ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم عميره هاس – الغباء هو غطرسة حاكم مقتنع بأنه كلي القدرة

هآرتس – بقلم  عميره هاس – 11/5/2021

الحاكم أحرز هدف ذاتي واعطى فرصة اخرى للشباب الفلسطينيين كي يظهروا أنه لا يوجد شيء هنا غير طبيعي “.

كيف يمكن أن يكونوا بهذا القدر من الغباء؟ هذا هو السؤال الذي يكرر نفسه في هذه الايام في القدس. من يسأل هم السكان العرب، ويقصدون السلطات الاسرائيلية التي تبنت سلسلة قرارات غبية حسب رأيهم، والتي عادت وأشعلت المدينة المقسمة، والاكثر دقة الشطر الشرقي وفي داخله البلدة القديمة.

يوجد جانب ايجابي للغباء. فهو يشكل رسالة دبلوماسية عاجلة، التي المجانين الذين يرتدون قناع أمة الهايتيك التي تحب الموسيقى بدأوا في كتابة الرمز السري لتفجير رؤوسهم المتفجرة. الغباء يكشف العلاقة بين الطابع الطارد لاسرائيل (الشيخ جراح كمثال) وبين الاحتقار العميق، التلقائي، الذي تكنه لرعاياها المسلمين. الغباء يظهر كيف أن الدولة التي دمرت وأضرت ببلدات فلسطينية مثل بيت لحم والبلدة القديمة في الخليل وحارة المغاربة في القدس والنبي صموئيل من اجل أن يستطيع اليهود اقامة احتفالاتهم الدينية، تظهر الاستخفاف بشهر رمضان وبالاماكن الاسلامية المقدسة.

الأمل هو أن دول صديقة مثل المانيا واتحاد الامارات والولايات المتحدة ستدرك الى أي درجة اسرائيل هي خطيرة، وستقوم بلجمها. الخطر هو أن هذه الدولة مرة اخرى ستتردد، والفلسطينيون مرة اخرى سيدفعون الثمن الباهظ جدا، وسنقترب اكثر فأكثر من الانفجار القادم الاكثر خطورة.

هكذا تدحرج الغباء في شهر رمضان. بدء باغلاق الدرج في باب العامود ومرورا بمهاجمة المتظاهرين في الشيخ جراح وتحديد موعد لنقاش قانوني قابل للانفجار يتعلق بمصير هذا الحي، بالضبط في اليوم الذي يخطط فيه يهود قوميون متطرفون للقيام بمسيرة انتصار في البلدة القديمة، وانتهاء باقتحامات وحشية للشرطة في الحرم وفي مساجده (أحدها وهو أمر مخيف وصادم، ينفذ اثناء كتابة هذه السطور). حوالي مليار و800 مليون مسلم في ارجاء العالم يقومون معا باحياء شهر رمضان. فقط 7 ملايين منهم فقط يعيشون في الارض المقدسة التي تقع بين نهر الاردن والبحر المتوسط. وفقط بضعة عشرات الآلاف منهم يمكنهم الصلاة في هذه السنة في مساجد الحرم الشريف. ولكن لاسباب تاريخية وسياسية، ليس فقط دينية وجمالية، قبة الصخرة تحولت الى رمز اسلامي مشهور، والمجمع كله، الى موقع تراث عالمي. واسرائيل تقوم بالبصق عليه. مئات ملايين المسلمين سيجدون صعوبة في نسيان المشهد الفظ لرجال شرطة الدولة اليهودية وهم يرتدون الزي الرسمي ويعتمرون الخوذات ويحملون البنادق ويقومون بتدنيس المجمع ومساجده ويهاجمون في وقت الصوم آلاف المسلمين بقنابل الصوت وقنابل الغاز المسيل للدموع واطلاق صليات من الرصاص المعدني المغلف بالمطاط. بث مباشر من عشرات اجهزة الهواتف الذكية يظهر كيف أن الدولة اليهودية تتعامل مع المسجد الاقصى على أنه منصة لاستعراض القوة الوحشية لشرطتها ووسائل القمع التي بحوزتها.

في اسرائيل يتم عرض الاقتحامات كرد منطقي ووحيد على الشباب الذين رشقوا الحجارة والقوا بزجاجات المياه، وعلى قدراتهم التنظيمية وتأييدهم للمنظمات الاسلامية القومية. ولكن أمس هذا ظهر بالاساس وكأن الشرطة تعوض عن الهزائم التي لحقت بصورتها (الاخوة الاكثر نجاحا من جهاز الامن العام والموساد والاستخبارات يوبخونها علنا عبر الاخبار الصحفية). وايضا ترضي من يؤيدون أمناء جبل الهيكل الذين حظر عليهم القيام باقتحامهم الاستفزازي والعدائي للحرم. خلال ذلك نجحت شرطة اسرائيل ايضا في اقناع المزيد من الشباب الفلسطينيين بأن التمرد هو الافق الوحيد امامهم، وبالتأكيد عززت ايضا قوة الجذب لمنظمات اسلامية – قومية متطرفة.

الغباء هو غطرسة حاكم مقتنع بأنه كلي القدرة، وأنه أكمل بناء الحائط الفولاذي الاكثر متانة امام انتفاضة تقتضيها الظروف. الحاكم أحرز هدف ذاتي، وأعطى للشباب الفلسطينيين المزيد من الفرص لاظهار أنه لا يوجد شيء هنا غير طبيعي. وبهذا مكنهم من أن يكونوا الفم الذي يعبر عن أبناء شعبهم. ولكن اذا لم تعمل الدول الصديقة بسرعة ضد غطرسة اسرائيل فان الخطر هو أن الغباء سيسرع تحويل مشكلة الاحتلال الاسرائيلي الى حرب دينية تتجاوز حدود هذه البلاد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى