ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم  ليف غرينبرغ- في البداية لنعقد هدنة، وبعد ذلك سلام

هآرتس – بقلم  ليف غرينبرغ- 3/6/2021

” بدلا من التفكير في كيفية مواصلة السيطرة على الفلسطينيين فان الطريق الى السلام تمر باتفاق عدم اعتداء وتحرير غزة من الحصار “.

منذ بدء عملية “حارس الاسوار” تم طرح ادعاء وكأن المشكلة هي أنه لا توجد “استراتيجية لنتنياهو”، وأنه سمح للامور بأن تتدهور من خلال اعتبارات سياسية ضيقة، الامر الذي منح حماس “انتصار”. وحتى لو أن الادعاء السياسي ضد نتنياهو هو ادعاء صحيح، وأن حماس، وبحق، قد انتهزت بسرور الفرصة لتحقيق مكاسب سياسية، فان كل النقاش الاستراتيجي والبحث عن الانتصار، يبدو لي خاطيء من اساسه. الحديث يدور عن حوار عسكري – امني جاء بدلا من الحوار السياسي.

نتنياهو توجد له استراتيجية، في حين أن من يهاجمونه وكأنه لا توجد له استراتيجية، هم يعتقدون ببساطة بأن استراتيجيتهم افضل من اجل تعزيز سيطرة اسرائيل على الفلسطينيين، وستحسن صورة اسرائيل في العالم، لا سيما في الولايات المتحدة. المنتقدون الاستراتيجيون المعتدلون ظاهريا، يقترحون وقف تحويل “حقائب الدولارات القطرية” من اجل تجفيف حماس وتحسين العلاقات مع محمود عباس. نتنياهو في المقابل يتجاهل محمود عباس ويقوي حماس، سواء من خلال حقائب الاموال أو جولات القتال المتكررة.

القاسم المشترك بين نتنياهو ومنتقديه “الاستراتيجيين” هو الافتراض الاساسي بأنه يجب الاستمرار في حصار قطاع غزة كأداة فعالة للسيطرة على الفلسطينيين. هذا نقاش داخلي يعتبر نقاش نموذجي لانظمة كولونيالية وديكتاتورية تتبع اسلوب “فرّق تسد”: هل يجب التعاون مع المحكومين المعتدلين أم تصعيد المواجهة مع المتطرفين. في أدبيات الديمقراطية أطلقوا على طرفي الخلاف “اليد الصلبة واليد اللينة”. الحديث يدور عن نقاش في داخل المجموعة الحاكمة. كيف يمكن تحسين السيطرة. 

استراتيجية اليد اللينة (المعتدلة) تبلورت في هيئة الاركان التي عالجت الانتفاضة الاولى، والتي اعلنت بأنه لا يوجد أي حل عسكري ومطلوب حل سياسي. وقد تم تبنيها في اتفاقات اوسلو. اسحق رابين اوضح بأنه لا يوجد لياسر عرفات محكمة عليا أو “بتسيلم”. لذلك، هو يستطيع أن يقمع بسهولة حماس. ومن قام بتخريب الاستراتيجية المعتدلة هو اهود باراك.  فهو كرئيس للاركان قال إن الاتفاق “مليء بالثقوب مثل الجبنة السويسرية”. وكرئيس للحكومة قام بتفكيك اتفاقات اوسلو مثلما كان يفكك الساعات وقام بايجاد واقع جديد بحسبه “لا يوجد شريك”، لذلك يجب القيام بخطوات أحادية الجانب. وقد أكمل هذه المهمة اريئيل شارون عندما خرج من غزة بشكل احادي الجانب وفصلها عن الضفة الغربية. 

بعد فوز حماس في الانتخابات في كانون الثاني 2006 وبعد سيطرتها العنيفة على القطاع، قام الجيش بتحديث النظرية الاستراتيجية “المعتدلة”: تخليد انفصال غزة عن الضفة الغربية وانفصال فتح عن حماس، من اجل تحسين حكم محمود عباس والتعاون الامني معه ومعاقبة حماس على رفضها. نتنياهو لم يقم باختراع أي جديد، سواء “فرق تسد” أو الحصار على غزة أو جولات القتال العنيفة التي كانت الاولى من بينها بعد الفصل في 2006 عند اختطاف جلعاد شليط، والاخيرة من بينها كانت قبل نتنياهو، “الرصاص المصبوب”. نتنياهو فقط قام بتغيير سلم الاولويات، رعاية حماس وتجفيف حكم محمود عباس. لماذا؟ لاسباب ثلاثة. الاول أن هذا يحل له المشكلة مع المتعصبين في اوساط مستوطني “يشع”، والحفاظ على مكانته كزعيم لليمين الايديولوجي. الثاني، لأنه لا توجد لعباس أي خيارات. ومن اجل الحفاظ على حكمه هو بحاجة الى التعاون مع الجيش الاسرائيلي. والثالث لأنه، مثل أي حكم كولونيالي أو ديكتاتوري قبل انهياره، يوجد لاسرائيل تفوق عسكري على حماس.

إن ضعف الاستراتيجيين “المعتدلين” هو ضعف سياسي. ومن يؤيدون هذه الاستراتيجية هم على الاغلب من العسكريين والأمنيين في الحاضر وفي الماضي، الذين يرون خطر في أن تتقوى حماس في الضفة الغربية وداخل حدود اسرائيل السيادية، الامر الذي سيصعب على مهمة الحفاظ على أمن مواطني اسرائيل اليهود. ولكن الجمهور الاسرائيلي لا تحركه اعتبارات استراتيجية عسكرية للسيطرة على التجمعات السكانية، بل تحركه خيبة الامل والاحباط التي يخلقها العنف. والشعور بالعجز وفقدان الامل في التغيير هي التي تجعل دعوات خيبة الامل تضرب بشكل قوي العدو. هذه هي المادة التي بني منها حكم نتنياهو وافضليته السياسية منذ العام 2009.

من الجدير البدء بكلمة هدنة – بالعبرية اتفاق عدم اعتداء (ليس “تسوية”، التي هي كلمة السر المغسولة لاستمرار استراتيجية فرق تسد وتعزيز سلطة حماس). وقف الحصار على القطاع ووقف اخلاء الفلسطينيين من بيوتهم في  الشيخ جراح واللد ويافا، هي شروط اساسية للهدنة. ومن اجل احداث تغيير سياسي يجب تخيل واقع آخر، لكن في وضع العنف الحالي هذا أمر غير محتمل. الهدنة مطلوبة للاسرائيليين والفلسطينيين من اجل أن يتخيلوا مجددا مستقبل للسلام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى