ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم نوعا لنداو – مُدوِّر الزوايا

هآرتس – بقلم  نوعا لنداو – 7/7/2020

نتنياهو يزدهر في اوقات الازمات، لكن يصعب عليه مواجهة الروتين المرهق “.

فجوة لا يمكن تخيلها تمتد بين دولة اسرائيل التي أطلقت صباح أمس قمر صناعي متطور للمراقبة الى الفضاء وبين دولة اسرائيل التي يرتفع فيها منحنى تفشي الكورونا في هذه الاثناء الى نفس الاتجاه. شعب مشاريع المبادرات والحداثة، التي فيها الانظمة المتطورة جدا للشباك ترسل كل يوم آلاف المواطنين لاسبوعين في الحجر دون رد في مركز الشكاوى والجميع مقتنعون بأن قناع الحماية من الكورونا الناجع جدا هو عندما يتدلى بأناقة من تحت ذقونهم.

المجتمع الاسرائيلي، ومثله قيادته، يتميز على الاغلب في اوقات الازمات والفرص، عندما تكون هناك حاجة ال الارتجال واظهار المرونة واخضاع القواعد والموارد والاهتمام بالظروف، الاسرائيليون يكونون في أوجهم. هكذا كما يبدو شكلتهم سنوات الحروب والكوارث التي اقتضت منهم التجند والتكتل. عندما تحدث أي مأساة، على الفور تنقض عليها الاجهزة، والمواطنون يكونون منضبطون بالاجمال. ولكن عندما تمر ساعة الطواريء رويدا رويدا بصورة روتينية، ويكون من الواجب تحويل كل الارتجالات الابداعية الى اجراءات وقواعد مملة والى برامج للمدى البعيد والى مسار اتخاذ قرارات منطقي ومرتب – حينها تبدأ المشاكل. هذا بالضبط ما يحدث الآن في المواجهة مع فيروس الكورونا. التهمة ليست تهمة حصرية للحكومة. مثلما هي ليست حصرية للمواطنين، فهم يواصلون الارتجال بدون أي استراتيجية عليا أو منطق أو سيطرة، وهم يهملون بجموعهم القواعد منذ اللحظة التي انتهى فيها الاغلاق.

نتشيه كتب عن الاساس الابوليني والاساس الديونيزي – ببساطة، التوتر القائم داخل كل انسان بين العقل والحواس، بين القواعد وتحطيمها. في ازمة كهذه لا شك أنه مطلوب قيادة تعرف كيفية التقدير وتعليم الجمهور كيف يقدر ايضا الجانب الابوليني للامور، المنهجي، النظام والعقلانية المستمرة التي ستؤدي الى نتائج، ربما ببطء ولكن بصورة آمنة؛ الطريقة التي فيها المنحنى لا يتم تحطيمه على صوت التصفيق، والذي ايضا لا يرتفع الى عنان السماء.

نتنياهو هو شخص يشخص ويحب الدراما التاريخية. وهو يزدهر في الازمات، يستمتع في أن يكون “أول من يشخص”، ويقفز على الفور للاستعداد أمام السيناريوهات الاكثر تشاؤما، يقفز على التحدي – ايضا يسارع الى أن يمدح نفسه حتى قبل انتهاء التحدي. كل هذه الصفات ظهرت بشكل جيد في الموجة الاولى لتفشي الكورونا في اسرائيل. والآن عندما حان الوقت للانتقال من مزاج الدراما الى مزاج الروتين العادي، هو يضيع ومعه الحكومة والدولة كلها.

لم يكن من المفاجيء بشكل خاص سماع نتنياهو وهو يتذمر في يوم الخميس الماضي من مرور الايام الجيدة التي فيها تمت المصادقة على كل قرار وتقييد تقريبا باشارة يد فقط. بدون رئيس حكومة بديل، وبدون اصدقائه المثيرين للمشاكل في بلدية تل ابيب ومواقفهم، وبدون لجان في الكنيست، وبدون رجال قانون وبدون كوابح. بالضبط لهذا السبب قرر أن يجيز أمس بصورة خاطفة مشروع قانون حكومي يمكن من تطبيق كل تقييد على الفور مثلما كان الامر في السابق، مع تجاوز النقاش المتعب والزائد حسب رأيه في لجان الكنيست.

“القواعد القانونية ملزمة لنا، هذا ببساطة لا يمكن تصديقه. فهي تلزمنا بأن نمرر كل امر من خلال تشريع”، هكذا تذمر عندما سئل لماذا انفاذ القانون غير فعال. “ما كان يمكننا فعله في الحكومة الانتقالية يوجد له تعليمات لساعة الطواريء، فجأة بعد أن شكلنا حكومة، يقولون الآن أنت تستطيع أن تشرع”. فقط لو لم يزعجه هؤلاء لكان قد تغلب على الكورونا منذ زمن.

هذا الخطاب يناسب اجندة نتنياهو، أن يتهم رجال القانون، لا سيما المحكمة العليا والمستشار القانوني للحكومة، بكل شر. يناسبه تماما ضعضعة الثقة بهم قبل التقدم في محاكمته، وايضا يوجد له دعم من مجموعات يمينية محافظة تريد اضعاف سلطة القانون امام المشرعين كأيديولوجيا لهم. ولكن ليس هذا فقط، وليس فقط خيبة الأمل من المس بمركزيته عند انضمام ازرق ابيض للحكومة، بل هناك ايضا الميل للهرب من كل ما هو بيروقراطي وغامض جدا و”تدوير الزوايا” بفخر، كسياسة. هذه مقاربة اذا واصلها فقط سيعمق الكارثة. لأن الكورونا لا يتم التغلب عليها بمساعدة الالعاب النارية، بل بعمل حثيث مثل النمل، منظم وهاديء. والوقوف وتطبيق القواعد المرهقة بصرامة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى