ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم يهوديت اوفنهايمر وافيف تترسكي- الصفقة التي توجد داخل الصفقة

هآرتس – بقلم  يهوديت اوفنهايمر وافيف تترسكي  – 19/2/2020

” من خلال قراءة الصفقة يتبين أنها غير قابلة لقبول الفلسطينيين، لكن جوهرها يتمثل بالصفقة التي توجد داخلها، وهي الصفقة بين الامريكيين والاسرائيليين التي تتمثل بموافقة الاسرائيليين على ابقاء الارض المخصصة للفلسطينيين دون بناء مستوطنات عليها مدة اربع سنوات مقابل موافقة الامريكيين على فرض القانون الاسرائيلي على اجزاء من الضفة الغربية والاعتراف بسيادة اسرائيل على كامل القدس “.

بعد اسبوعين على نشر “خطة ترامب للسلام” اجرى السفير الامريكي دافيد فريدمان توجيه ومؤتمر صحفي في معهد ابحاث يميني في القدس. وقبل اختتام أقواله التي شرح فيها الخطة وامتدحها قال الاقوال التالية:

“هناك الصفقة وهناك الصفقة التي توجد داخل الصفقة. الصفقة نفسها هي الوثيقة الطويلة التي قرأتوها… “اقتراح” دولتين قوميتين… وحسب رأيه هذه اساس لمفاوضات… فيما يتعلق بالصفقة داخل الصفقة – هذا هو الاتفاق الذي توصلنا اليه مع اسرائيل: اذا قامت اسرائيل بتجميد البناء في المستوطنات لمدة اربع سنوات في المناطق التي خصصتها الخطة للفلسطينيين وتعاملت مع الخطة “الامريكية” كقاعدة للمفاوضات، عندها الولايات المتحدة ستعترف بفرض القانون الاسرائيلي على المنطقة المخصصة لاسرائيل في يهودا والسامرة مثلما يظهر ذلك في خارطة المخطط. الولايات المتحدة وافقت على الاعتراف بفرض القانون الاسرائيلي. وأنا لا أعرف اذا كانت الكلمة هي تعويض، ولكنها محفز، من اجل أن تبقي اسرائيل المنطقة المتبقية مفتوحة لـ “المفاوضات” من اجل اتفاق مستقبلي”.

من الممكن ومن الواجب معارضة خطة ترامب. ولكن من يستخف بالوثيقة فانه يفوته لب الموضوع. اجل، كاقتراح للمفاوضات بين طرفين، الحديث يدور عن وثيقة غير جدية، حيث أنه لا يوجد أي احتمال لأن يوافق الفلسطينيون على خطوط بداية كهذه. الخطة هي احادية الجانب تماما الى درجة أن عدد من الدول العربية التي ربما ارادت الوقوف الى جانب ترامب، اضطرت الى ادانتها. ولكن اضافة الى كونها اقتراح لخطة سلام فان الامر يتعلق بخطة عمل فعلية لضم المستوطنات وافشال أي احتمالية لاقامة الدولة الفلسطينية. هذه هي “الصفقة التي توجد داخل الصفقة” التي يتحدث عنها فريدمان. وهي لا تثير إلا الضحك.

أسس الصفقة في داخل الصفقة كانت مكشوفة لكل من له عينين في رأسه، حتى قبل نشر “صفقة القرن”. ولكن يبدو أنه لم يكن بالامكان صياغة خلاصتها بصورة أكثر دقة واستهزاء من صياغة فريدمان. والخطوات أحادية الجانب التي اتخذتها الادارة الامريكية بالتنسيق مع الحكومة الاسرائيلية قبل نشر “الصفقة” – نقل السفارة الامريكية الى القدس وتقليص المساعدات للسلطة الفلسطينية وانتهاء بالاعتراف الامريكي بهضبة الجولان – برهنت على أن اليمين في اسرائيل وادارة ترامب توصلوا الى تفاهمات متقدمة حول خطوات أحادية الجانب كاسحة وغير قابلة للتغيير.

وقد اضيفت لهذه الخطوات تصريحات السفير فريدمان والمبعوث غرينبلاط بخصوص حق اسرائيل في ضم اجزاء من الضفة الغربية وتصريح وزير الخارجية الامريكي بومبيو بشأن شرعية المستوطنات. في مركز هذه التفاهمات يقف جهد امريكي – اسرائيلي مشترك لاعادة تنظيم اطار النقاش السياسي وفصل قضاياه الرئيسية – السيادة والحدود والقدس واللاجئين – عن المباديء الملزمة لحل الدولتين وعن القانون الدولي، والانتقال من الضم الزاحف الى ضم جارف، رسمي وباعتراف امريكي.

“الصفقة” المقترحة لم تعد تجري بين تجمعين وطنيين توجد لهما حقوق تاريخية وسياسية متبادلة “الشرط الاساسي لأي عملية سياسية”، بل بين دولة سيادية ورعايا يعتمدون على رحمتها ورحمة دول راعية. وحتى لو أن الصفقة كانت تقدم ضريبة كلامية لفكرة الدولة الفلسطينية، فان الشروط التي تضعها تفرغها من مضمونها. بكلمات اخرى، “الصفقة التي توجد داخل الصفقة” تحيد “الصفقة” تماما.

عند اعلان الرئيس الامريكي ترامب عن قراره نقل السفارة الامريكية الى القدس في كانون الاول 2017، اعلن ايضا بأن نقل السفارة هو خطوة لـ “الاعتراف بالواقع”، لن يؤثر على العملية السياسية أو على حدود المدينة. عمليا، يوجد خط واحد يربط بين نقل السفارة واغلاق القنصلية الامريكية في شرقي القدس، وأخيرا اعلان ترامب عن الاعتراف بسيادة اسرائيل على جميع القدس، والقول بأن الجدار هو خط الحدود، الذي يبقي حوالي ثلث سكان القدس الفلسطينيين خارج حدود المدينة.

هكذا هو الوضع في جميع المسائل. “الاعتراف بالواقع” هو اكراه أحادي الجانب وجارف لـ “الواقع” المرغوب فيه من قبل طرف واحد. وهو الاعتراف الذي يحدد الصورة الكبيرة للنزاع بين اسرائيل والفلسطينيين، التي تحكم على الاسرائيليين والفلسطينيين واقع ثابت يتمثل بتفاقم وضع السادة والمحكومين. من هنا، يجب القول من الآن بأنه لا توجد “صفقة”، بل “الصفقة التي توجد داخل الصفقة”، التي عليها يجب أن يجري النقاش.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى