هآرتس – بقلم نوعا لنداو – ترامب يريد أن يترك عالم مشتعل ، ونتنياهو سيكون مسرورا بأن يقدم له عود الثقاب
هآرتس – بقلم نوعا لنداو – 29/11/2020
” في ايران حددوا من وجهة نظرهم المسؤولين المباشرين عن عملية الاغتيال ولمن سيوجه الانتقام. وعلينا أن نأمل بأن يؤجلوا انتقامهم الى حين تولي بايدن زمام الامور “.
بقي اكثر من شهر للرئيس ترامب ليشعل خلفه العالم في طريق خروجه من البيت الابيض ويبدو أنه لا ينوي أن يترك أي عود ثقاب في العلبة. الى جانبه رئيس الحكومة نتنياهو سيكون مسرورا بمساعدته في اشعال النار.
الاغتيال أول أمس لـ “أبو المشروع النووي الايراني”، محسن فخري زادة، يعكس ذعر نهاية الموسم في واشنطن، حيث أنه في هذه المرة منفذو التصفية للحظة الاخيرة يحصلون على اهمية مختلفة تماما. مهما كان الطاقم الذي ضغط بالفعل على الزناد، فان التغريدات المحمومة للترامب في نهاية الاسبوع لا تترك أي مجال للشك بأن الادارة الامريكية برئاسته باركت هذه الخطوة.
الآن يمكن التخمين لماذا سارعوا في السعودية الى النفي بشكل علني وجود لقاء ثلاثي كما يبدو بين ولي العهد محمد بن سلمان ووزير الخارجية الامريكي مايك بومبيو ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في بداية الاسبوع الماضي في مدينة نيئوم في السعودية. ويمكن التخمين ايضا لماذا تم تأجيل فجأة زيارة نتنياهو في البحرين واتحاد الامارات، التي تم التخطيط لها في الاسبوع القادم.
النفي والصمت الرسمي لن يغيرا أي شيء. في ايران سبق واوضحوا من الذين يعتبرونهم المسؤولون عن الاغتيال والى من سيتم توجيه الانتقام. اسرائيل بالطبع. وفي الولايات المتحدة، باستثناء التغريدات غير المرمزة في تويتر للرئيس مشعل النار والتارك، هناك عدد من رجال الاستخبارات أكدوا لـ “نيويورك تايمز” بأن اسرائيل هي المسؤولة. كل ذلك دون معرفة درجة التنسيق بين رئيس الحكومة ووزير دفاعه بني غانتس في الايام التي فيها التوتر بينهما في ذروته، وحيث تم الادعاء بأن غانتس لم يعرف أبدا عن المغامرة السعودية لنتنياهو. يصعب أن يخطر بالبال سيناريو مجنون جدا مثل اقصاء وزير دفاع عن تدخل اسرائيلي في مواضيع ذات اهمية حاسمة، لكن هذا لن يكون الامر المجنون الوحيد الذي حدث في فترة ولاية ترامب.
وفي حين أن الموضوع الايراني في الولايات المتحدة موضع خلاف شديد بين الديمقراطيين والجمهوريين، وتدخل امريكي في اغتيال كهذا سيعتبر تعويق متعمد للرئيس المنتخب جو بايدن، فانه في اسرائيل من المرجح أن لا يتجرأ كثيرون على ادانة العملية. فعليا، ليس هناك مسألة سياسية – امنية تحظى باجماع كبير جدا في اسرائيل، من قبل الجميع، مثل المسألة الايرانية.
ليس هناك أي سياسي، باستثناء القائمة المشتركة، تجرأ على أن يقول بصوت عال بأن الاغتيالات لن تؤدي الى أي شيء باستثناء التصعيد الاقليمي واستبدال موضوع الاغتيال بمن سيأتي بعده. لن يتجرأ أحد على أن يطرح سؤال كيف كانت سترد اسرائيل لو أن ايران اغتالت لا سمح الله في اراضيها شخصية اسرائيلية رفيعة المستوى. هذا هو الانتصار الاكبر لنتنياهو، وهذا هو ارثه للاجيال القادمة: لا أحد في اسرائيل يتجرأ على طرح بديل لسياسته تجاه ايران. وعندما لا يقوم أحد بتحديك، كما قال جون ستيوارت ميل، فأنت لن تعرف في أي يوم اذا كنت محقا. اطروحة الشيطان، الاكبر أو الاصغر، تم تبنيها بصورة كاملة من قبل اسرائيل وايران معا، عندما تزدادان تسلحا. تنضم اليهم الآن بصورة اقوى دول الخليج المجاورة التي تتسلح بمساعدة الولايات المتحدة كجزء من دائرة تصعيد أبدية.
الآن بقي علينا أن نأمل حدوث سيناريوهين: أن يفضل الايرانيون الانتظار الى الأداء القريب للقسم من قبل بايدن بدلا من أن ينفذوا فورا تهديداتهم بالانتقام، وأن يكون لم يبق لترامب المزيد من من اعواد الثقاب في العلبة. وتصعيد كبير امام ايران في ذروة ازمة صحية واقتصادية خطيرة، وفي ظل وجود رئيس حكومة غارق حتى عنقه في محاكمته ويميل الى أن يقصي بفخر وزراء دفاعه وخارجيته، هو سيناريو جنوني متطرف جدا. ليس هناك لرئيس حكومة كهذا أهلية اخلاقية وجماهيرية ليقرر في امور هي مصيرية جدا على مستقبل اسرائيل، والاشخاص المحيطون به والذين جاءوا بتعيينات متملقة، غير قادرين على صده.
