من شانها ان تدخل الى غزة كضمانة كي لا تتجدد الحرب. دور القوة، في الواقع وجودها في المنطقة، سيكون من اجل تقييد إسرائيل وحماس أيضا والتصعيب. حسب الاقتراح المطروح فانه سيلقى على هذه القوة خمس مهمات رئيسية: المساعدة في حماية الحدود، ضمان تجريد غزة من السلاح بواسطة تدمير البنى التحتية الإرهابية واخراج سلاح المنظمات المسلحة من مجال الاستخدام، حماية المواطنين والعمليات الإنسانية، تدريب قوات شرطية فلسطينية ودعمها، وتنسيق وحماية الممرات الإنسانية.
على الأقل ثلاثة من البنود في الاقتراح تلقي على قوة الاستقرار مهمة كبح إسرائيل. بكلمات أخرى، سيتعين على هذه القوة ان تلعب الدور الذي تلعبه الان الولايات المتحدة. من اجل ان تستطيع حماية حدود القطاع مطلوب استعداد إسرائيلي للانسحاب اليها. ومن اجل تنسيق الممرات الإنسانية والدفاع عن المدنيين والعمليات الإنسانية سيكون على القوة التأكد (امام إسرائيل) من ان البضائع والأشخاص يمكنهم التحرك بامان في داخل القطاع واليه.
البند الذي يلقي على القوة مواجهة حماس ونزع سلاحها هو بند ضبابي ويتوقع ان يثير عدد غير قليل من الأسئلة، على رأسها هل معالجة هذه القضية يمكن ان تتم بالاتفاق، بأسلوب “إخراجها من مجال الاستخدام”، على يد التنظيم السري الايرلندي في بداية سنوات الالفين؟. هذه الاحتمالية تبدو تقريبا خيالية في الشرق الأوسط، ولكن من جهة أخرى، هذا كما يبدو الخيار الوحيد: لا توجد أي دولة عربية أو إسلامية ستوافق على المشاركة في نزع سلاح حماس بالقوة.
من اجل ان يكون بالإمكان البدء في الإجابة على هذه الأسئلة فان الولايات المتحدة يجب عليها التغلب على العقبة الرئيسية في طريق تشكيل قوة الاستقرار: تمرير القرار في مجلس الامن. هذا الأسبوع وضعت روسيا عائق اخر في الطريق عندما قدمت للمجلس اقتراح خاص بها. الاقتراح الروسي ذكر بشكل عرضي قوة الاستقرار والقى مهمة تشكيلها على الأمين العام للأمم المتحدة. وهكذا فان القوة ستصبح مرتبطة تماما بالأمم المتحدة، وطبقا لذلك لم يكن هذا الاقتراح مقبول على أمريكا، وبالاساس على إسرائيل. المصادر التي تحدثت مع “هآرتس” قالت انه بدلا من التلميح بخصوص خطة من اجل تقرير مصير فلسطيني، التي تحرص الولايات المتحدة عليها من اجل إرضاء إسرائيل نتنياهو، فان الاقتراح الروسي ملتزم بحل الدولتين، وهو مليء بالصياغات الإضافية المصممة “لاستعراض العضلات” امام الولايات المتحدة.
اول امس نشرت الولايات المتحدة بيان تاييد مشترك للاقتراح الى جانب عدة دول إسلامية، من اجل التوضيح لروسيا وأعضاء اخرين في مجلس الامن بان الشرق الأوسط يقف خلفها. لقد وقع على البيان الشركاء الرئيسيين في عملية الرئيس ترامب في غزة: قطر، مصر، اتحاد الامارات، السعودية، اندونيسيا، باكستان، الأردن وتركيا. الى جانب تاييد الاقتراح يتضمن البيان مقولة هامة أخرى: الدول الموقعة تعرب عن ثقتها بان العملية الامريكية “تطرح خطة لتقرير المصير ولدولة فلسطينية”، وتمنح خطة دائمة للسلام والاستقرار في كل المنطقة.
يصعب تجاهل تزامن هذا البيان والتصويت عليه في الأمم المتحدة مع الزيارة التاريخية لولي عهد السعودية محمد بن سلمان في واشنطن. ابن سلمان يتوقع ان يلتقي مع ترامب في اليوم التالي للتصويت، حيث في الخلفية هناك رغبة السعودية في ضمان تحقيق حلف دفاع مع الولايات المتحدة وتطلعها لشراء من الأمريكيين طائرات اف35، التي في هذه الاثناء يوجد لإسرائيل ملكية حصرية عليها في الشرق الأوسط. من الجهة الأخرى، هناك رغبة ترامب في ان يضم السعودية الى اتفاقات إبراهيم. في محادثة مع مراسلين في نهاية الأسبوع ذكر الرئيس بانه يفحص طلب السعودية، وعبر عن امله في انضمام السعودية للاتفاقات “في القريب”.
ربما انه من ناحية الولايات المتحدة، فان البيان المشترك اكثر من كونه عملية موجهة لروسيا هو يعتبر بادرة حسن نية لتخفيف حدة المواقف من الدول العربية نفسها – على رأسها ولي عهد السعودية وقيادة اتحاد الامارات. في بداية الأسبوع وصف المستشار الدبلوماسي لرئيس الامارات أنور قرقاش خطة ترامب لانها “غير مكتملة ولكنها مهمة”. وأضاف قرقاش الذي على الاغلب ما يكون الصوت العلني الأبرز في الامارات، ان بلاده “لا يتوقع ان تشارك في قوة الاستقرار” في ظل الظروف الحالية لانها لا ترى اطار واضح لنشاطاتها. ورغم ان مصادر سبق ان ذكرت بان الامارات لا تنوي نشر قوات عسكرية في غزة، فمن الواضح ان لديها خيارات واسعة ودور حاسم في الدعم اللوجستي والاقتصادي للقوة.
وقد صرحت مسؤولة بارزة في وزارة الخارجية السعودية، منال رضوان، في وقت سابق في هذا الشهر خلال مؤتمر عقد في البحرين بان “انسحاب إسرائيلي واضح ومحدد بجدول زمني من غزة هو الخطوة التي يتوقع السعوديون رؤيتها في خطة يفترض ان تؤدي الى قيام دولة فلسطينية. والرياض تتوقع أيضا خطوات لتوحيد الضفة الغربية وغزة تحت سيطرة السلطة الفلسطينية”. المحلل البحريني عبد الله الجنيد قال لـ “هآرتس” بانه مهما رغب اللوبي الإسرائيلي وبعض الجهات في إدارة ترامب في رؤية التطبيع، فان “هذا التطبيع بين السعودية وإسرائيل غير مطروح على الطاولة ولن يحدث”.
لكن يبدو ان ترامب وادارته يواصلون التطلع الى الاقتراب من هذا الهدف، حتى لو لم يكن بالإمكان الوصول اليه بشكل فوري. ان إشارات النقد وخيبة الامل والإحباط الصادرة من الامارات الى جانب رفع سقف التوقعات من السعوديين، تدفع الأمريكيين الى صياغة بياناتهم وقراراتهم بسخاء اكبر تجاه الفلسطينيين وتشجعهم على تسريع الخطوات من اجل انشاء قوة الاستقرار.
العائق الأكبر الذي يقف الان في الطريق امام الانتقال الى المرحلة الثانية في خطة غزة والى انطلاقة سياسية مهما كانت، هو رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو. الشركاء العرب للولايات المتحدة يعتبرونه شخص لن يسمح بأي تقدم نحو الدولة الفلسطينية. في نفس الوقت نتنياهو يشير بصراحة الى انه سيفشل أيضا الانتقال الى المرحلة الثانية: حل ازمة مسلحي حماس العالقين شرق الخط الأصفر في رفح لا يلوح في الأفق. هذا رغم انه حسب بعض المصادر فان هناك وعود أمريكية أرسلت بهذا الشأن لحماس مقابل إعادة جثة هدار غولدن. “المستوى السياسي” يصمم أيضا على عدم فتح معبر رفح، حسب مصدر امني تحدث مع “هآرتس” في هذا الأسبوع، رغم ان فتح المعبر الوحيد غير الخاضع لسيطرة إسرائيل كان مدرج في المرحلة الأولى في الاتفاق.
في هذه الاثناء تجري في مركز التنسيق العسكري – المدني في كريات غات مفاوضات يومية بين الولايات المتحدة وإسرائيل بشان كمية المساعدات الإنسانية التي تدخل الى القطاع، والسلع والمواد المسموح دخولها. وحسب دبلوماسي تحدث مع “هآرتس” فانه تجرى هذه المفاوضات بشكل ودي بين شريكين، وتنتهي بتسويات. ولكن هذا الوضع الغريب لا يمكن ان يستمر طويلا، بينما تتارجح جميع الأطراف على شفا الهاوية في غزة، بدون افق يمكن التوجه نحوه معا.
مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook



