ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم عميره هاس – باسم الكرامة الوطنية ، السلطة الفلسطينية تلحق الضرر بسكانها

هآرتس – بقلم  عميره هاس  – 3/8/2020

السلطة الفلسطينية كان يمكنها الاعلان عن وقف التنسيق الامني في اعقاب الاعلان عن عملية الضم. والابقاء على التنسيق المدني كما هو وبذلك تقلص الضرر الواقع على سكانها. ولكنها عندما ربطت بين الامرين فكأنها اعلنت بأن مساعدة الاحتلال والاهتمام برفاه من يقع تحت الاحتلال هي نفس الشيء “.

وقف التنسيق المدني لا يضر اسرائيل، بل يضر الفلسطينيين. وقف التنسيق كان يجب أن يعزز المكانة المتهالكة للسلطة الفلسطينية في نظر جمهورها، ولكن بدلا من ذلك هو يكشفها كمن ترد فقط وليس كمن تخطط، وأنها تطالب بتضحية السكان دون اشراكهم في القرارات. اضافة الى ذلك، هذا يدل على أنه لا يوجد للسلطة الفلسطينية القدرة على حماية سكانها.

مثال على ذلك هو المواطنين الـ 13 من الضفة الغربية الذين منعوا من الخروج الى الاردن في بداية الاسبوع، ليس لاسباب امنية. والازعاج الذي لحق بهم لا يقارن مع ازعاج المرضى في حالة خطيرة. الكثيرون منهم في قطاع غزة الذين يتلكأ خروجهم للعلاج الطبي لأن السلطة اوقفت علاج طلباتهم للحصول على تصاريح خروج. في هذه الايام كان يجب أن يبدأ بالعمل نظام تنسيق بديل مؤقت، لكن هذا الامر تأخر. في هذه الاثناء جمعية اطباء من اجل حقوق الانسان تنقل طلبات الى ادارة التنسيق والارتباط في حين أن الادارة المدنية تتلقى طلبات للحصول على تصاريح خروج للعلاج مباشرة من السكان في الضفة الغربية.

من المهم ايضا أن نذكر بأن المشكلة الرئيسية لسكان الضفة هي اقتصادية. نحو 134 ألف من موظفي القطاع العام و80 ألف من الحاصلين على مخصصات مختلفة يحصلون على مبالغ أقل من المعتاد وبتأخير واضح، بسبب ليس فقط وباء الكورونا، بل ايضا بسبب القرار الفلسطيني عدم تسلم اموال الضرائب والجمارك من اسرائيل التي تجبيها في حدودها عن بضائع ذاهبة الى الضفة والى القطاع. هكذا، منذ شهر أيار يتم خصم نحو 200 مليون دولار كل شهر من صندوق السلطة، التي تشكل ثلثي مداخيلها. ولكن منع الخروج الى الاردن وخلفية ذلك توضح جيدا فداحة الوهم الذي باعته السلطة لسكانها، ولنفسها ايضا كما يبدو. المعبر مغلق منذ 11 آذار، كوسيلة لمنع تفشي الكورونا. الخروج منه الى الخارج في حالات استثنائية يحتاج الى تنسيق خاص بين السلطة الفلسطينية والسلطات الاردنية. ومن السهل تخمين كبر خيبة أمل الـ 13 مسافر عندما قيل لهم بأن الوثائق التي لديهم لا تتلاءم مع ما هو مسجل في مخزن المعلومات الذي يوجد في الحاسوب الاسرائيلي، لذلك يحظر عليهم الخروج من الضفة الغربية.

من بين الذين تم رفض خروجهم والذين كتب عنهم في الصحف الفلسطينية، امرأتان سجلن في الاشهر الاخيرة اولادهن في سجل السكان الفلسطيني. هذه عملية معروفة: الفلسطينيون الذين يعيشون في الخارج يحرصون على العودة الى الضفة من اجل أن يسجلوا اولادهم الصغار في وزارة الداخلية الفلسطينية. والآخرون هم سكان الولايات المتحدة الذين جاءوا في زيارة الى الضفة ومددوا مكوثهم بسبب اغلاق المعابر. وفي هذه الاثناء كان يجب عليهم تجديد جوازات سفرهم الفلسطينية.

الادانات الفلسطينية الرسمية، بما في ذلك وزارة الخارجية وشخصية كبيرة في م.ت.ف، لم تتأخر في المجيء. استفزاز ومعاملة غير اخلاقية مع نساء واولادهن الصغار، عقاب جماعي. ولكن هذا بالضبط كان احد التداعيات المتوقعة جدا لوقف التنسيق المدني: عدم التطابق بين البيانات الشخصية الحقيقية وبين التي توجد لدى السلطات الاسرائيلية.

اتفاق اوسلو يحظر على السلطة الفلسطينية اعطاء اقامة في الضفة الغربية وفي قطاع غزة لمواطنين من دول اخرى، بما في ذلك فلسطينيين ولدوا في الضفة الغربية وفي قطاع غزة أو أن عائلاتهم تعيش فيها. هذا بقي احتكار اسرائيلي. ومنذ العام 2000 جمدت اسرائيل العملية التي تسمح بمنح المواطنة لبضعة آلاف الاشخاص في كل سنة. ولكن الاتفاق سنح للسلطة بادارة سجل السكان الفلسطيني: اصدار وثائق سفر خاصة بها، واصدار بطاقات هوية شخصية جديدة لابناء الـ 16 سنة وايضا تسجيل مواليد جدد واصدار ارقام شخصية لهم، والموت والزواج والطلاق أو تغيير العنوان.

هكذا، أي خروج من أي جيب فلسطيني المرتبط بفحص البيانات الشخصية يمكن أن يتعقد اذا كانت هذه البيانات غير متطابقة مع الموجود على شاشة الحاسوب الاسرائيلي. لذلك، منذ نقل الصلاحيات المدنية للسلطة الفلسطينية في 1994 وفي ذروة التصعيد العسكري، هي تحرص على أن تنقل للادارة المدنية الاسرائيلية كل معلومة جديدة وحديثة في مكانة السكان، بما في ذلك الذين يعيشون في قطاع غزة، حتى تحت حكم حماس.

الادارة المدنية تسمي نقل المعلومات هذا “تطابق مع انظمة المعلومات الاسرائيلية من اجل السماح بتقديم خدمات مختلفة للسكان الفلسطينيين”. ولكن هذا التطابق هو مفهوم مضلل. مثلا، في التسعينيات تبين أن اسرائيل لا تقوم بالمصادقة على تغيير عنوان السكن من غزة الى الضفة الغربية. فلسطينيون من مواليد القطاع الذين عاشوا سنوات طويلة في الضفة الغربية وعنوانهم تم تغييره في وزارة الداخلية الفلسطينية، تفاجأوا من سماع الجنود يقولون لهم بأن بطاقات هوياتهم مزيفة. هذه كانت اشارة مبكرة جدا لنية اسرائيل فصل سكان غزة عن الضفة. ايضا في بطاقات الهوية لمجموعات سكانية فلسطينية كثيرة تعيش في مناطق ج، العنوان الرسمي لا يشبه مكان السكن الحقيقي، بل مناطق معينة في مناطق أ. هذه هي المجموعات التي لا تعترف اسرائيل بوجودها وهي تسعى الى طردها الى مناطق أ و ب التي توجد تحت سيطرة السلطة الفلسطينية المدنية.

التنسيق الامني البغيض على اغلبية الفلسطينية يعكس مكانة المقاول الثانوي الذي اتخذته حركة فتح واجزاء من م.ت.ف على نفسها وطورته خلال السنين رغم كل الانتقاد والغضب. وهو يعكس مأساة المنظمات التي ناضلت من اجل الحرية والاستقلال، ومقابل حكم ذاتي محدود ومعاق طوروا انظمة قمع ضد شعبهم.

التنسيق المدني في المقابل يعكس الوضع الحقيقي: مع أو بدون وساطة. اسرائيل كانت وما زالت هي المحتل الذي يخضع له ملايين السكان الذين ليست لهم حقوق مواطن. ولكنهم يتمتعون بحقوق انسان. السلطات كان يمكنها وقف التنسيق الامني والاستمرار في التنسيق المدني في محاولة لتقليص الضرر على السكان. في حالة وقف التنسيق الامني فقط يمكن الافتراض بأن اسرائيل كانت ستقوم بعملية ثأر وتقوم بالتشويش على جزء من التنسيق المدني. ولكن عندها كان عليها أن تشرح خطواتها العدائية للجهات الدولية القلقة. باسم الكرامة الوطنية فان السلطة الفلسطينية وضعت في نفس السلة التنسيق الامني والتنسيق المدني وكأنها اعلنت بذلك بأن مساعدة المحتل والاهتمام برفاه من يقع تحت الاحتلال هي نفس الشيء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى