ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم عميره هاس – عندما يتحدث يوسي دغان عن “برابرة السلطة الفلسطينية”

هآرتس – بقلم  عميره هاس – 22/12/2020

أحد الابعاد المهمة في الواقع الزائف هو تخصيص صفات “وحشي، بربري، مقرف” فقط لقتل اليهود من قبل الفلسطينيين. بينما هذه الصفات يتم شطبها عن كل قتل لفلسطيني غير مسلح على أيدي اسرائيلي، سواء كان جندي أو طيار أو مستوطن، هكذا يتم تدجين الاسرائيليين – اليهود على التفكير بأن قتل الفلسطيني ليس أمرا فظيعا “.

كل قتل لاسرائيلي في الضفة الغربية – حتى قبل أن يتم العثور على المشبوهين – هو فرصة لرؤساء المستوطنات من اجل التحدث عن كونهم ضحايا وزرع المزيد من اجزاء صورة الواقع الكاذب في وعي اليهود في اسرائيل. صباح أمس، رئيس مجلس شومرون يوسي دغان، قال إن قتلة استر هورغن من مستوطنة طل منشه، هم “برابرة السلطة الفلسطينية”. الأذن الاسرائيلية معتادة على التعميمات، التي فيها عمل فظيع أو صفة سلبية لفرد يتم تعميمها على جمهور كامل – باستثناء أن لا يكون الامر يتعلق بيهود (لأنه حينها سيكون ذلك لاسامي). لهذا، في مقابلة مع “كان” كرر دغان بدون ازعاج هذا التعميم. الامر المهم هو أن دغان لم يقل “البرابرة الفلسطينيون”، بل ركز على صورة السلطة الفلسطينية كوحش جماعي مطلوب من المستمعين أن يشمئزوا منه.

السلطة الفلسطينية هي كيان سياسي جغرافي غريب – رقعة من الحكم الذاتي المحدود داخل الخيمة الكبيرة والمتسعة من السيطرة الاسرائيلية والتطوير المتسارع لليهود فقط. السلطة الفلسطينية (فعليا م.ت.ف، التي تم نزع كل صلاحية وقوة منها) يجب عليها ادارة النضال السياسي والدبلوماسي من اجل اعادة المناطق، ونظريا ايضا اقامة دولة. لذلك، رغم عجزها وتكيفها وضعفها، إلا أن المستوطنين يعتبرونها العدو السياسي الذي يجب العمل ضده. كل جهود اليمين وعلى رأسه المستوطنين، تتركز على الاضعاف المتواصل لهذه السلطة الممزقة، التي هي في نظر الجمهور الفلسطيني مقاول من الباطن للاحتلال الاسرائيلي.

دغان قال إن هورغن قتلت “في وسط دولة اسرائيل”. ولكن الامر ليس كذلك. فقد قتلت في جيب برطعة الذي أوجده جدار الفصل غرب جنين والذي مساحته هي 18 ألف دونم. وهناك سبع قرى فلسطينية تم حبسها بين الجدار والخط الاخضر وفصلت عن القرى المجاورة وعن اراضيها. السكان الفلسطينيون في هذا الجيب يحتاجون الى تصاريح من اسرائيل من اجل العيش في بيوتهم، والحواجز التي مسموح لهم العبور منها نحو الشرق مغلقة في الليل. الدخول الى اسرائيل هو ايضا ممكن فقط بتصريح خاص. في الوقت الذي فيه اربع مستوطنات في المنطقة تتسع فان الادارة المدنية تقيد حق القرى الفلسطينية في البناء والتطور. مع استثناءات قليلة فانه على الفلسطينيين من باقي اجزاء الضفة الغربية يمنع الدخول الى هذا الجيب. هم غير مسموح لهم الاستجمام في غابتها الانتدابية والتمتع بالمناظر الجميلة. الجدار بني بذريعة امنية هدفها واضح، ضم الى اسرائيل بالفعل منطقة واسعة، بالضبط لأنها تشكل مخزون من الاراضي لتجمعات فلسطينية ولدولة في الاحلام.

أحد الابعاد المهمة في الواقع الزائف هو تخصيص صفات “وحشي، بربري، مقرف” فقط لقتل اليهود من قبل الفلسطينيين. هذه الصفات (والفعل قتل) – التي استخدمها دغان في المقابلة أمس – يتم شطبها من كل قتل لفلسطيني غير مسلح على أيدي اسرائيلي – سواء كان جندي عادي، طيار، رجل مدفعية، شرطي أو مستوطن. هكذا يتم تدجين الاسرائيليين – اليهود على التفكير بأن موت الفلسطيني ليس امرا فظيعا.

اذا كان قاتل هورغن هو فلسطيني واذا تم القاء القبض عليه وهو على قيد الحياة فمن المرجح أنه وعائلته الموسعة سيعاقبون عقابا شديدا. فقد سبق واثبت أن القتل لا يمنع اسرائيل من سرقة المزيد من اراضي الفلسطينيين، وبناء على ذلك لا احد يمكنه الادعاء بأنه توجد “جدوى” سياسية للقتل. اذا كان القاتل فلسطيني فهل توجد علاقة بين فعله وبين قسوة سياسة اسرائيل التي تطعنه وتجرحه يوميا منذ ولادته؟ اذا كان الامر كذلك فان هذه وحشية يتعرض لها ملايين الفلسطينيين ويشعرون بها على جلودهم من المهد الى اللحد، والتي تولد غضب واشمئزاز لدى كل واحد منهم. ولكن فقط قلائل جدا يطلقون غضبهم وكراهيتهم على امرأة تركض في غابة. الواقع بقي على حاله: المزيد من الاسرائيليين قتلوا ويقتلون المزيد من الفلسطينيين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى