ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم يوسي ملمان – من الذي سنصفيه هذا اليوم؟ في الواقع هل يجب علينا فعل ذلك؟

هآرتس – بقلم  يوسي ملمان  – 27/5/2020

في مقابلات مع الصحيفة الناطقة باسم “مركز تراث الموساد” بمناسبة مرور سبعين سنة على تشكيل الموساد، عبر ثلاثة من رؤسائه بصورة نادرة عن مواقفهم من التصفيات كوسيلة لتحقيق اهداف وقدموا اطلالة على لجنة رؤساء الاجهزة “.

احد المواضيع الاكثر حساسية، الذي تقريبا يصل الى حد الطابو، في الاستخبارات الاسرائيلية هو التصفيات. رؤساء موساد ورؤساء شباك واستخبارات عسكرية يترددون في التحدث عن ذلك بشكل علني. ورغم ذلك، في هذا الشهر كانت هناك فرصة نادرة، حتى لو كانت مقلصة، لالقاء نظرة على موقف ثلاثة اشخاص ترأسوا الجهاز في هذا الموضوع المختلف فيه. الثلاثة هم رؤساء الموساد السابقين ناحوم ادموني وداني يتوم وتمير بردو. والمنصة كانت مقابلات قامت باجرائها معهم الصحيفة الناطقة باسم “مركز تراث المخابرات”، في الذكرى السبعين لتأسيس الموساد.

يمكن تقسيم التصفيات الى ثلاث مجموعات: الاولى تشمل التصفيات التي تنفذ خلال عمليات عسكرية في الضفة الغربية وقطاع غزة أو في سوريا وفي لبنان. الثانية، التصفيات التي ينفذها الشباك، مثل التي تم تنفيذها بالجملة، على الاغلب بواسطة الطائرات، في فترة الانتفاضة الثانية في الضفة الغربية وفي قطاع غزة. الثالثة، التصفيات المنسوبة للموساد، للوحدة 504 (تشغيل العملاء) والوحدات الخاصة خارج اسرائيل. هذه المجموعة تنتمي اليها سلسلة طويلة من التصفيات المنسوبة لاسرائيل في الشرق الاوسط (لبنان والاردن وايران ودبي وسوريا)، وفي آسيا (ماليزيا) وفي افريقيا (تونس) أو في اوروبا (ايطاليا ومالطا والنرويج وفرنسا وقبرص واليونان).

على الاغلب عندما تحدث عملية تصفية خارج اسرائيل، دائما يكتب عنها في وسائل الاعلام الاسرائيلية “حسب منشورات اجنبية” أو “المنسوبة لاسرائيل”. وحتى عندما يكون واضح لكل العالم بأن اسرائيل هي المسؤولة عنها، هي لا تعترف بذلك. لا تؤكد ولا تنفي. هكذا حدث مثلا في حالة تصفية شخصية كبيرة في حماس، محمود المبحوح في بداية 2010 في دبي.

فقط في حالات نادرة ونتيجة خطأ، اضطرت حكومات اسرائيل الى الاعتراف بتصفيات أو بادرت الى ذلك بنفسها. هذا ما حدث عندما قام مندوبو الموساد ودورية هيئة الاركان باغتيال أبو جهاد في تونس في العام 1988، الذي كان نائب ياسر عرفات. في العام 1996 اعتذرت اسرائيل ودفعت 400 ألف دولار (بدون الاعتراف بالتهمة) لعائلة نرويجية، عائلة النادل المغربي أحمد بوشيكي، الذي قتل في ليل هامر على ايدي مقاتلي الموساد في 1973 بسبب خطأ في التشخيص. وفي العام 1997 اعترفت اسرائيل بأن الموساد حاول اغتيال خالد مشعل بواسطة حقنة سم، الذي كان رئيس المكتب السياسي لحماس في السابق، واضطرت الى أن ترسل الى عمان مضاد السم الذي أعد في اسرائيل من اجل انقاذ حياته.

التكلفة مقابل الفائدة

ناحوم ادموني الذي شغل منصب رئيس الموساد في الاعوام 1982 – 1989 يرفض باصرار اجراء مقابلات علنية عن الموساد. وباستثناء مقابلة واحدة اجراها قبل عشرات السنين مع الصحافي عوديد غرانوت وظهور قصير في فيلم لمركز تراث الموساد عن سلفه في المنصب، اسحق حوفي – هو يلتزم الصمت. في السابق توجهت اليه عدة مرات وطلبت منه الموافقة على اجراء مقابلة، لكنه رفض، وهكذا فعل في هذا الاسبوع ايضا. ادموني اشار الى أن قراره هو أمر مبدئي، وأنه في جيل الـ 91 لا ينوي الانحراف عنه.  لذلك، في الاقوال التي قالها للصحيفة الناطقة باسم “مركز تراث الموساد” توجد لها اهمية خاصة وربما حتى تاريخية.

“في موضوع العمليات التخريبية من تونس رأينا أن أبو جهاد يدير الانتفاضة الاولى من هناك. وقررنا ابعاده عن الصورة”، قال ادموني. “لقد خططنا عملية تصفيته. وأشركنا في هذه العملية دورية هيئة الاركان برئاسة بوغي يعلون. وأنا لا أعرف لماذا فعلنا ذلك، من المؤسف أن شبطاي (شبيط)، نائب ادموني وبعد ذلك من استبدله – قال لي لماذا لا تستطيع خليتنا تنفيذ القتل… ولأن كل افرادها كانوا في حينه في الجيش، أوصلنا رجال دورية هيئة الاركان الى الهدف… رئيس قيساريا في حينه قال لي إنه يفضل أن تقوم دورية هيئة الاركان بهذا العمل. وبعد ذلك، اعتقد أن قتل أبو جهاد قد غير شيء ما في سلوك الانتفاضة… كانت هناك عمليات تصفية تستحق القيام بها. عدد منها كان لا يستحق، وأخرى لم تكن لها أي فائدة”.

إن مسألة التكلفة مقابل الفائدة، أي هل الاغتيال يفيد الأمن القومي، تقلق راحة رؤساء الاستخبارات. ليس لديهم اجابة قاطعة، معظمهم، استنادا الى محادثات مع عدد غير قليل منهم، يعتقدون أن هذه وسيلة اسهامها محدود جدا في افضل الحالات. ومعظمهم يعترفون بأن عدد قليل من حالات الاغتيال ساهم بشكل حاسم واستراتيجي للامن القومي.

رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية السابق، الجنرال احتياط اوري ساغي، الذي اتخذ قرار التصفية في العام 1992 لسكرتير عام حزب الله، عباس موسوي، اعترف في وقت لاحق بأن هذا كان قرارا خاطئا. وحسب قوله هو أدى الى رد فعل شديد من قبل المنظمة الشيعية (بمساعدة المخابرات الايرانية)، وهذا انتهى بعمليات ارهابية في سفارات اسرائيل في الارجنتين في 1992 وفي مبنى الجالية اليهودية في بيونس آيريس بعد سنتين. 114 شخص قتلوا و500 اصيبوا في هذه العمليات. اضافة الى ذلك، بدلا من موسوي الرمادي انتخب لقيادة حزب الله، حسن نصر الله، المؤهل والكرازماتي الذي يواصل حتى الآن تنغيص حياة الاسرائيليين.

من الجهة الاخرى، يمكن الاشارة على الاقل على عمليتي تصفية التي معظم رؤساء المخابرات سيوافقون على أنها كانت مهمة وحيوية ولها تأثير كبير. العملية الاولى هي اغتيال فتحي الشقاقي، مؤسس وقائد الجهاد الاسلامي في العام 1955 في مالطا، والثانية اغتيال عماد مغنية، وزير الدفاع في حزب الله في العام 2008 في دمشق في عملية نسبت للموساد ووكالة الاستخبارات المركزية الامريكية سي.آي.ايه.

من الذي يوصي ومن الذي يصادق؟

تمير بردو الذي ترأس الموساد في الاعوام 2011 – 2016 قدم في المقابلة التي أجريت معه للصحيفة الناطقة باسم “مركز تراث الموساد”، فكرة مهمة خاصة به في كل ما يتعلق بالتصفيات. “افرايم هليفي، رئيس الموساد في 1998 – 2002، عارض التصفية بادعاء أن لها قيمة محدودة وبحق. والفهم هو أنه في التصفية المحددة أنت تعمل في عدة مجالات – أنت المحقق وأنت الذي يتهم وأنت الذي تنفذ ايضا… من المهم التوضيح بأن التصفية المركزة لم تأت لمعاقبة شخص ما على جرائمه، بل تستهدف منع عمليات مستقبلية. هذا ليس عقاب! مع ذلك هناك حالات استثنائية فيها يمكن أن نقيس بصورة مباشرة القيمة الاستراتيجية الحقيقية للعملية. عمل ضروري آخر يتم أخذه في الحسبان وهو تشويش الزمن الحقيقي على تنفيذ عملية معروفة ومعادية”.

واضاف بردو بأنه عندما “سيحاكم هذه المسألة لسنوات، فان قيمة هذه الطريقة محدودة من ناحية استراتيجية. يجب وضع الامور في نصابها – في معظم الحالات الموساد يقترح عمليات مع تبريرات لها ويعرضها على رئيس الحكومة. والاخير يصادق أو لا يصادق. رئيس الحكومة لا يلقي على الموساد مهمات تصفية، هو لا يبادر. هذه هي الطريقة السليمة للنظر الى هذه المسألة”.

اقوال بردو تطرح محل تساؤل ما حدث لداني يتوم الذي اشرف على الموساد لفترة قصيرة جدا (1996 – 1998)، في محاولة اغتيال خالد مشعل. “الموساد لم يوصي باغتيال مشعل”، قال للصحيفة الناطقة باسم “مركز تراث الموساد”. “عندما وجه نتنياهو… وأنا لا القي عن كاهلي أي مسؤولية لأنه كان يمكنني القول لبيبي كيف يمكن بكونك رئيس الحكومة أن تقرر اعادة المقاتلين الذين سبق وارسلتهم الى دولة اخرى (القصد هو أن التعليمات الاصلية ليتوم كانت اغتيال شخصية اخرى من حماس في دولة اخرى باتجاه معاكس من الاردن وعلى بعد آلاف الكيلومترات من اسرائيل)، وتقول لي اعدهم الى البلاد، نحن ذاهبون نحو واحد من رؤساء حماس الاربعة في قيادة حماس العالمية في عمان. لقد استغرقت يومين لفحص هل هناك امكانية لذلك، وتوصلت الى استنتاج بأن هذا ممكن”.

يتوم الذي تحدث عن الموضوع ايضا في فرص كثيرة سابقة اضاف وكشف أنه الى جانب مصادقة رئيس الحكومة على عملية التصفية، هناك جهة مشاركة في القرار وهي لجنة رؤساء الاجهزة، التي مهمتها التنسيق بين نشاطات اجهزة المخابرات المختلفة. رئيس اللجنة هو رئيس الموساد، هذا الجسم تم تشكيله في نيسان 1949 باسم “لجنة التنسيق بين الخدمات العليا” في اعقاب قضية اعدام مئير توبيانسكي بمبادرة من رؤوبين شيلوح، مؤسس الموساد. في اللجنة كان هناك ممثلون للشباك، القسم السياسي، قسم الاستخبارات العسكرية وشرطة اسرائيل.

ومنذ ذلك الحين تم تأسيس عدة لجان من اجل تقسيم الصلاحيات بين اجهزة الاستخبارات بشكل عام، خاصة في موضوع التنصت. وقد تم التوصل الى عدة تفاهمات سميت “المغناكارتا 1″ و”المغناكارتا 2”. الخلافات مع ذلك بقيت. يتوم يتفق مع ادموني بأن التعاون بين هذه المؤسسات كان فيه خلل. ولجنة رؤساء الاجهزة ايضا في زمني لم تساهم تقريبا بأي شيء، باستثناء المصادقة على الاشخاص الذين يجب تصفيتهم والذين طرحهم الموساد والشباك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى