ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم عيدو افراتي – معلومات حيوية عن الكورونا ليست متوفرة للجمهور، للوزراء بل وحتى لرجالات وزارة الصحة

هآرتس – بقلم  عيدو افراتي  – 23/4/2020

جهات معينة فقط تتطلع على البيانات الخام التي تجمعها وزارة الصحة، ومعظم هذه الجهات ليسوا من الاطباء. احيانا يمنع الوصول الى المعلومات حتى من قبل كبار الشخصيات في الوزارة الذين يوجهون الانتقاد لذلك ويقولون إن هذه المعلومات ليست معلومات سرية أو خاصة “.

الى النقطة الحاسمة من خطوات الخروج الاولى من ازمة الكورونا يصل الجمهور، ومثله ايضا الوزراء والوزارات الحكومية دون أن تكون لهم اهداف واضحة أو جداول زمنية من اجل التطبيق. على مكاتب متخذي القرارات توجد تقارير ونماذج مختلفة لخطط الخروج. ولكن من يعرض على متخذي القرارات المعلومات هي جهات قليلة لديها طريق للوصول الى المعطيات الخام لوزارة الصحة. هذه المعطيات لا يستطيع الجمهور الوصول اليها أو موظفي وزارة الصحة أو حتى كبار المهنيين في الوزارة نفسها. جهات في وزارة الصحة تعتبر ذلك جزء من السياسة الضبابية والخوف من الانتقاد بسبب ادارة الازمة.

اغلبية الجهات التي اطلعت على المعطيات لا تنتمي على الاطلاق لوزارة الصحة أو الجهاز الصحي. في جزء من الطواقم لا يوجد اطباء أو اخصائيين في الأوبئة أو خبراء في التلوث، بل هم يعتمدون على اخصائيين في الرياضيات والفيزياء والحواسيب والاقتصاد. ومن بين هؤلاء يمكن ذكر طواقم هيئة الامن القومي ومعهد غارتنر (الممول بشكل جزئي من وزارة الصحة لكنه غير تابع لها) ومعهد وايزمن.

“المعلومات التي يتم نشرها نحصل عليها مثل الشعب في اسرائيل، في التلغرام أو في الواتس آب، وهي معلومات معالجة تصل على شكل تقارير وهي ليست معلومات خام”، قال مصدر رفيع في وزارة الصحة، مجال اهتمامه الاساسي مكافحة الكورونا. “الامر غير المعقول هو أنه في حواسيب الوزارة لا توجد أي امكانية لتنزيل تطبيق الانستغرام أو الواتس آب من اجل التصفح في الحاسوب، بسبب نظام الحماية. وبهذا حتى هذه المعلومات لا يمكن قراءتها كما يجب. مؤخرا حصل عدد من الموظفين في الوزارة على اذن وصول خاص، فقط لفترة الكورونا من اجل الاطلاع على هذه المواد. وبالنسبة للمعلومات الخام التي تصدر منها التقارير لا يوجد تقريبا أي قدرة على الوصول اليها باستثناء جهات معينة في جهاز الصحة العامة ورجال الحاسوب في وزارة الصحة”.

“لا يوجد أي سبب لعدم كشف هذه المعلومات”، اضاف المصدر الرفيع، “هذه ليست معلومات سرية أو خاصة، بل هذا مخزون للمعلومات يمكنه أن يخدم مجموعات بحث كثيرة تريد عمل نماذج واقتباس مثلما يفعلون الآن في مركز منع ومراقبة الامراض الامريكي “سي.دي.سي”. والشعور هو أن فتح المعلومات يمكن أن يؤدي الى تفسيرات مختلفة. لذلك، يفضل السماح بالوصول الى المعلومات فقط لجهات معينة”.

جمع المعلومات وتحليلها هو وسيلة رئيسية في الطب وفي البحث الحديث، بالتأكيد عندما يدور الحديث عن حدث وبائي غزير بالمعلومات والقابل لتفسيرات وتحليلات مختلفة. دوائر المعلومات التي يجب أن يستند اليها العاملون الذين ينشغلون بأزمة طبية من هذا النوع، تشمل معلومات عن صورة الوضع في العالم ومعطيات وابحاث عالمية اكاديمية اضافة الى معلومات محلية ثمينة تتراكم مع تقدم الازمة. ايضا تشمل معلومات ضرورية عن وتيرة العدوى ومراكز التفشي وخصائص طبية، مجموعات معرضة للخطر والمزيد من المعطيات الاخرى. صورة الوضع المتبلورة من المعلومات لها قيمة كبيرة في عملية اتخاذ القرارات وبلورة خطة منظمة للاستمرار.

مشاكل في الجهاز

المعلومات محفوظة في جهاز محوسب مخصص لهذا الغرض أنشيء لهذه الغاية. وحسب مصادر في الوزارة، هي تعاني من عدد غير قليل من المشكلات التي لا تتم معالجتها في وقتها وتستمر في التراكم. مثلا، مؤخرا تم تحديث عدد من تقارير المرضى الجديدة التي تم ابلاغها للجمهور ووسائل الاعلام عدة مرات. معطيات الوزارة بشرت أمس عن قفزة بنحو 384 مصاب جديد، لكن حسب مصادر في الوزارة فان الحديث يدور عن خلل في عملية توحيد المعطيات  – عدد المصابين الجدد كان 220 تقريبا.

مدير عام وزارة الصحة، موشيه بار سيمنطوف، اعتاد على أن يذكر ويؤكد في اقواله للجمهور موضوع الشفافية ومشاركة المعلومات. ولكن عمليا، مشاركة المعلومات محدودة جدا. غياب الشفافية وسيطرة الوزارة على المعلومات واقصاء جهات مختلفة عن الاطلاع عليها، ترافق الازمة من البداية. على سبيل المثال، لم يتم نشر بروتوكولات وملخصات نقاشات طاقم معالجة الأوبئة، أو جلسات ومنتديات اخرى تجري في الوزارة.

ولكن ليس فقط الجمهور هو الذي يمنع من رؤية المعطيات، ايضا اعضاء طاقم علاج الأوبئة: في رسالة ارسلها في الشهر الماضي  شخصية رفيعة المستوى في طاقم علاج الاوبئة الى كبار الشخصيات في وزارة الصحة، قال إن اعضاء الطاقم لا يحصلون على المعلومات حول صورة الاصابة الحقيقية في اوساط السكان، وهم لا يعرفون كم من معدات الحماية واجهزة التنفس توجد في المستشفيات، ايضا لا يوجد لديهم  بروتوكول معالجة موحد لمرضى الكورونا.

في جهاز الصحة الشعور هو أنه في كل ما يتعلق بازمة الكورونا، تبنت وزارة الصحة رؤية “امنية” فيما يتعلق بالمعلومات، وكأن الامر يتعلق ببيانات مرتبطة بأمن الدولة ويجب الحفاظ عليها بصورة مشددة. هذه الرؤية تمر مثل خيط آخر طوال ازمة الكورونا وفي كل مجال مطلوب فيه مقاربة للبيانات، وهي تسري في الاقسام المختلفة في جهاز الصحة.

مؤخرا، بتأخير كبير، تقرر تشكيل جهاز تسجيل وطني لمرض الكورونا، على شاكلة التسجيل القائم للامراض الاخرى الذي يدار من قبل المركز الوطني لمراقبة الامراض، ولكن هنا ايضا ظهرت مشاكل. في ادارة وزارة الصحة عارضوا السماح بالوصول الى البيانات الخام من قبل المركز الوطني لمراقبة الامراض. ومؤخرا تم رفع المعارضة. البنية التحتية لانشاء المخزن تم اعدادها، والآن فقط يتم بحث موضوع الوصول الى البيانات.

“هذا صعب جدا ويبعث على الاحباط. هذا غير سليم”، قالت البروفيسورة تامي شوحط، مديرة مركز مراقبة الامراض السابقة وعضوة كادر في مجال الاوبئة في كلية الطب في جامعة تل ابيب. وحسب اقوالها “هناك مجموعات باحثين ينتظمون وهم معنيون بفحص البدائل وبناء نماذج، من اجل فهم ما يحدث، حتى لو لم يتم استدعاءها من قبل الحكومة. هذه معلومات يجب أن تكون مكشوفة للجمهور”. في هذه الاثناء تعمل البروفيسورة شوحط مع باحث آخر من التخنيون في حيفا على نماذج مختلفة. “بيانات مثل كم من الوقت يمر من لحظة ظهور الاعراض وحتى الربط بجهاز التنفس الاصطناعي، أو معلومات عن امراض مزمنة لدى مرضى في اعمار 50 فما دون، ايضا معلومات كثيرة يجب أن تكون موجودة – غير قابلة للوصول بالنسبة لهم”، قالت. “نحن نضطر الى الاعتماد على معلومات من دول اخرى دون التطرق الى الخصائص هنا، وهذا أمر مؤسف. في نهاية المطاف، في هذه المواد توجد الاجابة على عدة اسئلة حاسمة من اجل عملية الخروج من الازمة. الى مخزون “سي.دي.سي” يمكنك الدخول واستخدام المعلومات واخذ اقتباسات مختلفة. لا يوجد أي سبب يمنع تنفيذ ذلك هنا ايضا”.

فجوات في المعلومات

ليس فقط منع الوصول هو الذي يثير التساؤل، بل المعلومات نفسها. فمن غير الواضح لكثيرين أي معلومات تم جمعها أو لم يتم جمعها من قبل الوزارة، وما هو مستوى جودة وكمية هذه المعلومات. احدى الفجوات في المعلومات التي يدور الحديث عنها والتي لا يوجد حولها معلومات حيوية، هي وضع الاصابة العامة بالمرض في اسرائيل، ايضا في اوساط الذين لا تظهر عليهم الاعراض.

في وزارة الصحة تحدثوا قبل بضعة اسابيع عن نظام فحص جماعي، بواسطة ما سمي بـ “عيادات الحراسة”، يتم فيها اخذ عينات في عيادات صناديق المرضى. هذا المشروع انطلق قبل اربعة اسابيع، وحتى الآن فقط بضع مئات من العينات تم اخذها. وسبب ذلك يكمن ايضا في عدد الزوار القليل لعيادات صناديق المرضى وعيد الفصح. في حين أنه في المقابل، صناديق المرضى وضعوا مراكز لأخذ العينات في شوارع المدن، كل صندوق لنفسه ولاحتياجاته. التعاون بين الصناديق وبين مركز مراقبة الامراض كان يمكن أن يزيد بشكل كبير عدد العينات ويدفع قدما بجمع المعلومات المهمة فيما يتعلق بالاصابة العامة بالفيروس. “هذا لم يحدث فقط لأن اليد اليمنى لم تكن تعرف ما تفعله اليد اليسرى”، قال مصدر في وزارة الصحة.

بيانات طبقا لأجندة

السباق المحموم خلف معلومات وزارة الصحة تحول الى جزء لا ينفصل عن ازمة الكورونا. باحثون واطباء ومراسلون ومواطنون يحبون الاستطلاع، يريدون المعرفة اكثر والتعمق في التفاصيل. ولكن المعلومات المنشورة جزئية ومعالجة. قلائل اطلعوا على المعلومات بصورة مقننة مثل مراسلين أو خبراء، قالوا بأن هذه المعلومات موجودة، لكن يتم اخراجها في ظروف معينة، واحيانا في حالات تناسب الخط الذي تقوده وزارة الصحة.

“أنا اعتقد أن شيء ما سيء يحدث”، قال مصدر كبير في جهاز الصحة. “وزارة الصحة احبت الانشغال بالكورونا وبدورها في الازمة. هذا يبدو وكأنه توجد وزارتان متوازيتان: وزارة الصحة ووزارة الكورونا”. وفي النقاش الذي جرى في هذا الاسبوع في لجنة الخارجية والامن التابعة للكنيست، أيدت رئيسة خدمات الصحة العامة، البروفيسور سيغال ساديتسكي استخدام وسائل تكنولوجية من اجل العثور على مصابين مؤكدين واشخاص خالطوا المصابين. ساديتسكي قالت، ضمن امور اخرى، يجب الحفاظ على “الانجاز الرائع” الذي تحقق حتى الآن.

“اذا كانت سياسة الاغلاق سليمة حتى الآن ووضعنا جيد، أي أن الامر يتعلق بانجاز رائع، مع تكلفة تبلغ 100 مليار شيكل يتحملها الاقتصاد، واكثر من مليون عاطل عن العمل، وعائلات كثيرة تدمرت ومرضى سيموت الكثيرون منهم بسبب امراض اخرى لم تتم معالجتها، يدل على رؤية الوزارة”، واصل المصدر الرفيع. وحسب اقواله فقد “نشأت ديناميكية فيها يوجد اشخاص في نفس الغرفة، التي تسمع فيها نفس الموسيقى. وهذا هو نفس خط التفكير وهو ايضا ما يضغط من اجل السير قدما. في نهاية المطاف يجب علينا التذكر بأن كل شيء يتلخص في الابتعاد عن وضع معين واحد – الذي فيه الطبيب لا يجب عليه أن يختار أي مريض يقوم بربطه بجهاز التنفس بسبب نقص اجهزة التنفس”.

وجاء ردا على ذلك من وزارة الصحة: “بعد وقت قصير من تفشي فيروس الكورونا بدأت وزارة الصحة بجمع معلومات طبية ووبائية ذات علاقة. في الشهر الاخير مع ازدياد عدد المرضى، المعلومات وصلت الى مستويات كبيرة بما فيه الكفاية، التي تبرر نشرها للجمهور مع الحفاظ على الخصوصية. لذلك، نحن نعمل على اعداد المعلومات للنشر”. وجاء ايضا بأن الوزارة تجمع بواسطة شركة “دياغنوستغ روبوتيكس” وبالتعاون مع صناديق المرضى، معلومات عن الاعراض التي تنبيء بتفشي الكورونا. هذه المعلومات جمعت في مخزن معلومات وزارة الصحة، القابل للوصول من قبل أي باحث في ظروف آمنة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى