ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم  عاموس هرئيل – في الاستخبارات يقدرون وجهة حماس الى التسوية؛ في المخابرات يحذرون من مواجهة اخرى

هآرتس – بقلم  عاموس هرئيل – 28/5/2021

” بعد مرور اسبوع على وقف اطلاق النار، عادت كل من اسرائيل وحماس الى لوح الرسم. في الجيش وفي الشرطة يعارضون، لكن نتنياهو ما زال يطمح الى استخدام الجيش في بلدات اسرائيلية. ما الذي تم تفويته في خطاب حسن نصر الله الذي القاه في هذا الاسبوع “.

       بعد مرور اسبوع على الاعلان عنه فان وقف اطلاق النار في قطاع غزة ما زال يتم الحفاظ عليه بحرص. في منتصف الاسبوع شوهدت عدة باقات من البالونات في سماء غلاف غزة واندلعت عدة حرائق في الحقول، لكن السلطات صممت على أن الحرائق اندلعت بسبب الاهمال أو نتيجة الطقس الحار ولم تأت من احراق متعمد. وماذا عن البالونات؟ لقد تم اطلاقها في مسيرة اجرتها حماس في غزة في ذكرى الشهداء في جولة القتال الاخيرة. سكان الغلاف الذين لهم تجربة، وافقوا بتشكك هذه التفسيرات الرسمية.

       حتى الآن لم يتم اطلاق أي صاروخ. منذ تعهدت حماس للوسطاء المصريين بوقف اطلاق النار فان جميع الفصائل في القطاع خضعت على الفور لأمرها. حتى قبل ذلك، توقف اطلاق الصواريخ نحو تل ابيب، ربما أن تدمير الابراج في غزة، بالاساس في حي الرمال الفاخر نسبيا، جعل رؤساء حماس يشككون في نجاعة اطلاق صليات اخرى نحو منطقة الوسط. وزير المخابرات المصري، الجنرال عباس كامل، يضغط على الطرفين لارسال في اسرع وقت مبعوثين الى القاهرة. هناك يمكن أن تجري المحادثات غير المباشرة حول تسوية لمدى اطول. الاتفاق الذي تم التوصل اليه قبل اسبوع ينص فقط على صيغة عامة، بالحد الادنى، هدوء مقابل هدوء. قريبا سيحاولون وضع القليل من المضمون في هذا الاتفاق.

       بعد عملية الجرف الصامد في 2014 تم التوصل الى تسوية شملت اعادة تأهيل البنى التحتية والبيوت المدمرة في القطاع بتمويل دولي. الاتفاق اشترط بالرقابة على ادخال المواد التي يمكن أن تستخدمها حماس في حفر الانفاق وانتاج السلاح. الهدوء النسبي صمد تقريبا ثلاث سنوات. في نهاية العام 2017 قرر رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، تقليص الدعم المالي الذي تحوله السلطة للقطاع. في محاولة لاعادة الاهتمام بالقطاع بدأت حماس في تنظيم مسيرة العودة العنيفة التي انتهت بمحاولات لاجتياز السياج الحدودي وقتل مئات الفلسطينيين بنار القناصة الاسرائيليين.

       في نهاية 2018 وافقت اسرائيل على نقل الاموال القطرية للقطاع، 30 مليون دولار نقدا كل شهر. في السنة التالية حدثت عدة جولات قصيرة من تبادل اللكمات، لكن في بداية العام 2020، على خلفية وعود بتسريع مشاريع اخرى في مجال البنى التحتية ودخول عمال الى اسرائيل، اوقفت حماس المظاهرات واحداث الجدار.

       الاتفاق كان مريح نسبيا بالنسبة لحماس. قطاع غزة حصل على الاموال النقدية الاعلى منذ عملية الجرف الصامد، والمشاريع انطلقت وحماس نجحت في تحويل ما يكفي من الموارد من اجل زيادة قوتها العسكرية. الآن يترددون في اسرائيل، هل يجب عليهم العودة الى الاتفاق الاصلي الذي فيه الاموال الدولية اشترت هدوء مؤقت أو أن يضعوا امام حماس طلبات اخرى. في هذه الحالة، الجيش والشباك سيحاولان تقييد المستوى السياسي من خلال توصيات لتعديل الاتفاق. الهدف بالنسبة له هو ايصال حماس في نهاية العملية الى نقطة تكون فيها اضعف ومرتدعة اكثر. من اجل ذلك يجب، ضمن امور اخرى، تعزيز آلاليات الرقابة على تحويل الاموال والمواد الى القطاع ونقل الاموال القطرية الى البنوك بواسطة السلطة الفلسطينية بدلا من توزيعها في الحقائب.

       المستوى المهني في جهاز الامن يتطلع الى رؤية موطيء قدم جديد للسلطة الفلسطينية في غزة. التفكير بأنه سيكون بالامكان السيطرة على القطاع من جديد ونقله الى محمود عباس ورجاله هو تفكير لا اساس له. ولكن القصد هو محاولة اعادة السلطة بالتدريج الى الصورة. العلاقات مع السلطة الفلسطينية لم يتم تقويضها كليا اثناء العملية في غزة. الاجهزة الامنية في الضفة الغربية في الحقيقة عملت بشكل غير علني، لكنها لم تقطع التنسيق الامني. ورغم التخوفات إلا أن الضفة لم يتم اغراقها بموجة عنف كبيرة. محمود عباس، الذي ساهم في اشعال الحريق الاخير عندما قرر اجراء انتخابات للمجلس التشريعي الفلسطيني وبعد ذلك قام بالغائها بسرعة في اللحظة الاخيرة، يلاحظ في الوقت الحالي وجود فرصة. هو يأمل، كما يبدو، بأن أخذ دور رمزي في غزة بدعم دولي يمكن أن يعزز مكانة السلطة الفلسطينية التي تلقت في الشهر الماضي ضربة قاسية في المنافسة مع حماس.

       حتى الآن، في اسرائيل يجدون صعوبة في تشخيص ما الذي بالضبط يطمح الى انجازه هذا الزعيم العجوز. رئيس السلطة يتم وصفه كشخص متهور، لا يوجد له صبر ويقلل من التشاور مع رجاله الذين يخافون من اغضابه. من جهة اخرى، الامر لا يتعلق بكون الاستخبارات الاسرائيلية تعرف ما الذي يريده المسؤول عنها. ففي اسرائيل توجد حكومة انتقالية مستقرة تنشغل بمناورات سياسية وتستعد لانتخابات خامسة وتجد صعوبة في التخطيط للمدى البعيد.

       ماكغايبر في غزة

       في يوم الاثنين، 10 أيار، تم تلقي انذار محدد في الاستخبارات الاسرائيلية. رئيس حماس في القطاع، يحيى السنوار، ورئيس الذراع العسكري، محمد ضيف، قررا تنفيذ تهديدهما. بعد الظهيرة ستطلق حماس صلية صواريخ نحو القدس كاشارة للتماهي مع الفلسطينيين الذين يواجهون قوات الامن الاسرائيلية في الحرم وفي الشيخ جراح. السنوار، فهموا في اسرائيل، مستعد لأن يتحمل المخاطرة ببضعة ايام من القتال بهدف السيطرة على قيادة النضال الفلسطيني في شرقي القدس وفي الضفة الغربية.

       حتى قبل صلية الصواريخ، تم عقد جلسة مستعجلة للكابنت اتخذت فيها خطوات حذرة في الضفة وفي القطاع. بطاريات القبة الحديدية التي هدفت الى اعطاء رد على تهديد القدس لم تتمكن من الانتشار عندما اطلقت الصلية التي شملت ستة صواريخ نحو العاصمة.

       قبل ذلك كان هناك اختلافات في الكابنت. ازاء المعلومات الدقيقة التي تم الحصول عليها، هل يجب مفاجأة حماس وتوجيه ضربة استباقية مؤلمة عليها؟ هكذا سلكت اسرائيل في بداية عملية عمود السحاب في القطاع في العام 2012 عندما قامت بتصفية رئيس الذراع العسكري في حينه، احمد الجعبري.

       التوصية بالعمل مسبقا وطبقا للخط الذي قاده رئيس الشباك، نداف ارغمان، لم يتم تبنيها. يبدو أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع بني غانتس فضلا الاستعداد دفاعيا وأن يرسخا بذلك شرعية دولية لخطوات اسرائيل على اعتبار أنها هي التي هوجمت أولا. هذا السلوك صحيح أنه أقنع الرئيس الامريكي، جو بايدن، الذي في الاسبوع الاول للعملية منح اسرائيل الدعم الكامل الى أن بدأ بالسعي لوقف اطلاق النار.

       إن التردد في الكابنت غير جديد. فمنذ بضع سنوات يسود هناك خلاف في القيادة الامنية حول المقاربة الصحيحة لحماس. وقد قدر الجيش الاسرائيلي والاستخبارات العسكرية بأن السنوار قد لين من مواقفه وانتقل الى الاعتدال بدرجة معينة، وأن اساس اهتمامه حتى قبل التعزز العسكري ينصب على تحسين وضع البنى التحتية وظروف الحياة في القطاع كي يستطيع الاستمرار في حكمه هناك والحفاظ عليه. الشباك قام بتبني خط آخر. فقد حذر من أن حماس تستغل الهدوء والاموال من اجل التسلح، وأنها تنوي ضرب اسرائيل في وقت يكون مناسب بالنسبة لها. الشباك أوصى خلال سنوات بالقيام بعملية اسرائيلية مبادر اليها في وقت مناسب.

       في شهر تشرين الثاني 2018، بعد فشل عملية الوحدة الخاصة في خانيونس وقتل المقدم م. طلب وزير الدفاع في حينه، افيغدور ليبرمان، تطبيق خطة “الضربة الخاطفة” وأن يتم قصف انفاق حماس جوا بصورة تتسبب بقتل مئات المخربين. توصية ليبرمان تم رفضها وهو قدم استقالته. الخطة هذه المرة هي باسم “جنوب ازرق”، وقد تم تطبيقها في نهاية المطاف في العملية الحالية، في ليل 13 أيار. عدد كبير من الانفاق تم تدميره، ويبدو أن عدد النشطاء الذين تم احتجازهم تحت الارض كان صغير جدا.

       أول أمس جرى هنا شرح مفصل عن الصناعة الفلسطينية، وهي نظام انتاج السلاح المثير للانطباع الذي بنته حماس في القطاع بوسائل الحد الادنى، ومكنها من اطلاق آلاف الصواريخ نحو اسرائيل، منها 200 صاروخ نحو وسط البلاد. اوصاف رجال الاستخبارات فيما يتعلق بالشجاعة وموهبة الاختراع لدى المهندسين والتقنيين من حماس ذكرت بالمسلسل التلفزيوني الامريكي القديم “ماكغايبر”، وهو المسلسل الذي كان يحظى بالشعبية في اسرائيل وفي العالم في الثمانينيات. البطل هو عميل سري، أدهش الناس بارتجالات تكنولوجية على قاعدة وسائل منزلية ضئيلة. في ايام اوسلو حلم شمعون بيرس أن تتحول غزة الى سنغافورة الشرق الاوسط. في هذه الاثناء تطورت هناك سبارطا ذات تكنولوجيا متدنية.

       مع ذلك، هجمات اسرائيل نجحت في المس بثلاثة من الماكغايبرات الغزية الرائدة. ففي عمليات القصف قتل حوالي عشرة من اعضاء حماس في مشروع البحث والتطوير في مجال السلاح. مواقع انتاج كثيرة اصيبت. وفي اسرائيل يقدرون بأنه في هذه المرة ستكون حماس بحاجة الى وقت اطول كي تنهض. جزء من المعارف ضاع مع الاشخاص الذين تم دفنهم في الانفاق في غزة. ومصر تحرص على منع تهريب السلاح التقني من ايران عبر الانفاق في شبه جزيرة سيناء. حماس، حسب التنبؤات، ستجد صعوبة في استكمال الاحتياطي المفقود. سنعيش ونرى.

       اسرائيل ايضا يجب عليها تجديد الاحتياطي لديها. الخطوة الاكثر الحاحا تتعلق بتطوير صواريخ اعتراض اخرى اضافة الى بطاريات القبة الحديدية. وفي نفس الوقت، سلاح الجو يحتاج الى المزيد من القنابل الدقيقة. وفي زمن القتال حاول للمرة الاولى سناتورات واعضاء ديمقراطيون في مجلس النواب الامريكي بتعويق صفقة لبيع ذخيرة موجهة ودقيقة لاسرائيل بمبلغ 735 مليون دولار. وزير الخارجية الامريكي، انطوني بلينكن، قال أول أمس في مقابلة مع يونيت ليفي من “حداشوت 12″، بأن ادارة بايدن تصمم على أن تنقل لاسرائيل الوسائل المطلوبة لها.

       ومنذ خروج السنوار من الانفاق لم يتوقف عن معانقة وتقبيل مؤيديه والقاء الخطابات في الاعتصامات والتفاخر بانتصاره على اسرائيل. ربما أن الجمهور الغزي الذي يشاهد الدمار الذي سببه القصف الاسرائيلي، اكثر تشككا، لكن لا أحد يتجرأ على أن يتحدى بشكل علني الزعيم. الى أين هي وجهة حماس الآن؟ الاستخبارات العسكرية ما زالت تعتقد أن خيار السنوار الاستراتيجي وهو التسوية، ما زال قائما. حماس تريد خلق نموذج سيادي ناجح في القطاع كممثلة لحركة الاخوان المسلمين في غزة. الشباك كالعادة اكثر تشاؤما وهو يحذر من اندلاع مواجهة اخرى.

       التغيير في موقف السنوار واستعداده للذهاب الى مواجهة حول القدس تمت ملاحظته من قبل جهاز الاستخبارات قبل نحو شهر على اندلاع المعركة. ولكن قبل بضعة ايام من ذلك كان التقدير السائد يقول إن حماس تريد مناوشات على الجدار وليس اطلاق الصواريخ على وسط البلاد. اسرائيل تجد صعوبة، مرة تلو الاخرى، في قراءة نوايا حماس. يهود من كوكب المريخ وعرب من كوكب الزهرة، الفجوة بين الطريقتين اللتين ينظر فيهما الطرفين للواقع تعطل التنبؤات والتفاؤل المتبادل (احيانا تؤدي الى سوء التقدير).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى