ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم  عوزي بنزيمان – هرئيل، أنتم من قمتم بتدمير الحكم

هآرتس – بقلم  عوزي بنزيمان – 2/12/2021

” مجلس “يشع” بمبعوثيه الرسميين وغير الرسميين هم الذين دمروا سياسة حكومات اسرائيل في المناطق “.

في مقطع لا ينسى في فيلم “كو فاديس” (الى أين تذهب)، يجسد بيتر يوستينوف شخصية القيصر نيرون وهو يأمر باحضار كأس الدموع له وأن يسكبوا فيه دمعة من كل عين له من اجل التعبير عن الألم على روما التي تحترق. بعد ذلك، اختلف المؤرخون حول هل نيرون هو نفسه الذي اشعل الحريق الذي دمر المدينة، أو أنه فقط قام بدور المهرج المجنون، الذي رافق اعمال الشغب بالعزف والغناء. ولكن شخصيته الفظيعة في الفيلم التي قام بتمثيلها يوستينوف ترسخت في الوعي كرمز للحاكم الذي افعاله تحدث الفوضى الخارجة عن السيطرة وتجلب الدمار والخراب للبلاد. 

الاحتجاج الانفعالي لاسرائيل هرئيل على ضياع الحكم في اسرائيل (“هآرتس”، 26/11) ذكرني بدموع التماسيح للقيصر نيرون. هرئيل يهزأ من نمط حياة الترف والانانية الذي ينسبه للاسرائيليين ويطالبهم بالامتثال: انتبهوا للامر الاساسي. والامر الاساسي حسب رأيه هو سعي ايران الحثيث للحصول على السلاح النووي. لامبالاة الجمهور من هذا الخطر الذي يسارع الخطى والعجز الذي يلاحظه في القيادة الاسرائيلية المترددة، حسب رأيه، في اتخاذ الخطوات العسكرية اللازمة لافشال ذلك. 

إن جوهر ادعاء هرئيل هو ضياع الحكم الذي ينسبه للقيادة الاسرائيلية على اجيالها. هو يتهم حكومات اسرائيل في العقود الثلاثة الاخيرة بعدم الشجاعة والخوف من استخدام القوة من اجل منع حزب الله من التسلح بعشرات آلاف الصواريخ التي تهدد أمن الدولة، ورفض التوجه الى الخيار العسكري حتى يحبطوا مسبقا تعاظم قوة حماس، بسوء التقدير وضعف العقل امام الانتشار الذي ينسبه للاقلية العربية في النقب وفي الجليل.

هرئيل يربط بتشخيصه الكئيب المحاكم والقيادة العليا والمستوى المهني الاعلى في جهاز الامن بكل فروعه على اعتبار أنهم هم الذين يعطون النغمة في تراخي يد الحكومات. موقفه يردد صدى ادعاءات بعض اعضاء الكنيست المتحمسين من اليمين، الذين ادانوا حتى في فترة حكم نتنياهو التأثير الزائد الذي نسبوه لحراس العتبة المهنيين على المستويات السياسية. 

لكن اساس غضبه موجه لرئيس الحكومة: كيف سلموا جميعهم، من اسحق رابين وشمعون بيرس ومرورا باريئيل شارون واهود باراك واهود اولمرت وانتهاء ببنيامين نتنياهو ونفتالي بينيت، بضعف عقول المستشارين والخبراء المهنيين الذين قاموا بتوصيتهم بعدم القيام بخطوات متطرفة من اجل استباق الخطر الوجودي الذي يرى هرئيل أنه موجود في كل شبر. هو وجه انتقاد حاد لهم لأنهم لم يأمروا الجيش والشرطة والسلطات الاخرى المسؤولة عن أمن الدولة وعن النظام العام باستخدام القوة من اجل اجتثاث التهديدات. أي استخدام سلاح الجو من اجل أن يقضي على تجمعات الصواريخ في لبنان في مهدها، وتحريك الجيش الاسرائيلي الى داخل القطاع من اجل عدم السماح لحماس بالقوي والتسلح، وارسال حرس الحدود الى التجمعات البدوية في النقب كي يحطموا التنظيمات العنيفة في مهدها، وأن يطبقوا بقبضة حديدية قوانين البناء في القرى العربية من اجل ترويض سكانها والامتثال للقانون. 

حتى من هو مستعد لأن يتجاهل للحظة المعنى القانوني والحكومي المدمر والمتجسد في مقاربة اسرائيل هرئيل – في نهاية المطاف اسهام المستويات المهنية في عملية اتخاذ القرارات في حكومات اسرائيل يستند الى خبرتها ويرتكز على قوانين الدولة والتقاليد الحكومية – لا يمكنه أن لا يلاحظ المفارقة الكبيرة التي تظهر في اقواله. من اكثر منه ومن حركة الاستيطان الذي هو من قادتها منذ عشرات السنين، تسبب بضياع الحكم الذي يجده في سلوك حكومات اسرائيل على اجيالها. من اذا لم يكن مجلس “يشع”، بمبعوثيه الرسميين وغير الرسميين وكل الاشخاص الذين عملوا بدلا منهم، هم الذين دمروا سياسة الحكومة في يهودا والسامرة. 

يجب على اسرائيل هرئيل أن يقرأ التقرير المفصل والمبرر الذي كتبته تاليا ساسون عن البؤر الاستيطانية غير القانونية، التي جمعتها بعد ذلك في كتاب بعنوان “على شفا الهاوية”، (من اصدار “كيتر”)، وأن يقوم بتنشيط ذاكرته ويتذكر كيف أنه تحت انف الحكومة تم مد في الضفة الغربية شبكة المستوطنات. يجب عليه أن يقرأ وأن يسترجع كيف أنه منذ ايام ألون موريه (في منتصف السبعينيات) لم تكن هناك أي حيلة أو أي خدعة لم تستخدمها حركة الاستيطان من اجل توسيع وجود اليهود في المناطق المحتلة. ويجب عليه القاء نظرة على تقارير حركة “يوجد حكم” وامثالها. وسيعرف عن العلاقة الخفية بين المستوطنين المخالفين للقانون وبين مستويات القيادة في الجيش، التي تسمح لهم بالتنكيل بالسكان الفلسطينيين. وأن يطلع على احكام المحاكم في اسرائيل التي توثق نجاح حركة الاستيطان في توسيع حدودها بمساعدة صفقات قانونية.

المستوطنون تحولوا الى مرشدين. فتثبيت الحقائق على الارض من خلال تجاهل قرارات الحكومة كانت بوصلة تقود سلوك قطاعات اخرى (الحكم الذاتي للاصوليين ومنظمات التهويد الاصولية الوطنية واقسام في عالم الاعمال). اذا كان هناك من يجسدون لدغة العقرب التي تدمر جهاز المناعة لنظام الحكم في اسرائيل وقدرته على الحكم، فهم اسرائيل هرئيل ورفاقه. هيا، أحضروا كأس الدموع ولننضم اليهم في نحيبهم.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى