ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم  هاجر شيزاف – بعد سنوات من الجيرة الحسنة بدأوا في غوش عصيون ، يحاولون انهاء الاعتراف بقرية فلسطينية صغيرة

هآرتس – بقلم  هاجر شيزاف – 14/10/2021

” في غرب منطقة غوش عصيون وفي قلب تواصل المستوطنات اليهودية توجد خربة زكريا. خلال سنوات نشأت علاقات صداقة بين المستوطنين والفلسطينيين المحليين الذين بعضهم يعملون في المدرسة الدينية وفي السوبرماركت فيها. الآن مخطط للسماح بالبناء في القرية بصورة قانونية يكشف نظرة المستوطنين لجيرانهم: “أنا مع التعايش، لكن فقط عندما لا يشكل ذلك خطرا على اليهود” .

الشارع الذي تم شقه بين المستوطنات الثرية روش تسورين والون شفوت يرافقه متنزه يطل على المشهد الطبيعي للكروم. المشاة يمرون فيه اثناء تنزههم سيرا على الاقدام، أو لغرض النشاطات الرياضية في هواء الخريف. في الطريق يمرون بـ “شجرة الصنوبر المعزولة”، وهي شجرة عمرها مئات السنين وتوجد في وسط منطقة سياحية تم ترميمها مؤخرا بمساعدة وزارة السياحة ووزارة الزراعة. هذا هو الجزء الغربي من غوش عصيون. مثلما يرمز اسمها، هذه المنطقة تشكل حقا “كتلة” تواصل من المستوطنات التي لا تقتضي الحركة فيما بينها أي مرور بقرى فلسطينية.

هذا التواصل تم قطعه قرب مركز المتنزه. ومن لهم نظرة ثاقبة سيلاحظون الانعطاف يمينا الى شارع صغير وغير معبد، الذي يبرز على خلفية الترتيب السائد في المنطقة. في نهاية هذا الشارع توجد قرية بيت زكريا أو خربة زكريا كما تسميها اسرائيل. لا توجد أي لافتة تشير الى الدخول الى المكان. كل المباني في القرية تعتبر غير قانونية، لذلك هي مهددة بالهدم. السكان يعيشون في بيوت مكتظة بدون بنى تحتية منظمة. ولكن في شهر آب الماضي حدث أمر استثنائي، الادارة المدنية اعلنت أنها ستدفع قدما بالاعتراف بالخمسين مبنى في القرية الفلسطينية الصغيرة وستصادق على اقامة بنى تحتية. هذه الخطوة اثارت معارضة شديدة وفورية من قبل المستوطنات المجاورة والكيرن كييمت، التي انضمت معا في محاولة لاقناع وزارة الدفاع بالغاء هذه الخطوة.

سكان القرية خاب املهم كثيرا من الردود الغاضبة. فخلال سنوات تم نسج علاقات ودية بينهم وبين المستوطنين في المنطقة. ووسائل الاعلام قامت في السابق بتغطية احداث وثقت هذه العلاقات، التي تضمنت زيارة فتيات كفر عصيون اللواتي جئن من اجل شكر أحد سكان خربة زكريا الذي ساعد في اطفاء حريق، وحادثة قام فيها أحد السكان بالكشف عن عبوات وضعت في المنطقة.

“دائما كانت لنا علاقات مع مستوطنين واسرائيليين”، قال رئيس مجلس القرية، محمد ابراهيم عطا الله سعد. “الآن فجأة يقولون إنه محظور أن يكون لنا مخطط للقرية لأننا نشكل خطر. هذا يؤلمني. هذا ببساطة غير صحيح”.

الآن يعيش في خربة زكريا حوالي 350 شخص، حسب تقدير سعد. معظمهم يعملون في الزراعة في المستوطنات المجاورة وفي فرع رامي ليفي الموجود على مفترق طرق غوش عصيون وفي محطة الوقود المجاورة وحتى في المدرسة الدينية عصيون. ورغم ذلك، من يعارضون الخطة قالوا إنها ستعرض للخطر المستوطنين و”ستقطع تواصل الاستيطان اليهودي في المنطقة”.

رئيس المجلس قال إن الألم يزداد ازاء جهوده للحفاظ على علاقات الصداقة على مدى السنين، حتى لو اضطر الى التضحية بمصالح داخلية. وحسب قوله، في عدة مناسبات رفض اقتراحات منظمات حقوق الانسان لتقديم مساعدة في التخطيط لصالح القرية. سعد قال إنه فضل التمسك بالمخطط الذي دفعت به قدما الادارة المدنية من اجل أن يكون في “متناول اليد”، حسب تعبيره. في هذه السنوات واصل سكان القرية العيش بدون بنى تحتية منظمة وبدون مصادقات تمكنهم من اقامة مباني جديدة في المكان.

على خلفية هذه الظروف، الكثير من الشباب يغادرون القرية دون خيار. على الاغلب هم ينتقلون للسكن بالايجار في البلدات الفلسطينية القريبة. شراء شقة هو أمر باهظ جدا بالنسبة لهم، لكن ايضا العيش في خربة زكريا غير ممكن. 

خطة مقلصة، معارضة كبيرة

حول خربة زكريا تنتشر اربع قرى اصغر وهي خلة البلوطة ووادي شحيت وخلة افعانا ومنطقة الشفا. معا يعدون حوالي 650 شخص، يشكلون جزءا من هذه الوحدة القروية. ولكن الخطة التي يدور الحديث عنها لتسوية شاملة هي فقط مساحة القرية الرئيسية، بيت زكريا، ولا تنظم الاخرى. رغم الطابع المقلص للمخطط فان الدفع به قدما اثار احتجاج فوري في اوساط الجيران اليهود. النقاش الاولي بشأنه كان يمكن أن يجري في الادارة المدنية في منتصف شهر آب الماضي. قبل هذا الموعد ارسل 17 من رؤساء المستوطنات رسالة لوزير الدفاع بني غانتس قالوا فيها إن الامر يتعلق بتهديد “وحدة الكتلة”. بعد ذلك بدأ موطفو الادارة بالاضراب وهكذا تم تأجيل النقاش.

قبل اسبوعين تقريبا جاء غانتس لجولة في المنطقة، بضغط من المستوطنين. اثناء جولته لم يدخل خربة زكريا ولم يلتق مع احد من سكان القرية. وحسب تقرير في “كان 11″، في نهاية الجولة قرر غانتس اعادة فحص مخطط الاعتراف بالمباني. غانتس لم يرد على الادعاء. وسعد من ناحيته لم تتم دعوته لهذه الجولة.

مؤخرا كانت وزارة الدفاع موجودة تحت ضغوط، ليس فقط من جانب المستوطنين بل ايضا من جانب الكيرن كييمت. ممثلة الكيرن كييمت، المحامية دينا ياهف، سارعت الى مطالبة الادارة المدنية باصدار أمر منع فوري للمخطط عندما تبين وجود نية لدفعه قدما. حسب الكيرن كييمت، جزء من الارض التي يشملها المخطط توجد بملكيتها. هذا الامر لم يتم حسمه، واليوم ستناقش الادارة المدنية طلب لمنع الدفع قدما بالمخطط. 

في خلفية تدخل الكيرن كييمت يوجد نضال طويل مع خربة زكريا. في الدعوى التي قدمتها الكيرن كييمت، التي تم الاعتراف بها من قبل المحكمة العليا جاء أنه في 1944 اشترت الكيرن كييمت 522 دونم، التي تستخدمها الآن مستوطنة روش تسورين، ومبنى المجلس الاقليمي غوش عصيون واراضي زراعية.

الكوشان الذي يوجد لدى الكيرن كييمت يشمل 74 دونم فقط. في اطار الاجراءات القانونية التي بدأت في العام 1999 ولم تنته حتى الآن، قال سعد بواسطة المحامي غياث ناصر بأن الاراضي التي الكيرن كييمت معنية بتسجيلها على اسمها هي فعليا ارضه وتمت فلاحتها من قبله. المحاكم حكمت في الواقع لصالح الكيرن كييمت. ولكن بعد اصدار الحكم الارض لم تسجل بعد وهي تنتظر نقاش آخر في الادارة المدنية.

في هذه الاثناء يواصل ابناء خربة زكريا المعاناة من مستوى حياة متدني. الحديث لا يدور فقط عن غياب البنى التحتية أو منع البناء الجديد. مسجد القرية بقي بدون مأذنة، وبناءه لم تتم المصادقة عليه بعد. وغير بعيد عنه، في المدرسة الاساسية الصغيرة، السقف يدلف. سعد يقف في ساحة المدرسة ويشير نحو الون شفوت والمنشأة التعليمية الكبيرة فيها، التي تشمل المدرسة الدينية جبل عصيون وكلية هرتسوغ. “أنا رئيس مجلس القرية وليست لي قدرة على فعل أي شيء”، اعترف، “عندما يسألني ابني لماذا هناك (في المستوطنات) يوجد شارع جميل وعندنا لا يوجد مثله عندنا لا يكون لدي جواب اعطيه اياه”.

يحبون ويثقون، الى حد معين

في الاشهر الاخيرة يبدو أن النضال ضد المخطط يقسم المستوطنين في المنطقة. ويضيء مواقفهم وعلاقتهم بضوء مركب. مثلا، يارون روزنطال، مدير الاقتصاد في كفار عصيون ورئيس المعارضة للخطة، اعتبر طوال سنوات شخص معتدل سياسيا. في العام 2018 تنافس في الانتخابات على رئاسة مجلس غوش عصيون وهزم امام شخص اعتبر متطرف اكثر منه، شلومو نئمان. ولكن الآن يبدو أنه يطوق نئمان من اليمين: حسب تقارير، الخطوات لتسوية البناء في خربة زكريا بدأت بعلم المجلس. روزنطال يحتج. “غوش عصيون هي الآن المكان الوحيد الذي توجد فيه حياة يهودية حرة من بين المستوطنات في يهودا والسامرة”، قال واضاف “لذلك، النساء يخرجن للسير والاولاد يركبون على الدراجات. اذا كانت هنا قرية عربية كبيرة فهذا لن يحدث بعد ذلك”.

مؤخرا تجول رئيس المجلس شلومو نئمان في القرية مع عضوة الكنيست اوريت ستروك (الصهيونية المتدينة) ويوآف كيش (الليكود)، من اللوبي من اجل ارض اسرائيل. بعد الزيارة اصدر المجلس بيان جاء فيه أن هذه العملية تشكل “سابقة للمصادقة على بناء عربي في قلب الاستيطان اليهودي”. وحسب قوله، هو واصدقاءه يخشون من أن المصادقة على الخطة ستؤدي الى انتقال فلسطينيين من بلدات اخرى الى القرية. “أنا بشكل مبدئي مع التعايش، لكن فقط عندما يكون ذلك لا يشكل أي خطر على اليهود”. وقال بشكل قاطع: “اضافة الى ذلك، ايضا بيت الفا ونير دافيد لم تكن لتوافق على اقامة قرية عربية بينهما”.

انضم لهذا النقاش ايضا شاؤول غولدشتاين، رئيس مجلس غوش عصيون الاسبق، والآن هو مدير عام سلطة الطبيعة والحدائق. حسب اقواله هو كان أول المبادرين لوضع خطة لتسوية وضع القرية قبل 15 سنة تقريبا. “نحن نحب ونثق بسكان خربة زكريا، وحتى الآذن في مدرستنا الاساسية كان من هناك وكانت لديه مفاتيح المدرسة”، قال. وقد قال ايضا إنه “دائما كان هناك من يعارضون تسوية وضع القرية. “أنا شخص يميني جدا. البلاد هي لنا. لا يوجد خلاف. لكني لا اعتقد أنه يجدر أن نتعامل بهذه الصورة مع السكان الذين يعيشون قرب مستوطنات مثل الون شفوت، التي يوجد فيها بنى تحتية وكل شيء”. 

غولدشتاين تحدث ايضا عن تسوية محدودة فقط. حسب قوله، كجزء من تحريك الفكرة قامت المستوطنة باحصاء سكان القرية من اجل التأكد منه أنه بعد تسويتها لن ينتقل اليها فلسطينيون من بلدات اخرى. وحسب قوله، هو اوقف المخطط بعد أن علم بأن الادارة المدنية تنوي المصادقة على بناء 400 وحدة سكنية.

على خلفية الاشكالية البيروقراطية وشبكة الضغوط فان مصير سكان خربة زكريا بقي غامضا. “نحن نعيش ثمانية اشخاص في غرفة”، قال سعد. “نحن بالاجمال نريد العيش مثل البشر. خمسون وحدة لا تكفي، لكن سنبدأ من شيء ما”.

وزير الدفاع بني غانتس رفض الرد.

من الكيرن كييمت جاء: “حسب قرار المحكمة العليا فان شركة همنوتا القدس هي صاحبة الاراضي. شركة همنوتا القدس تعمل وستعمل على الحفاظ على اراضيها وعلى حقوقها في الملكية. كل شيء طبقا للقرارات الموثقة في مؤسسات الكيرن كييمت”.

من رئيس مجلس غوش عصيون، شلومو نئمان، ورد: “نعم، قبل اكثر من عقد بادر المجلس الى تخطيط وتسوية لصالح سكان خربة زكريا. الآن نحن نوجد في مكان آخر كليا. نحن نتصرف مباشرة امام وزارة الدفاع والجهات ذات الصلاة، ونحن على ثقة من أن أي خطة بناء للسلطة الفلسطينية لن تتم المصادقة عليها في غوش عصيون”.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى