هآرتس – بقلم غيدي فايس – ملف 2020

هآرتس – بقلم غيدي فايس – 20/3/2020
“ يوجد خط مباشر يربط بين شل الكنيست وخطة رئيس الحكومة للسيطرة على وسائل الاعلام “.
يوجد خط مباشر يربط بين تحصن ادلشتاين في مكتب رئيس الكنيست وبين موت القبلة للبرلمان وبين ملفات 2000 و4000 التي يتهم بها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بتلقي الرشوة والتحايل وخيانة الثقة. بذور الانقلاب في الحكم تم زرعها هناك، ومن لا يلاحظها (مقالان ونصف عن سارة في “واللاه”) فهو إما أن يكون أعمى أو مجنون.
في سنوات حكمه، لا سيما قبل وبعد الفوز المفاجيء في انتخابات 2015، استثمر نتنياهو كمية كبيرة من الطاقة في محاولة لقمع الصحف الحرة وتحويلها الى صوت مخلص له، يغتال خصومه عن طريق منشورات مسممة.
لقد حاول عقد صفقة مع ناشر “يديعوت احرونوت” نوني موزيس من اجل أن تغير سفينة الاعلام المعادي وجهتها.
لقد استخدم بشكل مباشر أو بواسطة مخصييه مكبس ضغط ثقيل على صاحب السيطرة في “بيزك”، شاؤول الوفيتش، الذي بدوره سحق الحقوق الاساسية للصحافيين في “واللاه” وطلب منهم العمل كمتحدثين بلسان السلطة الحاكمة. وقد حاول اغلاق القناة 10 فقط لأنها نشرت عدة تقارير ضارة عنه. وقام بحل الحكومة حسب شهادته، بسبب القانون الذي استهدف اضعاف الصحيفة المؤيدة له وهي “اسرائيل اليوم”. وهو تقريبا قام بحل الحكومة التالية من اجل منع انشاء هيئة البث خشية أن لا يقوم هذا الجسم الجديد بالدور الذي خصصه له.
وقد حاول حل اغراء عدد من اصحاب المليارات في ارجاء العالم لضخ مئات ملايين الدولارات من اجل اقامة مشاريع اعلامية التي كان هدفها واحد وهو اعطاء السيطرة على المواد التي تنشر للجمهور ومنع نشر تقارير ومقالات يمكن أن تمس ببقاء حكمه، ومن اجل قمع أي انتقاد موجه اليه والى ابناء عائلته ورجال بلاطه. وقد استثمر ساعات كثيرة في اللقاءات مع لاري اليسون وجيمس باكر وارنون ملتشن وروبرت ماردوك ورؤساء الاتحاد الالماني اكسيل شبرنغر، على أمل أن يفعلوا ما فعله قبلهم شلدونادلسون: أن يقيموا لصالحه أبواق تنشر رسالته بضربات مطرقة ثابتة الى أن يفقد وعي الجمهور ما بقي من الاستقلالية، واجهزة انتقاده تنهار. ومن اجل السيطرة على هذه العملية، وضع لاصحاب رؤوس الاموال محامين مقربين منه مثل يعقوب فنروت ويعقوب نئمان المتوفيان.
في التحقيقات معه احتج نتنياهو على تدخل قوى عليا غامضة منعته من معالجة ما وصفه بمسألة اكثر تهديدا من الذرة الايرانية أو من الفجوة بين الاثرياء والفقراء: “المشكلة الاكثر جدية لدينا هي المركزية الاعلامية التي لا توجد في العالم الغربي… نحن نتفاخر بأننا ديمقراطية، ليس لدينا تنوع في سوق الآراء، لا يوجد تمثيل. هذه الاسواق مغلقة”؛ “لا أصدق بأنكم بادرتم الى البدء بالتحقيقات” قال رئيس الحكومة لمحققي الشرطة بلهجة متشككة. “شخص ما بادر وفعل ذلك، من اجل عدم فتح سوق الاعلام”.
ها هو امامكم حفل اقنعة بكامل جلاله، من صرخ ضد المركزية فقد فعل كل شيء من أجل تحققها. والامر الاخير الذي طمح اليه نتنياهو هو فتح السوق لتنوع كبير في الاصوات. وكل من تابع علاقته مع الصحف، ومنهم من نظروا وينظرون اليه كبطل، من الواضح أن هدفه هو أن يسمع فقط صوت واحد، يكون خاضع لسيطرته. هو لم يرغب في فتح الاعلام وتنويعه، بل حبسه ووضع حراس عتبة على المدخل لا يسمحون لأي ذرة من الانتقاد أو الشك بالدخول الى الداخل. الشخص الذي يتفاخر بقيم الديمقراطية التي رضعها من جابوتنسكي ومن الآباء المؤسسين الامريكيين، آمن بأن خطة السيطرة هذه هي شرط اساسي لتعزيز سيطرته على الجمهور وبقائه على الكرسي. عندما فهم جهاز انفاذ القانون، بتأخر ما، أن استحواذه الخطير جعله يفقد الحذر المغروس فيه وأن يبيع لذوي النفوذ وارباب المال مصالح عامة فقد حدد بذلك رؤوسهم كهدف قادم للتشويه والتصفية. وعندما خشي من أن المحكمة العليا ستقف في طريقه خطط للتخلص منها ايضا.
لو كانت خطة نتنياهو قد تحققت بالكامل لكانت وسائل الاعلام الآن منشغلة فقط بالكورونا، وعمل ادلشتاين المشين كان ربما سيحظى بتقرير مقتضب في هامش نشرات الاخبار والصحف. في الواقع ايضا لم يكن كما يبدو حاجة الى ذلك: لو أن نتنياهو سيطر على الاعلام لما كانت فتحت ضده تحقيقات ولما كانت قدمت ضده لوائح اتهام أو أن تقف ضده معارضة فعالة. رئيس الكنيست لم يكن ليضطر الى تشويه نفسه الى الأبد بسلوك يناسب رئيس برلمان للدمى في نظام استبدادي. الصحف الحرة التي هي في الحقيقة ضعيفة، بقيت العدو القاتل لنتنياهو. امام محاولته لسحق ما بقي من التوازنات والكوابح في ظل ذعر الكورونا، هي ما زالت تتمسك حتى الآن بخط التحصين الأخير قبل الانزلاق نحو الهاوية. رئيس الحكومة، الذي هو شخص بعيد النظر، كان أول من لاحظ هذا التهديد.