ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم  يونتان ليس – 30 سنة على مؤتمر مدريد:  شمير اقتنع من معلومات استخبارية أن  الاسد معني بالمفاوضات

هآرتس – بقلم  يونتان ليس – 22/10/2021

” المعلومات الاستخبارية عن سوريا واللقاءات السرية مع الملك حسين وجهود الاقناع لنشطاء السلام الاسرائيليين، هي التي ابقت ممثلي م.ت.ف في تونس، هكذا تمت حياكة مشاركة اسرائيل في المؤتمر الذي اعتبر علامة فارقة مختلف عليها “.

دان مريدون يتذكر جيدا اللقاء في 1991 مع رئيس الاستخبارات العسكرية في حينه اوري ساغي، الذي فيه قدر ساغي امامه بأن الرئيس السوري حافظ الاسد معني بالدفع قدما بعملية سياسية مع اسرائيل. “الاسد اعتبر العدو اللدود حتى ذلك الوقت”، استرجع. “بعد فترة قصيرة على حرب الخليج التقيت مع ساغي. وقد ابلغني بأنه غير رأيه الاسد مستعد لعملية سياسية، هذا كان خلافا لموقف معظم الجهاز. وقد اطلعني على المعلومات وقال لي بأنه سيذهب للتحدث مع شمير”. 

مريدور، وزير العدل وأحد الاشخاص المقربين جدا من رئيس الحكومة في حينه، عرف جيدا أن رئيس الحكومة اسحق شمير يعارض المفاوضات مع سوريا وأنه لن يوافق على تقديم أي تنازلات سياسية. مريدور قال: “مع ذلك، شمير كان ايضا واقعيا بصورة واضحة ولم يغمض العيون امام الحقائق. لقد كان يحترم الاشخاص المهنيين وساغي قال له إنه يجب اجراء مفاوضات مع سوريا، والآن. واستنادا الى هذه القاعدة الاستخبارية للمعلومات فهم شمير أنه اذا كانت سوريا مستعدة للمفاوضات فانه سيكون هناك مؤتمر آخر”.

وزير الخارجية الامريكي في حينه، جيمس بيكر، عمل في ذلك الوقت بحزم من اجل تحريك مفاوضات بين اسرائيل والدول العربية. التعاون بين الولايات المتحدة وسوريا في الهجوم على العراق واستعداد اسرائيل لاستيعاب اطلاق النار عليها ساعدت الادارة الامريكية في الدفع قدما بالعملية. 

في اسرائيل كانوا مترددين في شأن هل يشاركون في مؤتمر سلام اقليمي ولم يرغبوا في السماح لوفد فلسطيني بالمشاركة في الحدث كوفد مستقل. المستوى السياسي في اسرائيل وضع فيتو ايضا على احتمالية أن ممثلي م.ت.ف يتم استدعاءهم للمشاركة في المؤتمر كممثلين للفلسطينيين. سكرتير الحكومة في حينه، اليكيم روبنشتاين، ارسل هو وافرايمهليفي، الذي كان يشغل منصب نائب رئيس الموساد، لاجراء عدة لقاءات سرية مع الملك حسين في محاولة للعثور على حل للمسألة. 

سفر الطاقم الاسرائيلي الى الاردن قبل اتفاقات السلام اعتبر في حينه حدث دراماتيكي. “الحضور الى عمان كان بمثابة تجديد”، تذكر البروفيسور روبنشتاين الذي اصبح فيما بعد نائب رئيسة المحكمة العليا، في محادثة مع “هآرتس”. وحسب قوله: “في الواقع كنا، ربما، رواد الزيارات في عمان. افرايمهليفي وأنا بدأنا برحلات سرية الى الاردن من اجل الالتقاء مع الملك حسين وشقيقه الامير حسن. قمنا بذلك بعدة مرات في ربيع وصيف 1991. لن ادخل الى التفاصيل لكننا وصلنا الى هناك”.

“كانت محادثات طويلة”، تذكر روبنشتاين، “كنا نأتي في الصباح ونعود في اليوم التالي. كان ذلك أمر مثير وكما يبدو ايضا مجدي”. في هذه المحادثات ناقش الطرفان التحضير للمؤتمر. “لم نكن نعرف بعد أن هذا سيكون مؤتمر مدريد. تحدثنا عما يمكن الحديث عنه وحول طبيعة تمثيل الفلسطينيين في المؤتمر”. وحسب قوله “الملك حسين كان شخص لطيف جدا بالمعنى الشخصي. شقيقه الامير حسن كان يعرف القليل من العبرية التوراتية من دراسته في اكسفورد”. حتى أن الامير كتب اهداء بالعبرية، “سلام للبعيد والقريب” على كتاب اهداه في حينه للبروفيسور روبنشتاين.

في ختام المحادثات اتفق على أن الوفد الفلسطيني يجلس في القاعة كجزء من الوفد الاردني. اعضاء م.ت.ف لم يسمح لهم بالمشاركة في النقاشات، لكن الممثلين الاسرائيليين عرفوا جيدا بأن رؤساء المنظمة يتوقع أن يجروا محادثات هاتفية محتدمة من تونس مع الممثلية الفلسطينية التي ستأتي للنقاشات.

قبل لحظة من عقد المؤتمر حاول نشطاء سلام ازالة الغام كان يمكنها الاضرار بانعقاد المؤتمر. احد هذه الالغام هو احتجاج الفلسطينيين على قرار عدم السماح لـ م.ت.ف بتمثيلهم في المؤتمر. “نحن في حركة السلام الآن التقينا مع الزعماء الفلسطينيين في شرقي القدس في منزل فيصل الحسيني الذي تمت دعوته للمؤتمر”، استرجعت البروفيسورة غاليا غولان من رؤساء السلام الآن في السابق. وحسب قولها “حاولنا اقناعهم بأنه من المهم المشاركة. اقترحنا عليهم أن يجلس ممثلو المنظمة في غرفة مجاورة أو أن يتحدثوا معهم هاتفيا ويوجهون الامور. وهذا ما حدث في نهاية المطاف، الفلسطينيون تحدثوا طوال الوقت مع قيادة م.ت.ف في تونس”.

المؤتمر افتتح في 30 تشرين الاول 1991 ومكن اسرائيل من أن تدير بصورة متوازية، لكن ايضا بصورة منفردة، اتصالات مع كل وفد من الوفود. الخطاب الذي القاه في المؤتمر رئيس الوفد الفلسطيني، الدكتور حيدر عبد الشافي، تضمن عدد غير قليل من الرسائل التي نقلها نشطاء السلام الاسرائيليون في المحادثات الاولية في محاولة لتخفيف المعارضة لاقواله في الطرف الاسرائيلي. حسب اقوال البروفيسورة غولان “أنا اتذكر انني سمعت الخطاب وقلت في نفسي في حينه بأنه كان لنا تأثير عليه. كان ذلك خطاب ساحر جدا وتصالحي. رأيت فيه امور تعلموها من خلال محادثاتهم معنا بشأن ما يمكن وما يحظر قوله للاسرائيليين. هو تحدث عن معاناة الفلسطينيين وعن الاحتلال والمستوطنات. ولكن في المقابل عندما تحدث عن الكارثة هو لم يفعل ذلك من اجل مقارنتنا بالنازيين، بل من اجل الاعتراف بالمعاناة التي مر بها اليهود. هو تحدث عن اللاجئين الذين طردوا في 1967 وليس في 1948 وعن دولتين متساويتين، وقد ذكر معسكر السلام الاسرائيلي والمظاهرة التي اجريناها مع الفلسطينيين، أيدي حول القدس”.

في يوم الثلاثاء سيعقد معهد ترومان للدفع قدما بالسلام لقاء خاص لاحياء ذكرى 30 سنة على المؤتمر. البروفيسور روبنشتاين الذي ترأس في حينه الوفد الاسرائيلي للمحادثات مع الوفد الاردني – الفلسطيني في مدريد يعتقد أن المؤتمر كان اهم مما ينظر اليه. “لم يتم اعطاء للمؤتمر المكانة التي يستحقها في التاريخ”، قال. وحسب قوله “المؤتمر كان الطاولة الاولى التي جلست عليها اسرائيل والاردن والفلسطينيين بصورة علنية. كان هناك الكثير من اللقاءات التي سبقته، في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات والثمانينيات. ولكن في هذه المرة، التي عبرت عنها صورتي وأنا اصافح يد نظيري الاردني ونظيري الفلسطيني، بدأ عهد جديد، سياسي مكشوف، في اطار المفاوضات التي لم يكن مثلها في السابق”. 

في اختبار النتائج المؤتمر لم يؤد الى اتفاق بين اسرائيل وسوريا. ايضا الاتصالات مع الاردن والسلطة مرت بصيغ مختلفة طوال بضع سنوات قبل أن تنضج وتصبح اتفاقات. حسب اقوال مريدور، الذي يشغل الآن منصب رئيس اللجنة الادارية في معهد ترومان، “اذا نظرت الى المفاوضات مع سوريا، فانه فشل. لقد جاءوا وجلسوا ولم يخرج من هذا أي شيء. ولكن ايضا رابين ادار مفاوضات مع سوريا وبعده باراك ونتنياهو. ايضا هذا فشل. ربما أن الطرفين كانا بعيدان جدا في مواقفهما”. حسب قوله مؤتمر مدريد هو حلقة مهمة في “عملية قبول اسرائيل” التي نهايتها، حتى الآن، توجت باتفاقات ابراهيم مع دول الخليج والمغرب. “منذ 1967 فان علامة الطريق الرئيسية كانت الاختراقة الضخمة لبيغن والسادات. بعد ذلك جاءت اتفاقات اوسلو التي لم أكن اؤيدها. بعد ذلك الاتفاق بين رابين والملك حسين”.

البروفيسورة فيرد فنتسكيساروسي، رئيسة معهد ترومان، تعتقد أن وباء الكورونا بالتحديد وامور بيئية اخرى تقلق دول الشرق الاوسط، تبرر عقد مؤتمر اقليمي مشابه في القريب. “انظروا الى مؤتمر مدريد. لقد نسي حقا من الذاكرة الجماعية، لكنه يشكل مثالا على أن عمليات لم يعتقد أحد أنها ممكنة، قد حدثت. والآن، حيث أن العالم كله يدور حول ازمتين عالميتين وهما المناخ والكورونا، فان مؤتمر اقليمي هو امر ضروري يقتضيه الواقع وتحدياته. الفيروس لا يعرف الحدود والمناخ ايضا يرفض الاعتراف بالنزاعات التاريخية. اتفاقات ابراهيم مباركة، لكنها ليست البديل لحل نزاعنا، وربما أن دول الخليج أو الرباط في المغرب يمكن أن تكون مدريد القادم. المعهد يؤمن بأن الحكومة الحالية برئاسة بينيت وبدعم امريكي يمكنها ويجب عليها أن تعقد مؤتمر مدريد الجديد”.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى