ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم نواف عبيد – معسكر عربي كامل يمد يده لكم ،فلماذا لا تردوا؟

هآرتس – بقلم  نواف عبيد  – 17/6/2020

منذ اربعة عقود والعالم العربي يمد يده للسلام مع اسرائيل، لكن اسرائيل لم ترد بعد على ذلك. والضم احادي الجانب سيبث رسالة واضحة تقول بأن اسرائيل قد قررت اغلاق الباب امام مفاوضات ستقود الى حل الدولتين “.

منذ عشرين سنة والدولة الاكثر اهمية في العالم العربي ترسل الى اسرائيل رسائل أمل بمستقبل مشترك افضل. حتى الآن ورغم قولها بأنها معنية بتحسين العلاقات مع الشعوب العربية الرائدة، امتنعت اسرائيل عن الرد برسائل مشابهة.

وحتى وقت متأخر، تضمنت هذه الرسائل اقتراح بسيط. نحن سنرد على التقدم في الجبهة الفلسطينية بتحسين العلاقات الثنائية وبالتعاون الاقليمي.

ولكن اذا قامت اسرائيل بضم المستوطنات في الضفة الغربية فان الامل بالسلام مع الفلسطينيين سيموت، وكل مدخل لعلاقات استراتيجية اقليمية سيغلق، والتقدم الذي تم تحقيقه في علاقات اسرائيل مع دول عربية معينة سيصبح وكأنه لم يكن.

الدفع قدما بالعلاقات بين اسرائيل وعدد من الدول العربية بدأ في 2002. ففي حينه طرح ولي العهد السعودي في حينه، الامير عبد الله، مبادرة السلام السعودية. وبعد ذلك تبنت الجامعة العربية ومنظمة التعاون الاسلامي صيغة المبادرة السعودية، ومنذ ذلك الحين هذه المبادرة تُعرف بمبادرة السلام العربية. المنظمتان اعلنتا عن الاستعداد للتطبيع الكامل للعلاقات مع اسرائيل بعد أن يتم حل المسألة الفلسطينية من خلال المفاوضات التي ستقود الى اتفاق بروح دولتين لشعبين.

منذ ذلك الحين مر عقدين تقريبا، وحدث في المنطقة عدد غير قليل من التطورات، على رأسها انقلابات صادمة في عدد من الدول العربية. في تلك السنين وازاء جهود قوى معادية مثل ايران وداعش والقاعدة وحزب الله والاخوان المسلمين والمليشيات الشيعية الاقليمية للمس بالاستقرار الاقليمي فان اسرائيل والدول العربية الاساسية وجدت نفسها في نفس الجانب من المتراس. يوجد لاسرائيل وهذه الدول مصالح مشتركة – صد هذه القوى التدميرية.

الدول العربية وعلى رأسها السعودية ودولة الامارات ومصر والاردن، وايضا دول اخرى في الخليج الفارسي ودول أبعد منه، لم تسلم بالاخفاقات المتكررة في المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين. وقد عملت على تحسين احتمالات نجاح المفاوضات واظهرت لاسرائيل والفلسطينيين الفائدة التي ستجنيها كل المنطقة اذا قرروا السير في طريق السلام.

أول من عبر علنا عن هذا الحلم هو الامير تركي الفيصل، رئيس المخابرات السعودية السابق. في 7 تموز 2014 دعا الاسرائيليين على صفحات “هآرتس” الى تخيل كيف ستبدو هذه البلاد التي خبرت المعارك في اعقاب اتفاق بين الشعبين… تخيلوا أنني استطيع الصعود الى الطائرة في الرياض والسفر مباشرة الى القدس. وأي متعة ستكون في أن أدعو ليس فقط الفلسطينيين، بل ايضا الاسرائيليين الذين سألتقي معهم، للقدوم لزيارتي في الرياض”.

شخصيات عربية اخرى قدمت بادرات حسن نية للسلام خاصة بها. عدد من هذه الشخصيات قاموا بدعوة رياضيين وخبراء أو دبلوماسيين اسرائيليين للمشاركة في احداث دولية في دول الخليج. ودول اخرى دعت شخصيات اسرائيلية، منهم وزراء ورؤساء حكومة، لاجراء لقاءات ثنائية.

وقد تم ايضا اتخاذ عدة خطوات اولية صغيرة، مثل تقصير مسار رحلات الطيران الاسرائيلية الى الشرق الاقصى من خلال الموافقة على المرور بالمجال الجوي للدول التي ما زالت لا تقيم علاقات دبلوماسية مع اسرائيل. تصريحات وزير الخارجية في البحرين ومبعوث اتحاد الامارات في الامم المتحدة ودبلوماسيون آخرون وايضا ما ينشر في وسائل الاعلام المحلية لهذه الدول، تعكس اكثر فأكثر الانفتاح على فصل جديد في العلاقات مع اسرائيل.

جميع هذه الخطوات كانت تدور حول فكرة السلام والتعاون والازدهار والأمن والاستقرار. جميعها ارتكزت على فرضية واحدة وهي أن يفهم الاسرائيليون بأن الرسالة الكامنة في مبادرة السلام العربية ليست كلام فارغ من المضمون، بل هي تدعو منتخبي الجمهور لديهم للرد على بادرات حسن النية هذه بالخطوة الوحيدة التي يمكن أن تؤدي الى تطبيق المبادرة: تعهد واضح من حكومة اسرائيل باجراء مفاوضات ستؤدي الى حل الدولتين ودلائل ثابتة على السعي المصمم لتحقيق هذا الهدف.

تقريبا مرت اربعة عقود منذ العام 1981 عندما اقترح ولي العهد السعودي فهد في حينه خطة السلام الاولى. الاخفاقات المتكررة للمبادرة العربية لا تردع الجهات في العالم العربي المقتنعة بأن معظم الاسرائيليين والفلسطينيين سيؤيدون زعماء شجعان يقومون باتخاذ القرارات الجريئة المطلوبة.

ومن اجل بث الحياة في المبادرات فقد عادت منظمات عربية وزعماء عرب وكرروا الالتزام بمبادرة السلام العربية. واسرائيل لم ترد بعد. فأين اختفت الاغلبية الصامتة في اسرائيل؟ معسكر عربي له قوة وتأثير يمد يده الى اسرائيل. علينا الأمل بأن التراجع في اللحظة الاخيرة عن خطة الضم سيعطي اشارات بأنه اذا تحدث العرب عن السلام فان الاسرائيليين سيكونون مستعدون للاصغاء.

اذا كان مشروع قرار ضم الضفة الغربية سيجاز في الكنيست فان جميع المبادرات والفرص ستتحول الى ملاحظة هامشية في التاريخ. ضم احادي الجانب سيبث للمنطقة رسالة واضحة: اسرائيل قررت اغلاق الباب امام مفاوضات ستقود الى حل الدولتين، ومعه الامل في تطبيع العلاقات مع العالم العربي والعالم الاسلامي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى