ترجمات عبرية

هآرتس: تجمع التقديرات الامنية الاسرائيلية ان وضع السلطة الفلسطينية يتدهور

هآرتس 14/8/2022، بقلم: عاموس هرئيل، 

ليس هناك شيء جديد يهدد الضفة الغربية الآن. وضع السلطة الفلسطينية سيئ، وقد يزداد سوءاً. هذا رأي تتشارك فيه كل الجهات الأمنية الإسرائيلية التي دورها متابعة ما يحدث في “المناطق” [الضفة الغربية]. رغم أن رئيس السلطة المسن محمود عباس صحيح الجسم ويقوم بعمله، عمره 86 سنة، فقد بدأ يعطي إشاراته. الحرب على وراثة الحكم بدأت بالفعل. إن تأثير إسرائيل على ما يحدث هناك، والردع العسكري الذي تريد ترسيخه، بدا محدوداً أيضاً.

في الوقت الذي يتطاول فيه السياسيون من اليمين على عباس أحياناً، لأغراضهم الخاصة، يعرف جهاز الأمن الحقيقة: عباس عدو سياسي لإسرائيل، لكنه يدير النضال ضدها في الساحة السياسية والدولية. عباس لا يؤيد الإرهاب أو يشجعه (مع ذلك، تدير السلطة لعبة مزدوجة في كل ما يتعلق بالدعم الاقتصادي لعائلات الفلسطينيين الذين قتلوا أثناء تنفيذ عمليات في إسرائيل). وثمة شك بأن من سيخلفونه سيتصرفون مثله؛ فالتزامهم بالعمليات السياسية ستكون أقل. بل قد يرغبون في الحصول على دعم جماهيري أوسع في الضفة بمغازلة دعم الإرهاب.

لا تستطيع السلطة أن تسجل لنفسها أحداث الأسابيع الأخيرة في قطاع غزة. ويبدو أن الرابح الرئيسي داخل الساحة الفلسطينية هي حماس، هذه المنظمة التي تسيطر على القطاع قررت الوقوف جانباً ومشاهدة “الجهاد الإسلامي” وهو يصطدم مع إسرائيل. الجيش الإسرائيلي و”الشاباك” اغتالوا قياديين من هذه المنظمة الصغيرة وأضعفوا قوتها العسكرية. الآن يبدو أنه سيكون أصعب على “الجهاد الإسلامي” فتح جولة قتال أخرى مع إسرائيل في القطاع على مسؤوليته. في حين أن حماس سارعت إلى جني مكاسب من سياستها عندما رفعت إسرائيل جميع القيود التي فرضتها على القطاع في إطار عملية “بزوغ الفجر”، حيث استأنفت حركة البضائع ودخول العمال وأعلنت عن نيتها توسيع سياسة التسهيلات.

هذه التطورات تضع علامات استفهام على استراتيجية السلطة. طوال السنين، أيدت استئناف المفاوضات السياسية ووافقت على العمل كنوع مقاول من الباطن لإسرائيل في محاربة الإرهاب في الضفة. لكن المقابل الذي وعدت به، إلى جانب أفق سياسي لم يتم تجسيده طوال فترة ولاية حكومات شارون وأولمرت ونتنياهو وبينيت – لبيد، كان اقتصادياً – اجتماعياً. ولكن الفجوة الاقتصادية بين الضفة والقطاع قد تتقلص الآن، وحماس قد تصل إلى هذه الإنجازات دون أن تتنازل بشكل علني عن مواقفها الأيديولوجية ودون أن تجلس وتجري مفاوضات مباشرة مع إسرائيل.

في الحقيقة، اضطرت حماس إلى التنازل بدرجة معينة عن تمسكها بفكرة “المقاومة”، المعارضة العنيفة لإسرائيل، ولكن ثمة جائزة كبيرة تقف على الأجندة: إلى جانب سيطرتها على القطاع، فقد وجدت ثغرة لإمكانية تقويض حكم السلطة في الضفة الغربية. في 2014 كشفت إسرائيل شبكة إرهابية متشعبة لحماس في الضفة، أرادت تنفيذ عمليات ضد إسرائيل وإسقاط سلطة عباس، في القضية التي سماها الشاباك “ثعلب الأشباح”. في السنة الماضية، في القضية التي اسمها “تنين مقلوب” (يبدو أن للشاباك هواية بأسماء الحيوانات)، تم اعتقال شبكة أصغر لحماس في الضفة، خططت لتنفيذ عمليات انتحارية داخل حدود الخط الأخضر. مقاربة حماس حتى الآن واضحة جداً: الحفاظ على هدوء مصطنع في القطاع، إذا لم تكن هناك أسباب تجبرها على التصرف بشكل مختلف، مع تشجيع للإرهاب في الضفة بواسطة قياداتها في الضفة وتركيا ولبنان. وهي بذلك تريد كسب ثمن مزدوج، من إسرائيل والسلطة.

الفساد الهيكلي في سلطة عباس، إلى جانب صراعات الأجيال في المعسكرات داخل “فتح”، يعقد الوضع. حكم السلطة لا يحظى بشعبية في الضفة، وهو لدي كثر ضعيف ومتعفن وخاضع لإسرائيل. ولكن انعكاس قوة إسرائيل لم يعد كالسابق. في 2002، في ذروة الانتفاضة الثانية، أعاد الجيش احتلال معظم مدن الضفة، في عملية عنيفة استمرت آثارها على الأرض لسنين. دخول الدبابات وحاملات ناقلات الجنود المدرعة إلى داخل المدن، وموجة الاعتقالات والتصفيات في أعقابها، أوقفت الانتفاضة بالتدريج. هذه أيضاً جسدت للجيل الأكثر شباباً الذي لم يتذكر مشاهد 1967 الفجوة في ميزان القوة العسكرية لصالح إسرائيل.

أعضاء الخلايا المسلحة العاملة في الضفة الآن في أعمار العشرينيات، لا يذكرون مشاهداتهم بشأن قوة إسرائيل، حاجز الخوف تصدع. يقف في الخلفية ما يوصف بأنه الكرة الفلسطينية المفقودة – الفتيان، ومن بينهم أيضاً من لديهم تعليم أكاديمي، والذين إمكانياتهم الاقتصادية مقلصة جداً.

في بداية آذار، بعد نصف سنة على الهدنة التي سمحت فيها إسرائيل لأجهزة الأمن الفلسطينية بالعمل في مخيم جنين للاجئين، وهذا لم يؤد إلى نتائج حقيقية، دخل الجيش الإسرائيلي لإجراء اعتقالات أولية في المخيم. ومثلما نشر في حينه، فإن راكبين للدراجات مسلحين تعقبوا القوات وأطلقوا عليها النار من مسافة قصيرة. منذ ذلك الحين، والعديد من اقتحامات الجيش الإسرائيلي لجنين وللقصبة ومخيمات اللاجئين في نابلس، ووجهت بمقاومة مشابهة وحتى أكثر شدة. تشارك خلايا محلية في إطلاق النار، التي يرتبط عدد من أعضائها بشكل غير مباشر بالتنظيم (تنظيم فتح)، الذراع الميداني لـ”فتح”.

تظهر الأنباء السيئة أيضاً في كل توجه يقاس على الأرض. منذ بداية السنة، هناك ارتفاع حاد في حجم الأحداث التي يصاحبها إطلاق نار ضد الجيش الإسرائيلي، وارتفاع عدد القتلى الفلسطينيين في الضفة وارتفاع في هجمات نشطاء اليمين المتطرف ضد الفلسطينيين. قفزت العمليات داخل الخط الأخضر بين آذار وأيار، في موجة إرهاب تم وقفها بعد ذلك، وبفضل الجهود الكبيرة للجيش الإسرائيلي في إغلاق الثغرات التي في خط التماس (ليس أقل من تسع كتائب ما زالت تعمل في هذه المهمة، وبدأت في الوقت نفسه أعمال هندسية لإغلاق مقاطع واسعة في الجدار التي لم يسبق أن تم إكمالها).

تضاف إلى ذلك احتمالية ضئيلة لعملية سياسية مهمة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل في الفترة القريبة القادمة إلى جانب اهتمام مؤدب فقط تظهره الولايات المتحدة والدول الأوروبية بما يحدث هنا، مثلما جسدته زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن الباردة للسلطة في الشهر الماضي. في هذه الظروف، لا نستغرب الارتفاع المتواصل لدعم حل الدولة الواحدة، حسب استطلاعات أجريت في أوساط الجمهور الفلسطيني في “المناطق”. وهناك أيضاً نقطة يجب أن نذكرها، وهي الديمغرافيا؛ ففي كل سنة لا تحاول فيها حكومة إسرائيل الدفع قدماً بحل سياسي، يزداد عدد المواطنين الإسرائيليين الذين يعيشون في المستوطنات، الذين بدون إخلائهم لن يكون بالإمكان القيام بعملية كهذه. في الوقت نفسه، يضاف المزيد من الفلسطينيين في المناطق التي هي تحت سيطرتها، المباشرة أو غير المباشرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى