ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم عاموس هرئيل – تعادل كله نصر

هآرتس – بقلم عاموس هرئيل – 31/12/2021

” في الاشهر السبعة الاخيرة منذ انتهاء عملية حارس الاسوار، فانهم، سواء في حماس أو في الجيش الاسرائيلي، يرسمون صورة نصر. زيارة اثناء مناورة للمظليين في هضبة الجولان تظهر ما يحتاج الى صقل اكثر”.

في الجيش الاسرائيلي احتفلوا في الاسبوع الماضي بمرور سبعة اشهر على الهدوء النسبي في قطاع غزة منذ انتهاء عملية حارس الاسوار، وهي العملية الاخيرة في سلسلة العمليات الاسرائيلية العسكرية الكبيرة في قطاع غزة. ومثل سابقتها، “الرصاص المصبوب” في 2008 و”عمود السحاب” في 2012 و”الجرف الصامد” في 2014 وايضا سلسلة عمليات اصغر، ايضا هذه العملية لم تجلب معها أي تغيير اساسي في صورة الوضع. في هذه المرة ايضا تبادلت اسرائيل وحماس اللكمات والفلسطينيون دفعوا ثمنا اعلى من الخسائر والاضرار الاقتصادية. وقد وافق الطرفين في النهاية على العودة الى وقف اطلاق النار.

منذ انتهاء العملية تم اطلاق خمسة صواريخ فقط من القطاع نحو اسرائيل. وهو عدد قليل مقارنة مع الفترة الموازية بعد كل عملية من العمليات السابقة. هذا التوازن تشوش بشكل قليل أول أمس عندما اصيب مواطن اسرائيلي كان يقوم باعمال الصيانة على الجدار الحدودي باصابة طفيفة بنار قناص في شمال القطاع. 

عملية “حارس الاسوار” كانت الحادثة الامنية البارزة في السنة الماضية. في الاشهر الماضية منذ انتهائها، كل طرف يقوم بعد نجاحاته. حماس سوقت نفسها للجمهور الفلسطيني كحامية للقدس، عندما اطلقت صواريخ نحو المدينة بعد توتر حدث حول الحرم، ونجحت في اشعال موجة اضطرابات استثنائية من حيث حجمها وقوتها في المدن المختلطة داخل الخط الاخضر، وحافظ جميع اعضاء قيادتها على حياتهم. اسرائيل قلصت اضرار الصواريخ بواسطة منظومة اعتراض القبة الحديدية، وأحبطت الجهود الهجومية الاخرى لحماس (طائرات مسيرة، انفاق) واغتالت عدد من رؤساء منظومة تطوير وانتاج السلاح في حماس.

في اسرائيل ما زال هناك حوار حول اهمية العملية الاساسية للجيش الاسرائيلي اثناء العملية، وهو تفجير “الميترو”، منظومة القيادة تحت الارضية التي حفرتها حماس تحت مدينة غزة. خلافا للخطة الاصلية التي لم يتم تطبيقها بالكامل فان القصف الكثيف أدى فقط الى قتل عدد من النشطاء. في الجيش يصممون على أنه كان للقصف مع ذلك اهمية كبيرة لأنه سيردع حماس عن استخدام الفضاءات التحت ارضية في الجولة القادمة.

في عدد من المقالات الاخيرة في الصحف، التي رددت ما جاء في احاطات ضباط كبار، برز جهد مضني الى حد ما في ترسيخ فهم النصر المتأخر. فعليا، سجل تعادل آخر كئيب تم فيه مجددا توضيح ظاهرة تمت الاشارة اليها هنا بأنها خيار اسرائيل الواضح. القيادة السياسية، مثل الجيش، غير متحمسة لعملية برية واسعة النطاق في القطاع لسببين. الاول هو أن هذه العملية ستكلف اصابات كثيرة في الجيش الاسرائيلي. الثاني هو أنه لا يوجد لاسرائيل أي خطة فعالة حول ما ستفعله في القطاع في اليوم التالي لانهيار حكم حماس. كل فكرة تم فحصها ستنتهي باحتلال لفترة غير محدودة لسكان معادين يبلغ عددهم 2 مليون نسمة. هذه المقاربة هي مقاربة مشتركة بين رئيس الحكومة السابق بنيامين نتنياهو (الذي جرت العملية الاخيرة في آخر فترة حكمه) وبين وريثه في هذا المنصب نفتالي بينيت. تبادل الاماكن بينهما، مثل المنجنيق اللفظي الذي يطلقونه الواحد على الآخر، لم يغير أي شيء.

الحادثة التي قتل فيها في شهر آب الماضي قناص حرس الحدود بريئيل حداريا شموئيلي بنار اطلقت اثناء مظاهرة فلسطينية قرب الجدار في القطاع، زادت حدة هذا الفهم. بالنسبة لجزء من الجمهور الاسرائيلي، بالتحديد بصورة بارزة في الجانب اليميني في الخارطة السياسية، فان خسائر الجيش اثناء تأدية خدمته العسكرية أدت الى نتيجة غير مقبولة. قادة الجيش الاسرائيلي يسمعون مشاعر مشابهة بدءا من السكان في بلدات غلاف غزة وانتهاء برؤساء المجالس: في المرة القادمة يجب عليكم مواصلة الانتقضاض عليهم بكل القوة، لكن أن تفعلوا ذلك بواسطة القصف من بعيد. لن نوافق في أي حال من الاحوال أن يجتاز جندي الجدار الى داخل اراضي غزة. الجمهور يريد أن يذهب مع وأن يشعر ضد.

في يوم الاثنين الماضي عرض على عائلة شموئيلي التحقيق العسكري حول ظروف الحادثة. قائد فرقة غزة، العميد نمرود الوني، الذي قام بعد ذلك بتقديم احاطة للمراسلين، اعترف علنا بالاخطاء التي ارتكبت بالصورة التي تم فيها نشر الجنود الامر الذي مكن فلسطيني مسلح من اطلاق النار على شموئيلي من مسافة صفر، من خلال شق منخفض في الجدار الحديدي.

العائلة لا تكتفي بهذا الاعتراف، بل تواصل المطالبة باقالة من كان قائد اللواء اثناء الحادثة، العقيد يوآف برونر. في الجيش يعارضون ذلك، ويبدو أنهم على حق. عندما قتل شموئيلي كان برونر على بعد مسافة قصيرة منه. وفي سلوكه لم يتم العثور على اهمال أو خطأ قيمي أو محاولة للاخفاء. ليس كل خطأ لقائد يقتضي الاقالة. ربما يجب أن نذكر في هذه الحالة بقائد سابق لفرقة غزة وهو افيف كوخافي. ففي العام 2006 عندما اختطف تحت إمرة كوخافي الجندي جلعاد شليط، هل كان من المبرر اقالة وقطع الحياة المهنية العسكرية لمن سيصبح في المستقبل رئيسا للاركان؟.

القرارات في حماس تتخذ بواسطة آلية معقدة من الموافقات، التي تشمل رؤساء حماس في القطاع وفي الضفة وفي الخارج. ولكن الشخص الذي حسب تعليماته يتم اعطاء الامر الآن في القطاع هو يحيى السنوار، رئيس حماس هناك. شعبة الاستخبارات في الجيش الاسرائيلي تقدر بأن السنوار ما زال يركز على اعادة البناء للذراع العسكري بعد الضربات التي تلقاها في شهر ايار الماضي، وهو غير متحمس الآن لجولة قتال اخرى، حيث الشتاء في ذروته ووضع البنى التحتية في غزة متدني. في المقابل، التصريحات العلنية لقادة حماس مؤخرا هي عسكرية جدا. اسرائيل تركز الآن على الأمل بتسوية طويلة المدى، التي في اطارها المزيد من التسهيلات (اضافة الى تصاريح العمل في اسرائيل لعشرة آلاف عامل من القطاع) ستضمن الهدوء لفترة طويلة. إن لهجة حماس مختلفة كليا، وخطاباتها جميعها تظهر عدم الرضى عن وتيرة التسهيلات ومليئة بالتهديدات لاشعال القطاع من جديد. 

قسم كبير من طموحات حماس يتركز على ما يحدث في الضفة الغربية. حماس ناشطة في اشعال الضفة وتشجيع موجة من عمليات الافراد والخلايا المحلية، على أمل أن استمرار الارهاب هناك سيزيد التوتر بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية وسيضعضع مكانة السلطة. هذا جزئيا هو الخلفية وراء الزيارة الفريدة لرئيس السلطة، محمود عباس، في منزل وزير الدفاع بني غانتس في هذا الاسبوع. في اللقاء في رأس العين صادق غانتس على سلسلة بادرات حسن نية اقتصادية في الضفة كجزء من محاولة تعزيز مكانة السلطة والحفاظ على التنسيق الامني معها. الفلسطينيون يحتاجون الى اسرائيل ايضا على خلفية الصعوبة في مواصلة دفع رواتب كاملة لرجال الجهاز الامني. في الحكومة الحالية، غانتس هو الوزير الرئيسي الوحيد الذي يحافظ على علاقة وثيقة مع أبو مازن ولا يخاف من الالتقاء علنا معه (بينيت تجنب ذلك). في جهاز الامن يقدرون اهمية اعلان عباس عن تهدئة النضال الفلسطيني في المؤسسات القانونية الدولية. في هذا اللقاء عاد عباس وأكد على معارضته للعنف، لكنه ارفق ايضا تحذير: اذا استمر الوضع القائم في الضفة فان اسرائيل تخاطر بانفجار وشيك.

بين المناورة والتنفيذ

في الوقت الذي طلبت فيه عائلة شموئيلي رأسه فان العقيد برونر كان في تدريب في هضبة الجولان مع جنوده من لواء المظليين النظامي. تعيينه قائد للواء المظليين كان محدد مسبقا، حتى قبل الحادثة التي حدثت في غزة ولم يتم الغاءه بعدها. قبل بضعة ايام من التدريب القى رئيس الاركان خطاب أمام سرب طيارين في احتفال انهاء دورة طيران. في هذا الخطاب الذي اثار الصدى دعا كوخافي الى اعطاء اولوية للجنود بدلا من رجال السايبر وقال إن المجتمع الاسرائيلي تشوش بشأن سلم اولوياته. 

المظليون، خلافا للوحدات الميدانية الاكثر رمادية، لا توجد لهم مشكلة حقيقية في جذب متطوعين بنوعية عالية. الصعوبة تبدأ حول منصب قائد الفصيل، وبدرجة أشد بعده، عندما ينجح القادة في الحصول على تواقيع لخدمة دائمة اضافية فقط من جزء من الضباط المتميزين. مشكلة مشابهة يتم الشعور بها ايضا في الالوية الاخرى. الخدمة القتالية نفسها بقيت شبيهة جدا بالطريقة التي يتذكرها القراء من الاجيال السابقة: صعبة ومتطلبة ومختلفة في جوهرها عن الحياة اليومية لرجال وحدات السايبر والتكنولوجيا.

في اطار مناورة الكتيبة سار قائد الكتيبة 101 المقدم دبير ديموند وجنوده 90 كم في اربعة ايام. المناورة حاكت القتال ضد حزب الله قرب الحدود مع لبنان ودمجت بين القتال والحركة في منطقة معقدة وفي منطقة حضرية مبنية باكتظاظ. مناظر هضبة الجولان في هذا الصيف زاهية، لكن البرد يتسبب بالتجمد ويخر بالعظام. احد الجنود قال لقائد اللواء بأنه يفضل السير في الليل على النوم على الارض بدون كيس للنوم، هكذا يكون الوضع اقل برودة.

من بين الـ 500 جندي ترك جنديين، احدهما بعد أن لدغه عقرب والآخر بعد اصابته بالحمى. مسار المناورة يعكس الكثير من الافكار التي يطرحها رئيس الاركان في خطته متعددة السنوات التي بلورها، “تنوفاه”. ولكن كالعادة هناك فجوة معينة بين الحلم والواقع. بمحاذاة المظليين كان يتحرك فصيل دبابات، وفي احتلال المنطقة المأهولة استعانوا بطائرات مروحية حربية، التي شخصت لهم اهداف معادية. استخدام الطائرات المروحية للعثور على الاهداف، الذي هو عامل رئيسي في خطط رئيس الاركان، ما زال بحاجة الى صقل اكثر. ومن غير المؤكد أن كل ما يتم التدرب عليه في المناورة بنجاح في هضبة الجولان يمكن تطبيقه بنفس السهولة امام حزب الله في جنوب لبنان. 

جيل الجنود الجديد، يقول قادته، غير مدلل، بل اكثر انتقادا تجاه المنظومة ويطرح الكثير من الاسئلة، بالاساس ليس لديه صبر لهدر الوقت، الذي ينبع من عدم التخطيط وغياب النجاعة. صعوبة اخرى تنبع من الفجوة بين توقعات الجنود، الذين معظمهم على قناعة بأنهم سيواجهون عدو اثناء خدمتهم، والطبيعة المتكررة والمستنزفة للخدمة نفسها. في المناورة الجنود في هضبة الجولان يأكلون فقط الطعام الذي يحمله الفصيل على ظهره، مثلما هو الامر اثناء القتال. ذات ليلة، في ظروف برد اقسى من المعتاد، صودق على اضافة الشاي الساخن والشوربة. موضوع الطعام تحول الآن الى موضوع اكثر حساسية في الجيش على خلفية الشكاوى الكثيرة للجنود وعائلاتهم. الكثير من الشكاوى تتعلق بقواعد التدريب التي توجد في الجبهة الداخلية، لكن ايضا الجنود في المواقع المتقدمة يشتكون دائما من نوعية الطعام.

في الجيش يقلقون من الموجة التي تنعكس ايضا في استطلاعات غير مشجعة للمعهد الاسرائيلي للديمقراطية. الانتقاد في جزء كبير منه له علاقة ويمس بالهدف. ولكن الجيش الاسرائيلي عالق في الوسط، في مجتمع اسرائيلي منقسم وغاضب واصبح اقل استعدادا للتساهل معه. المقال المشهور جدا للكاتبة والصحافية الامريكية جوان ديديون التي توفيت في الاسبوع الماضي، يبدأ بكلمات “المركز غير صامد” (الاقتباس أخذ من اغنية لـ ييتس)، وهذه في جوهرها هي ايضا مشكلة الجيش في هذه الاجواء العامة الحالية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى