ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم نوعا لنداو – شرق وسط جديد : أهلا وسهلا بالقادمين الى نهاية التاريخ الليبرالي

هآرتس – بقلم  نوعا لنداو  – 19/8/2020

” زلة اللسان التي خرجت من رئيس الحكومة عندما قال إن اتحاد الامارات هي ديمقراطية متطورة، تعكس الفجوة بين النظام العالمي القديم والنظام الذي لم يعد فيه للقيم الليبرالية أي أهمية. نتنياهو يعرف كيف يستغل ذلك من اجل عقد تحالفات مع المحور غير الليبرالي، واتحاد الامارات ليست الدولة الاخيرة “.

زلة لسان صغيرة وغير مهمة كما يبدو، لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في يوم الاثنين الماضي في مقابلة استثنائية مع قناة “سكاي نيوز” بالعربية، كشفت النقلة التكتونية الكبيرة لجيلنا، التي هي أكبر من السلام الذي يندلع في هذه الايام بين اسرائيل والعالم العربي. اسرائيل واتحاد الامارات، قال نتنياهو لمن أجرت معه المقابلة هما “دولتان ديمقراطيتان متطورتان”. نتنياهو الذي هو شخص يعتبر نفسه ليبرالي بالمعنى الاساسي جدا، ودرس في الولايات المتحدة في فترة كان فيها ما زال للقيم الليبرالية اهمية، ببساطة اعتاد على هذه الرواية القديمة من خطاباته الكثيرة عن علاقات اسرائيل مع باقي الدول الاخرى. يطلق النار بشكل تلقائي، ولكن في هذه المرة الامر لم ينجح.

اسرائيل تعقد سلام مع دولة الامر الاخير الذي يمكن أن نقوله عنها هو أنها ديمقراطية. والرواية التي أملت اسرائيل أن تبيعها طوال سنين للعالم الليبرالي عن سلام بين دول ديمقراطية وعن الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط، تحولت الى أمر زائد تماما في النظام العالمي الجديد الذي فيه توجد للقيم الليبرالية اهمية ضئيلة جدا في العلاقات الدولية. هذه هي الهزة الارضية الحقيقية لجيلنا: الرواية الليبرالية، وهناك من سيقولون الكاذبة أصلا، التي باعتها لنفسها الشعوب الغربية، تبدلت امام ناظرينا بنظام عالمي جديد يمثله أكثر من أي شيء آخر الصراع المتعاظم بين الصين والولايات المتحدة.

منذ صعود النظريات الليبرالية، لا سيما بعد هزات الحرب العالمية الثانية والتفاؤل الذي رافق نهاية الحرب الباردة، لعبت دور حاسم في تشكيل النظام العالمي والعلاقات الدولية. التعاونات الدولية وفرضيات بشأن العلاقات بين الدول الديمقراطية، السلام والرأسمالية، ازدهرت في الخطاب العام، منذ أن خسر بشكل كبير فرنسيس فوكوياما، كاتب “نهاية التاريخ”، لصموئيل هنغتنتون مؤلف “تصادم الحضارات” أو بكلمات الرئيس الروسي فلادمير بوتين، هناك ما يسمى “الفكرة الليبرالية”، التي وصلت الى نهايتها الطبيعية.

هذا بالطبع هو نفس بوتين الذي يسيطر الآن على الحدود الشمالية لاسرائيل كجزء من عودة روسيا الى المنطقة. في الجانب الثاني من العالم، الولايات المتحدة في عهد دونالد ترامب، لم يعد يتفاخر بفرض قيم ديمقراطية على العالم. الرأسمالية تكفي. في اوروبا صعود الارهاب الدولي وموجات الهجرة اصطدمت بقوة بحلم الغاء الحدود وأعادت الاسئلة حول الهوية والقومية. أو حسب رأي ترامب، الوطنية ضد العولمة.

نتنياهو يعرف كيف يستغل هذا التحدي والتغيير في قيم الديمقراطية الليبرالية في السنوات الاخيرة، التي لم تندمج فيها اسرائيل بشكل طبيعي من البداية، من اجل اقامة تحالفات جديدة مع المحور المقابل. في الولايات المتحدة مع الرئيس ترامب، في البرازيل مع جائير بولسنارو، في اوروبا مع فيكتور اوربان، وفي الفلبين مع رودريغو دوتيرتا، وايضا مغازلة – طالما أن الولايات المتحدة تسمح بذلك، شي جيم بينغ الصيني. هذه فقط نماذج. في كل مكان يوجد في مراكز القوة محافظون اعضاء في التحالف غير الليبرالي. والاسوأ من ذلك هو أن اسرائيل ستسعى بطبيعة الحال الى الانضمام اليهم.

هذا تحالف يرتكز ليس فقط على قيم غير ليبرالية، بل ايضا على تحولات غير ليبرالية: من السعي المشترك لضعضعة القضاء الدولي والنظام في المؤسسات متعددة الاطراف وحتى الاتجار بتكنولوجيات مطاردة معارضي النظام. فقط ايران وتركيا، اللاعبتان البارزتان في المحور المناهض لليبرالية، كم هذا مخيب للآمال، ربما أن اسرائيل لن تتمكن كما يبدو من تجنيدهما قريبا الى جانبها. ملفات وزارة الخارجية من فترة العلاقة مع جنوب افريقيا ستقول إن هذا أمر غير جديد، وهي على حق. ولكن هذا بالتأكيد يتسع. وكذلك ليس هناك حاجة الى محاولة اخفائه.

هذه الاحداث العالمية غير مفصولة عن ازدهار السلام في الشرق الاوسط الجديد وفي افريقيا في هذه الاثناء، التي تقودها في الوقت الحالي اتحاد الامارات والسودان. ويمكن الافتراض بأن تنضم اليهما ايضا دول اخرى. اسرائيل لا تستبعد بيع تكنولوجيا مشبوهة لاتحاد الامارات ولن تنتقد في أي يوم اسلوب النظام هناك، وليس ايضا السعودية. بالضبط كما لن تبدأ بحملة للدفاع عن وضع حقوق الانسان في هونغ كونغ أو ضد ملاحقة المثليين في البرازيل وبولندا. وكيف ستطلق اسرائيل النار على قدمها، عن طريق حمل اعلام ليبرالية في الوقت الذي تتهم فيه كدولة تخرق حقوق الانسان؟.

هذا يعمل فقط عبر تغريدات  وزارة الخارجية المغسولة التي تمجد كل ما يحدث في دولة تل ابيب. ولكن ليس بالعلاقات الخارجية نفسها. هذا بشكل عام المرحلة التي يوجد فيها من سيرد “لا. لأنهم في السلطة الفلسطينية هم ليبراليون حقا”. هم لا. ولكن مع الفلسطينيين لا يوجد لاسرائيل مناص سوى أن تتدبر أمرها وأن تسعى الى التغيير. هم ببساطة يوجدون هنا. ما هو مبررها بخصوص كل باقي العالم؟ هذه الادعاءات التي تحولت الى ادعاءات شعبية جدا، لا تحل المشكلات لدينا، فقط تظهر مشكلات اخرى.

كجزء من منحى التغيير هذا، وقبل الانتخابات الامريكية التي ستحسم الكثير بخصوصها، تبرز المفارقة الديمقراطية، حيث أن الاجراء الديمقراطي هو الذي يسمح بتجريد الديمقراطية من قيمها الاساسية. وبكلمات اخرى، عندما تصوت الاغلبية بشكل حر ضد القيم الديمقراطية – الليبرالية. ايضا اسرائيل ما زالت ديمقراطية بهذا المعنى حيث توجد فيها انتخابات، وفي الانتخابات يفوز نتنياهو. الاغلبية في اسرائيل مثلما في اماكن اخرى في العالم، تنتخب مرة تلو الاخرى مرشح صنع من التحالفات غير الليبرالية نجاحه السياسي. هذا بالضبط ما كتبه عنه فريد زكريا، بأن “الديمقراطيات غير الليبرالية تجذب الشرعية وقوتها تنبع من أنها ديمقراطية بدرجة معقولة”.

كل هذا لا يعني أن اسرائيل لا يجب عليها التطلع الى اقامة علاقات دبلوماسية مع اكبر عدد من الدول ومن بينها اتحاد الامارات. ولكن يجب النظر مباشرة في التوجه: اسرائيل نسبت نفسها بفخر الى النادي غير الليبرالي. طالما أن الاحتلال يتعمق والحاجة الى تقويض النظام الليبرالي القديم تزداد، كما يبدو فانه ليس لدينا خيار في ذلك. اذا، اهلا وسهلا بالقادمين الى ديمقراطية اتحاد الامارات، يقولون إنه توجد هناك أفضل المجمعات التجارية. وأهلا وسهلا ببداية نهاية التاريخ الليبرالي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى