ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم عاموس هرئيل – قائمة الاخفاقات تطول ونتنياهو يعود الى التخويف

هآرتس – بقلم  عاموس هرئيل  – 27/3/2020

فضيحة الفحوصات وحرب الخنادق مع وزارة الصحة وسيناريوهات الرعب، كل هذه هي اعراض تخبط الحكومة. وبعد المحكمة العليا ربما هناك مؤسسات حكومية اخرى ستضطر الى الاختيار بين الولاء للسلطة أو الديمقراطية. وفي هيئة الاركان العامة يتساءلون كيف سترد غزة عندما سينتشر الفيروس  “.

الانسان مخلوق متكيف. ولو أن أحد قال لنا قبل شهر بأنه في نهاية هذا الاسبوع سنشاهد بصورة استحواذية منحنيات توثق الوفيات في دول العالم، وأننا سنقوم بتخطيط مسارات سير رياضية على مسافة 100 متر من البيت، أو أننا سنتزود بالقفازات والكمامات (عديمة الجدوى كما يبدو) عند كل دخول لنا الى السوبرماركت، من المشكوك فيه أننا كنا سنصدق ذلك. الصور من اصابة الكورونا للصين يتم بثها على الشاشات منذ كانون الثاني، لكن القليل من الاسرائيليين الذين كان خيالهم متطور بما فيه الكفاية من اجل توقع أن هذا السيناريو الدستوفي سيحدث هنا ايضا بهذه القوة. وحقيقة أنه تقريبا في كل مساء تتقلص بدرجة اخرى حرية الحركة تعود بالتدريج المواطنين على الحكم مثل الضفدع في وعاء والتي تتعود على تسخينها درجة بعد درجة.

منذ عقد واكثر تحذر اعمدة الرأي في هذه الصحيفة من نهاية الديمقراطية. في هذا الاسبوع تم تقييدها بصورة شديدة ومدهشة. ولكن جزء كبير من مشاهدي قنوات التلفاز الذين عددا منهم دفعوا تغطية الاحداث في المحكمة العليا وفي الكنيست الى نهاية النشرات كانوا منشغلين جدا بأمور صحية مقلقة وصعوبات في مصدر الرزق دون أن ينتبهوا الى ذلك. وبدلا من ذلك شاهدنا اساتذة طب عدوانيين وسلبيين يوبخوننا بسبب عدم الحفاظ على مسافة.

حد التشابه ليس فقط لدينا، واحيانا نتائجه تكون اكثر شدة. سلسلة اعلانات وافلام قصيرة ينشرها خصومه الديمقراطيين توثق بتفصيل مدهش تسلسل الاعلانات الغبية والوقحة التي استقبل بها الرئيس الامريكي ترامب اقتراب الفيروس من بلاده في الاشهر الاخيرة. الولايات المتحدة تبدو الآن تسير في المسار السريع والآمن لتجاوز ايطاليا كدولة لديها العدد الاكبر من المصابين والموتى بالكورونا (بالارقام المجردة وليس في النسبة).

لقد كان لدى ترامب معلومات مسبقة: امكانية انتشار وباء ظهرت في وثائق الاستراتيجية القومية الامريكية في العام 2015 و2017. الرئيس تصرف بصورة معاكسة وحل الطاقم الرئيسي لمعالجة الأوبئة في مجلس الامن القومي؛ وثيقة الاستراتيجية القومية البريطانية من العام 2018 وضعت سيناريو لأوبئة في مجموعة التهديد الرائدة بالاحتمالية الاعلى؛ تصعيد كنتيجة لانتشار سلاح نووي وضع كاحتمالية اقل معقولية.

ولكن الوثيقة التي قدمت الانذار الاشد سميت “عالم في خطر” ونشرت من قبل طاقم لمنظمة الصحة العالمية في ايلول 2019. برئاسته كانت تقف العالمة رئيسة حكومة النرويج السابقة الدكتورة غيرو هارلم برونتلاند، التي فحصت درجة الاستعداد العالمي لحالات طواريء صحية. في افتتاحية الوثيقة ورد بأن “اندماج توجهات عالمية منها عدم الأمن والمناخ يزيد الخطر: امراض تنتشر في وضع عدم وجود نظام وخطر اندلاع وضع طواريء عالمي هو مرتفع.

“هناك خطر حقيقي لاندلاع وباء قاتل ينتشر بسرعة ويرتكز على مرض يؤثر على جهاز التنفس. ويمكن أن يؤدي هذا المرض الى موت 50 – 80 مليون شخص ويمحو تقريبا 5 في المئة من قيمة الاقتصاد العالمي. وباء عالمي بهذا الحجم سيكون كارثيا وسيخلق فوضى بحجم واسع، عدم استقرار وعدم أمن. العالم غير مستعد لذلك. زعماء في ارجاء العالم يمسكون بمفتاح التعامل مع الوباء.

بقدر ما امكننا استيضاحه، فان هذا التحذير الواضح لم يطرح بصورة منظمة حتى على طاولة حكومة اسرائيل في الاشهر الاخيرة – وحتى لم يكن معروفا لاجهزة الاستخبارات المحلية، التي هي الآن تشارك في جهود الشراء لصالح الجهاز الصحي. في اسرائيل مثلما في دول كثيرة اخرى، كان هناك خلل في السنوات الاخيرة في الاتصالات بين المستويات المهنية والمستوى السياسي المسؤول في كل ما يتعلق بمعالجة الأوبئة. حتى التقرير المخفف لمراقب الدولة الذي نشر في هذا الاسبوع يدلل بصورة غير مباشرة على ذلك.

رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يتصرف بشكل مختلف عن صديقه الامريكي. خلافا لترامب، نتنياهو لم يتعامل باهمال مع الفيروس، بدأ باجراء نقاشات متواصلة عن الاستعداد في شهر شباط واتخذ عدة خطوات، تقليص الطيران وعزل العائدين من الخارج وتوجيهات بالحفاظ على مسافة وأخيرا فرض اغلاق كامل تقريبا، التي بالتأكيد قلصت وتيرة انتشار الكورونا في البلاد.

ولكن يبدو أنه بهذا تقريبا يتلخص الجانب الايجابي من الميزان الاسرائيلي. قائمة الاخفاقات والقصورات اطول. جهاز الصحة العام تم خنقه في السنوات الاخيرة بصورة ابقته تقريبا بدون احتياطي في لحظة الاختبار الاصعب، جهود التزود باجهزة التنفس ومعدات حماية حاسمة للطواقم الطبية بدأت بتأخير كبير. وفقط في هذا الاسبوع انتقلت الى مسؤولية جهاز الامن، وفضيحة الفحوصات، بما في ذلك حرب الخنادق التي تديرها ضدها وزارة الصحة هذا الاسبوع، ستكون حاجة الى تخصيص فصل منفرد وواسع في تقرير لجنة التحقيق المستقبلية، عدم تطبيق اللوائح على الاصوليين فقط بسبب الخوف السياسي من شأنه أن ينتهي بكارثة. يضاف الى ذلك ادارة المعركة نفسها. اسابيع كثيرة في الازمة، الحكومة كانت تعمل بصورة غير منظمة تماما. رئيس الحكومة، حسب اقوال وزرائه، غارق في عشرات الساعات من الجلسات، التي جرى فيها انشغال كثيف ومشتت في عشرات القضايا، التي عدد منها كان لا يجب على الاطلاق أن تشغله. جلسات الحكومة تدار مثل نادي للنقاشات الذي فيه  اشخاص ليس لهم قوة سياسية (وزراء يمينا بنسخته السابقة) أو متملقين حصلوا على مكانة وزير فقط كجائزة على النفاق، يطرحون موقفهم غير المهم في مسائل مثل اعطاء مصادقات للركض الرياضي وفتح المطاهر. فقط أمس فتح للمرة الاولى مركز لادارة الازمات الوطنية.

الى جانب مزايا التنسيق الدائم بين نتنياهو ووزارة الصحة، هناك نقطتا ضعف اساسيتان. الاولى، على خلفية معارضة وزارة الصحة فان رئيس الحكومة لم يستخدم كامل ثقله من اجل زيادة وتيرة الفحوصات التي هي حسب التقدير كان يمكن أن تتجاوز العشرة آلاف في اليوم. والثانية، نتنياهو متزامن تماما مع سيناريوهات الرعب لجهاز الصحة الى درجة التحذير من مليون مريض و10 آلاف قتيل بالكورونا في اسرائيل في نهاية شهر نيسان.

الوجه المقلق لنتنياهو معروف جيدا لمن خبروا مئات ساعات النقاشات معه في مسألة المشروع النووي الايراني. هناك اختار دائما السيناريو الاكثر تطرفا، وفي المقابل خشي من اتخاذ أي قرار فعلي. الآن يشهد هذا المواطنون في اسرائيل، حيث خطابات رئيس الوزراء في المساء تنثر ذكريات الامر الاسود بما يشبه الكارثة وتوقعات متشائمة جدا.

ملاحظة قيادية

في الخلفية، ولا يمكن تجاهل ذلك، تقف حرب البقاء لنتنياهو. الخطوات القاسية تتم ملاءمتها مع ما يجري في اغلبية الدول الغربية الآن، رغم الثمن الاقتصادي الكبير الذي سيكتنف ذلك. ولكن التخويف ليس فقط خيار طبيعي، بل هو يجعل حالة الصدمة والفزع هي المسيطرة، الامر الذي يخدمه سياسيا، وساعده في السابق على تأجيل محاكمته وتبرير فرض وسائل تنشر الخوف. صلاحيات تحديد مكان الاشخاص، القاسية وغير المسبوقة، التي اعطيت لجهاز الامن العام هي مثال بارز.

هذا الاسبوع في مظاهرة احتجاج قبالة الكنيست تجمع اربعة قادة سابقين في دورية قيادة الاركان، عضو الكنيست السابق عمر بار ليف والعميد احتياط شاحر ارغمان والعميد احتياط عاموس بن ابراهام والجنرال الجديد في الاحتياط نيتسان الون. وقد قال الون للصحيفة بأن اللقاء بين الاربعة لم ينسق مسبقا. “لقد رأيت بالصدفة شاحر وبعد ذلك جاء عمر وعاموس. جئت للتظاهر لأنني اعتقد بأنه يوجد لدينا مخرج من توازن المباديء الاساسية، فصل السلطات وقدرتها على اجراء حوار فيما بينها. الخروج من التوازن خطير. هذا يحدث على خلفية ازمة صحية واقتصادية شديدة ومخيفة، التي استخدمت مثل فأس للحفر.

“ما يحدث هنا يمكن أن يعرض للخطر أسس النظام الديمقراطي. لا يجب علينا انتظار تحقق الامور، بل يجب علينا العمل بوسائل المجتمع المدني: الاحتجاج وضغط جماهيري في مرحلة مبكرة. أنا غير متشائم. لا اعتقد أننا نسير بسرعة نحو الديكتاتورية. هناك الكثير من الجهات في الطيف السياسي لديهم وعي ديمقراطي، الذين يفهمون جيدا اهمية المحكمة العليا. ولكن ايضا المواطنين يجب أن يرفعوا صوتهم. أنا اقوم بعمل حيوي عندما اتظاهر في الوقت المناسب وعند الحاجة. الازمة لا تستطيع أن تكون ذريعة توقف نشاطات الكنيست والمحاكم أو اجراء المظاهرات”.

معركة رئيس الكنيست، عضو الكنيست يولي ادلشتاين، ضد المحكمة العليا تظهر كسابقة لما هو اسوأ. الكورونا فقط بدأت تضرب اسرائيل، لكن الاندماج بينها وبين الطريق المسدود الذي وجد بعد الانتخابات الثالثة، سرع التأثير الضار على النظام الديمقراطي. الآن، نتنياهو ومؤيدوه يضعون المؤسسات الرسمية في الدولة في معضلة مطلوب فيها أن يختاروا بمن يلتزمون، هل بالمستوى التنفيذي أم بالكنيست، هل بالسلطة أم بالديمقراطية. المحكمة العليا صمدت هذا الاسبوع. ولكن الاختبار يمكن أن يصل حتى الى مؤسسة الرئاسة والجيش والشرطة والشباك وجهات اخرى.

على خلفية استقالة ادلشتاين بدأت الكنيست بالعمل. وأمس عقدت جلسة اولى للجنة الكورونا. الرئيس، عضو الكنيست عوفر شيلح (ازرق ابيض)، الرجل الذي وصفه نتنياهو الصغير بـ “القبيح من الخارج ومن الداخل”، دعا للمرة الاولى كبار شخصيات جهاز الصحة للاجابة على اسئلة صعبة، بدلا من اعطاء التصريحات اليومية لوسائل الاعلام. يمكننا التقدير بأنه بالنسبة لعدد معين من المواطنين كانت هذه فرصة اولى للفهم عن قرب الى أي درجة يصل الجهاز الى الازمة وهو غير مستعد – اولا، حقيقة انه يوجد في اسرائيل اقل من 1500 جهاز تنفس في متناول من يقومون بعلاج مرضى الكورونا.

ظهر أمس جاء الانسحاب اللامع لبني غانتس والتهم جميع الاوراق. غانتس وجد نفسه في موقف ضائقة سياسية، اصيب بالذعر وعقد مصالحة غريبة مع نتنياهو. صولجان المعارضة انتقل الى ايدي يئير لبيد وموشيه يعلون وتقريبا نصف اعضاء ازرق ابيض الذين رفضوا المشاركة في المناورة الجديدة التي هي على شاكلة مناورات رئيس الحكومة. والآن من يعرف، ربما حتى نتنياهو سيخفف قليلا سيناريوهات يوم القيامة بشأن تهديد فيروس الكورونا.

منطقة ضعيفة

مقارنة مع المعطيات الفظيعة من ايطاليا واسبانيا، وسيناريو الذعر الآخذ في التحقق في ولايات امريكية وعلى رأسها نيويورك، يمكن للاسرائيليين كما يبدو أن يحصلون على عزاء معين من معطيات الكورونا في البلاد. رغم زيادة الاعداد إلا أن نسبة الوفيات والمصابين في وضع خطير، ما زالت ضئيلة مقارنة مع حجم العدوى الذي تم تشخيصه (حيث فعليا هناك افتراض أن مرضى كثيرين لا تظهر عليهم الاعراض لم يتم فحصهم).

ولكن باستثناء الخوف من ارتفاع المنحنى يوجد لاسرائيل مشكلة اخرى وهي لا توجد في فضاء فارغ، بل هي محاذية لمنطقتين فلسطينيتين، الاولى، السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وهي غير منفصلة عنها بأي شكل من الاشكال. والثانية، قطاع غزة الذي يوجد في أيدي حماس، والذي هو محاصر فعليا، لكنه غير مستعد بأي شكل من الاشكال لمواجهة الفيروس. وضعفه النابع ايضا من الحصار يمكن أن يؤثر على اسرائيل.

الخوف من الوباء في قطاع غزة كان الموضوع الاساسي في المشاورات التي الجارية في جهاز الامن. أمس تم الابلاغ عن سبعة مصابين في القطاع، وهم اعضاء في اجهزة حماس الذين خالطوا مصابين عادا من الباكستان. الشريحة السكانية الاكبر سنا والقابلة بشكل اكبر للاصابة، صغيرة نسبيا في القطاع (نحو 100 ألف شخص فوق سن الـ 65 من بين الـ 2.1 مليون نسمة). ولكن الاكتظاظ الكبير والبنى التحتية المدمرة والضعف الفظيع لجهاز الصحة المحلي، كل ذلك سيسهل على انتشار الفيروس.

“الكورونا لن يتوقف عند الجدار. نحن سنضطر الى مساعدتهم بقدر الامكان، في حدود المطلوب منا أن نواجهه فيها. وجهاز الصحة ايضا يجب عليه اخذ ذلك في الحسبان. واضافة الى ذلك يجب على حماس أن تفهم بأن هذا ليس الوقت للاستفزازات العسكرية. في الوقت الحالي هم منضبطون جدا، لكني لا استطيع أن انفي تماما امكانية أن يبدأ شخص ما باطلاق النار عند انتشار الفيروس. قيادة حماس يجب عليها أن تفهم بأن اسرائيل يمكن أن تساعدها، لكن في أي حادثة ارهابية من غزة، ردنا سيكون شديد جدا”.

في الجيش الاسرائيلي ما زال مطلوب القيام بنشاط مستمر من اجل ملاءمة العمل مع الظروف الجديدة. 36 جندي تم تشخيصهم حتى الآن كمرضى، جميعهم في وضع طفيف، واكثر من 4200 يمكثون في الحجر، بعد مخالطة مصابين. مؤخرا بدأ السلاح الطبي باجراء فحوصات في الوحدات بواسطة مختبر خاص به. عدد المصابين القليل الذي وجد في الجيش، بالضبط بعد احتفالات عيد المساخر الجماعية وبعد عودة الجنود من الوحدات المغلقة الى وحداتهم، عاد وعزز الافتراض الذي يقول بأن نسبة الاصابة الحقيقية في اسرائيل أعلى، وأن معظم الشباب ببساطة، لا تظهر الاعراض عليهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى