ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم عميره هاس– قرار المحكمة في لاهاي يجعل الخط الاخضر ذا صلة مرة اخرى

هآرتس – بقلم  عميره هاس – 5/3/2021

قرار النيابة العامة في محكمة الجنايات الدولية فتح تحقيق حول ارتكاب جرائم حرب في المناطق الفلسطينية التي احتلتها اسرائيل، جاء بفضل قرار الامم المتحدة منح فلسطين في العام 2012 مكانة دولة مراقبة “.

فقط دولة يمكنها الحصول على صلاحية محكمة الجنايات الدولية في لاهاي على اراضيها. لذلك، قرار النيابة العامة في المحكمة فتح تحقيق رسمي حول ارتكاب جرائم حرب في المناطق الفلسطينية التي احتلتها اسرائيل في 1967، لم يكن من الممكن لولا أن الامم المتحدة قررت قبول طلب م.ت.ف بمنح مكانة دولة، اسمها فلسطين، بالضبط لنفس المنطقة التي احتلت وللشعب الفلسطيني الذي يعيش فيها.

قرار الامم المتحدة الذي صدر في 29 تشرين الثاني 2012 استقبل بتثاؤب في اوساط الجمهور. في المقابل، البيان الذي صدر أول أمس للمدعية في لاهاي استقبل كنسيم منعش. من المرجح أن تستغل حركة فتح الصلة الضرورية، ولكن المنسية، بين الاثنين في دعايتها الانتخابية، رغم أنه عندما اختار محمود عباس الطريق الدبلوماسية للحصول على وضع دولة لم يفكر بلاهاي. بالعكس، كان واقع تحت ضغط الولايات المتحدة والدول الاوروبية من اجل عدم التوجه الى هذا المسار القانوني – الدولي.

عباس كان يأمل أن التهديد بالحصول على مكانة دولة، وبعد ذلك هذه المكانة ستحسن مواقف الفلسطينيين واحياء المفاوضات مع اسرائيل حول تطبيق اتفاقات اوسلو.

الربط بين قرار المدعية العامة، باتو بنسودا، ومكانة الدولة يعود ويرسم باللون الاخضر الغامق خط الهدنة من العام 1949، أي أنه يعطي اهمية للخط الاخضر. ومثلما قال للصحيفة أحد الاشخاص الذين واكبوا عملية التوجه الى لاهاي خلال سنين: “لو كنت في تل ابيب وقام بضربي خمسة يهود اسرائيليين ضرب مبرح، ووقف رجال شرطة جانبا، فان هذه الحادثة لن تعرض في لاهاي كجريمة حرب: أنا سأقدم شكوى في شرطة اسرائيل وآمل أن يتم تقديم المهاجمين للمحاكمة. واذا ضربني خمسة يهود اسرائيليين وأنا اقوم بفلاحة ارضي في الضفة الغربية، والجنود وقفوا جانبا وسلطات القانون لم تفعل أي شيء لمعاقبة المهاجمين، أو اذا ضربني خمسة رجال شرطة في العيسوية في شرقي القدس، فان هذا بالتأكيد يمكن أن تشمله جرائم الحرب”.

إن اختيار المسار الذي يؤدي الى محكمة الجنايات الدولية يعتبر خطوة جريئة وراديكالية، حتى لو كانت مفهومة ضمنا. على مدى سنوات استخدم الفلسطينيون اختصار “آي.سي.سي” كمرهم مدهش لازالة الألم. المحكمة الدولية اعتبرت فرصة وحيدة تقريبا من اجل ترجيح كفة الميزان لصالح الفلسطينيين، في فترة يسلم فيها العالم اكثر فأكثر بالاحتلال الاسرائيلي، الذي اصبح أكثر عنفا ووقاحة. خلافا للمسار الى لاهاي فان الحصول على “مكانة الدولة المراقبة غير العضوة” في الامم المتحدة في 29 تشرين الثاني 2012، اعتبر بادرة حسن نية رمزية، واعلانية بالاساس، أو تمرين للتنفس الاصطناعي للقيادة التي عفا عليها الزمن. لأنها لم تنجح في تحقيق وعودها لشعبها. في الجناح الراديكالي الفلسطيني فسر الذهاب الى الامم المتحدة من اجل الحصول على مكانة دولة كتنازل عن اللاجئين وتنازل عن حق العودة وقبول الاحتلال الاسرائيلي لسنة 1948 كحقيقة واقعة.

إن من قاموا بتحويل هذا المسار الرمزي والتنازلي، على الاقل في نظر اجزاء من الجمهور الفلسطيني، المتمثل بمكانة دولة، الى خشبة قفز لعملية يمكن أن تقوض الوضع الراهن وتضع اسرائيل في حالة دفاع، هي منظمات حقوق الانسان الفلسطينية. خلال سنوات مدراء الحق والضمير والميزان والمركز الفلسطيني لحقوق الانسان تنقلوا بين المحكمة نفسها ومبنى الرئاسة في رام الله، وبين وزارة العدل ودائرة المفاوضات في م.ت.ف. وقد أعدوا ملفات كبيرة فيها مواد مدينة، حسب رأيهم، تدلل على جرائم حرب ارتكبتها اسرائيل كما يبدو. بفضل عملهم فان امكانية التوجه الى لاهاي كوسيلة نضال تسربت الى داخل الجمهور الفلسطيني، بما في ذلك داخل صفوف فتح وشباب الحركة.

بضغط من هذه المنظمات، المحاولة الاولى للسلطة الفلسطينية من اجل التوجه الى لاهاي، أي الاعلان عن أنها تعترف بالصلاحية القضائية لمحكمة الجنايات الدولية في اراضي 1967، كانت في كانون الثاني 2009، فور الهجوم الاول الكبير في غزة في عملية “الرصاص المصبوب”. المدعي العام للمحكمة في حينه فحص خلال اكثر من ثلاث سنوات الطلب. وفي شهر نيسان 2012 حكم أنه حسب ميثاق روما (مصدر الصلاحية لنشاط المحكمة)، فقط دولة يمكنها الحصول على الصلاحية القضائية للمحكمة. وقبل بضعة اشهر، في ايلول 2011، فوت عباس فرصة الحصول على مكانة دولة. فقد قرر التوجه الى مجلس الامن والمطالبة بأن يتم قبول “فلسطين” (في حدود 1967، حسب اعلان الاستقلال لـ م.ت.ف من العام 1988) كعضوة في الامم المتحدة، رغم أنه كان من الواضح أن هذا الطلب لن يقبل. في اوساط مروجي فكرة “لاهاي” كان هناك من قدروا بأن الامر يتعلق برفض متعمد، استهدف تأجيل القرار حول التوجه الى لاهاي، مرة اخرى بسبب ضغط اوروبا وامريكا عليه. مرت سنة اخرى فيها ايضا اقيمت قناة غير مباشرة للمفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين. وعندما تبين ايضا أن هذه القناة هي قناة عبثية، مرة اخرى توجه الفلسطينيون الى الامم المتحدة. وفي تشرين الثاني 2012 الجمعية العمومية للامم المتحدة قررت الاعتراف بدولة فلسطين كدولة مراقبة لكن غير عضوة، الى جانب دولة اسرائيل.

بعد مرور سنتين على ذلك اعلن عباس بأنه سيوقع على ميثاق روما، في 31 كانون الاول 2014. الحرب في ذاك الصيف في قطاع غزة والادراك بأن الحكومة الاسرائيلية تخلد بشكل متعمد الوضع المؤقت والمطالبة الشعبية بمبادرة معينة، دفعت عباس الى اختيار المسار الذي هو اكثر اشكالية بالنسبة لاسرائيل، مما تسمح به ميوله بشكل عام. امامه كان هناك تصريح بادر اليه المرحوم صائب عريقات، ووقع عليه رؤساء الفصائل الفلسطينية بأنهم يؤيدون الانضمام الى المحكمة وأنهم مستعدون لتحمل العواقب. أي أنهم هم واعضاء منظماتهم سيتم استدعاءهم واستجوابهم، وحتى اعتقالهم بشبهة ارتكاب جرائم حرب. فقط الجهاد الاسلامي لم يقوع على هذا البيان.

بعد مرور 12 سنة من الدأب والتصميم، استطاع مدير “الحق”، شعوان جبارين، من القول “كنت على قناعة بأن بنسودا ستصمد امام الضغوط الشديدة التي استخدمت عليها من اجل رفض طلبنا. وكنت على حق. وأنا على قناعة بأنه في نهاية المطاف ستصدر اوامر اعتقال واستدعاء لمشبوهين اسرائيليين بارتكاب جرائم حرب. يمكن ومن الصحيح تقديم دعاوى ضد اسرائيليين آخرين حول ارتكاب جرائم طبقا للميثاق الدولي”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى