ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم  نوعا لنداو- من يعبدون الشباك

هآرتس – بقلم  نوعا لنداو- 23/11/2021

” الكشف عن بعض القضايا التي تعامل معها الشباك يدل على أن الثقافة السائدة في الشباك والموساد لا تختلف عن الثقافة السائدة في الشرطة. وكفى للثقة العمياء بهذه الاجهزة “.

معروف أنه في اسرائيل يوجد ميل لتقديس الجهات الامنية والايمان بها بشكل كامل والتقليل من توجيه الانتقادات لافعالها. الابحاث التي فحصت مستوى ثقة الجمهور بمؤسسات الدولة ركزت، على هذا الصعيد بشكل عام، على النظرة للجيش الاسرائيلي، الذي هو بقرة مقدسة بشكل خاص، وللشرطة، التي تعتبر في نظر الجمهور أقل مصداقية.

لكن “مؤشر الامن” لمعهد بحوث الامن القومي فحص في السنوات الاخيرة درجة الثقة المحددة للجمهور اليهودي بالشباك والموساد. الباحثات وجدن أنه في 2020 و2021، مثلا، نسبة الثقة بالموساد في اوساط اليهود في اسرائيل كانت تشبه نسبة الثقة العالية بشكل خاص بالجيش الاسرائيلي (84 في المئة)، ونسبة الثقة بالشباك قريبة من ذلك (78 في المئة). في حين أن نسبة الثقة بالشرطة هي أقل بكثير (34 في المئة.

سبب الثقة الكبيرة بالجيش واضح. لأنه توجد هنا روح وطنية وخدمة الزامية في اطارها الثقة بالجيش الاسرائيلي تعني في الواقع الثقة بنفسك وعائلتك واصدقائك. ومعظم الاسرائيليين غير قادرين على أن يوجهوا الاتهام لانفسهم. ولكن ماذا عن الموساد والشباك؟. وقد تمت الاشارة في مؤشر الامن الاخير بأنه “من المثير أن الجمهور يظهر الثقة الاعلى بجهاز الامن، بالتحديد تجاه الاجهزة المخفية عن العين”.

هذا في الحقيقة “غير مثير”، هذا مفهوم ضمنا. فطالما أننا نطلع بصورة اقل على النشاطات السرية لهذه الهيئات، نحن بذلك نتخيل أنها موثوقة اكثر. أو بكلمات اخرى، كل اسرائيلي اصطدم بشرطي يعرف أن الامر لا يتعلق بهيئة مثالية، على اقل تقدير، في حين أن الاسرائيلي الذي لم يصطدم في أي يوم  مع رجل من الموساد أو الشباك يتخيل أنه هناك لا يوجد بالضبط نفس الاشخاص، بل سلالة خاصة من الاسرائيليين الساميين الذين لا يخفقون. ولكن بين حين وآخر يحدث شيء دراماتيكي، يضعضع هذه الثقة العمياء. على سبيل المثال، عندما تبين أن الشباك فوت فرصة كبيرة عندما لم يمسك بمجرم مدان حاول التجسس لصالح ايران من داخل منزل وزير الدفاع. فشل ذريع وواضح كهذا من الاسهل اعتباره فشل. وإن كان عدد من المراسلين الذين يقومون بتغطية اخبار هذه المؤسسة حاولوا أن يخففوا ذلك بصورة مصطنعة، (“اجراءات الاحباط السريعة والفورية اوقفت نوايا هذا الشخص!”. لقد قاموا ببيع الرد بحماس). هذه الدعابة لم تساعد الشباك، الذي اضطر الى الاعتراف بفشله. 

اعتراف الشباك الصريح هذا بالفشل المدوي لا يعطى بالطبع عندما يدور الحديث عن اخفاقات ضد فلسطينيين. عندها محظور طرح اسئلة صعبة. نحن لم نشاهد أي ندم كهذا على الخطأ، مثلا في قضية الغاء لائحة الاتهام ضد عرب من سكان يافا، الذين اثبت توثيق بكاميرات الحماية أنهم لم يكونوا في ساحة الحدث أبدا، الذي اعترفوا بالتورط فيه كما يبدو اثناء التحقيق معهم في الشباك. 

ايضا في قضية الاعلان عن المنظمات الفلسطينية الستة لحقوق الانسان كمنظمات ارهابية يتم طرح اسئلة صعبة من تفاصيل مواد التحقيق في الشباك، التي ارتكزت عليها وزارة الدفاع. على سبيل المثال، المحكمة العسكرية في معسكر عوفر قالت إن شاهدة رئيسية، كما يبدو، وهي مواطنة اسبانية تمت ادانتها بتجنيد الاموال، التي تم تحويلها للجبهة الشعبية، لم تكن تعرف على الاطلاق أو لم تكن لها أي علاقة بنشاطات هذه المنظمات الستة، مثلما نشرت مؤخرا هاجر شيزاف (“هآرتس”، 15/11). اسرائيل حاولت الادعاء على اساس ملفها بأن المنظمات التي اعلن عنها منظمات ارهابية عملت بنفس الطريقة، في حين أن هذه المرأة لم تعمل أبدا فيها ولم تعرف النشطاء فيها. وهذا هو فقط طرف جبل الجليد.

اذا وضعنا جانبا للحظة التقديس الوطني للشباك، وقمنا باضاءة الزوايا المظلمة في عمله، التي على الاغلب نحن لا نعرف عنها بما فيه الكفاية، فستظهر العيوب. قضية رجل النظافة الذي اراد التجسس في بيت الوزير غانتس يمكن أن تذكرنا مرة اخرى بأن الشباك بعيد عن أن يكون مقدس، وأن الثقافة التنظيمية هناك لا تختلف في الحقيقة عن الثقافة التنظيمية التي نستخف بها عندما يدور الحديث عن الشرطة. كفى لتقديس الشباك.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى