ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم عميره هاس – الولد من الكرمل

هآرتس – بقلم عميره هاس – 27/12/2020

كم من الحماس وانغلاق القلب تستثمره اذرع الدولة من اجل أن تمنع شخص من مشاركة ألمه على موت والدته مع باقي ابناء عائلته  “.

“منذ الطفولة عملت في سوق الكرمل”، قال عصام بركة في مكالمة هاتفية، وتخيلته ولد يجر الصناديق ويقوم بتقشير الذرة ويأخذ من الكوم حبات البندورة الناضجة جدا وينظف الدكان في المساء، واثناء ذلك يلتقط اللغة العبرية. في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي كانت اسرائيل ما تزال تحترم حق الفلسطينيين في حرية الحركة، باستثناء عدة حالات شاذة واثناء حظر التجول، وكان يمكنهم السفر بين غزة والضفة الغربية والى داخل اسرائيل وبالعكس. بالنسبة لاسرائيل كانت دوافعها الاقتصادية والسياسية تدعوها للسماح بحرية الحركة، لكن بهذا استغل الكثير من اولاد وفتيان قطاع غزة، مثل بركة الذي عمره الآن 56 سنة، العطلة المدرسية من اجل المساعدة في اعالة العائلة. عائلات اسرائيلية كثيرة مدينة لهم باستقرارها الاقتصادي وحتى ثرائها، بسبب الاجور المنخفضة التي كانت تدفعها لهم.

بركة تزوج من مواطنة اسرائيلية وهو منذ العام 1991 يعيش في يافا. مع مرور الوقت حصل ايضا على الجنسية الاسرائيلية. وهو يعمل لكسب الرزق كبائع في محل للخضار. في 1 كانون الاول الحالي توفيت والدته (89 سنة) في بيتها في بلدة بني سهيلة في جنوب قطاع غزة، على بعد 85 كم عن بيته. هو لم يراها منذ 13 سنة. “تقريبا قبل وفاة والدتي، كتبت منشور عن احتضان أمي وأنا مشتاق جدا اليها”، قال بركة واضاف “عندما تزوجت لم أتخيل أن هذا الانفصال عن عائلتي سيكون هو الثمن”.

ادارة التنسيق والارتباط، الخاضعة لوحدة منسق اعمال الحكومة في المناطق التابعة لوزارة الدفاع، لم تسمح له بالمشاركة في الجنازة. جمعية “غيشاه” خاضت مرة اخرى نضال حازم ضد المنع من اجل أن يستطيع بركة المشاركة في العزاء مع اخوته واخواته. عندما توفي والده قبل اربع سنوات تقريبا – ايضا هذا الامر منع منه. النضال استمر ثلاثة اسابيع تقريبا وكان يتضمن المكالمات والرسائل الالكترونية لادارة التنسيق والارتباط، التماس للمحكمة العليا، ظهور امام القضاة وارسال رسائل اليهم. في النهاية ألزمت المحكمة العليا الدولة بالسماح لبركة بالذهاب الى القطاع. ولكن حتى الآن لم يتمكن من زيارة عائلته وزيارة قبر والديه.

الممتع في هذه القصة المألوفة هو كم من الوقت البيروقراطي، والحماس وانغلاق القلب، استثمر مبعوثو الحكومة، الجنود العاديين، الضباط ومحامية الادعاء العام (ايلانيت بيتاو) – من اجل منع بركة من مشاركة الألم والعزاء مع ابناء عائلته المقربين الذين لم يلتق معهم منذ اكثر من عقد. مبعوثو الدولة لعبوا بكرتين من اجل شرح قرارهم: الكورونا وسياسة اسرائيل لمنع حركة شخص الى قطاع غزة – باستثناء حالات انسانية استثنائية جدا.

المشاركة في حفل زفاف قريب من الدرجة الاولى، وبالعكس، المشاركة في عزائه، تعتبر “حالة انسانية شاذة”، التي تسمح بدخول غزة أو الخروج منها حسب المعايير المتشددة لادارة التنسيق والارتباط في المناطق. ولكن منذ شهر آذار قدمت الكورونا للسلطات الاسرائيلية فرصة للعودة الى زيادة تشديد قيود الحصار على غزة، وتجاهل حالات السماح النادرة التي اعطيت في الماضي. في اسرائيل نفسها تغيرت عدة مرات تعليمات الكورونا، دائما انطلاقا من نقاش عام. ولكن زيادة التشدد في اغلاق معسكر الاعتقال في غزة بأيدي حراس وزارة الدفاع تم بدون مراقبة وبدون نقاش.

التماسات “غيشاه” و”موكيد” للدفاع عن الفرد في قضية “عائلات مقسمة” (مواطنون اسرائيليون من سكان القطاع ويوزعون حياتهم بين القطاع واسرائيل)، نجحت في أن تخرق شيء ما في السور الحديدي. المواطنون الاسرائيليون الذين وجدوا انفسهم “عالقين” في اسرائيل، سمح لهم بالعودة والسفر الى بيوتهم في القطاع. الدولة اعلنت ايضا أنها في حالات العزاء ستمكن مواطني غزة من الذهاب الى اسرائيل، ولمن يسكن في الضفة الدخول الى القطاع. فلماذا يمنع مواطن اسرائيلي من مواليد القطاع من السفر الى عائلته؟.

حسب محضر المداولات في المحكمة العليا في 9 كانون الاول، القضاة دفنة براك – ايرز وعنات بارون وعوفر غروسكوفف، وجدوا صعوبة في فهم تبريرات المدعية بيتاو. “الموضوع هو صحة الجمهور؟ سألت براك – ايرز، واجابت بيتاو: نعم. اذا كان هناك استعداد للعزل (أن يدخل بركة الى العزل عند عودته) فما هي المشكلة، وزادت القاضية الضغط وقالت: “يجب أن تكون علاقة منطقية بين الوسيلة والغاية”. بيتاو اوضحت بأنه في القطاع اسرائيل لا تستطيع أن تشرف على درجة الحفاظ على تعليمات الكورونا. القاضية واصلت التساؤل: هذا يسري على كل مواطن اسرائيلي في كل العالم. ماذا عن مواطن يسافر الى دبي؟ القضاة انتقدوا انعدام الشفافية الذي تتبعه السلطات عندما تلغي أو تغير التعليمات بخصوص الخروج من القطاع والدخول اليه.

رغم ملاحظات القضاة، اعلنت بيتاو في 10 كانون الاول بأن الدولة لم تتراجع عن الرفض. عندها، في اعقاب أمر مشروط للمحكمة، في 20 كانون الاول، اضطرت بيتاو الى الاعلان بأن بركة سيسمح له دخول القطاع. في يوم الثلاثاء، 22 كانون الاول، أبلغ بركة بأنه في حاجز ايرز ينتظره تصريح دخول للقطاع لمدة ثلاثة ايام. بركة سافر الى الحاجز بانفعال، واكتشف هناك بأنه يوجد ضده أمر “منع خروج من البلاد” بسبب دين يقوم حتى الآن بتسديده على دفعات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى