ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم عميره هاس – تطعيم انتقائي

هآرتس – بقلم عميره هاس – 29/12/2020

تعليمات وزير الامن الداخلي، امير اوحانا، لعدم تطعيم السجناء الامنيين إلا بعد مصادقة رسمية، هي استمرار لسياسة اسرائيل التي تتبعها منذ ثلاثين سنة، واستمرار لطريقة تطبيقها لاتفاق اوسلو منذ البداية “.

بصورة غير مفاجئة، وزير الامن الداخلي امير اوحانا، طالب بأن لا يتم تطعيم السجناء الامنيين (أي الفلسطينيين) ضد الكورونا. ومثلما كتب غوش برايمر أول أمس، فانه في الاعلان الذي نشره مكتب اوحانا “يجب عدم تطعيم السجناء الامنيين بدون مصادقة وطبقا لتقدم التطعيم في اوساط الجمهور بشكل عام”. المدير العام للوزارة الذي ترجم اعلان الوزير الى تعليمات رسمية لمصلحة السجون، قام بحذف كلمة “أمنيين”.

هل هذا الحذف تم بشكل متعمد من خلال الادراك بأنه سيكون من الصعب حتى على المحكمة الاسرائيلية، الدفاع عن التعليمات الوحشية للوزير؟ نحن لا نعرف. ولكن أمر “يجب عدم اعطاء التطعيم بدون مصادقة” يبقي المجال مفتوح للتمييز ضد السجناء الفلسطينيين، لكن بدون التلويح به.

اوحانا يطور المقاربة الاسرائيلية السائدة التي بحسبها السجناء الفلسطينيين وعائلاتهم يجب مواصلة تعذيبهم طوال الوقت – الى جانب سلب حريتهم. عندما يتم تقديم الفلسطينيين للمحاكمة فان كل واحد منهم تتم محاكمته بصورة منفصلة عن السياق العام لحياته في ظل العنف الممنهج والممأسس للنظام الاسرائيلي. خارج السجن وفي السجن، التعامل مع الفلسطينيين هو مثل التعامل مع جماعة يجب مواصلة قمعها وتحطيمها. ليصابوا بالفيروس وليعانوا المزيد وليموتوا قبل التحرير. هذا هو معنى تعليمات اوحانا.

باستثنائه الفلسطينيين من جماعة السجناء المحتاجين للتطعيم، التي من حقها الحصول عليه، فان اوحانا يسير في المسار الذي رسمه اتفاق اوسلو، مثلما طبقته اسرائيل من البداية. المبدأ الذي يوجه اسرائيل – غير العلني، بل الذي تجسد ويتجسد حتى الآن بنشاطاتها في المناطق – واضح جدا. فمن جهة هي تخلد السيطرة على الارض وعلى الموارد الطبيعية (المياه والمحاجر) للفلسطينيين وتستغلها لصالحها كما ترغب. هي تسيطر على الحدود وعلى فضاء الفلسطينيين وعلى حرية حركتهم واموالهم واقتصادهم. هي ومواطنوها يكسبون من عملهم ومن ممتلكاتهم ومن اراضيهم.

من جهة اخرى، اسرائيل تلقي على السلطات الفلسطينية عبء مواجهة، سواء التداعيات المدمرة لهذه السيطرة – بما فيها الافقار وعجز مزمن في الميزانية – أو المشاكل العادية التي توجد في أي مجتمع مثل الازمة العميقة التي يحدثها وباء عالمي.

حسب المنطق المشوه، لكن الثابت هذا، المستوطنون في معاليه ادوميم التي بنيت على اراضي العيزرية وأبوديس، يحصلون على التطعيم. وسكان البلدات الذين فقدوا المورد الارضي لهم ومعه مصادر الدخل لصالح اسرائيل واليهود، من البداية تم شطبهم من القائمة. هكذا بخصوص كل بؤرة استيطانية ومستوطنة، سكانها – مواطنون اسرائيليون يعيشون خارج دولتهم – هم بالطبع في قائمة الحاصلين على التطعيم. اصحاب الارض التي سرقها المستوطنون والذين يعيشون وراء الشارع، هم خارج الحساب.

بنفس الطريقة، الفلسطينيون غير مشمولين في بيانات المكتب المركزي للاحصاء، واحتياجاتهم ومستقبلهم يتم طرحها من اعتبارات المخططين الاسرائيليين، عندما يقوم هؤلاء بتوسيع أو شق طرق في الضفة، يخصصون ارض لتوسيع المستوطنات أو يطورون البنى التحتية للمياه حتى حدود الاقفاص الفلسطينية.

القفص الاكبر والاكثر اغلاقا هو قطاع غزة، الذي فصلته اسرائيل عن سكان الضفة قبل فترة طويلة من فوز حماس في الانتخابات من اجل تحويله الى كيان منعزل ومنفصل. بهذه الصورة لا يستطيع ولن يستطيع القطاع أن يكون قائما بذاته. حماس، قوتها وسياستها، ليست هي سبب فصل القطاع عن العالم، بل الرد على سياسة عمرها ثلاثين سنة ونتائجها.

في قطاع غزة وفي الضفة الغربية السيطرة الاسرائيلية، بصورة مباشرة أو عن بعد، تقيد القدرة على كسب الرزق للسكان وامكانية تطورهم الجماعي. وقد حولت السلطات الفلسطينية الى متسولة للصدقة، التي فقط بمساعدتها يمكنها شراء المعدات الطبية والتطعيمات. اسرائيل تحظى وتتمتع بالاموال غير المنقولة دون أن تتحمل المسؤولية عن رفاه وصحة الفلسطينيين الذين يعيشون في فضاء سيطرتها. كم هذا مريح وكم هذا موفر ومجدي اقتصاديا.

******

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى