ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم  عاموس هرئيل  – بيان بينيت عن حجيج اليهود الى الحرم ،   يبدو كتغيير في  موقف  اسرائيل

هآرتس – بقلم  عاموس هرئيل  – 19/7/2021

” يبدو أن بينيت هو رئيس الحكومة الاسرائيلية الاول الذي يتناول بصورة صريحة الحفاظ على حرية العبادة لليهود في الحرم، الامر الذي يمكن أن يحرج الاردن وقائمة راعم. ورغم الآمال المسبقة فان الاموال القطرية كما يبدو لن تصل الى قطاع غزة قبل عيد الاضحى “.

هناك شخص ما قرر أنه عشية 9 آب أمس، هو بالضبط الوقت المناسب كي يسوق للاعلام الاسرائيلي تغيير في الوضع الراهن المتبع في الحرم. المراسلون كتبوا بحماس عن ثورة هادئة تتحقق بالتدريج في الحرم – اتباع نصاب الصلاة الثابت لدى اليهود، بحماية الشرطة، في المكان الذي فيه تم بصورة مشددة طوال عشرات السنين منع صلاة اليهود، بالتأكيد الصلاة الجماعية. عملية التغيير استمرت سنتين تقريبا، وقد نشر عنها في السابق بصورة جزئية في بعض الاماكن في الماضي، لكن من المعروف أن الاعلان في “اخبار 12” له تأثير مختلف. 

هذا الصباح، عندما قام مئات اليهود بالحجيج الى الحرم، ومنهم اعضاء كنيست من حزب يمينا، حدثت مواجهات عنيفة بين المصلين المسلمين ورجال الشرطة. في أحد الاحداث تضررت قاعة صلاة اسلامية. في وسائل الاعلام الفلسطينية أبلغ عن عشرات المصابين، بسبب استنشاق الغاز المسيل للدموع من هراوات الشرطة. في حماس وفي الجناح الشمالي للحركة الاسلامية في اسرائيل انتظروا هذه الفرصة. الاحداث التي لم تكن شدتها مرتفعة بشكل خاص، وصفت وكأنه وقع على الحرم معارك حقيقية. الحضور اليهودي في الحرم تم ابرازه بشكل خاص.

رئيس الحكومة، نفتالي بينيت، تابع الاحداث عن كثب، بالاساس بسبب التقارب الزمني مع عيد الاضحى الاسلامي الذي سيبدأ غدا والذي يتوقع أن يجلب الى الحرم آلاف المصلين المسلمين ابتداء من هذه الليلة. بتوجيه من بينيت استعدت الشرطة مسبقا لهذه الاحداث. وقد اشرف على ما يجري في الحرم قائد منطقة القدس في الشرطة والمفتش العام للشرطة ووزير الامن الداخلي. 1679 يهودي حجوا امس الى الحرم حتى ساعات الظهيرة، وخرجوا منه. وفي الحكومة كانوا راضين عن أنه رغم التغطية الواسعة في وسائل الاعلام العربية إلا أن الامور لم تخرج تماما عن السيطرة.

بينيت الذي كان راض سارع الى اصدار بيان. مكتبه اعلن أن رئيس الحكومة شكر الوزير عومر بارليف والمفتش العام للشرطة، كوبي شبتاي، “على ادارة الاحداث في الحرم بمسؤولية وعقلانية، من خلال الحفاظ على حرية العبادة لليهود في الحرم. رئيس الحكومة أكد على أن حرية العبادة سيتم الحفاظ عليها بشكل كامل ايضا للمسلمين، الذين سيحتفلون في الايام القريبة بيوم عرفة وعيد الاضحى”.

لكن البيان الذي نشره المكتب انحرف بدرجة ما عن الخط السياسي المعلن لاسرائيل حتى الآن – فعليا اعطى شرعية اخرى لوصف التغييرات التي بدأت على الارض. يبدو أن هذه هي المرة الاولى التي يتطرق فيها رئيس حكومة اسرائيلية بصورة صريحة وببيان رسمي الى الحفاظ على حرية العبادة لليهود في الحرم. عدد من الخبراء الذين يتابعون منذ سنوات ما يجري في الحرم قالوا للصحيفة بأن رئيس الحكومة السابق، بنيامين نتنياهو، كان حذرا خلال فترة ولايته من اصدار تصريحات مشابهة (رغم أن الوزراء السابقين للامن الداخلي، عضو الليكود جلعاد اردان والعضو امير اوحانا، تطرقا احيانا الى التغييرات في الوضع الراهن).

اضافة الى ذلك، في تشرين الاول 2015 وبعد ازمة مع الاردن والولايات المتحدة على خلفية احداث وعمليات ارهابية كثيرة في القدس وفي الضفة الغربية، اصدر مكتب نتنياهو بيان جاء فيه أن اسرائيل تلتزم بالوضع القائم وهي ستواصل تطبيق سياستها التي بحسبها “المسلمون سيصلون في الحرم وغير المسلمين يزورونه” (أي لا يصلون). صيغة البيان نسقت في حينه مسبقا مع الاردن بوساطة وزير الخارجية الامريكي في ادارة اوباما، جون كيري.

في الاشهر الاخيرة منذ انتهاء عملية حارس الاسوار في قطاع غزة، عملت اسرائيل والاردن والولايات المتحدة وبدرجة معينة ايضا السلطة الفلسطينية، من وراء الكواليس من اجل قطع العلاقة التي اوجدتها قيادة حماس في القطاع بينها وبين القدس. وصيغة بيان بينيت يمكن أن تحرج الشركاء في هذه العملية، بالذات بعد أن نجح في فتح صفحة جديدة في العلاقات مع الاردن وتمت استضافته لدى الملك عبد الله. كالعادة، عندما يدور الحديث عن القدس فان الامور تحدث في توقيت حساس: غدا (يوم الاثنين) سيقوم الملك عبد الله بالزيارة الاولى للرئيس الامريكي جو بايدن في واشنطن. ومن الارجح أنه سيُسأل عن ذلك. 

هناك ايضا موضوع راعم. بينيت خلافا لنتنياهو يجب أن يتصرف كرئيس ائتلاف أحد الاعضاء فيه هو حزب اسلامي. ليس بالصدفة أن قائمة راعم والجناح الجنوبي للحركة الاسلامية، الذي تتماهى معه، قد اصدرا بيان شديد يدين “اقتحام عدد كبير من المستوطنين والمس بقدسية المسجد الاقصى”. الحزب والحركة حذرا ايضا من أنهما سيدعمان أي محاولة فلسطينية لمنع تغيير الوضع القائم. 

هامش مناورة بينيت محدود ايضا من الجانب الآخر. فرغم أنه هو نفسه لم يظهر أي اهتمام في أي يوم بحج اليهود الى الحرم، إلا أنه لدى جمهوره الديني – القومي حدثت في العقدين الاخيرين انعطافة مهمة، في اطارها زاد عدد المؤيدين لصلاة اليهود في الحرم. مع وجود الليكود والقائمة الصهيونية الدينية في المعارضة سيجد بينيت صعوبة في اصدار بيان توضيح يتضمن التراجع عن الصيغة التي نشرها حتى لو غضبت راعم والاردن. 

بين الحرم وقطاع غزة

اليوم حصلنا مرة اخرى على تذكير للسهولة غير المحتملة التي يمكن فيها اشعال حريق جديد في الحرم. حتى لو كان في هذه المرة يبدو في هذه الاثناء بأن الشرطة نجحت في اطفائه بسرعة. نفس الموقع سبق ووفر اعواد الثقاب في مرات كثيرة في السابق، منها المواجهة الاخيرة في غزة.

حماس اصدرت حتى الآن رد منضبط نسبيا على الاحداث في منطقة الحرم. ربما أن يكون هذا مرتبط بالرغبة في اجتياز عيد الاضحى بسلام بعد أن جاء العيد السابق، عيد الفطر، في ظل القتال قبل شهرين. ولكن في قيادة حماس في غزة تسود عصبية ازاء الصعوبات التي تضعها اسرائيل على ارسالية الاموال النقدية الشهرية من قطر. 

بعد عملية “حارس الاسوار” اعلنت اسرائيل عن تغيير قواعد اللعب بخصوص الدعم القطري. حكومة بينيت – لبيد التي ورثت الآن حكومة نتنياهو، تطالب بأن يتم من الآن مرور الدعم بشكل منظم نسبيا من خلال الاشراف الدولي، وليس في حقائب نقدية مثلما وافقت الحكومة السابقة على القيام به من اجل شراء هدوء مؤقت في القطاع قبل ثلاث سنوات. 

التسوية الجديدة ما زالت تتبلور، بتعاون من قطر ومصر. اسرائيل غير منفعلة جدا من الشريك القطري، الذي اسهامه في التصعيد الاخير، مثل سابقيه،  بواسطة بث مثير في قناة “الجزيرة”، معروف جيدا. ولكنها لا تستطيع السماح لنفسها بالتنصل منه تماما. الاموال ستواصل التدفق. 

في هذه الاثناء الحديث يدور عن 25 مليون دولار في الشهر، 8 مليون منها لشراء الوقود (المبلغ يرتفع ويهبط حسب اسعار السوق)، 10 مليون للدفعات للعائلات المحتاجة (100 دولار للعائلة) و7 مليون دولار رواتب عشرات آلاف الموظفين الذين في معظمهم هم موظفون في حكومة حماس. القصد هو استغلال آلية قائمة للدعم المالي، التي تستخدمها الامم المتحدة. واضافة الى ذلك تحويل المساعدات للعائلات المحتاجة بواسطة نوع من بطاقة الائتمان.

بينيت يريد الدمج بين تغيير آلية الدفعات وتسهيلات انسانية تسمح بتحسين وعلاج البنى التحتية المدنية في القطاع، وابقاء التقدم في مسألة الاسرى والمفقودين الاسرائيليين الذين يوجدون في أيدي حماس (مدنيان على قيد الحياة وجثث جنديين) الى موعد ابعد بقليل. في الاسابيع الاخيرة زادت اسرائيل الهامش الذي تسمح به للصيد امام شواطيء القطاع واستأنفت الترخيص لدخول الوقود. في الاصل، الاسرائيليون كانوا يأملون أنه سيكون بالامكان تحويل الاموال حتى قبل بداية عيد الاضحى. الآن يبدو أن هذا لن يحدث، ايضا بسبب الصعوبة في التوصل الى تفاهمات بين جميع الجهات ذات العلاقة.

في اسرائيل يقلقون من الردود المحتملة لزعيم حماس في القطاع، يحيى السنوار، على الاحداث الاخيرة. حتى الاشتعال الاخير كان الانطباع الذي تولد لدى الاستخبارات هو أنه يمكن تحليل وتوقع خطوات السنوار، أن ما يقلقه أولا وقبل كل شيء هو رفاه السكان، كعنصر مؤثر على بقاء حماس في السلطة. بعد تصرفه في شهر ايار، فان الشكوك تتزايد. بالنسبة لاسرائيل اعتباراته هذه المرة تبدو مختلفة تماما.

قبل شهرين تقريبا السنوار اختار استغلال التوتر في القدس واشعال مواجهة عنيفة في القطاع. وقد راكم بذلك مكاسب سريعة على صورة ارتفاع التأييد له ولحماس في شرقي القدس وفي الضفة الغربية وحتى في اوساط العرب في اسرائيل. في الوقت الذي يحصي فيه الجيش الاسرائيلي نجاحاته في المعركة فان السنوار تكفيه صورة الشخص الناجي التي عززها في نهاية القتال عندما التقطت له صورة وهو يجلس على الاريكة في المكتب الذي دمر في قصف سلاح الجو. ربما الهدوء في غزة سيتم الحفاظ عليه في ايام العيد، لكن لا يوجد في هذه الاثناء أي ضمان بأنه سيتم التوصل الى وقف ثابت لاطلاق النار وبعيد المدى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى