ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم  عاموس هرئيل – بايدن يشدد الضغط ولكن لنتنياهو اسبابه  في محاولة كسب الوقت

هآرتس – بقلم  عاموس هرئيل – 20/5/2021

” اطلاق الصواريخ من الشمال وضع اسرائيل امام معضلة وهي كيف يجب علينا عدم الانجرار الى مواجهة مع حزب الله. والتصريح حول عدم استبعاد الانجرار الى عملية برية لم يتم توجيهه فقط الى حماس، بل تحويل المسؤولية من رئيس الحكومة الى هيئة الاركان “.

أمس حصلت تطورات دراماتيكية في اليوم العاشر لعملية اسرائيل في قطاع غزة. في البداية تم اطلاق اربعة صواريخ من لبنان نحو عكا ومنطقة الكريوت. وعلى الفور بعد ذلك نشر البيت الابيض بيان رسمي عن مضمون المحادثة الهاتفية الرابعة منذ بداية العملية بين الرئيس الامريكي جو بايدن ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. هذه المرة بايدن شدد لهجته وابلغ نتنياهو أنه يأمل بحدوث هدوء جوهري على الارض بدءا من يوم أمس (الاربعاء). هذه الاحداث تقربنا كما يبدو من نهاية العملية، لكن امكانيات الدمار الكامنة لم يتم استنفادها بعد.

يبدو أن المسؤول عن الاطلاق في الشمال هي منظمات فلسطينية. فمنذ العام 2014 نشر أن حماس تريد اقامة شبكة ارهاب في مخيمات اللاجئين في جنوب لبنان بحيث تستطيع استخدامها من اجل اطلاق الصواريخ وفتح جبهة ثانوية ضد اسرائيل في حالة حدوث مواجهة في القطاع. ومنذ بداية العملية تم تسجيل ثلاث رشقات من لبنان ورشقة من سوريا. منطقة الكريوت كانت الهدف الابعد والمدوي اكثر للاطلاق حتى الآن، رغم أن الصلية انتهت بدون اصابات. من المرجح أن هذا الاطلاق لم يكن لينفذ بدون موافقة صامتة من ناحية حزب الله على الاقل. الآن هو يضع اسرائيل امام معضلة وهي بأي قوة سترد دون أن يتم جر حزب الله ايضا الى المواجهة. حسب الرد الاولي، اطلاق قذائف المدفعية، يبدو أن اسرائيل لا تريد تصعيد التوتر في الشمال.

في هذه الاثناء يوجد لنتنياهو موضوع ملح اكثر للرد عليه وهو المطالبة غير المسبوقة تقريبا لبايدن لوقف اطلاق النار. رئيس الحكومة لم يسمع لغة كهذه من سلف بايدن في هذا المنصب، دونالد ترامب. عمليا، هذا يبدو طلب متشدد جدا من جانب الادارة الامريكية من اسرائيل منذ الطلب الذي قدمته وزيرة الخارجية كونداليزا رايس في حرب لبنان الثانية في 2006 بعد أن تم اتهام اسرائيل بقتل مدنيين في كفر قانا. طلب رايس في حينه انتهى بوقف اطلاق نار انساني لمدة يومين، وبعد ذلك تحاربت اسرائيل وحزب الله لمدة اسبوعين آخرين. في هذه المرة بايدن يريد وقف شامل.

توجد لنتنياهو عدة اسباب لعدم الاستجابة الفورية لبايدن. النشاطات العسكرية ضد حماس اثمرت حتى الآن انجازات محدودة، بدون أي حسم واضح بالنسبة لاسرائيل؛ من الصعب عليه الظهور كمن خضع للضغط الامريكي لأنه سيهاجم من اليمين بسبب اظهار الضعف؛ انهاء العملية مع الشعور بأن نتنياهو لم يوفر مرة اخرى البضاعة الامنية التي وعد بها، يبقي حتى الآن احتمال ضعيف لخصمه يئير لبيد لتشكيل الائتلاف حتى انتهاء مدة التفويض في 2 حزيران. الآن ما زالت الخطوة المطلوبة هي الاستجابة لطلب بايدن ومحاولة تحسين الثقة بينهما.

بعد المكالمة الهاتفية وبعد زيارة “البئر” (مقر القيادة) للواء العمليات في قيادة الاركان في مقر وزارة الدفاع، قال رئيس الحكومة إنه “يقدر دعم صديقه جو بحق اسرائيل في الدفاع عن نفسها”. واضاف بأنه يصمم على استمرار العملية الى حين استعادة الهدوء، وفي الواقع هو تجاهل مضمون طلب بايدن.

يبدو أن هناك حدود لقدرته على صد مثل هذه الضغوط من دولة توفر لاسرائيل الدعم الدبلوماسي الكبير ومساعدات امنية بمبلغ 3.8 مليار دولار سنويا. ومن غير المستبعد أن يكون قرار امريكا معاملة نتنياهو بشكل حازم وعلني هو نوع من البروفا العامة قبل العرض الكبير وهو معارضة اسرائيل المتوقعة لعودة الولايات المتحدة الى الاتفاق النووي مع ايران.

الى حين اتضاح الرد الاسرائيلي ستحاول حماس مراكمة انجازات معنوية اخرى. وارتفاع عدد الصليات من الشمال يشير الى قدرتها على ازعاج اسرائيل في ساحات اخرى، اضافة الى اعمال العنف التي اندلعت داخل الخط الاخضر والمواجهات في القدس ومحاولة تنفيذ عمليات التي ازدادت في الضفة الغربية. من المرجح أنه اذا تم التوصل الى اتفاق على وقف اطلاق النار فان حماس ستطلب مثلما طلبت في السابق، انهاء المعركة باطلاق صلية قوية جدا، التي ستعتبرها كعملية انتصار أخيرة. ايضا اسرائيل يمكن أن تزيد شدة القصف ضد حماس والجهاد الاسلامي. 

محاولة التوصل الى وقف لاطلاق النار يعمل عليها بالاساس رجال وزير المخابرات المصرية، الجنرال عباس كامل. الامم المتحدة تشارك هي ايضا، لكن اسهام قطر كما يبدو هو اسهام ثانوي. الاتفاقات السابقة بعد عملية “عمود الدخان” في 2012 وعملية “الجرف الصامد” في 2014 لم تكن مفصلة بشكل خاص، وعلى الاغلب لم يتم تطبيقها بشكل كامل. هدف اسرائيل الرئيسي سيكون اعادة الهدوء، وبعد ذلك ستشاهد اذا كانت ستنجح في ترجمة الثمن التنفيذي الذي جبته من حماس لطلبات صارمة أكثر بخصوص تقييد صناعة الاسلحة المحلية في القطاع. اسرائيل ستطلب الرقابة بالاساس على ادخال المواد ثنائية الاستخدام الى القطاع، التي يمكن أن تستخدم في انتاج الوسائل القتالية.

الاجواء الظاهرة التي تشير الى أننا في الايام الاخيرة للعملية، تزيد عدد مناورات التضليل والخداع التي يقوم بها جميع اللاعبين تجاه بعضهم البعض. هذه الامور تجري ايضا في الساحة الداخلية. فهناك المستوى السياسي والعسكري ينشغلان في الحفاظ على صورتهما وكل واحد منهما يريد ابعاد نفسه عن المسؤولية عن انهاء العملية.

مساء أمس نشر في قنوات التلفاز نبأ غريب بشكل معين وهو أن الجيش الاسرائيلي يريد مواصلة العملية لأنه حسب تقديره توجد احتمالية لاغتيال رئيس الذراع العسكري في حماس محمد ضيف. أولا، من الواضح للجميع (بما في ذلك حماس)، أن محمد ضيف ورئيس حماس في القطاع يحيى السنوار هما دائما مستهدفان من قبل اسرائيل. ثانيا، اذا تحسنت حقا احتمالية المس بمحمد ضيف فلماذا يعلن الجيش الاسرائيلي عن ذلك في وسائل الاعلام؟.

نتنياهو أحسن صنعا عندما قال في لقائه مع الدبلوماسيين الاجانب بأن اسرائيل لا تستبعد عملية برية في القطاع. عمليا، لا يبدو أنه توجد استعدادات حقيقية لعملية برية للجيش الاسرائيلي في القطاع. عملية “حارس الاسوار” تركز على استخدام القصف الجوي واطلاق النار عن بعد من خارج القطاع، ونحو الجنوب تم ارسال لواءين مقاتلين.

في حالة حدوث تدهور شديد فلا توجد امكانية لاستبعاد هذا السيناريو، لكن يبدو أن جميع عوامل القوة في اسرائيل تريد الامتناع عن ذلك. اضافة الى ذلك، في هذه المرة وخلافا لعمليات سابقة في غزة، لم يسمع حتى في الساحة السياسية طلب احتلال القطاع.

لذلك، تصريح نتنياهو لا يعتبر جزء من الاعيب الحرب النفسية امام حماس، بل هو مناورة امام هيئة الاركان. رئيس الحكومة يعطي اشارات على أنه بالنسبة له الخيار البري موضوع على الطاولة. واذا لم يتم تنفيذ ذلك (وعلى الاغلب لن ينفذ) فان هذا كالعادة سيكون من ناحيته يوجد تحت مسؤولية شخص آخر. من لهم ذاكرة طويلة سيتذكرون بالتأكيد قضية تسريب العرض السري للجيش الاسرائيل على الكابنت في أواخر عملية الجرف الصامد قبل فترة قصيرة من دخول وقف اطلاق النار الى حيز التنفيذ. في حينه تم الابلاغ عن تنبؤ عسكري يقول إن احتلال القطاع سيكلف مئات القتلى، وبطريقة معينة لم يتم العثور حتى الآن على من قام بتسريب هذا العرض. 

على خلفية الشعور بالاستنفاد في الجيش وفي المستوى السياسي هناك أمل لدى الجمهور بأنه لا يتم جرنا الآن الى عملية “جرف صامد 2” طويلة ودموية في القطاع. ولكن يجب الاخذ في الحسبان خطر جديد وهو أنه هل يمكن ازاء المواجهات الكثيرة في الضفة وضعف السلطة الفلسطينية أن نتدهور نحو انتفاضة ثالثة في المناطق؟.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى