هآرتس: تتكاثر الشهادات عن جنود يسرقون من فلسطينيين عند اجتياح بيوت في الضفة

هآرتس – عميره هاس – 7/8/2025 تتكاثر الشهادات عن جنود يسرقون من فلسطينيين عند اجتياح بيوت في الضفة
بوابة الالمنيوم في مدخل بيت عائلة معدي يتحرك على المحورين عند أي هبة رياح بسيطة. عندما تطير طائرة من فوق فانها تفتح تلقائيا على مصراعيها. “الان بالتحديد عندما جاء الجنود في 6 حزيران في الرابعة فجرا، البوابة رفضت ان تفتح لهم”، قال للصحيفة رب العائلة جهاد (57 سنة). “اشرت اليهم كي ينتظروا الى ان افتح البوابة، ولكنهم قاموا بثنيها وتحطيم زجاجها ودخلوا الى الداخل”. لحظة الاقتحام الأولى وقصة البوابة يرويها الاب بطريقة تشبه العرض الكوميدي، وقد نجح في اضحاك الضيوف.
من شهادات العائلة يتبين انه باستثناء البوابة المحطمة والضرر العادي الذي يتسبب فيه الجنود في كل مرة يقتحمون فيها بيوت الفلسطينيين – اثاث مبعثر، محتويات خزائن مرمية على الأرض، وضمن ذلك الأرز والسكر – غادر الجنود مع غنائم، حوالي 2000 شيكل نقدا، بطاقة اعتماد، سيارة فورد فوكس موديل 2014 ومجوهرات. حسب اقوال الام كريمة فانه عند خروج الجنود من البيت في الخامسة والنصف صباحا سمعهم الجيران في المقابل وهم يغنون.
هذا ليس التقرير الوحيد. هناك الكثير من الشهادات حول المصادرة واعمال النهب للجنود في الضفة الغربية التي تصل منذ نهاية 2023 الى منظمات حقوق انسان مثل “مركز القدس للمساعدة القانونية”، الذي مقره في رام الله، أو “يوجد حكم”. يصعب تحديد الكمية لانه ليس كل الضحايا يبلغون، ولا توجد جهة واحدة تجمع الشكاوى التي تصل الى السلطات الفلسطينية ومنظمات حقوق الانسان الإسرائيلية. مع ذلك هناك مؤشرات محتملة. فحسب بيانات إدارة المفاوضات في م.ت.ف التي توثق الاحداث المتعلقة بالاحتلال كل يوم، فانه من شهر حزيران 2023 تم الإبلاغ عن 13 عملية مصادرة أو سرقة ممتلكات من قبل الجنود. وللمفارقة، في حزيران 2025 (تاريخ اقتحام الجنود لبيت عائلة معدي وبيوت غيرها سيتم ذكرها هنا)، تم الإبلاغ عن 62 حالة. من كانون الثاني 2021 حتى شهر تشرين الأول 2023 وصلت الى منظمة “يوجد حكم” ثماني حالات اثارت الاشتباه بالسرقة. ومن تشرين الأول 2023 حتى حزيران 2025 وثقت المنظمة 28 حالة كهذه، كما قال دان ايفان، الباحث في المنظمة، مع التأكيد على ان هذا ليس رقم شامل لهذه الحالات.
الشهادات والشكاوى هي عن أموال نقدية تمت مصادرتها أو سرقتها، وكذلك دفاتر شيكات وأجهزة تلفون وحواسيب وساعات يد وأموال في حصالات الأولاد، بطاقات اعتماد، مجوهرات وسيارات. أحيانا يعطي الجنود وصولات عن المصادرة، وهي وثيقة يسميها الفلسطينيون “وصل”. على أي حال، على الاغلب الجنود يتجاهلون في التسجيل جزء من الغنائم التي وضعوا اليد عليها اثناء تفتيش البيوت. أحيانا لا يتم إعطاء حتى ذريعة رسمية لعملية النهب: أبناء العائلة يخرجون من الغرفة التي تم احتجازهم فيها كسجناء اثناء التفتيش (حيث جندي أو جنديين يحرسونهم مع تصويب البنادق نحوهم) ويكتشفون ان أموالهم واغراض ثمينة قد اختفت. من يعبد شمالا وحتى حلحول والخليل جنوبا، من مخيمات اللاجئين ومرورا بالبيوت الخاصة والمصالح التجارية، كل الاوصاف متشابهة.
عائلة معدي مثلا حصلت على مصادقة بانه تم اخذ منها 1500 شيكل وسيارة، هذا كل شيء. المجوهرات التي لم تسجل في الوصل الذي تركه الجنود اشتراها جهاد لكريمة (52 سنة) عند زواجهما قبل ثلاثين سنة. معظم حياته كان يعمل في منشار حجر في القرية، وفي السنوات الأخيرة فتح بقالة صغيرة قرب البيت، وكريمة هي معلمة منذ 28 سنة في مدرسة القرية. المجوهرات اعطتها لزوجة ابنها البكر اسلام، التي كانت في شهور الحمل المتقدمة عندما اقتحم 12 جندي البيت في 6 حزيران. اثناء تجميع أبناء العائلة السبعة في غرفة وقاموا بمراقبتهم ببندقية مصوبة اليهم، الجميع اهتموا بسلامتها هي والجنين. المجوهرات كانت موجودة في محفظة تمت خياطتها على بطانية موجودة في كومة البطانيات المطوية وتم وضعها في الخزانة في غرفة البنت الصغيرة.
السيارة المستعملة اشترتها العائلة قبل ثلاث سنوات بمبلغ 38 ألف شيكل. الام حصلت على قرض من البنك من اجل شراء السيارة، وحتى آذار الماضي تم خصم مبلغ ثابت من راتبها لتسديده. السيارة تم اعدادها من اجل التخفيف على الابن (28 سنة). إضافة الى عمله في بيتونيا كمدقق حسابات في شركة تجارية، بدأ يربي النحل. الخلايا وضعها في بلعين، قرية زوجته، بسبب الزهور المتنوعة هناك. في منطقة كفر مالك الخلايا غير آمنة أيضا، المستوطنون والبؤر الاستيطانية سيطرت على المزيد من أراضي القرية، كما فعلوا في القرى المجاورة ومنطقة نبع عين ساميا المجاور. وعندما وضع الخلايا ذات مرة بعيدة عن البيت قليلا اختفت.
إضافة الى هذه الاعمال عمل اسلام كمدقق حسابات في معمل باطون في دير جرير جنوب غرب قريته، ولكن عند اندلاع الحرب اغلق الجيش الطريق بين القريتين بحاجز ولم يرفعه. منذ ذلك الحين هو يعمل كاجير في بيوتونيا التي السفر اليها يستغرق بسبب الحواجز وقت طويل حيث وضعوا حاجزين إضافيين هناك. الان بدلا من ربع ساعة سفر بين رام الله والقرية فان السفر في الطريق الالتفافية يستغرق حوالي ساعة.
تفتيش بدون وصولات
6 حزيران كان اليوم الأول في عيد الأضحى. اسلام حصل من عمله على سلفة بمبلغ 1200 شيكل (من راتبه الشهري الذي يبلغ 4200 شيكل). اشترى أغراض للبيت بـ 400 شيكل والـ 800 شيكل احتفظ بها للعيد، التي صادرها الجنود. والدته كان معها 600 شيكل وبطاقة اعتماد داخل بطاقة الهوية. الجنود وجدوها اثناء التفتيش، البطاقة اعيدت لها ولكن بدون النقود وبطاقة الاعتماد. إضافة الى ذلك كان مع الأخ الأصغر 250 شيكل في غرفة، هذا المبلغ تم اخذه وورقة نقدية 50 شيكل كانت موجودة فوق جهاز التلفزيون وبعض القطع النقدية التي كانت موزعة في البيت.
قبل خروجهم طلب الجنود من اسلام مرافقتهم في سيارته الى مخرج القرية، سيارة عسكرية امامه وأخرى خلفه. “لماذا ليس لديك سيارة جيب؟ سالني الضابط”، تذكر اسلام. عند المخرج امره الجنود بالنزول من السيارة والضابط دس لاسلام في يده 200 شيكل وقال له بالعبرية العامية “تدبر امرك بهذه”. هو عاد الى البيت سيرا على الاقدام مسافة 2 كم. في غرفة نوم الوالدين في هذه الاثناء توجد مجوهرات كريمة وهي مرمية على الأرض، المقلدة. في البيت دهشوا من قدرة الجنود على التمييز بين الذهب الحقيقي وغير الحقيقي.
المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي في رده لم يجب على أسئلة “هآرتس” فيما يتعلق بعملية المصادرة واستخدام الأموال والممتلكات التي تمت مصادرتها. وهو لم يرد على الأسئلة المتعلقة بعائلة معدي. مع ذلك كتب ان “المصادرة الإدارية للاموال والممتلكات تنفذ فقط عندما تكون معلومات استخبارية واضحة بان الامر يتعلق بشيء مصدره نشاطات إرهابية أو انها تستخدم للدفع قدما باعمال إرهابية. كل مصادرة تتم فقط بعد فحص المعلومات الاستخبارية حسب الاطار القانوني ذي الصلة. الجيش الإسرائيلي يعمل بحسب القانون، بما في ذلك القانون الدولي”.
في الرد على أسئلة “هآرتس” حول التقارير المتزايدة عن السرقة وعن العلاقة بينها وبين سلوك الجنود في قطاع غزة قال المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي بأنه “عندما يثور شك بوجود مخالفة جنائية ارتكبت من قبل قوات الجيش الإسرائيلي تبرر ذلك يتم فتح ملف تحقيق في الشرطة العسكرية”.



