ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم نير حسون – أكبر، اكثر حكمة ولا يزالون غاضبين : الاغلاق يشعل نار الاحتجاج

هآرتس – بقلم  نير حسون – 19/10/2020

التقييدات جعلت عشرات آلاف الاسرائيليين الآخرين ينضمون الى الاحتجاج الذي عاد في يوم السبت الماضي بقوة مجددة الى مقر سكن رئيس الحكومة. المتظاهرون تبنوا تكتيكات جديدة نجحت في التملص من حواجز الشرطة وأوصلت الاحتجاج الى اماكن لم يصلاليها حتى الآن“.

“كن مثل الماء”، هكذا يسمي المتظاهرون في هونغ كونغ تكتيكات مسيراتهم. الفكرة هي الحرص على أن تتدفق المسيرات بسرعة وبدون مسارمحدد مسبقا، ومن خلال انحرافات حادة، تفرعات ولقاءات للجمهور. في كل مرة يواجه فيها المتظاهرون رجال الشرطة الذين يحاولون توجيه المسيرة بالاتجاه المطلوب للشرطة، هم يمرون في طريقهم ويتوجهون الى الجانب الآخر أو يجدون ثغرة عبر الساحات والازقة، بما يشبه المياه التي تتدفق في منحدر وتنقسم في كل مرة يعترضها عائق – لكنها لا تتوقف عن الجريان. المحتجون في هونغ كونغ رسخوا هذا التكتيك على المقولة المعروفة للاعب وسيد فنون الدفاع عن النفس بروسلي. الشرط الاساسي كي يعمل هذا التكتيك هو مجموعة بما فيه الكفاية من المتظاهرين الشباب ذوي اللياقة البدنية الذين يستطيعون الركض مسافات طويلة. النتيجة هي أن الشرطة ستجد صعوبة كبيرة في السيطرة على المسيرة، والقوة تنتقل الى المتظاهرين. في الاسابيع الاخيرة تم تبني التكتيك من قبل المتظاهرين ضد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في تل ابيب، وفي يوم السبت الماضي وصل الى القدس.

في الساعة العاشرة مساء تقريبا في يوم السبت، في الوقت الذي بدأت فيه المظاهرة بالخفوت خرج المئات الى المسيرة من ميدان باريس قرب منزل رئيس الحكومة، باسلوب المياه. وقد نزلوا شارع اغرون وعندما حاول رجال الشرطة وقفهم بدأوا بالركض، وبعد ذلك توجهوا عبر حديقة الاستقلال وانقسموا الى مجموعتين – واحدة تقدمت نحو ميدان صهيون والثانية الى شارع كينغ جورج. ومرة تلو الاخرى نجح المتظاهرون في التملص من رجال الشرطة ووصلوا الى مناطق لم تشهد أي احتجاج ضد نتنياهو في أي وقت مضى، منها سوق محنيه يهودا. وبعد اربعين دقيقة التقت المجموعتان وبدأتا في “سباق ركض” مع عشرات رجال الشرطة السرية الخاصة على طول حديقة ساكر. ولو أنهم كانوا مصممين أكثر بقليل لكانوا وصلوا الى الكنيست، لكن المتظاهرين قرروا التنازل والعودة الى شارع بلفور.

حتى بدء المسيرة، بلفور ظهر أمس مثل أي منتهى سبت منذ منتصف شهر تموز – آلاف الشباب والمسنين ملأوا كل زاوية في ميدان باريس، رافعين عدد متنوع من اللافتات المكتوبة بخط اليد وأعلام اسرائيل والاعلام السوداء والطبول والراعشات البلاستيكية. جميعهم حتى آخر شخص منهم كانوا يضعون الكمامات، لكن لا أحد منهم حافظ على الابتعاد الاجتماعي أو التظاهر في مجموعات. في ذروة المظاهرة، في الساعة التاسعة والنصف مسار، عندما طلبت الشرطة من المتظاهرين التوقف عن اصدار اصوات الابواق ابتلع طلبهم داخل الصرخات الصادرة من آلاف الحناجر: “بيبي، اذهب الى البيت”. واذا كان نتنياهو يأمل أن يضعف الاغلاق الاحتجاج ضده فقد خاب أمله. فالاحتجاج ضده عاد وظهر بأنه أكثر حزما مما كان قبل الاغلاق.

منع التظاهر على بعد اكثر من كيلومتر من البيت أدى الى اندلاع المظاهرات في مفترقات الطرق والميادين والجسور في مئات البؤر في ارجاء البلاد. في الاسابيع الاخيرة ظهرت بوادر احتجاج ايضا في مستوطنات وفي مدن تطوير، التي حتى الآن لم تشارك في المظاهرات. عشرات آلاف الاسرائيليين الذين لم يكونوا جزء من الاحتجاج وجدوا أن التظاهر قرب البيت ليس فقط أسهل، بل هو ايضا لقاء اجتماعي لا بأس به بشروط في ظل الظروف التي فيها كل آخر محظور وفقا للوائح. هكذا فان القيود على المظاهرات التي يناضل نتنياهو من اجلها بكل ما أوتي من قوة، أدت بآلاف الاسرائيليين – معظمهم من المتقاعدين والعائلات – الى الانتقال من احتجاج الأريكة الى دائرة المحتجين النشطين. هذا الى جانب تبني تكتيكات جديدة، أدى الى أن الاحتجاج بعد الاغلاق كان اكبر واكثر حكمة من سابقه.

قبل المسيرة في القدس في يوم السبت الماضي اقيم في ميدان باريس حفل زفاف عمري يفين ودور يعقوبي، اللذان اضطرا الى الغاء حفل الزفاف الذي خططا له في قبرص، وتزوجا اثناء المظاهرة. وقد مثل دور الحاخام مراسل “هآرتس” اوري مسغاف. “هذا هو حفل الزفاف الافضل الذي حضرته. كان هناك عشرة آلاف شخص في حفل زفافي”، قال عمري. “أنا أحب المخرج أمير كوستريتسا، وهذا ذكرني بحفل زفاف كوستريتسا”، قالت دور، طالبة الدكتوراة والمعلمة في مجال السينما. وسألتهم عن الخلط بين الشخصي والسياسي. “جميع الاشخاص الموجودين هنا جاءوا بسبب الشخصي والسياسي. وأي محاولة للفصل هي محاولة مضللة. وكل من يشعر بالجوع أو يوجد في ازمة نفسية يأتي ايضا بسبب الشخصي وايضا بسبب السياسي”، أجاب عمري.

بداية موجة الاحتجاج الجماهيرية اعتيد على تحديدها بحدث “البيبيستيل” في 14 تموز. منذ ذلك الحين نجح الاحتجاج في التغلب على عدد غير قليل من العقبات، محاولات التشويه لسياسيين، عنف رجال الشرطة ونشطاء اليمين وقيود الاغلاق. أمس بعد ثلاثة اشهر، ظهر أن الغضب والاحباط اللذين يحركا الاحتجاج لم يضعفا أبدا، بل بالعكس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى