ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم نوعا لنداو – الاتفاقات دعت الى سلام عالمي عليل، وليس صدفة

هآرتس – بقلم  نوعا لنداو – 18/9/2020

” الوثائق التي وقعت في واشنطن تدعو الى “التعايش”. ولكن ليس فيها اعتراف باسرائيل كدولة يهودية، وفي المقابل لا يوجد أي ذكر لحل الدولتين. مع ذلك، هي تلزم الدول بالامتثال لتعليمات القانون الدولي “.

كانت هناك مهمة غير سهلة تقف أمام من قاموا بصياغة الاتفاقات بين اسرائيل والامارات والبحرين: في الماراثون الذي كان يسابق الزمن والذي استمر اقل من اسبوع كان يجب عليهم أن يصيغوا بالتنسيق مع الامريكيين ثلاث وثائق مختلفة هي (“اتفاقات ابراهيم”، اتفاق سلام مع الامارات واعلان سلام مع البحرين)، حيث لا يتم قول أي شيء فيها.

صياغة اتفاقات سلام هي معقدة جدا عندما يكون بين طرفين، ناهيك عن أن يكون بين اربعة أطراف. لذلك فان الهدف الاسمى في صياغة هذه الوثائق في فترة قصيرة جدا هو الابتعاد عن أي مقولة تثير نقاشات وتحفظات لدى أي طرف من الاطراف. هدف آخر من وراء الكواليس كان أن هذه الاتفاقات ستشكل نوع من الاطار الثابت حتى بالنسبة للدول الاخرى، في حال انضمت الى مبادرة التطبيع مع اسرائيل. في ظل غياب تفصيل كبير سيكون بالامكان نسخ هذه الصياغة لاحقا مثلما هي وهكذا.

النتيجة التي تم الحصول عليها في نهاية المطاف هي كومة اعلانات داعمة للسلام العالمي بالاسلوب المتبع بشكل عام في مسابقة ملكة الجمال “ميس يونفيرس”، التي اشرف عليها في السابق نفس الشخص الذي يقود الآن مبادرة السلام، رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب.

في البداية تم التوقيع من قبل جميع الاطراف على “اتفاقات ابراهيم”. هذه الوثيقة لا يوجد لها أي الزام كاتفاق سلام بين الدول، بل الحديث يدور عن نوع من اعلان نوايا عام ورمزي لوصف الحدث في واشنطن. “نحن الموقعون أدناه، ندرك اهمية الحفاظ على السلام وتعزيزه في الشرق الاوسط وفي ارجاء العالم، استنادا الى فهم متبادل وتعايش واحترام الانسان وحريته، بما في ذلك الحق الديني” – هكذا استغل البيان العام الذي حتى ملكات الجمال تعلمن في السابق كيف يضعن فيه مضمون اكثر عند فوزهن. بعد ذلك تتعهد فيه الاطراف بالدفع قدما بالحوار بين الاديان والتعاون والتسامح. هم يبدون “دعم للعلوم والفنون والطب والتجارة التي ستثير الالهام في الانسانية وستقرب بين الشعوب”. القول الوحيد الذي له اهمية فعلية هو ذكر التعهد باقامة علاقات دبلوماسية مع اسرائيل.

حتى اعلان السلام الذي وقع مع البحرين هو اعلان ضعيف في مضمونه بشكل متعمد، بعد أن تبين في اللحظة الاخيرة أنهم سينضمون للحدث في البيت الابيض. كلمة سلام ذكرت هناك تسع مرات (كلمة ترامب اربع مرات). وباستثناء الكثير من الكلام عن مستقبل افضل وعن الازدهار والامن الاقليمي وحرية الاديان، فان الكلمات الجوهرية جدا هناك هي الالتزام بعلاقات دبلوماسية كاملة وتعاون مدني سيتم تفصيله لاحقا. هذا الى جانب اعتراف ضبابي بـ “حقوق كل دولة في السيادة”، ايضا ذكر ضبابي للفلسطينيين، عن طريق دعم “استمرار الجهود من اجل التوصل الى حل عادل وشامل وقابل للحياة للنزاع الاسرائيلي – الفلسطيني”. صياغة لينة أكثر من الحلوى في وجبة الغداء للزعماء بعد مراسيم الاحتفال – هذا لم يكن بالخطأ.

الاتفاق مع الامارات، وهو اتفاق حقيقي الذي كان هناك وقت أكبر للاعداد له، هو اتفاق فيه مضمون أكثر ولكن ليس بدرجة كبيرة. بعد التأييد العام للسلام والاستقرار والامن في الشرق الاوسط يظهر اعتراف بأن اليهود والعرب هم احفاد ابراهيم وتعهد آخر بالتعايش بين الاديان. بعد ذلك ذكر ايضا في الاتفاق الالتزام بـ “استمرار الجهود لتحقيق حل عادل وشامل وواقعي وقابل للحياة للنزاع بين اسرائيل والفلسطينيين” (كلمة واقعي لا تظهر في وثيقة البحرين). اضافة الى ذلك ذكر التزام على أساس اتفاق السلام مع مصر والاردن للدفع قدما بمفاوضات لحل النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني، الذي يأخذ في الحسبان “الاحتياجات والتطلعات المشروعة للشعبين”. بعد الاعلانات العامة هناك ملحق مفصل اكثر بقليل بخصوص التعاون المدني الذي تم التوصل اليه حتى الآن بمفاوضات بين الطرفين مثل الطيران المباشر وما اشبه – مضمون حتى اللحظة الاخيرة تم تجميعه من الوزارات المختلفة التي كانت مشاركة في الاتصالات مع الاماراتيين منذ الاعلان عن التطبيع.

ماذا كان لدينا حتى الآن في وثائق السلام؟ اقامة علاقات دبلوماسية، بما في ذلك تبادل السفراء والتعاون المدني، الى جانب الكثير من التطرق الى النزاع الديني بين الشعوب واعتراف متبادل بسيادة الدول. ولكن ما الذي لا يوجد؟ اعتراف صريح باسرائيل كدولة يهودية من جهة، وذكر مفصل لحل الدولتين من جهة اخرى.

مع ذلك، من الجدير الانتباه الى عدد من البنود في الاتفاق مع الامارات والتي تلزم الطرفين بصورة صريحة بالاستناد الى تعليمات الامم المتحدة والقانون الدولي مثلما هو متبع في اتفاقات من هذا النوع، التي تقدم ايضا لسكرتير عام الامم المتحدة، وهي تتضمن كما هو معروف عدد من المشكلات بالنسبة لاسرائيل في كل ما يتعلق باحتلالها للفلسطينيين.

في هذه الاثناء تطل على كل ذلك الخطابة التي توسطت لعقد اتفاقات السلام في واشنطن: ايران. دون الخوف من تطلعاتها الامبريالية، فان الطرفين لم يكونا ليرتبط أحدهما بالآخر. بقرصة غير لطيفة لاتفاقات ابراهيم، غرد أمس (الخميس) وزير الخارجية الايراني، محمد جواد ظريف، مقدما تهنئته للشعب اليهودي بمناسبة عيد رأس السنة. وأضاف بأن “أبناء آدم، ابراهيم وموسى، هم اخوة يستحقون العيش بسلام ديمقراطي حقيقي، وليس صفقة اقتصادية”. وهم يشاهدون الحلف الآخذ في التجسد بين اسرائيل والخليج امامهم، فانهم في طهران ينتظرون بصبر الانتخابات القريبة القادمة في الولايات المتحدة. ومثلما أن ترامب يعترف بأن التوجه هو نحو صفقة جديدة معهم – السؤال هو فقط أي صفقة. بهذا المعنى فان الحدث في واشنطن ليس فقط ولد بفضل ايران، بل ايضا استهدف التوضيح لها بأن هناك معارضة جدية ورسمية ضدها حتى لو تم استبدال الرئيس في البيت الابيض. والولايات المتحدة، كطرف في هذه الوثائق، ستكون ملزمة بذلك ايضا في هذه الحالة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى