ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم  عاموس هرئيل – ريح في أشرعة الارهاب

هآرتس – بقلم  عاموس هرئيل – 9/9/2021

” سجناء قدامى في سجن جلبوع يصفون حجم الانجاز الذي حققه الفارين من السجن شديد الحراسة، والشبكات الاجتماعية تحتفل باهانة اسرائيل والانتصار الفلسطيني بالنكات ورسوم الكاريكاتير “.

الهرب الذي لا يصدق للسجناء الامنيين الستة من سجن جلبوع استقبل بعروض صاخبة من التفاخر الفلسطيني والحرج الاسرائيلي وتكاسل غريب قليلا في الشبكات الاجتماعية وذكر اكثر من اللزوم لفيلم “جدران الامل”. ولكن هذا الفيلم شبه الهولييودي يكشف عن اخفاقات تقشعر لها الابدان من جانب مصلحة السجون، والتي تخفي خلفها اخطار امنية معينة. السجناء الستة الفارين تحولوا الى ابطال وطنيين في المناطق. فنجاحهم يمكن أن يضخ ريح جديدة في اشرعة التنظيمات الارهابية في الضفة الغربية وفي قطاع غزة. واذا انتهت مطاردتهم باشتباك مع قوات الامن فان موتهم يمكن أن يجلب في اعقابه موجة عمليات جديدة. التنظيمات الفلسطينية في القطاع سبق وهددت باستئناف اطلاق الصواريخ اذا مست اسرائيل بهم.

الهرب من السجن يتم عرضه من قبل الجمهور الفلسطيني كاهانة ثانية لاسرائيل بعد نشر صور الحادثة التي قتل فيها القناص برئيل حداريا شموئيلي، عندما اطلقت النار عليه من مسافة صفر من قبل أحد نشطاء حماس على حدود القطاع. هذه القضية سترفع اسهم الجهاد الاسلامي، الذي معظم السجناء الفارين من اعضائه. اعضاء الجهاد مدعومين بشخصية تعتبر اسطورة بحد ذاتها وهي زكريا الزبيدي، الذي كان من قادة الجهاد في مخيم جنين في فترة الانتفاضة الثانية. 

الزبيدي نجح في البقاء بعد هذه الفترة التي شملت مطاردة اسرائيلية طويلة له وصراعات عنيفة مع السلطة واعتقالات متكررة لدى الفلسطينيين ولدى اسرائيل. حتى قبل الهرب اثار اهتمام دائم، واحيانا ادعاءات بأنه تعاون مع اسرائيل. في شهر شباط 2019، بعد سنوات توقف فيها عن النشاط المسلح، اعتقل من قبل الشباك بعد اتهامه بالتورط في سلسلة استثنائية من احداث اطلاق النار الى جانب محامي من شرقي القدس، محاكمته في هذه القضية ما زالت مستمرة. الفارون الستة، وهم من منطقة جنين، تم تجميعهم لسبب ما في غرفة واحدة، في سجن جلبوع الذي يبعد فقط 15 كيلومتر عن مدينة جنين، على الجانب الآخر من خط التماس المخترق على طوله. سلطات السجن نقلت الزبيدي بناء على طلبه الى غرفة مع اعضاء الجهاد الاسلامي عشية الهرب. من المرجح أن الاستعداد للهرب استكمل حتى قبل ذلك. الهرب فورا بعد انضمامه يمكن أن يدل على أن سجناء الجهاد اعتمدوا على المساعدة التي يمكن أن يقدمها لهم الزبيدي ورجاله بعد الهرب.

بسبب أن التحقيق الاساسي يقول إن الفارين ساروا في المسار القصير والمطلوب نحو شمال الضفة، لكن لم يتم استبعاد احتمالية أنهم سيحاولون اجتياز الحدود نحو الاردن. لذلك، تم تعزيز الحماية التي هي خفيفة في الايام العادية، على طول الحدود، وتم تعزيز التنسيق الامني مع الاردن ايضا. تفتيشات اجريت ايضا في قرى عربية في اسرائيل، في الجليل وفي منطقة الجلبوع.

شمال الضفة ايضا اعتبر منطقة صاخبة، وبشكل خاص مخيم اللاجئين جنين الذي عاش فيه الزبيدي قبل اعتقاله الاخير. مؤخرا يتم الشعور بسيطرة متزايدة لخلايا مسلحة في المخيم، التي تمنع تقريبا بشكل كامل أي نشاط للاجهزة الامنية الفلسطينية هناك، وتستقبل بصليات النيران أي دخول للجيش الاسرائيلي وحرس الحدود لغرض اعتقال مطلوبين. في شهر آب كانت احداث كهذه قتل فيها خمسة فلسطينيين مسلحين في تبادل لاطلاق النار مع قوات حرس الحدود.

يمكن الافتراض أن السلطة ستطلب ابعاد نفسها بقدر الامكان عن حبة البطاطا الساخنة هذه. اذا قامت اسرائيل في القريب بالعثور على الفارين فهي ستضطر الى محاولة اعتقالهم بنفسها. الايام القريبة سيرافقها توتر امني كبير حول الجهود من اجل العثور عليهم. واذا تعثر شيء ما فهذا يمكن أن يتطور الى وجع رأس كبير للحكومة وجهاز الامن. 

في الوقت الحالي هذه الحادثة يبدو أنها الازمة الامنية الاولى الملحة لحكومة بينيت – لبيد، سواء لأنها تسلي الجمهور ووسائل الاعلام في اسرائيل أو خوفا من أن تتولد عنها عمليات تقليد في الجانب الفلسطيني.

كما هو متوقع، يظهر على الفور تذمر من المعارضة بشأن ضعف وعجز الحكومة الجديدة، التي كما يبدو فقدت الردع امام التنظيمات الارهابية. هذه الامور، قيل، لم تكن لتحدث في ولاية بنيامين نتنياهو. الهرب يقع تحت المسؤولية الكاملة لوزير الامن الداخلي عومر بارليف، ورئيس الحكومة نفتالي بينيت. ولكن من الجدير التذكير ايضا بالدمار المنهجي والمتعمد الذي احدثته حكومات الليكود الاخيرة في صفوف مصلحة السجون (بدرجة كبيرة ايضا في قيادة الشرطة). مصلحة السجون دائما هي الطرف الضعيف والمضطهد حول طاولة اجهزة الامن. الطريقة التي خرب فيها مركز الليكود بالتعيينات هناك في السنوات الاخيرة لم تضف الى قوة مصلحة السجون وعملها. 

لجنة التحقيق التي سيتم تشكيلها بالتأكيد ستركز على الاخفاقات المباشرة التي مكنت من الهرب. يهوشع براينر كشف في “هآرتس” سلسلة طويلة من العيوب الفظيعة، منها أن الغرفة تمت اقامتها فوق فراغ مفتوح، مكن من انتقال سهل نسبيا من اللحظة التي تم فيها وضع القطعة المعدنية التي تم تثبيتها تحت المرحاض؛ السجناء الستة تم تجميعهم معا رغم أن ثلاثة منهم اعتبروا اشخاص يوجد احتمالية كبيرة لهربهم؛ السجانة في برج المراقبة غفت؛ في مصلحة السجون لم يستخلصوا العبر من حفر نفق سابق تم كشفه في السجن في العام 2014.

هنا اكتشف ايضا فشل استخباري كبير. السجناء شقوا طريقهم للحرية خلال اشهر، ومن التحقيق يتبين أنهم هربوا في سيارة انتظرتهم على بعد بضع كيلومترات من السجن. كل ذلك يقتضي اعداد دقيق وتنسيق مع الخارج، الذي فوته الشباك واضاعه تماما. هذه العيوب تعرض للخطر استمرار تولي مفتشة مصلحة السجون، كاتي بيري، لمنصبها. 

في الخلفية سيتم فحص مسألة اخرى وهي سياسة الهدوء المصطنع التي تتبعها مصلحة السجون منذ سنوات. وهي مقاربة تسمح للسجناء الامنيين بحرية العمل النسبي في السجون وتمنع، ضمن امور اخرى، استخدام منهجي لمشوشات تمنعهم من اجراء محادثات هاتفية في الهواتف المحمولة، التي يتم تهريبها لهم بشكل دائم. اثناء العيد بدأت مصلحة السجون بتوزيع سجناء الجهاد الاسلامي بين السجون في ارجاء البلاد. هذه الخطوة ووجهت باعمال شغب من قبل السجناء. في كتابهم الممتاز “انتفاضة” يصف زئيف شيف واهود يعاري، احد الاحداث التي بشرت باندلاع الانتفاضة الاولى. في 18 أيار 1987 هرب ستة سجناء من الجهاد الاسلامي من السجن في مدينة غزة، التي كانت في ذلك الحين تحت حكم اسرائيل. مطاردة الستة سجناء استمرت حوالي ستة اشهر، خلالها نفذوا عمليات دموية في ارجاء القطاع. خمسة منهم قتلوا. السادس من بينهم وهو عماد صفطاوي نجح في الهرب الى مصر. في عملية مع اعضاء الخلية قتل احد رجال الشباك. 

“الهرب الجريء كان نقطة انطلاق لاسطورة البطولة التي تراكمت بسرعة حول هذا التنظيم الصغير… اعمال الفارين كانت عود الثقاب الذي اشعل النار في كومة قش الضائقة والاهانة”، كتب شيف ويعاري. بعد شهرين تقريبا على قتل اعضاء الخلية اندلعت الانتفاضة الاولى. التاريخ لا يكرر نفسه بشكل دقيق، لكن يبدو أنه اذا لم تسيطر اسرائيل على الازمة بسرعة فهي يمكن أن تكتشف أن التنظيمات الفلسطينية مرة اخرى عثرت على عود الثقاب الذي بحثت عنه. 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى