ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم ميخائيل سفارد – تخدر رئيس الحكومة – حفنة ديكتاتورية

هآرتس – بقلم ميخائيل سفارد – 6/10/2020

الحكم العسكري هو مثل السيجار الموجود في صندوق من الزجاج مكتوب عليه “يمكن كسره في حالة الطواريء”. وفي كل مرة يكون فيها الامر صعب، تهمس: خذ القليل فلن يحدث أي شيء “.

كيف حدث أنه لا توجد أي دولة في العالم باستثناء اسرائيل لم يخطر ببالها فرض حظر شامل على المظاهرات في اطار مكافحة الكورونا؟ لا تخبروني عن منطقة معينة في المانيا. فجأة اليمين يريد أن يكون المانيا. اجل، هناك بلدة ما في محافظة السين فرضت حظر على المظاهرات، لكن المحكمة الدستورية في المانيا ألغت ذلك وقررت أن الحق في التظاهر يمنع فرض حظر شامل. وكيف حدث أنه لا توجد أي دولة في العالم باستثناء اسرائيل لم تطبق التتبع الالكتروني لمواطنيها، أي أنني افترض أن الصين وكوريا الشمالية تفعلان ذلك، لكن باستثنائهما وامثالهما هل توجد دول اخرى؟ وكيف حدث أن اسرائيل، الدولة الوحيدة في العالم التي تتباهى بأنها ديمقراطية، يسمي زعماؤها معارضيهم السياسيين بأسماء مشينة ويتهمونهم علنا بنشر الامراض؟.

السبب هو أن اسرائيل دائما اتبعت هذه الوسائل. هي دائما منعت التظاهر ضد الحكومة وتعقبت المواطنين وجمعت كل المعلومات من هواتفهم المحمولة وحرضت ضد معارضيها، أليس كذلك؟ هل فهمتم الى ماذا تسعى؟ اجل، أنا أعرف، أنا مزعج.

أنا أعرف أنكم مللتم السماع عن الاحتلال. ولكن ما العمل عندما يكون الدليل الاسرائيلي للحكومة والذي يتعامل مع المقاومة المدنية مكتوب فيه، في سهول الخليل، بدرس ونابلس؟ ما العمل عندما تكون الرائحة المسكرة للسيطرة بدون فصل سلطات وحقوق مدنية، بدون حرية تعبير وبدون معارضة، قد صعدت من أنف كل رؤساء حكومات اسرائيل عند استيقاظهم في الصباح وحتى صعودهم على السرير في المساء؟ 53 سنة من الاحتلال العسكري لملايين الفلسطينيين في المناطق المحتلة، وقبل ذلك عقدين من الحكم العسكري لمئات آلاف المواطنين العرب في اسرائيل. هكذا، كل رؤساء الحكومة من دافيد بن غوريون، تولوا قيادة حكم عسكري ما.

في شهر آب 1967 نشرت اسرائيل أمر يسري على الفلسطينيين في الضفة الغربية وفي غزة. وقد نص هذا الامر على أنه “يجب عدم القيام بالمسيرات والتجمعات أو الاعتصامات، سوى بموجب ترخيص من القائد العسكري”. العقوبة القصوى على خرق هذا المنع هي السجن لعشر سنوات. الحالة الاولى التي وجدتها لاستخدام هذا الامر هو لائحة الاتهام التي قدمت ضد ثلاث فتيات فلسطينيات “أجرين مسيرة في غزة في 5/12/1968 مع أخريات بدون ترخيص وهتفن “ناصر، ناصر”، وقمن برشق الحجارة على سيارة عسكرية فيها جنود جاءوا لتفريق المظاهرة”. القاضي النقيب الياهو ماتسا، حكم على الفتيات بالسجن مع وقف التنفيذ مدة شهر بتهمة الجزء الخاص بمشاركتهن في المسيرة. والزم آباءهن على ايداع 250 ليرة كضمان لئلا يشاركن لمدة سنة في مظاهرات. القاضي ماتسا، بالمناسبة، كانت له مسيرة مهنية قضائية لامعة حتى في الحياة المدنية، واصبح نائب رئيس المحكمة العليا حتى اعتزاله في العام 2005. الامر الذي يحظر التظاهر ما زال ساري المفعول في الضفة الغربية، وبفضله يواصلون اعتقال فلسطينيين وتقديمهم للمحاكمة بسبب المشاركة في الاحتجاج ضد الحكومة.

في العام 2014 نشرت رسالة الرافضين في وحدة 8200، التي أبلغ الموقعون عليها الجمهور بأنه ليس فقط يتتبعون ويجمعون المعلومات عن كل فلسطيني يتحرك، وربما بالاساس عن ابرياء من كل تهمة، بل أن المعلومات الشخصية التي جمعت وتشمل الوضع الصحي والميول الجنسية، تستخدم من اجل ابتزاز تعاونهم. قادة المثليين في اسرائيل صمتوا في ذلك الحين ويصمتون الآن، صمت سيتم ذكره لهم الى الأبد. منع المظاهرات، التتبع الالكتروني، الاعتقالات الادارية، حظر التجول، الاغلاق، التصفيات والعديد جدا من ادوات السيطرة والقمع توجد في صندوق عدة شخص واحد، الذي يعتبر الاحتلال حكمه الوحيد: قائد قوات الجيش الاسرائيلي في المنطقة المحتلة.

على هذه الخلفية فكروا كم هو مثير للاعصاب أن تكون رئيس حكومة. توجد لكم معارضة تقف على رأسكم ومتشوقة جدا لازاحتكم، متآمرون مثابرون في حزبكم فقط ينتظرون الفرصة من اجل الانقلاب عليكم، قوانين تقيدكم، في الكنيست تحتاجون الى اغلبية من اجل تحريك شيء ما، ومحكمة تتدخل في عملكم، وفي النهاية كل واحد له الحق في قول ما يريد عنكم وعن أدائكم. هذا أمر يتسبب بالجنون، أليس كذلك؟.

عندها تفهمون: هذا لا يجب أن يكون هكذا! هناك بديل! هناك طريقة حكم مختلفة بدون معارضة وبدون مظاهرات، ولا يجب الذهاب بعيدا من اجل ايجادها. كلما طال الشارع فان هذا البديل يتحول الى اكثر طبيعية، الى جزء من ثقافتنا السياسية وكنز كلماتنا. البديل معلق على حائط في مكتب رئيس الحكومة مثل سيجار موجود في علبة زجاج مكتوب عليها “يمكن كسره في حالة الطواريء”. هذا البديل لا يكف عن مخاطبة ساكني المكتب. كل مرة يكون فيها الامر صعب تهمس لهم “خذ القليل فلن يحدث أي شيء”، “اشرب قطرة اخرى وستهدأ الفوضى”، “هيا يا أخي، ماذا سيحدث؟”، “لنكن جيدين”. هكذا، كل رئيس حكومة يدمن بهذه الدرجة أو تلك على سلطات الطواريء وعلى الوسائل الخاصة وعلى عالم الاسرار والشرطة السرية.

نتنياهو ليس أول من يتخدر من حفنة ديكتاتورية، لكنه أدمن أكثر من الجميع. في الولاية غير المنتهية له قاد عمليات لتقليص شديد في حرية التعبير والاحتجاج. ولكن لائحة الاتهام ضده جعلته يراهن على كل الصندوق. وفي هذه الايام هو يقوم بكسر صندوق الزجاج ويستل السيجار. أنا فقط يمكنني تخيل أي متعة تهز جسده بعد أن أخذ الشحطة الاولى، سطلان جدي، هو لم ينفطم منه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى